– امبارح حصلت أمطار لمدة نص ساعة في القاهرة الكبرى كانت نتيجتها كارثية للأسف:
1- حتى الآن وفاة 5 مواطنين منهم طفلين بالصعق بالكهرباء، منهم الطفلة مروة صادق اللي نشرنا الفيديو المؤلم لانتشال جثمانها بالبوست اللي فات.
2- حبس أعداد ضخمة من المواطنين في الشوارع من الظهر لغاية الساعات الأولى من الفجر، بما فيهم أطفال في اتوبيسات المدارس، وحصلت مشاكل كتير بسبب تعرضهم للجوع أو لغياب الحمامات العامة.
3- حصل هبوط كبير لمسافة 150 متر بعمق 30 متر في الطريق الدائري الإقليمي، رغم انه طريق جديد بانياه الهيئة الهندسية بكلفة مليارات الجنيهات، وتم اغلاق الطريق وده ساهم بزيادة الزحام.
4- اتنشرت فيديوهات للأمطار في مطار القاهرة، وبعض الأجانب والمصريين بيصوروا المهزلة دي، وبعضهم نزلو فيديوهات وهما بيرقصو في المياه وبيتريقو على اللي بيحصل في “بلد سياحي”!
بيان مطار القاهرة قال ان الفيديو متسجل في صالة وصول تخضع للتطوير ومخصصة لشركة خاصة، لكن شفنا بيان من شركة ميناء القاهرة بغلق صالة وصول الرحلات الداخلية، وتم تحويل 3 رحلات لصالة أخرى، بسبب “تراكم مياه الأمطار الغزيرة داخل الصالة، وانخفاض الصالة عن الأرض بعدة أمتار”.
5- اللي حصل كشف الانهيار الكامل لبنية قوات الحماية المدنية والإنقاذ، وشفنا صور حزينة زي المواطن العادي اللي بملابسه الداخلية بيعوم في نفق ومعاه كاوتش عربية بينما الشرطة بتشرف من برة، أو انتشار جثمان الطفلة بونش بناء، وغيرها.

***
إيه رد فعل المسؤولين؟

– رغم الكارثة اللي تمنها أرواح أبرياء مفيش مسؤول واحد أعلن مسؤوليته أو إعترف بأي تقصير أو إعتذر للمواطنين.
– على العكس محافظ القاهرة اللواء خالد عبدالعال قال إنه نفذ “خطة محكمة” لمواجهة الأمطار برعاية رؤساء الأحياء، وهو نفسه اللي قال تصريح بتاريخ 8 أكتوبر يعني من إسبوعين تقريباً، بإنه تم صيانة 20 ألف بلاعة للاستعداد للأمطار والسيول، وإنه اتعملت غرفة عمليات خاصة، وإعداد 80 عربية شفط مياه في العاصمة تحسباً لأي أمطار.

– الرئيس السيسي اختفى تماما من المشهد، رغم انه أتكلم أكتر من مرة عن حاجات متعلقة باللي حصل، زي تفاخره بشبكة طرق “تمسك البلد”، ولما قال “أنا ببني دولة جديدة” بس واضح انها دولة القصور الرئاسية والعاصمة الإدارية بعيد عن “الدولة القديمة”، وغيرها من التصريحات منه ومن غيره من المسؤولين الي دايما بيعايرونا بالبنية التحتية اللي انكشفت بشوية أمطار مش سيول!

*****
هل دي أول مرة؟!
– تقريبا كل سنة بيتكرر نفس المشاهد ونفس الكارثة، أخرها السنة اللي فاتت شفنا بالذات غرق التجمع أرقي أحياء القاهرة اللي من المفترض أنه يكون اتصرف مليارات علي تجهيز البنية التحتية فيه، واحنا كتبنا هنا وقتها وبنجد نفسنا بنكرر نفس اللي اتقال.
– كمان فيه سيول أكبر بكتير حصلت في أكتوبر سنة 2016، وقتها حصل خساير بشرية ومادية كبيرة في كذا محافظة، ونتج عنها وفاة 22 مواطن وإصابة 72 آخرين، غير خسائر مادية كانت عبارة عن تهدم 499 منزل بشكل كامل، و 1228 بشكل جزئي.
– قبلها سنة 2015 في الاسكندرية حصلت أزمة سيول برضه أدت لوفاة 5 مواطنين وغرق مناطق كبيرة من المحافظة.
هل الأمطار كانت مفاجئة؟
– لا، هيئة الأرصاد أعلنت قبلها بفترة كافية جدا، وده برضه نفس اللي حصل سابقا في وقت كارثة 2016 الأرصاد قالت انها أرسلت تحذيرات منهم تحذير قبلها بشهرين، وبرضه ده حصل السنة اللي فاتت 2018 الأرصاد بعتت لكل جهات الدولة.

– يبقى لما تكون الظاهرة متكررة، والتحذير موجود قبلها، فمنطقي نسأل ليه محصلش الاستعدادات الكافية؟

****

هل سبق لأي جهة بالدولة التحقيق؟
– السنة اللي فاتت لما غرق التجمع الخامس حصل اهتمام كبير، غالبا سببه ان المنطقة يسكنها ناس ذوي نفوذ.
– هيئة الرقابة الإدراية قالت في تقرير رسمي إنها رصدت “وجود أعطال جسيمة وجوهرية بالعديد من الطلمبات ومولدات الكهرباء وشبكات الحريق وبعض لوحات التحكم الرئيسية”.
– وكمان قالت انه “شاب إجراءات تسليم وتسلم محطات الصرف بين جهاز مدينة القاهرة الجديدة وشركة الصرف الصحي بالقاهرة بالمخالفة، الأمر الذي شكل جريمة جنائية تضر بالمال العام وتستدعى المساءلة القانونية”
– وبناء عليه قررت إحالة المسؤولين للنيابة ومنهم “رئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة، رئيس شركة الصرف الصحي للقاهرة الكبرى، أعضاء اللجنة المسؤولة عن استلام وتسلم محطات الصرف الصحي للقاهرة الجديدة، مدير عام التأمين وسلامة الطرق التابع للهيئة العامة للطرق والكباري”.

– تقرير الرقابة الادارية انتقد كمان “انعدام الحرفية والمهنية في إدارة الأزمة عقب حدوثها وغياب التنسيق بين وزارات الإسكان والكهرباء والنقل ومحافظة القاهرة للاستفادة من قدرات كل منهم”.
– ليه كان لازم تحصل الكارثة عشان الأجهزة الرقابية تقول حصلت مخالفات في الاستلام، وفيه حاجات فيها اعطال، ليه ده محصلش من الاول؟
– وليه دلوقتي بعد سنة كاملة بيتكرر نفس المشهد بالظبط وأسوأ؟
****
“دول تانية بالعالم بتغرق شوفو صور في أمريكا وفرنسا وغيرها”
– ده كلام عجيب جدا، لأن الدول دي بتحصل فيها أعاصير رهيبة بتشيل بيوت وقرى كاملة، أو بتحصل فيها فيضانات أو سيول تستمر أيام، ازاي تتقارن بمطر عادي بيحصل زيه طول الوقت في دول كتير بدون أي مشكلة؟!
– الكلام ده مش سليم بإعتراف التقرير الرسمي للرقابة الإدارية السنة اللي فاتت اللي قال بوضوح شديد ان السبب عامل بشري.

*****
إيه الإجراءات اللي ممكن تتعمل؟

– عاوزين حقنا في بنية تحتية بجد! يعني نظام صرف مجهز للأمطار والسيول سواء الصرف الصحي الأساسي، أو عمل مجاري جانبية بميول زي ما أي أستاذ هندسة متخصص عارف.
– أو يتعمل كمان صرف خاص بالأمطار في المحافظات المعرضة للسيول، وتجهيز طرق للاستفادة من المياه دي واحنا في بلد تمر بأزمة مائية، خاصة ان ده كان الوضع القائم زمان في الاسكندرية مثلا قبل ما يتم دمج الشبكتين.
– يكون فيه صيانة دورية كافية تضمن ان الاجهزة شغالة، وان فتحات التصريف سالكة، وده تحديداً يتعمل قبل موعد السيول.
– يبقي فيه خطط جاهزة لإدارة الأزمات والكوارث وقت ما تقع. يعني مثلًا يكون جاهز خريطة لو حصل سيول في المناطق الفلانية هيتم التعامل في محطات الصرف بالشكل الفلاني، هنأمن الكهربا بطريقة كذا، عربيات السحب هتيجي من كذا وكذا، عربيات الاسعاف والمستشفيات كذا، وده مش حاصل عندنا في مصر.
– وكمان لازم يكون في عندنا هيئة دائمة معنية بالكوارث، تكون قادرة على اتخاذ إجراءات استباقية زي اخلاء أجزاء من المدن والقرى اللي من المتوقع أن تضربها السيول، وده للأسف مش موجود عندنا.
-كمان مفروض يتم تفعيل منع البناء في مخرّات السيول، يعني الأماكن اللي معروف انها بتتجمع وتمشي فيها، وده اللي القانون بيقوله فعلًا، لكن الدولة لحد دلوقتي مش قادرة تطبق ده، بحسب رأي لجنة البرلمان اللي اتعملت وقت سيول 2016.
– في عندنا كمان مشكلة متعلقة بالمسؤولية عن مخرات السيول. يعني مثلًا وزارة الري والموارد المائية مسؤولية تجهيز وتطوير مخرّات السيول، لكن الرقابة على المخرّات دي بتم بشكل محلي، يعني كل مركز ووحدة محلية بتكون مسؤولة عن المخرات اللي في نطاقها، وكلنا عارفين آد إيه وضع المحليات عندنا مزري.
– الحل بتاع عربيات الشفط ده فى الواقع هو الأخير من كل الحلول السابق ذكرها في التعامل مع مياه المطر، المشكلة ان حتى (الحل) ده بيحصل بدون تنسيق أصلا ولا خطة مسبقة.
-لجنة البرلمان قالت عن سيول 2016 بالنص إنه فيه “انعدام في آلات وسيارات وأجهزة انقاذ المحاصرين داخل المياه ومناطق السيول مما يؤدي لزيادة أعداد الوفيات”.
– تعدي سنتين ونلقى السنة اللي فاتت مدينة القاهرة الجديدة ماكنش فيها غير 3 سيارات بس، كمان تقرير الرقابة الإدارية السنة اللي فاتت كان بيقول ان ماكنش فيه مطابق صرف كفاية في الطرق الرئيسية والفرعية في المدينة، ولا إجراءات تضمن عدم سد المطابق الموجودة، وان اصلا ماكنش فيه خطوط صرف أو بلاعات في طريق الكورنيش والأوتوستراد!
– تعدي كمان سنة ونوصل للسنادي: نفس الوضع بالظبط وأسوأ.
****
– الحقيقة ان كل الإجراءات دي مش بتتعمل لان دي أجزاء من صورة كبيرة بتوصلنا كالعادة بنوصل لجانب سياسي:
– الرئيس السيسي شخصيا، وكافة المسؤولين، قرروا تكون أولويات الانفاق مختلفة عن خدمة المواطنين ومرافقهم، مليارات تروح قناة السويس الجديدة، والعاصمة الجديدة، والقصور الرئاسية الجديدة، وأي اختيار اقتصادي بيكون على حساب السحب من جانب تاني هوا هنا عامة المواطنين.
– مينفعش نقول فساد المحليات ورئيس الحي والمحافظ بدون ما نشوف المنظومة السياسية كلها .. مفيش آلية “حساب سياسي” عبر انتخابات نزيهة رئاسية وبرلمانية ومحليات، ولا فيه ممثلين للشعب بيراقبوا، ده مصر مفيهاش اي مجالس محلية منتخبة من 2011!
نتمنى في يوم في بلدنا نشوف انتخابات حقيقية، ومحليات منتخبة قوية، واجراءات دفاع مدني وادارة أزمات على أعلى مستوى، ومواطنين عارفين حقوقهم وقادرين يعملوا عمل سلمي منظم إيجابي عشانها.
****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *