– لو اعتبرنا اننا نقدر نفهم ليه بيتم منع المعارضين من الظهور بالإعلام، فاللي بيحصل حالياً حاجة أغرب بكتير، ضيوف ومذيعين مؤيدين كمان بيتمنعوا، وأخيراً وصلنا لمنع جميع الوزراء من الظهور التلفزيوني!
ده يخلينا نسأل إزاي ده يحصل؟ وإيه أسبابه ونتايجه؟
*****

إزاي صدرت التعليمات دي؟

– الخبر نشره موقع مدى مصر نقلا عن مصادر في شركة إعلام المصريين، والتليفزيون المصري، وقناة إم بي سي مصر، والمخابرات العامة، وخلاصته ان قيادي كبير في جهاز المخابرات العامة هو اللي أصدر التعليمات دي للقنوات بمنع ظهور الوزراء سواء في حوارات خاصة أو مداخلات تليفونية.

– التعليمات اللي اتقالت للقنوات إنه أي تصريح للوزارات يبقى باسم المتحدثين الرسميين فقط في حالة الضرورة، وإنه كمان أي أسئلة تتوجه للمتحدثين الرسميين تبقى في حدود البيانات الرسمية، يعني مش من حق المذيع يسأل عن أي شيء خارج المطلوب منه، ولو حتى كان في موضوع يهم الناس منتشر مثلاً عالسوشيال ميديا طالما مجاش في بيان رسمي الأول!

– القرار اتاخد بشكل مفاجئ وسبب ارتباك في القنوات كلها رغم ملكيتها جميعاً للأجهزة الأمنية، لأن التعليمات كانت حاسمة وبتطالب بالتنفيذ حالا بدون استثناءات أو تأجيل ولو ليوم واحد، بعض القنوات كانت مرتبة بالفعل مداخلات تليفونية مع وزراء في نفس اليوم، اضطروا لإلغائها كلها، لدرجة إن هالة زايد وزيرة الصحة كانت المفروض تظهر في نفس اليوم مع 4 برامج من ضمنهم إم بي سي مصر ، وسي بي سي، عشان تتكلم عن أزمة إقالة مدير معهد القلب، لكن الوزيرة تلقت اعتذارات من القنوات بحجة ضيق الوقت ووجود أخبار عاجلة.
*****

يعني الوزراء كمان ماكانوش يعرفوا؟

– لا، التعليمات صدرت للقنوات نفسها، والوزراء عرفوا من رؤساء التحرير ومديري القنوات. كمان حصل بعض الارتباك جوا الوزارات بسبب عدم معرفتهم بالتعليمات دي. وزراء الأوقاف، والشباب والرياضة، والتضامن الاجتماعي، كان المفترض يظهروا خلال أيام، ولما جالهم اعتذار من القنوات المستضيفة، كل واحد منهم كان معتقد إنه ارتكب مخالفة وصدر قرار بمنعه هو تحديدا، وبدأ كل وزير ومستشاريه الإعلاميين يعملو اتصالات مكثفة بمعارفهم في الفضائيات عشان يفهموا اللي حصل، لحد ما عرفوا إن التعليمات تشمل كل وزراء الحكومة.

– كمان حاول الوزراء اللي فوجئوا باعتذار الفضائيات معرفة أسباب القرار أو محاولة فهمه، وكلموا الموظفين الكبار في مجلس الوزراء وكمان مكانش عندهم إجابة أو فكرة عن القرار ده.
*****

ليه ده حصل؟ هل هيستمر؟

– مفيش أي تفسير واضح تم الابلاغ بيه، لكن ناس كتير ربطته بحوار وزير المالية الدكتور محمد معيط في برنامج نشأت الديهي يوم 11 مارس، لما قال إن تقريبا اجمالي ايرادات مصر بالموازنة 900 مليار جنيه، وبنسدد فوايد وأقساط الديون 817 مليار، فاللي بيبقى أقل من 100 مليار!!
فلما سأله المذيع طيب وبنتعمل ايه؟ قاله بنستلف تاني!!
– موضوع مدى مصر اتنشر ١٣ مارس، ومن واقع رصد القنوات من بعد اللقاء ده ولحد النهاردة مرينا بعده مباشرة فعلا بفترة من الاختفاء التام للوزراء لا لقاءات ولا مداخلات، وتصريحاتهم بتيجي عبر البيانات او عبر حوارات مع وكالة انباء الشرق الأوسط فقط، واتكسرت الحالة دي مؤخراً بس بحوار وزير التعليم على دي ام سي، وبمداخلة هاتفية لوزيرة الهجرة لما سافرت تزور ضحايا نيوزيلاندا، وبلقاءات ميدانية سريعة للواء كامل الوزيري وزير النقل.

– المتوقع طبعاً إنه القرار يكون مؤقت ويرجع الوزراء يظهروا زي ما بدأ يحصل من أيام، لكن الأكيد إنه هيبقى زي قرار تحديد ومنع السفر الرسمي للمسؤولين بدون موافقة الرئيس، معناها زيادة في التحكم والسيطرة التامة على الوزراء وعلى مسار النقاش العام، وارد بعدها كل الأسئلة والاجابات تكون متجهزة مسبقا.
*****

– من وقت طويل في مصر والوزير بيعتبر مجرد موظف كبير مش صاحب منصب سياسي، وده أوضح بالفترة الأخيرة لدرجة إنه الرئيس السيسي نفسه ورئيس الوزراء بيفتخروا إنهم مش سياسيين، لكن كان دايما زمان فيه ولو قدر من الصلاحيات للوزراء، وده اللي بيتسحب منهم حالياً أولا بأول، والوزارات بقى بيتدخل في كل قراراتها المخابرات والرقابة الإدارية، وحتى الكلام ممنوع!

– كان في سابقة خطيرة في أكتوبر اللي فات، وزيرة السياحة رانيا المشاط كانت في مؤتمر صحفي للإعلام عن خطة للترويج للسياحة في 2019، ولما اتسألت عن أعداد السياح وعوائد السياحة الفترة اللي فاتت، رفضت وقالت انها مش هتجاوب بناء على “تعليمات من الدولة”. وقالت “هناك توجيهات عليا بعدم نشر أية أرقام خاصة بالسياحة حفاظًا على الأمن القومي للبلاد”.

– زمان كان فيه دايما بمصر حزب حاكم، سواء الحزب الوطني أو الاتحاد الاشتراكي، أو أي كيان مدني ممثل للسلطة، لكن الوضع الحالي تم الاستغناء فيه عن أي شكل مدني لصالح الإدارة المباشرة بالظباط والأجهزة، من بداية تشكيل قوائم البرلمان في مقرات وبإشراف الأجهزة الأمنية زي ما ذكر تحقيق موقع مدى مصر في 2015، وشفنا المخابرات بتملك القنوات الفضائية، تختار الإعلاميين، وطبعا بتختار أصلاً الوزراء أو تعزلهم، تكوين شركات تجارية تاخد بالأمر المباشر أعمال حكومية، لدرجة وصلنا للتحكم في سوق الدراما .. كل ده ضد طبيعة أي “مؤسسات دولة” حقيقية.

– كمان اللي بيحصل في الإعلام تحديدا بيدمر مفهومه أصلا بمعنى مجرد نقل الخبر اللي لازم يستنى موافقة أمنية، مثلاً حادثة محطة مصر اللي كانت في قلب القاهرة، ومتمش الإعلان عنها غير بعد ساعات بعد ما كانت السوشيال ميديا نشرت والصحافة الاجنبية غطت الحادثة.

– منع المعارضين والمؤيدين كمان معناه ان المطلوب مش بس التأييد، لكن أصلا مطلوب منه النقاش حوالين أي مواضيع عامة تهم المواطنين زي السياسة الاقتصادية وحقوق المواطن الأساسية، الإعلام يكون بس أداة استعراض لانجازات وأخبار تمجد في السلطة، اشبه باذاعة بيانات عسكرية لرفع الروح المعنوية والتأكيد على حكمة القيادة وعبقريتها وكفاءتها .. الخداع ده عمره ما بيحمي أي نظام من الفشل، في العصر ده الناس دايما بتلاقي بديل تعرف بيه الأخبار وتتكلم، ونتايج المسار ده دايما سيئة جدا.

– إنطلاق الأجهزة الأمنية كأداة حكم وحيدة بيعطل تماماً أي تقدم في أدوار وعمل المؤسسات المدنية اللي بيتم التدخل في شؤونها، وكمان كفاءة المؤسسات والأجهزة الأمنية بتتأثر جداً على المدى الطويل وبتبقى خطر فعلاً على الدولة، والمفروض إنه النظام السياسي والدولة والأمن يحصل ما بينهم فصل، وده وضع مفهوم في أي بلد ديمقراطية أو حتى غير ديمقراطية لكن عندها منطق للادارة الكفؤة.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *