– خلال اليومين اللي فاتوا انتشرت فيديوهات لتجمعات غاضبة من المواطنين بقرية “منشأة الكرام” في مركز شبين القناطر بالقليوبية، بسبب مقتل أحد شباب القرية على ايد ظابط داخلية ضربه حتى الموت.
– الداخلية طبعاً نفت الواقعة ببيان بدون تحقيق، لكن المواطنين كان عندهم شعور كبير بالغضب، وفقدان الإحساس بوجود القانون والعدالة. ليه ده حصل؟ وليه الممارسات دي هتفضل مستمرة؟ ده اللي هنتكلم عليه في البوست ده.
*****
إيه اللي حصل؟
– طبقا لشهود العيان اللي شهدوا في النيابة، الشاب “محمد يوسف” 34 سنة عنده محل داخل قرية منشأة الكرام بمركز شبين القناطر، اتجه ظابط، و2 من المخبرين للقرية للسؤال عن شيء، وكلموا الشاب وفتشوه بطريقة مهينة دفعته للاعتراض إن مش من حق الضابط يعامله بالشكل ده، فما كان من الضابط إلا إنه قام بالاعتداء عليه وضربه في صدره بشيء أسود “لم تظهر ملامحه” إذا كانت الطبنجة الخاصة به أو جهاز لاسلكي، ومكنوش يعرفوا إنه بيعاني من مرض بالقلب، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة وسقط في الحال، وسابه الضابط بعد ما قال لمعاونيه “سيبوه ده بيمثل وهيصحي لما نمشي”.
– وطبقا للمحامي بعدها خرج الضابط من المحل، ولما اتجمع الأهالي حواليه أطلق أعيرة نارية في الهواء لتفريقهم ومشي، والأهالي قاموا بتسليم فوارغ الأعيرة للنيابة عشان ترفقها بالأدلة.
– بعدما تأكد الظابط والأمناء من وفاة الشاب، ووفقاً لشهادة أحد أقارب المتوفى اللي نقلها موقع مدى مصر، شافوا ظابط بيحاول فك كارت التخزين الخاص بكاميرات محل فاكهة مجاور لمحل القتيل.
– جثة محمد يوسف فشلت داخل المحل والناس خايفة تدخل تشيله وبتطلب الإسعاف.
– بعد كده بحسب قريب للمتوفي وصديق له القتيل إلى أقرب طبيب لاعتقادهم أنه مغمى فقط، لأن مكنش عليه عليه إصابات خارجية واضحة، والطبيب أنه توفي بالفعل، وبعدها، توجهت العائلة بالجثمان إلى مستشفى شبين القناطر المركزي لإثبات تعرضه للضرب.
– بعد اكتشاف وفاته تجمهر الأهالي الغاضبين، بدأوا بالتظاهر داخل القرية ضد اللي حصل من الضابط وضد محاولة إخفاء الجريمة.
– ساهم كمان في تفاقم الغضب عند الناس محاولة التدخل من بعض أعضاء مجلس النواب، ومنهم النائب “حافظ عمران” وهو واحد من نواب دايرة شبين القناطر -واللي للسخرية نجح بتزوير فج مثبت وفق محاضر فرز اللجان الفرعية ومطعون على عضويته أمام محكمة النقض- واللي حاول يهدي الأهالي ويطلب منهم فتح الطريق وعدم التجمهر، وإنه النيابة هتحقق ولازم نساعدها والقانون هياخد مجراه، لكن طبعاً الأهالي كانوا متشككين، وكان فيه خوف إن القتيل يضيع حقه بأي طريقة من الطرق المعروفة.
– وفي نفس الإطار ذهب النائب “محمود بدر” في محاولة تانية لتهدئة الأهالي ومحاولة إقناعهم بعدم التجمهر وإنه المخطئ هيحاسب، لكن المواطنين الغاضبين طردوه وبعضهم اعتدى عليه بالضرب.
– من جانبها قررت النيابة انتداب الطب الشرعي وتشريح الجثة، واستكمال التحقيقات مع باقي الشهود بعد وصول تقرير الطبيب الشرعي، وسمحت النيابة بدفن الضحية، وأثبت تقرير الطب الشرعي (بحسب رواية أحد أقارب القتيل) وجود كدمات بالرأس والصدر نتيجة الضرب بآلة حادة، ومن ناحية تانية نقلت مواقع صحفية عن مصدر أمني بمديرية أمن القليوبية أن “يوسف توفي جراء أزمة قلبية”.
– واكتملت في النهاية الحادثة المأساوية ببيان هزلي ومكرر من وزارة الداخلية، بتنفي فيه واقعة اعتداء الظابط على الشاب القتيل، وإنها إشاعات إخوانية، وإن المذكور “سقط بمفرده” وإنه توفي بسبب “أزمة قلبية”.
*****
– بكل أسف دي مش الواقعة الأولى، ومش هتكون الأخيرة اللي ظابط أو أمين شرطة يعتدي على أحد المواطنين لحد الموت سواء داخل قسم أو في كمين أو في أثناء مداهمة أو تحريات، شفنا مؤخراً واقعتين مشابهين على سبيل المثال لا الحصر، وكلهم اتسببوا في أزمات ومظاهرات، زي قضية عويس الراوي شهيد قرية العوامية بالأقصر، واللي مات بسبب اعتراضه على إهانة والده من ظابط الشرطة، أو زي قضية “إسلام الاسترالي” شهيد المنيب اللي دخل في مشادة كلامية مع أمين شرطة خرج منها مقتول، وعشرات من الأمثلة المعروفة.
– الجريمة الأكبر مش بس الاعتداء على المواطنين، لأ دا فيه حالة من اعتبار إنه المواطن ده “ملوش دية أو تمن” عشان إزاي يعترض على الإهانة بدون وجه حق، وبالتالي فيه شعور بإن هناك حق مكتسب للظابط وأمين الشرطة إنهم يعاملوا الناس بطريقة سيئة لمجرد إنه ظابط ومعاه سلطة، حتى لو اللي قدامه دا مش متهم أو في مداهمة أو اشتباه أو أي شيء، مجرد السؤال بيتم بإهانة، مع إنه حتى لو حد رسميا متهم أو مشتبه أو حتى مجرم ومدان دا له عقابه القانوني ومش منه الإهانة والقتل.
– تكرر نمط الحوادث بيقول إنها ظاهرة مش حالات فردية، وممكن نفتكر قضية الشاب خالد سعيد قبل ثورة يناير وبتفاصيلها اللي بتظهر في كل حادثة جديدة، فمش معقول محدش أخد باله من المشكلة، الأداء من الداخلية بنفس الطريقة بعد ثورة يناير وبعد كل الأحداث والتغييرات دي شيء ملوش أي تفسير.
– المشكلة الأكبر كمان هو التأكيد الواضح على عدم محاسبة أو ردع ظباط وأمناء الشرطة ضد أي جرائم من النوع ده، سواء من وزارة الداخلية نفسها اللي بتحمي التجاوزات والانتهاكات والجرائم دي (والبيان اللي طلع قبل تحقيق النيابة خير دليل)، أو من النيابة والقضاء اللي الناس بقوا متشككين فيه قدرتهم على ضبط أداء الشرطة، بنشوف أحكام مخففة في الحد الأقصى، وفي أوقات كتير مبيتمش مسائلة أو محاسبة الشرطي من أساسه لان تحقيقات النيابة محاولتش بجدية توثق الأدلة.
– الواقعة دي بتحصل في الوقت اللي الحكومة المصرية بترد على بيان مجلس حقوق الإنسان، وبتقول إنه مفيش انتهاكات عندها، في حين إنه يومياً فعلاً في وقائع بتقولنا قد إيه وضع حقوق الإنسان وغياب العدالة شيء حاضر وحقيقي وللأسف الدولة بأجهزتها بتدعمه لأنه الطريقة الوحيدة في ظنهم لضبط الأمن هي إطلاق إيد الظباط والأمناء إنهم يعملوا أي حاجة مع ضمان بعدم المحاسبة أو العقاب مهما عمل.
– المواطنين المصريين بتشككوا كل يوم في جدوى القانون واحترامهم ليه بسبب الممارسات دي وبسبب الجرائم اللي مبتقفش ومفيش نيابة ولا محاكم بتتصدى ليها، ولا إعلام حر يساعد الناس وينقل الصورة الحقيقية، ولا برلمان قادر يحاسب المسؤولين، وشوفنا دا في غضب الناس في الحادثة الأخيرة، والخطورة في ده إنه بيدفع الناس كل واحد يتصرف في أي موقف لأخد حقه بالرشوة أو بالقوة طالما مفيش قانون عادل على الكل وده حرفياً اللي بيدمر أي دولة.
– نتمنى إنه أي حد عاقل في الدولة دي يشوف مخاطر سياسات وزارة الداخلية دي على المدى الطويل، وإنه الظابط ده يتقدم للمحاكمة الحقيقية على جريمته، بدل أساليب النفي والتجاهل ومحاولات التخويف والإذلال لمجرد إنه بيطالبوا بأبسط حق ليهم إنهم يعيشو في أمان وبكرامة بدون إهانة من غير ما حد يقتلهم عشان لابس بدلة ميري.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *