يوم الخميس اللي فات أطلقت السلطات المصرية سراح 81 معتقل فلسطيني في مصر، منهم أعضاء بسرايا القدس، الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية.
الافراج حصل بعد زيارة رسمية استمرت 4 أيام للأمين العام لحركة الجهاد زياد النخالة ومسئولين في الحركة للقاهرة.
المفاجأة أنه من ضمن المفرج عنهم هو الشاب الفلسطيني “أشرف طافش” اللي ظهر في الفيديو الشهير لاعترافات الأجانب في برنامج عمرو أديب على أنه عضو في حركة الجهاد الإسلامي وجه مصر للتحريض على التظاهرات!
للمرة الثانية بنكتب عن الموضوع بعد ما كتبنا أول مرة لما تم الإفراج عن الشابين الأردنيين والشاب السوداني بعد اعترافهم برضه في برنامج عمرو أديب، وسألنا أسئلة مهمة عن القبض على الأجانب في مصر وخطورة دا علينا كدولة سياحية، والأهم دلالة ده للمعتقلين المصريين اللي ملهومش حد يطالب بيهم.

*******

ايه القصة بالضبط؟
بعد القبض على أشرف طافش وظهوره يوم 24 سبتمبر في برنامج عمرو أديب طلعت حركة الجهاد الإسلامي بيان أنه أشرف بالفعل هو أحد أعضائها ولكنه كان في مصر لأنه مسافر لبلد تانية..
الحركة في بيانها الرسمي قالت ” نعلن وبكل المسؤولية الكاملة أن ما ورد في التسجيل غير صحيح، وهذا يسيء إلى مصر، لأنه لا يجوز، ولا نقبل أن يتم اتهامنا بهذه الطريقة.. لا نعمل، ولا نسعى لخلق إشكالات أو تدخل في أي شأن داخلي لأية دولة كانت، هذا بالإضافة إلى أن لدينا ما يكفينا من صراع مع العدو الصهيوني”.

بعد الإفراج عن الشباب الأردني والشاب السوداني بفضل تدخل السفارات بتاعتهم، زار وفد من الحركة مصر، ومحدش يعرف بالظبط كانت الزيارة بدعوة مصرية ولا بناء على طلبهم، والوفد قابل مسؤولين من المخابرات العامة المصرية.
الوفد نجح في الافراج عن 81 شخص 55 منهم وصلوا غزة قبل نهاية زيارة الوفد، وال26 الباقيين رافقوا وفد الحركة اللي راجع لغزة، وبعض المواقع ذكرت إن ال 26 دول هما أعضاء الجهاد الإسلامي والباقيين فلسطينيين عاديين.

الإفراج عن الشباب الأردني والسوداني ودلوقتي الشاب الفلسطيني تم بدون ما عمرو أديب يطلع يعتذر مرة واحدة عن الجريمة المهنية اللي عملها! وبدون أي محاسبة لقوات الأمن اللي قبضت على الناس دي وعذبتهم أو ضغطت عليهم عشان يعترفوا بالكذب؟ وبدون ما نعرف مين بالظبط اللي سجل الفيديو واداه لعمرو أديب؟ و الأهم بدون ما نعرف ايه مصير المصريين اللي طلعوا في نفس الفيديو يقولوا اعترافات مفبركة؟

*******

أسئلة مهمة

مفيش أي بيان رسمي على الإطلاق عن اللي حصل، حالة من غياب كامل للشفافية في مصر، ولا أي تغطية إعلامية لخبر منشور في كل وسائل الاعلام الفلسطينية اللي نشرت التفاصيل والصور كمان، وبعدها يقولو ليه الناس لا تثق في الإعلام المصري.
دلوقتي إحنا قدام 3 احتمالات، الاحتمال الأول أنه دول فعلا مجرمين وبالتالي السؤال هو ليه تم الإفراج عنهم بقا؟ ومين اللي خد القرار دا؟ ومقابل إيه بالظبط؟

الاحتمال الثاني هو أنهم أشخاص أبرياء وتم القبض علىهم بناء على تحريات خاطئة ودا أسوأ، لأنه ده بيساهم في تأزيم العلاقة مع غزة المهمة لتأمين حدودنا، وده عدم كفائة للأجهزة الأمنية اللي بتهدر إهدار الوقت والجهد في البحث وراء أشخاص أبرياء وتعرضهم للظلم ده.
الاحتمال الثاني بيرسخ لفكرة كل العالم عارفها عننا وهو إن أجهزتنا الأمنية ليها سمعة دولية سلبية بالإجرام في حق الأجانب، منذ مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني في ٢٠١٦، ولحد دلوقتي، فلو فيه أي منطق كان مفروض اللي حصل يبقى حدث مفصلي، بسببه تتغير سياسات النظام في التعامل بالأسلوب ده.
الاحتمال التالت إنهم أبرياء، والأجهزة اللي قبضت عليهم عارفة كده كويس من الأول، لكن دي كانت مساومة وضغط على حركتهم لهدف محدش يعرفه، وده لا يليق بمصر أبدا انها تاخد رهاين بالشكل ده!

هل عندنا أي مراجعات هتحصل؟ هل هيتم التحقيق في تسلسل الأوامر بالقصة دي ويتحاسب قادة الجهاز الأمني اللي قبض عليهم وصور الاعترافات وبعتها لعمرو أديب؟

سؤال تاني مهم ايه مصير أكثر من 4300 معتقل مصري تم اعتقالهم بعد أحداث 20 سبتمبر حسب آخر حصر للمفوضية المصرية، وتم اطلاق سراح حوالي 800 منهم والباقيين بالسجن .. للأسف دول ملهمش سفارات تتدخل ليهم ولا وفود من دول تزور وتتفاهم مع المخابرات العامة للإفراج عنهم!

**********

العلاقة مع غزة

في فبراير اللي فات مصر استقبلت رسميا إسماعيل هنية، رئيس الجناح السياسي لحركة حماس ورئيس الوزراء السابق، وتم الترحيب بيه على أعلى مستوى، قابل شيخ الأزهر، واتعملت له ندوة في المصري اليوم واتنشر حوار كبير، وقابل مسؤولين مصريين تحديدا من المخابرات العامة اللي معاها ملف غزة.
وبعد الزيارة دي برضه مصر أفرجت عن 8 معتقلين فلسطينيين، منهم 4 من كتائب القسام كانوا مسجونين حوالي 3 سنين في مصر والجهات الرسمية بتنفي أي معرفة بمكانهم، فجأة بعد 3 سنين خرجوهم وتم استقبالهم باحتفالات في غزة!!
دي مكنتش الزيارة الأولى لهنية لمصر، حصلت زيارة قبل كدة في سبتمبر 2017 وفي مايو 2018.
واضح انه العلاقة مع الفصائل الفلسطينية في غزة زي حماس والجهاد الإسلامي في تحسن في الفترة الأخيرة، ودا لأنه المخابرات العامة والدولة المصرية أدركت ضرورة التنسيق مع حماس في ملف محاربة داعش في سيناء، اللي هيا كمان عدو لحماس وأصدرت تهديدات ونفذت عمليات ضدها.
كمان حركة حماس في مايو 2017 عدلت ميثاقها الداخلي وحذفت منه كل ما يربط الحركة بالإخوان المسلمين.

أصبح فيه تنسيق بين مصر وحماس ضد داعش العدو المشترك، وده كان سبب ان حماس عملت منطقة عازلة في جانبها من الحدود بناء على اتفاق أمني مع مصر، المنطقة بطول 13 كيلو وعمق 100 متر تم فيها تجريف كل العوائق وتسوية الأرض، وأسلاك شائكة، وكاميرات ودا لمنع تدفق السلاح والمقاتلين للإرهابيين في سيناء.
كل التعاون الأمني ده، والافراج عن المعتقلين، والزيارات الرسمية، بيتم في نفس الوقت اللي إعلام النظام وممثلين كثير ليه مصرين على شيطنة حماس وغزة في الإعلام، والهدف مش هما لكن إحنا المصريين اللي بيخوفونا ان دول المتآمرين اللي قتلوا المتظاهرين في ثورة يناير، واللي بيتآمروا في المظاهرات الأخيرة وغيرها!
مصر محتاجة علاقات قوية مع حماس، لأنها مش بس لصالح القضية الفلسطينية، لكن ده شيء مهم جداً لصالح الأمن القومي المصري، ودا يبدو أنه ملف تمت مراجعة المواقف فيه كويس من بعد 2017 ووقف بعض الخطابات المجنونة بإن حماس هي اللي عاملة الإرهاب في سيناء، وتهدأته وبناء علاقات جيدة.

العلاقة الجيدة مع حماس وباقي الفصائل الفلسطينية هتكتمل باتاحة الإمدادات الضرورية من غذاء وطاقة ومواد بناء عن طريق معبر رفح، واتاحة حرية التنقل، لأنه مينفعش أنه مصر تكون مشاركة في الحصار الإسرائيلي على فلسطيني غزة اللي معندهمش منفذ تاني للحياة، وفي الواقع حصل تحسن كبير بالملف ده بالفترة الأخيرة مع تحسن العلاقات، لكن الأصل إن الاحتياجات الانسانية متكونش ورقة ضغط وتفاوض سياسي.

دا يرجعنا لموضوع البوست الرئيسي عن الغموض الكامل في الملف كله وبنكرر ان خطير جدا ملف بالأهمية دي محدش قال للمواطنين المصريين إيه سبب تغير السياسات مؤخرا؟ وإيه سبب الافراج؟ ولا سبب القبض عليهم؟ ازاي الناس اعترفت هذه الاعترافات الخطيرة قدام التلفزيون؟ ولا حتى إتقال إن في ناس طلعت.

وطبعا كل الأسئلة دي حتبقى بلا إجابة ومدعاة للتخمين طول مهي دي الطريقة اللي بتدار بيها البلد.




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *