– قبل أيام أعلنت شركة جهينة إنها لأول مرة من سنة 2010، تاريخ ادراجها في البورصة، اضطرت لتأخير “الإفصاح عن قوائمها المالية” حسب قواعد البورصة، وده بسبب القبض على رئيس رئيس مجلس الإدارة صفوان ثابت وابنه العضو المنتدب سيف.
– يوم 3 مايو الحالي نشرت رويترز تقرير عن التضييق علي أنشطه شركة جهينة في مصر، وآخر مراحلها كانت حملة من الداخلية لسحب الرخص لعربيات الشركة، عبر كماين بتتعمل في الطريق اللي بتخرج منه عربيات النقل من الشركة.
– الشركة تم سحب رخصة 132 عربية تابعة ليها في الفترة الأخيرة، والتضييق علي حركة العربيات التابعة لها علي الطرق ووده بيعرضها لخسائر كبيرة خاصة أنه شهر رمضان موسم مهم لسوق الألبان في مصر.
– اللي حصل مع صفوان ثابت بيفكرنا بأحداث متكررة مع رجال أعمال آخرين اتقبض عليهم وتم الافراج عنهم بدون تفسير واضح زي صلاح دياب، مؤسس جريدة المصري اليوم.
– ايه اللي بيحصل مع جهينة؟ وايه القصة في اتهامات علاقة مؤسس الشركة صفوان ثابت بالإخوان؟ وممكن نشوف ايه من كل ده؟
*****
ايه اللي بيحصل مع جهينة؟
– جهينة هي شركة رائدة في صناعة الألبان في مصر، تأسست من حوالي 30 سنة، تحديدا في 1983، علي يد رجل الأعمال صفوان ثابت ، وطول الفترة دي غيرت كتير في استهلاك سوق الألبان في مصر.
– الشركة بتنتج 200 منتج متنوع بيوزرعوا في مصر وبيتم تصدير منتجات منها لأسواق أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا. وهي شركة ضخمة رأس مالها المصدر حوالي مليار جنية ، ومبيعاتها السنوية بتوصل لحوالي 7.8 مليار جنية بحسب أرقام 2019.
– صفوان ثابت وعائلته بيمتلكوا حوالي 72 % من شركة فرعون للاستثمارات المحدودة واللي بدورها بتملك 50.8 % من شركة جهينة.
– التضييق علي جهينة ومؤسسها مش جديد، رغم استمرار علاقته الجيدة بالدولة!
– في شهر رمضان 2014 حضر صفوان ثابت مؤسس الشركة إفطار مع الرئيس السيسي، وبعدها تبرع ب50 مليون جنية لصندوق تحيا مصر واستمرت علاقته الجيدة وتبرعاته لصندوق تحيا مصر لحد أغسطس 2015.
– في أغسطس 2015 قررت لجنة حصر وإدارة أموال جماعة الإخوان التحفظ علي أموال صفوان ثابت، بعد كده تم ضمه على قائمة الإرهاب في يناير 2017 ولمدة 3 سنوات، وده تزامن مع ضم أسماء من مختلف التيارات السياسية للقوائم دي بدون إدانتهم في أي قضية، وشفنا قصة رجل الاعمال عمر الشنيطي وإغلاق مكتبات ألف على سبيل المثال.
– لكن الغريب أنه لم يتم القبض على صفوات ثابت طول السنوات دي وفضل في شركته بشكل عادي لحد ديسمبر الماضي.
– بعد شهرين من القبض علي صفوان ثابت تم ضم ابنه سيف الرئيس التنفيذي للشركة للقضية والقبض علي في أول فبراير، لكن على عكس صفوان اختفى تماما ومتعرضش على نيابة، ومظهرش إلا في 23 إبريل اللي فات بس !!
– الشركة عينت الشريك السعودي رجل الأعمال عبدالله الدغيم في منصب رئيس مجلس الإدارة مكان صفوان ثابت، وغالبا ده سبب عدم إمكانية الاستيلاء الكامل على الشركة وتعيين حارس قضائي، عشان كده تم اللجوء للتضييق بالطرق غير القانونية زي سحب رخص العربيات.
– وبسبب الظروف دي الشركة أخرت قوائمها للبورصة وقالت في بيانها ان اللي حصل” يتطلب زيادة متطلبات ونطاق المراجعة من قبل مراقبي الحسابات نتيجة زيادة المخاطر، وجاري إمداد مراقبي الحسابات بجميع البيانات والمستندات المطلوبة”، يعني الشركة بتقول بشكل غير مباشر انها خايفة من الاستهداف إن أي حد يمسك أي غلطة فمحتاجين وقت أكتر.
– بسبب كل ده سهم الشركة يواصل الإنهيار في البورصة، ووصل النهاردة إلى 4.91 جنيه بعد ما كانت أعلى قيمة له في يوليو الماضي 8.24 جنيه.
*****
ليه ده بيحصل مع جهينة ؟
– رواية الدولة الرسمية عن الموضوع بتقول أنه التحفظ علي أموال صفوان ثابت ، ولاحقا القبض عليه في ديسمبر 2020 عشان علاقته بالإخوان، بالتالي تم ضمه لقضية رقم 865 لسنة 2020 واتهامه بدعم الإرهاب ومشاركة جماعة أسست علي خلاف القانون لتحقيق أغراضها.
– اتنشر كلام ببعض وسائل الإعلام من مصادر مجهولة أنه محمود عزت نائب مرشد الإخوان لما اتقبض عليه اعترف أنه صفوان بيدير أموال الجماعة.
– لكن دي رواية مش متماسكة، أولا لم يتم توجيهها رسمياً في أوراق التحقيقات لصفوان ثابت، وثانيا لأن لأنه صفوان ثابت كانت علاقته جيدة جدا بنظام مبارك ، حتي في ظل تضييق نظام مبارك علي الإخوان لم يتم فعل أي شيء مع صفوان ثابت.
– الحاجة التانية المهمة هو أنه صفوان ثابت وابنه سيف كانوا من أكثر الناس اللي بتتبرع لصندوق تحيا مصر ، وحضر هو وابنه مناسبات كثير مع الرئيس السيسي، واتكرموا من الجيش ومن الحكومة أكثر من مرة في السنوات الأخيرة حتي بعد قرار التحفظ علي أموال ثابت في 2015.
– أخر المرات دي كانت تكريمه بحضور الوزيرة سحر نصر في احتفالية أفضل 100 شركة في 2015، وتكريمه من هيئة الشئون المالية للقوات المسلحة في يونيو 2018 .
– الجدير بالذكر يعني انه أنه صفوان حفيد حسن الهضيبي المرشد الثاني للإخوان، أمه خالدة حسن الهضيبي هي أخت مأمون الهضيبي المرشد السادس، وده شيء معروف من أول يوم بدأ فيه شغله، زي ما معروف للأجهزة الأمنية ولأوساط البيزنس انه ملوش أي علاقة بيهم.
– لدرجة أنه في كتابه عن تجربته في التصنيع واللي نشر في 2017 بيحكي أنه لما رجع من السعودية زار وزير الداخلية في وقتها حسن الألفي وسأله أنه عايز يرجع يشتغل ويستثمر في مصر وخايف من أنه جده هو حسن الهضيبي فقال له وزير الداخلية وقتها “أبناء الهضيبي يعيشون ويعملون في مصر بكل حرية لأن لا علاقة لهم بالسياسة”
– وطوال عصر مبارك كان ثابت من المقربين من الرئيس وزار مبارك مصنعه أكثر من مرة وكان رئيس غرفة الصناعات الغذائية ورجل أعمال شديد الصله بوزراء المالية والاقتصاد في مصر طول فترة مبارك.
*****
طيب هو اتقبض على صفوان ثابت ليه ليه؟
– محدش عنده معلومة مؤكدة 100%، لكن بحسب تقرير نشره موقع مدي مصر مصادر رجحت أن يكون القبض عليه بسببين أولا أنه في شخصية نافذة زارت مصنعة من شهور وطلبت منه إدماج جزء من مصانع جهينة مع مشروع جديد بتعمله الدولة لتصنيع الألبان في مصر. (على ما يبدو إن الجيش له دور فيه زي ما ظهر مؤخرا بمشروع مدينة الدواء.)
– ده طبعا يتزامن مع محاولات حكومية في الفترة الأخيرة في عمل منظومة متكاملة لمراكز تجميع الألبان على مستوى الجمهورية، تضم 200 مركز متطور لتجميع الألبان على مستوى مصر ، وده بعد توجيهات من الرئيس لرئيس الوزراء ووزير الزراعة ورئيس جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة.
– الغريب والمثير للإهتمام في نفس الوقت أنه القبض علي صفوان ثابت جه بعد ساعات من حديث الرئيس السيسي عن المشروع في ديسمبر 2020.
– السبب الثاني اللي يرجح أنه ثابت تم القبض عليه بسببه هو إن أحد الوزراء عرض عليه يشتري أو يشارك في مصنعي قها وإدفينا للأغذية المحفوظة ورفض بالتالي الدولة حطته في دماغها اكثر.
– حسب المصدر المطلوب حاليا من صفوان ثابت مش إنه يدفع فلوس أو تبرعات أو يشارك، لكن بوضوح إنه يتنازل عن ملكيته وأسرته لشركة فرعون المالكة لحصة الأسهم الحاكمة.
*****
ايه خطورة اللي بيحصل؟
– مفيش حد ضد تطبيق القانون على الجميع، لكن ده لازم يكون بأدلة قوية وإجراءات سليمة، ومصداقية بعيدة عن الأسباب السياسية والاقتصادية.
– جهينة هي شركة راسخة في سوق الأغذية المصري بشكل عام ، يمكن تكون واحدة من الأكثر رسوخا في السوق، قديمة وليها مراكز توزيع كبيرة عندها 33 مركز توزيع ومتجاتها موجودة في 65 ألف منفذ بيع في 26 محافظة وأسطول السيارات عندها حوالي 1200 عربية.
– والحجم الكبير في الأصول والقدرة علي التوزيع مغري لأي حد أنه يكون عايز يشارك صفوان ثابت لأنه الشركة بتولد أرباح جيدة، وبتصدر لبره كمان.
– لكن لما يكون اللي عايز يشارك بالضغوط أو ينافس بشكل غير عادل هوا الجيش، ده مخيف لأي رجل أعمال مصري أو أجنبي عايز يجي يستثمر في مصر لأنه ببساطة الدولة بتدي رسالة أنه لو مش حتمشي علي مزاجنا فإنتا من المغضوب عليهم.
– وممكن تشتغل تلاتين سنة وبعدها نقبض عليك أنتا وابنك، أو نرخم بشكل غير قانوني زي اننا نوقفلك عربيات توزيعك.
– بالتالي الرسالة المخيفة دي لكل رجال الأعمال خطيرة جدا علي وضع الاقتصاد ، لأنه أساسا بيئة الأعمال في مصر سيئة ومش مستحملة هذا التدخل.
– ممكن نفهم انه الجيش يركز علي مشروعات البنية التحتية أو غيرها من المشاريع اللي القطاع الخاص لا يملك القدرة أو الرغبة يدخلها وتعمل إضافة حقيقة، لكن ليه تخش ملكية أو إدارة الصناعات الغذائية والاستزراع السمكي والرخام والمحاجر والأسمنت والقطاع العقاري الفاخر؟ وزي ما شرحنا سابقا ده بيكون بمنافسة غير عادلة، لأن شركات الجيش مش بتدفع تمن الأرض، ولا بتدفع ضرائب شركات أو مبيعات أو رسوم أو جمارك.
– دي مزاحمة سيئة تضر بالاقتصاد مش تفيده، وحتي لو فادته علي المدي القصير، لأنها هتخلي القطاع الخاص يهرب لقطاعات مش موجود فيها الجيش أو يطلع فلوسه ويستثمر بره مصر وهتخلي الاستثمار الأجنبي المباشر يفكر ألف مرة قبل ما يدخل البلد.
– شوفنا في الفترة الأخيرة كلام عن طرح شركات للجيش في البورصة وساعتها كتبنا أنها خطوة جيدة ويجب البناء عليها ، لكن يبدو أنه الجيش مستمر في التوسع في الأنشطة الاقتصادية وبيسعي لشراكات طويلة المدي سواء مع القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي وخاصة الخليجي في الفترة الأخيرة.
– ده يخلينا نعيد التذكير تاني بضرورة وجود آليات واضحة للشفافية وتطوير مصر في مؤشرات أداء الأعمال وخاصة في المؤشرات اللي ليها علاقة بآليات تخصيص الأراضي وإنفاذ القانون.
– نتمني وجود مراجعة جادة داخل الدولة للملف ده بالكامل، وانه مش من مصلحة حد تخويف الاستثمار المحلي والأجنبي خاصة ان القطاع الخاص المشغل الأكبر للعمالة ومن المفترض أنه يكون رافعة للنمو الاقتصادي خاصة مع الإصلاح الاقتصادي اللي المفروض انه الحكومة هتطلق مرحلته الثانية اللي تشمل التركيز على القطاعات الانتاجية حسب البيانات الرسمية.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *