– بالأيام الماضية الأحداث اتطورت جداً في القدس والضفة وبعدين غزة، والأمر امتد لكافة ربوع فلسطين حتى داخل أراضي الـ48 اللي الفلسطينيين فيها منتفضين النهاردة بتظاهرات وإضراب 18 مايو.
– ونتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة ارتفع عدد الشهداء إلى 213 شهيد، بينهم 61 طفل و36 سيدة، و 16 مسن، وارتفع عدد الجرحى إلى 1442 شخص، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
– وفي الضفة الغربية استشهد 23 فلسطيني، وأصيب 3825، في حين سُجل استشهاد فلسطيني واحد في القدس، و1011 إصابة. ربنا يرحم الضحايا جميعاً ويشفي كل المصابين.
– في البوست ده هنتكلم عن تطورات الأحداث وقراءة ليها.
*****
إزاي بدأت الأحداث؟
– مهم جدا نفضل فاكرين البداية وميبقاش النقاش عن آخر مشهد فقط في الأحداث الحالية أو في القضية كلها.
-في الأيام الأخيرة من رمضان، وبعد اشتباكات “باب العمود” في القدس اللي اتكلمنا عنها في بوست سابق، استمر الوضع في التصاعد مع محاولة المستوطنين سرقة بيوت أهالي حي “الشيخ جراح”، بحجة وجود نزاع أمام القضاء الإسرائيلي عليها.
– بالتزامن كان في عمليات مستمرة لاقتحام المسجد الأقصى وقت صلوات العشاء والتراويح، من قبل شرطة الاحتلال ومعاهم مجموعات من المستوطنين والمتطرفين اليهود.
– بدأت حركات الاحتجاج السلمي المدني تزيد في القدس كلها مش حي الشيخ جراح فقط، وصولاً للضفة الغربية، وتم إصابة أو اعتقال مئات الفلسطينيين.
– بعد حوالي أٍسبوعين دخلت فصائل غزة على الخط وعلى رأسها حركة حماس، وأعلنت إنها أطلقت صواريخ على القدس الغربية لحماية أهلها، وبالطبع إسرائيل استغلت الفرصة لضرب قطاع غزة بشكل كثيف جدا أسقط عدد كبير من المدنيين زي ما قلنا، وفصائل غزة واصلت الرد بالصواريخ، بينما أيضا أعلنت إسرائيل انها تمكنت من قتل بعض قادة حماس العسكريين، حماس أعلنت منهم اغتيال قائد لواء مدينة غزة باسم عيسى.
– الصواريخ اللي أطلقتها الفصائل الفلسطينية بقى مداها الجغرافي أطول وأكبر، وعددها أكتر فيه تقديرات إنه تم استخدام 3 آلاف منها حتى الآن. ووصلت لكتير من المدن والمستوطنات الإسرائيلية، وبتخوض صراع مع نظام القبة الحديدية الإسرائيلي وبالفعل نجحت في اختراقه في العديد من المرات، ده غير استخدام صواريخ مضادة للدروع ضد المركبات قرب غزة، وأيضاً استخدام الهاون.
– إسرائيل أعلنت عن مقتل 11 وإصابة 50.
– لكن على الرغم من الفارق العسكري، والفارق الضخم في عدد الخسائر البشرية، لكن صواريخ غزة أدت لنتائج أكبر من أي جولة سابقة، ولأول مرة يصبح قصف تل أبيب شيء شبه يومي، وإسرائيل كلها في حالة شبه حظر تجول واختباء بالملاجئ طول الوقت، وده خسر إسرائيل اقتصادياً ومعنوياً كتير، خاصة إنها كانت بتتجهز لموسم سياحي في تل أبيب باعتبارها من أكتر دول العالم في تطعيم مواطنيها ضد كورونا وخلاص رفعوا اجراءات الحظر.
– اسرائيل ركزت على سياسة استهداف الأبراج السكنية العالية في غزة، وواحد منها أثار احتجاجات دولية لأنه كان برج يشمل مكاتب جهات إعلامية محلية ودولية زي أسوشييتد برس والجزيرة.
– بحسب وزارة الاشغال والإسكان في غزة، 800 وحدة سكنية دُمرت بالكامل، وأكتر من 10 آلاف وحدة سكنية تضررت بأشكال مختلفة.
الوضع يهدد بمخاطر إنسانية كبيرة لأنه على المستوى الصحي والطبي، المستشفى الوحيدة صاحبة الإمكانيات المحدودة، بقت ممتلئة نتيجة القصف اليومي، وتدمير بعض الطرق المؤدية ليها، عشان يتم تصعيب مهام الإسعاف، بينما إسرائيل قالت إن قصف الطرق ده لتدمير أنفاق حماس تحتها.
بالإضافة لإمكانية حدوث كارثة نتيجة احتمال انقطاع الكهرباء بشكل نهائي خلال 3 أيام، نتيجة عدم توفر الوقود بشكل كافي.
– وعلى مستوى تاني، في احتمال انفجار أزمة بسبب نقص الغذاء، وكمان العدوان الإسرائيلي أدى إلى تشريد عشرات الآلاف من المواطنين فقدوا بيوتهم في ظروف صحية ومعيشية غير آمنة خاصة في ظل بقاء خطر وباء كورونا.
*****
إيه اللي بيحصل على مستوى عرب 48؟
– لأول مرة منذ عقود، دخل الإضراب الشامل في الضفة الغربية المحتلة وأراضي الـ48 حيّز التنفيذ، احتجاجاً على العدوان الإسرائيلي في القدس وقطاع غزة، الإضراب دعت له أحزاب واتحادات فلسطينية بجانب الدعوة لإطلاق مسيرات وفعاليات تضامنية في يوم الإضراب نصرة لغزة ومدينة القدس المحتلة ضد الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.
– ومؤخرا بقوا بيواجهوا اعتداءات من مستوطنين بييجو من الضفة في أتوبيسات للمناطق العربية داخل إسرائيل، وبيتصدوا ليها وسط تخاذل من الشرطة الإسرائيلية عن حمايتهم، أبرز المظاهرات والمواجهات في مدينة اللد.
– عدد الفلسطينيين داخل إسرائيل حوالي 2 مليون من إجمالي 9 مليون.
– تحركات الفلسطينيين داخل إسرائيل بتمثل أحد أكبر أوراق الضغط على الحكومة الإسرائيلية، خاصة إنهم بيركزوا دوليا على استخدام خطاب “الأبرتهايد” وفضح عنصرية الاحتلال لانهم مواطنين إسرائيليين أمام القانون الإسرائيلي لكن بيواجهوا باستمرار تمييز ومحاولات استيلاء على أرضهم وتضييق عليهم بسبب إنهم فلسطينيين.
*****
على المستوى السياسي إيه ردود الأفعال المصرية والدولية؟
– في الأيام الأولىكان في شبه تجاهل للي بيحصل، لكن مع الوقت بدأت تخرج تصريحات إدانة عربية، وبعدها تم عقد قمة عربية على مستوى وزراء الخارجية، ومصر أخدت موقف جيد وداعم للفلسطينيين، ومعاها الأردن، وتونس، وقطر، والكويت، بدرجات متفاوتة من التصريحات والإجراءات الداعمة.
– وبتصاعد وتيرة الاعتداءات الإٍسرائيلية بدأت التصريحات والتحركات تزيد، وسط مظاهرات تضامن وتعاطف كبيرة، مش بس في دول عربية زي تونس والعراق والأردن ولبنان وقطر، لكن كمان في دول أوروبية في أسبانيا وانجلترا وفرنسا وألمانيا وأمريكا والبرازيل والنمسا والسويد واستراليا.
– في موقف أثار انتقادات دولية كتير أمريكا رفضت 3 مرات أن يصدر بيان من مجلس الأمن يدعو لوقف إطلاق النار، وبررت ده إنها تفضل الاتصالات المباشرة، بالإضافة لتأكيد بايدن على إدانة صواريخ حماس وأنه “من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها”.
لكن نواب ديمقراطيين في الكونجرس أدانوا السياسة دي ونشروا خطاب بيدعوا فيه لإدانة الاحتلال الإسرائيلي.
– حسب الأخبار الصحفية حاليا في اتصالات مستمرة ما بين أمريكا من جهة، ومصر وتونس (العضو العربي في مجلس الأمن) وقطر (مقر إقامة خالد مشعل رئيس مكتب الخارج في حماس)، للعودة للتهدئة أو على الأقل لهدنة إنسانية.
– لحد دلوقتي المفاوضات متعثرة، والسبب الرئيسي رغبة نتنياهو إنه ميوقفش الحرب عشان ساعتها هيواجه في بلده المحاسبة عن فشله وكمان قضايا الفساد اللي ممكن يتسجن بسببها.
– موقع روسيا اليوم قال ان وفد أمني “مخابراتي” مصري كان في تل أبيب من أيام لمحاولة الاتفاق على الهدنة، لكن انسحب بعد اغلاق اسرائيل كل الحلول لوقف إطلاق النار عمليا.
– وعلى الجانب الإغاثي، مصر قدمت شحنة مساعدات طبية وغذائية عن طريق الهلال الأحمر، وفتحت معبر غزة بالأمس لاستقبال المصابين ومعالجتهم داخل المستشفيات المصرية، وسط تفاعل مصري من 1200 طبيب بالرغبة في تقديم الخدمات الطبية لأهالي غزة المصابين.
– وقدمت وزارة الصحة المصرية كمان مساعدات طبية بقيمة 14 مليون جنيه تتضمن “مستلزمات جراحية ومستلزمات تشغيل الأقسام الداخلية والطوارئ ومستلزمات الأشعة والكسور وآلات جراحية للعمليات الكبرى والصغرى بالاضافة الى أقنعة أكسجين وأجهزة تنفس اصطناعي واجهزة تخدير”.
– وبتستعد مصر كمان لتجهيز شحنات تانية من المساعدات مع أمل في الوصول لاتفاق بالهدنة لوقف إطلاق النار واستعادة الهدوء.
– وكان الحدث الأبرز النهارده اللي أعلنه السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، عن تقديم مصر مبلغ 500 مليون دولار كمبادرة مصرية في تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار بقطاع غزة جراء الأحداث الأخيرة، وأن تنفذ هذه المشروعات شركات مصرية، وهي خطزة شديدة الأهمية في الوقت دا.
– خطاب الخارجية المصرية أكد أكتر من مرة على حل أصل المشكلة، وهوا الاحتلال المستمر منذ عام 1967، وإنه إنهاء الجولة الحالية لازم يكون بداية لعودة جادة للمفاوضات على أساس مقررات الشرعية الدولية، واقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
*****
-طبعا الموقف المصري الحالي جيد جداً بالمقارنة بموقف قبل سنوات تصاعدت فيه نبرة الدعوة للتطبيع والسلام الدافئ مع إسرائيل، والهجوم الإعلامي على الفلسطينيين، وربطهم بالصراع مع الإخوان في مصر، وإن كان الخطاب الرسمي في كل المراحل لم ينجرف للمساحة دي.
– والفرق ده ظهر جداً في التفاعل الإعلامي، وحدث مهم زي خطبة الجمعة من الأزهر اللي هاجم فيها الشيخ أحمد عمر هاشم إسرائيل، ودعا للتحرك لإنقاذ القدس، ودي كانت إشارة مهمة نظراً لأنه الشيخ نفسه مظهرش إعلامياً على المستويات الرسمية من سنين بالشكل ده زي مثلاً التركيز على وزير الأوقاف.
– الخطاب الإعلامي والسياسي ده استعادت بيه مصر التوازن بصيغة شبه الصيغة القديمة بتاعت مبارك، وبتظهر فيها مصر بمظهر الوسيط الدائم للفلسطينيين مع إسرائيل، والداعم لقطاع غزة والقضية الفلسطينية في إطار القانون الدولي بطبيعة الحال.
– بالذات مع التراجع الكبير اللي حصل لدور دول عربية أخرى مع موجة التطبيع الأخيرة في وقت ترامب، اللي كان وقعها كان تقيل جداً على الفلسطينيين وكتير من العرب.
– وعلى الرغم من الضغوط اللي مارستها الإمارات بشكل خاص للضغط على مصر والأردن لقبول “صفقة القرن”، لكن مصر والأردن رفضوها وتمسكوا بموقفهم الثابت، وتنسيقهم المشترك في عهد ترامب، هو أحد أسباب ظهور فرق في التعامل المصري دلوقتي مع القضية برضه بالتنسيق مع الأردن اللي بيان الرئيس السيسي النهاردة حصل في ظل اجتماعه مع الملك عبدالله والرئيس الفرنسي ماكرون.
– كمان مسألة سد النهضة عنصر حاسم جدا، ومصر الرسمية بوضوح مستاءة من غياب الفاعلية الأمريكية والدولية بشكل عام في القضية وتجاهل أهمية ودور مصر لاستقرار المنطقة.
– طبعاً مصر في إيديها تقدم المزيد خاصة الشعبي، يعني أيام مبارك مثلاً كان بيسمح بخروج مظاهرات ضخمة في الميادين والأزهر والاستاد، ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكان بيجيد استخدامها كورقة ضغط على الإسرائيليين، إنه المصريين رافضين اللي بتعملوه، ودا بيفرق نسبيا في المفاوضات، وبيفرض قطعا في معنويات أشقائنا الفلسطينيين.
– لكن حالياً واضح إن ده مرفوض في إطار الرفض العام من السلطة لأي نوع من نزول الشارع أو أو الاحتجاج أو التعبير عن الرأي، بسبب المخاوف الدائمة من تكرار ثورة يناير او مقدماتها، حتى لو في قضية النظام نفسه معاها وموافق عليها! وده شيء مؤسف إنه الموضوع يوصل للقبض على 2 من الصحفيات لرفعهم العلم الفلسطيني بمفردهم في ميدان التحرير، وبعدين تم الإفراج عنهم.
*****
– نتمنى في النهاية هدوء الأوضاع في غزة ووقف الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، وسعداء إنه الأحداث الحالية رجعت تصحي تاني القضية الفلسطينية من الموت والنسيان بعد ثورات الربيع العربي وانشغال كل دولة بأزماتها المحلية فقط، وبعد الانقسام الفلسطيني اللي أدى لأزمات كبيرة بين الفلسطينيين وبعضهم.
– نتمنى إننا نشوف تقدم حقيقي بياخده الفلسطينيين على مستوى مطالبهم التاريخية، خاصة مع وجود حالة كبيرة من التعاطف الثقافي والأكاديمي والدولي، شفناها في تضامن غير مسبوق من كتير من الفنانين والمثقفين والسياسيين الغربيين، اللي كانوا سابقا كلهم بيقعوا تحت تأثير الدعاية الإسرائيلية فقط.
– خالص الدعم والتضامن مع نضال أهلنا في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *