– من أيام تم إعلان التجديد لأحمد أبوالغيط أمين عام لجامعة الدول العربية، لمدة 5 سنين جديدة، خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب، ده يعتبر خبر شبه معتاد لأنه طول تاريخ جامعة الدول العربية كان دايماً الأمين العام للجامعة بيكون مصري باستثناء فترة المقاطعة العربية لمصر بسبب اتفاقية كامب ديفيد.
– قبل إعلان التجديد بأسابيع كان فيه أخبار ومقالات أثيرت في وسائل إعلام كتير منها خليجية عن إن فيه دول عربية لم تحسم ترشيح أبو الغيط، وتساؤلات عن أداء الجامعة في الأزمات المختلفة.
– كمان قبل تجديد انتخاب أحمد أبوالغيط بناء على طلب مصر، حصلت بعض الكواليس المهمة، واللي حابين نتكلم عنها في البوست ده، واللي منها إن الأمين العام نفسه تلقى تنبيهات إدارية شديدة اللهجة من السعودية، إيه الكواليس دي؟، وإيه اللي حصل بالظبط؟
*****
إيه اللي حصل؟
– قبل تجديد الانتخاب، وبعد إعلان مصر الرسمي إنها هترشح أحمد أبوالغيط لفترة ثانية لأمانة جامعة الدول العربية، بعتت السعودية مذكرة فيها ملاحظات مالية وإدارية كبيرة على أداء أحمد أبو الغيط.
– وبشكل ما يمكن قراءة الملاحظات السعودية على إنها ربط لتسديد ميزانيتها السنوية في الجامعة بإجراء إصلاحات مالية وإدارية أساسية، أولها تخفيض مستحقات مالية للأمين العام ومراجعة سياسة التوظيف غير الدائم.
– الملاحظات كمان كانت متعلقة بإنه أحمد أبو الغيط معينش نائب ليه طول الدورة الماضية من 2017 لحد الآن، بعد وفاة الجزائري أحمد بن حلي، ودا الطلب اللي كان قوبل برفض شديد من قبل الأمين العام الحالي.
– وتم إرسال الخطاب ده لجميع الدول أعضاء الجامعة، بما يكمن قراءته إنه إشارة واضحة إلى عدم رغبة السعودية في التجديد لأبو الغيط، أو حرمانه من الاحترام الأدبي المطلوب بسبب النوع ده من الانتقادات، خصوصاً لما ييجي من أحد أكبر الدول في تمويل جامعة الدول العربية، وهي السعودية.
– وبحسب المصادر الخاصة لموقع “مدى مصر” فإن الخطاب اللي أثار تحفظ أحمد أبوالغيط، خصوصاً إنه كان دائم الحرص على إرضاء السعودية والإمارات والكويت لأن ليهم مكانة خاصة في تمويل جامعة الدول، لكن واضح إنه انتقادات السعودية مكانش موجه لأبو الغيط بشخصه بقدر ما كان موجه لمصر اللي أصرت على إعادة ترشيحه، وبالتالي كان لازم يكون في نوع من إبداء التحفظ حتى لو بالطريقة دي كتنبيه وتحذير من السعودية لمصر.
– كمان بحسب مصادر مدى مصر، كان في تفكير مصري في ترشيح شخصية مصرية تانية لأمانة جامعة الدول (زي وزير الخارجية الحالي سامح شكري) لكن كان في صعوبة في الاستقرار على اسم بعينه وإقناع الدول الأعضاء بيه، وللسبب ده فضلت مصر إعادة ترشيح أبو الغيط.
– مصر ردت على الكلام السعودي دا من خلال لقاء الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي على قناة DMC المملوكة للمخابرات واللي بدوره انتقد تحميل الأمانة العامة فوق طاقتها، واتكلم عن الدور التنسيقي فقط للجامعة، وإن الانتقادات دي مكانها الغرف المغلقة.
*****
إيه معنى الخطاب ده؟ وليه فيه تحفظ على الأمين العام الحالي أبو الغيط؟
– الحقيقة إن فكرة احتكار دولة المقر اللي هي مصر لمنصب الأمانة العامة، كل شوية بتطرح من جانب بعض الدول العربية وقت التجديد للأمين العام، وفي سياقات مختلفة من وقت عمرو موسى، والمناوشات دي كان بيبقى مصدرها أحيانا دول المغرب العربي، وأحياناً دول خليجية، لكن الفكرة اختفت مع أحداث الربيع العربي اللي أبقت مصر في الواجهة لحد النهارده.
– تحفظ السعودية وغيرها المرة دي زي ما قلنا احتماليته الأكبر إن الموضوع فيه استياء من مصر مش من أبوالغيط، وكتير من المحللين ربطوه بإن السعودية كانت عايزة موقف صريح من مصر يدعم محمد بن سلمان ضد التقرير الأمريكي اللي اتهمه بالمسؤولية عن قتل الصحفي جمال خاشقجي، لكن مصر تجاهلت الموضوع.
-شارك في التحفظات دول أخرى لأسباب مختلفة زي الإمارات والكويت وقطر وفلسطين، وده لأن شخصية أبوالغيط شديدة التبعية للسلطة في مصر ومكانش بيحاول يقدم أي هامش تميز عن الخطاب والأداء المصري، في أي ملف من الملفات الحيوية للجامعة العربية، مع تردد كلام عن إن بعض الأوساط السعودية شايفه إنه آن الأوان إنهم يمسكوا بزمام منصب الأمانة العامة.
– على سبيل المثال مكانش أبوالغيط بيحاول بصفته أمين لجامعة الدول العربية إنه يقدم مقترحات أو مبادرات أو اتصالات لتهدئة خلاف الرباعي العربي مع قطر، أو مثلاً في الملف الفلسطيني مكانش قادر يقدم الحد الأدنى من الدعم الشكلي للقضية الفلسطينية أو موقف من التطبيع المنفرد الإماراتي والبحريني والمغربي اللي بيعاكس قرارات سابقة لجامعة الدول العربية منها المبادرة العربية اللي قدمها الملك السعودي الراحل عبدالله، وغيرها من الملفات.
*****
– إلى جانب ده في أشياء تانية مهمة، وهو إنه التأثير المصري على ما يسمى بـ “العمل العربي المشترك” أصبح أقل في ظل وجود السعودية والإمارات وقطر واللي هما أصحاب تأثير كبير أصبح قد يتجاوز التأثير المصري في بعض الملفات، فضلاً عن إنه العرف كان بيحتم إنه مصر ترأس الجامعة بشكل دائم نظراً لمبادرة تأسيس الجامعة العربية، وأهمية مصر لعقود طويلة وتأثيرها في قيادة العمل العربي وفكرة القومية العربية، وده مع الوقت بيقل وبينتهي بأشكال عديدة.
– جزء آخر في أسباب الوضع الحالي، إنه الحفاظ على وجود الجامعة هو شكلي أكتر منه وجود أثر واقعي للجامعة، أولاً بسبب نظام الجامعة اللي بيشترط الإجماع العربي على القرارات، وهو أمر مبيحصلش في القضايا المهمة، وثانياً لأسباب موضوعية ليها علاقة بالمصالح المتضاربة والمتناقضة والمتباينة بين الدول العربية في كل الملفات تقريباً، وبالتالي الحفاظ على الجامعة العربية هو بس إبقاء على الحد الأدنى أمام الشعوب، لكن بدون التعويل عليها في أي شيء حقيقي أو يذكر.
– الجامعة العربية بتقابل مشاكل وتحديات طول الوقت، وبغض النظر عن شخصية الأمين العام، لازم نسأل هل الأزمة فعلا تبقى في جنسية المنصب؟ أم إن مسألة توفر الإرادة السياسية للدول الأعضاء، اللي هو التحدي الرئيسي، علماً بإن نظام ميثاق الجامعة العربية لا يمنح للأمين العام صلاحيات كبيرة أصلاً.
– في النهاية بكل أسف بنشوف الفرق الكبير بين منظمة دولية قوية زي الاتحاد الأوروبي قادرة تعمل حلف عسكري مشترك، وعملة موحدة، وتنمية صناعية واقتصادية متداخلة مع بعضها وحريات للتنقل والسفر بين شعوبها، وعلى النقيض تماماً بنشوف الوضع بين الدول العربية وبعضها، اللي عندهم مقومات كتيرة تخلق وحدة حقيقية أو على الأقل تعاون كبير اقتصادي وتجاري وعسكري، لكن للأسف الدول العربية لسه بتعاني قدام السلطوية وعدم الرغبة في إنشاء نظام ديمقراطي، وصياغة المصالح والتوجهات السياسية بناء على رغبات الحكام مش احتياجات الشعوب.
– في الأخر إحنا مبنحلمش أحلام وردية كبيرة للوحدة العربية أو محاولة استنساخ تجربة الاتحاد الأوروبي اللي قامت أصلا بين دول كل واحدة منهم كانت مححقة لوحدها تقدم سياسي واقتصادي، قد ما بنحلم إنه مصر على الأقل تكون قادرة على الحفاظ على مكانها ودورها التاريخي في حل القضايا والنزاعات العربية، وتخفيف الخلافات، وت
– وإنه مصر ترجع تقدم ناس جديرة بالاحترام والثقة وقادرة إنها تاخد مكانة جيدة قدام الشعوب العربية وبين الحكومات والمجتمع الدولي، بدل الاعتماد على أصحاب اللي بيسمعوا الكلام فقط، ونعتقد إننا قادرين نعمل دا طول الوقت لو قدمنا أصحاب الكفاءات.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *