– الأسبوع اللي فات زوج أخت ملك أسبانيا، إينياكي أورداناغين، سلم نفسه ليبدأ تنفيذ حكم بالسجن 5 سنوات عليه بتهم الفساد والتهرب الضريبي، أما مراته الأميرة كرستينا فاتحكم عليها بدفع غرامة 265 ألف يورو، ودي أول مرة في التاريخ يتحاكم ويتسجن أفراد من العائلة المالكة الأسبانية.
– قبل كدا كنا كتبنا بنسأل زي عن إقرار الذمة المالية للرئيس اللى متنشرش رغم نص الدستور والقانون، وقلنا من حق الناس بالقانون تعرف أموال كبار وصغار المسئولين فى الدولة وتراقب عليها.
وفي السياق ده خلينا نحكيلكوا قصة جديدة، من إسبانيا البلد اللي مفيهوش تقليد ديمقراطي عريق ولا حاجة، واللي كان لحد نص السبعينات بلد دكتاتوري بيعاني من القمع والفساد أكثر مننا بكثير .
*****

إيه اللي حصل في أسبانيا؟
– زي ما قولنا القصة بدأت فى نهاية 2013 لما اكتشفت سلطات التحقيق فى اقليم مايوركا جنوب اسبانيا أنه زوج بنت الملك خوان كارلوس وقتها تلاعب بأموال مؤسسة خيرية أسسها اسمها “نوس”.
– مؤسسة ” نوس ” اللي مفروض انها خيرية غير هادفة للربح كانت بتاخد عقود من أموال حكومية من الحكومات الاقليمية فى جزيرة مايوركا وفالنسيا عشان تنظم أحداث ومهرجانات رياضية بأهداف الترويج للسياحة، وظهر ان الراجل بياخد الفلوس دي ويحولها لحساباتة الشخصية، وكمان بعدها ظهرت تفاصيل عن التهرب الضريبي عبر ملاذات ضريبية خارج أسبانيا، السلطات قدرت المبالغ بحوالي 6 ملايين يورو، وبالتالي تم إحالة القضية للمحكمة فى جزيرة مايوركا.
– في البداية رفضت العائلة المالكة التعليق على اللي بيحصل، والملك أعلن انه مش هيتدخل رغم ان الدستور يديه حق العفو الملكي عنهم، لكن الملك نفسه كان بيعاني من حملة هجوم كبيرة بعد ما ظهر انه راح رحلة فخمة لصيد الأفيال سنة 2012 فاتهاجم انه بيعمل كده بينما الشعب بيعاني أزمة اقتصادية صعبة وقتها، وظهر على التلفزيون يعتذر وقال انه “في غاية الأسف” وإن “ذلك لن يحدث مرة أخرى”. ومتحدث القصر قال إنه الرحلة نفسها مش خطأ، لكن الاعتذار بسبب “حقيقة أن الرحلة تمت في وقت عصيب اقتصاديا”
– في 2014 الملك خوان كارلوس تنازل عن العرش لولي عهده الأمير فيليب، وده مش بس أكد انه مش هيتدخل، ده أصدر قرار بتجريد أخته وزوجها من ألقابهم الملكية.
– طبعا رفض التدخل ده مكانش منحة من العيلة المالكة، لكن بسبب قانون صارم على الكل، وبسبب ضغط شعبي كبير شمل الصحافة والاعلام والأحزاب، ووصل لمظاهرات قدام المحكمة كانت بترفع لافتات بتطلب العدالة، الناس طالبة بمحاسبتهم واتهمتهم أنهم بيعيشوا فى عالم منفصل فى الوقت اللى أسبانيا بتعاني من أزمة اقتصادية من 2008، وفي معظم الاحتجاجات علي سوء الاوضاع الاقتصادية كانت قضية الفساد دي حاضرة بشكل كبير.
– بعد سنين من التحقيق صدر الحكم ضد إينياكي بالسجن 5 سنوات، أما الأميرة كريستينا فالمحكمة قالت انها بريئة من تهمة مساعدة زوجها، لكن غرمتها 265 ألف يورو لأنها استفادت من الأموال الفاسدة اللى اختلسها زوجها.
*****

– القصة دي وغيرها قصص كتير بالعالم بتثبت شيء مهم، هو أنه طبيعي وعادي أن يكون فيه مسئول فاسد لحد أعلى مستوى، وده بيحصل في أكثر الدول تقدماً وديمقراطية، لكن المهم وجود منظومة كاملة فيها قضاء مستقل، وصحافة حرة، ونواب منتخبين ممثلين لناسهم، وشعب ايجابي عارف حقوقه.. محدش عندهم قال ده مستحيل يعمل كده، أو لا تشوهوا سمعة أسبانيا والعيلة المالكة هيا أسبانيا!
– مينفعش نقول أن أي بلد بتحارب الفساد عشان وقائع فردية نشوف القبض على موظف أو رئيس حي أو حتى محافظ فاسد، محاربة الفساد قرار سياسي بالدرجة الأولى، وبيعني تغييرات في المنظومة كلها زي ما شرحنا قبل كده أكتر من نموذج، عشان يتطبق على الكل من أول رئيس الجمهورية لحد أقل موظف.
– لكن الصورة المقابلة لعدم تطبيق القوانين الموجودة بالفعل زي تضارب المصالح أو كشف الذمة المالية، ومهاجمة أي حد يشاور لفساد مسؤولين أكبر زي ما حصل مع المستشار جنينة، ومفيش صحافة حرة أو برلمان حر، دي منظومة عمرها ما هتحارب فاسدين بجد.
– نتمني تكون بلدنا فى المستقبل أكثر ديمقراطية، وأكثر شفافية، وفعلا نحارب الفساد ونتعقب كل من سرق جنية من أموال الشعب المصري .
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *