– من أيام اعتذر رئيس الوزراء الاسترالي سكوت موريسون علناَ في خطاب مطول أمام البرلمان للشعب الأسترالي عن تقصير بلاده طوال 60 سنة ماضية في حماية الأطفال من التحرش الجنسي.
– في الخطاب قال موريسون “انه اليوم علينا أن نواجه أنفسنا بأننا خذلنا هؤلاء الأطفال وأهاليهم، لم نسمعهم بما فيه الكفاية ولم نحقق لهم العدالة حينما كانوا في أمس الحاجة إليها”.
– في البوست دا هنتكلم عن الواقعة دي وعن ثقافة الاعتذار السياسي، وامتى وازاي يعتذر المسؤول ؟
*****

إيه القصة؟

– في 2013 شكلت الحكومة لجنة للتحقيق في الانتهاكات الجنسية ضد الأطفال في استراليا، اللجنة تابعة لمكتب النائب العام الأسترالي، تشكيل اللجنة جه بعد ضغوطات كتيرة من الضحايا والمجتمع المدني لتشكيل لجنة للحصر والتحقيق في الجرائم دي.
– عمل اللجنة شمل الفترة بين سنة 1950 وسنة 1910.
– بعد شغل خمس سنوات وسماع أكثر من 8000 ضحية في جلسات سرية، وحوالي 1200 شاهد عيان اعلنت اللجنة تقريرها اللي كان مفاده أنه أكتر من 17000 طفل استرالي تعرضوا للانتهاكات سواء في مؤسسات عامة حكومية أو حتى في الكنيسة.
– التقرير قال أنه حوالي 58 % من الانتهاكات كانت في الكنيسة أو في مؤسسات تابعة ليها، وحوالي 32 % في مؤسسات حكومية والباقي في أماكن متنوعة.
– بعد صدور تقرير اللجنة كان فيه غضب عارم من الناس تجاة الحكومات الأسترالية المتعاقبة، ودا اللي خلي رئيس الوزراء يقدم خطاب الاعتذار ده.
– رئيس الوزراء كرر خلال خطابه كتير كلمة “أنا آسف”، ووجه اللوم لنفسه قائلاً: “لماذا تم تجاهل صرخات الأطفال والآباء؟ ولماذا كان نظام العدالة لدينا أعمى تجاه هذا الظلم؟ ولماذا استغرق الأمر وقتًا طويلاً للتحرك؟”
– كمان اعتذار رئيس الوزراء ده شجاع أكثر لأنه تاريخ حصول الجرائم ده قديم وفي عهود رؤساء حكومات سابقين، وبالتالي الراجل تحمل مسؤوليته بشجاعة واحترام ملجأش لأسلوب الهروب المعتاد بإنها إرث قديم وأخطاء الماضي وليه أتحملها أنا.
– مش بس رئيس الوزراء لكن زعيم المعارضة وحزب العمال هناك بيل شورتن في نفس الجلسة قدم خطاب اعتذار للشعب الأسترالي ولأسر الضحايا عن فشل الحكومة في حماية الأطفال.
هل الموضوع اعتذار بالكلام وبس مهما كان الكلام جميل؟
– لا طبعا، اللي حصل هوا اجراءات ل”جبر الضرر” بمعنى تعويض الضحايا، واجراءات لمنع تكرار ده.
– هيكون في اعتذار مباشر من جميع المسئولين في الحكومة خلال فعاليات هتتعمل في الفترة الجاية في كل المناطق في استراليا، والحكومة حتى عملت موقع للناس اللي عايزة تحضر المناسبات ده ممكن تسجل من خلاله، وفيه كمان استمارات ممكن الضحايا يسجلوا من خلالها لبرامج للتأهيل النفسي وحتى التعويض المالي عن الأضرار اللي لحقت بيهم. لينك الموقع ده في أول كومنت الخاص بالمصادر.

– نظام التعويضات ده هيدفع تعويضات للضحايا لحد 150 ألف دولار وهيستمر البرنامج دا لمدة عشر سنين من دلوقتي، وده تعويض حكومي مباشر عن التقصير في واجب الحماية.
– لمدة 5 سنوات جاية هيتقدم كل سنة تقرير كشف حساب بالاجراءات اللي اتعملت، وتأثر حجم الظاهرة للتأكد انه فعلا بيحصل تراجع في الأزمة.
– بشكل عام اعتذار المسؤولين مش غريب على دولة زي أستراليا واللي فيها سنوياَ يوم 26 مايو هو يوم الاعتذار الوطني للسكان الاصليين عن الانتهاكات اللي عملها المستعمرين البيض قبل كدا، لكن الجديد في الاعتذار ده هوا اشتراك كل الوسط السياسي السلطة والمعارضة عن خطأ تاريخي، ووجود اجراءات سريعة عملية.
*****

يعني ايه اعتذار سياسي ؟

– عندنا بشكل عام غياب تام لفكرة تحمل المسؤولية وان المسؤول غلط، من أكبر لأصغر مسؤول، لازم يحط أعذار زي ان ده ميراث العهود اللي قبلي، أو يلوم فئات من الشعب زي الكلام عن “جشع التجار” أو عن الشباب الكسلان اللي مش عايز يشتغل.
– الرئيس السيسي سبق واعتذر مرتين، الأولى بعد أسبوع واحد من بداية رئاسته في 2014 للسيدة اللي تم التحرش بيها في التحرير في الاحتفالات بفوزه، ساعتها قالها بالنص ” بعتذرلك وكدولة لن نسمح بده تاني، ولينا إجراءات في منتهى الحسم، وجاي أقولك ولكل ست مصرية أنا أسف، بعتذرلكم كلكم، سامحوني”.
– لكن بعد الاعتذار دة مشوفناش إجراءات حقيقية من الدولة ناجحة لحماية ستات مصر من التحرش ماعدا شوية انتشار أمني مكثف في المناسبات والأعياد للشرطة النسائية، لكن لسه في مشكلة كبيرة بتواجه أي ست مصرية في انه الشرطة نفسها بتتواطأ في أحيان كتيرة وترفض عمل محاضر تحرش.
– المرة التانية في 2015 لما اعتذر للمحامين بعد الاعتداء على أحد زملائهم من حد الظباط، وبرضه بعد اعتذار الرئيس السيسي لم تتوقف اهانات الشرطة للمحامين، بل بعدها زادت وتيرة منع المحامين من حضور التحقيقات أو القبض على المحاميين خاصة الحقوقين منهم واتوجهت لهم تهم الانضمام لجماعات محظورة وغيرها من التهم الجاهزة … وشفنا قضية قتل المحامي كريم حمدي جوا قسم المطرية من التعذيب اتحكم فيها أول درجة ب 5 سنوات سجن على اتنين ضباط الأمن الوطني الجناه، وبعد النقض أخدوا براءة في مايو اللي فات!
– بالتالي الاعتذار مش معناه أنك تقول أنا اسف لكن الأهم زي ما حصل في استراليا، أنا آسف يتبعها اجراءات حقيقة لجبر ضرر الضحايا، ولأن الفعل ميتكررش تاني.
– كل المسئولين الحكوميين معرضين للخطأ والتقصير وأنهم يتخذوا قرارات تأثيراتها سلبية لكن دائما بتكون أول خطوة في تصحيح الخطأ هي انه يكون فيه اعتذار رسمي، احنا في حاجة دائمة هنا في مصر لقائمة اعتذارات طويلة جدا، محدش اعتذر عن ارتفاع الأسعار بعد التعويم، أو عن أوضاع الصحة والتعليم والنقل، محدش اعتذر عن وقائع زي وهم جهاز الكفتة أو تلف ممتلكات المواطنين بالسيول وغيرها كتير ملفات لا تنتهي من حقوق المواطنين اللي بالعكس بيتوجه ليهم اللوم بدل الاعتذار.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *