– الأسبوع اللي فات خلصت انتخابات الكونجرس الأمريكي بنجاح الديمقراطيين في الوصول لأغلبية مجلس النواب وأنهوا 8 سنين من سيطرة الجمهوريين على المجلس، ونجاح الجمهوريين أنهم يحتفظوا بمجلس الشيوخ.
– العالم كله بيتابع الانتخابات الأمريكية لأنها الدولة صاحبة أكبر اقتصاد وأكبر قوة عسكرية في العالم، وتأثيرها كبير على السياسة الدولية كلها، والمرادي كانت المتابعة أكبر بسبب المراهنة على فوز الديمقراطيين لإصلاح ما أفسده ترامب وسياساته.
– فيما يخصنا كمصريين تحديداً الموضوع بالتأكيد مهم لينا، سواء عشان بيأثر على بلدنا زي ما بيأثر على العالم كله، أو عشان نشوف قدامنا نموذج للنظام السياسي الأمريكي وطريقة عمله.
*****

الديمقراطيين في مجلس النواب، والجمهوريين في مجلس الشيوخ

– في البداية محتاجين نعرف هيكل المؤسسة التشريعية في أمريكا (الكونجرس)، الكونجرس هو عبارة عن هيكل تشريعي بغرفتين مجلس النواب 435 عضو كل ولاية ليها عدد أعضاء بحسب تعدادها السكاني، ومجلس الشيوخ بيتكون من 100 سيناتور، 2 عن كل ولاية.
– كل عضو من مجلس النواب بيخدم سنتين، بينما أعضاء مجلس الشيوخ بيخدموا 6 سنوات، فالانتخابات كل سنتين بتكون على مجلس النواب وثلث مقاعد الشيوخ.
إيه النتيجة؟
– الحزب الديمقراطي أنه يبقى معاه 219 مقعد، وده هيضمن لهم أغلبية في مقابل الجمهوريين اللي ليهم 194 مقعد (المقاعد القليلة الباقية بتكون لشخصيات مستقلة أو احزاب صغيرة).
– الجمهوريين قدروا يحتفظوا بأغلبية مجلس الشيوخ 51 مقعد في مقابل 45 للديمقراطيين، وده مرتبط برضه بان المقاعد اللي تمت عليها الانتخابات كان أغلبها بالفعل للديمقراطيين فكانت فرصة تغيير الموازين محدودة جدا.
ليه الديمقراطيين فازوا؟
– جزء من الموضوع ان الانتخابات دي “التجديد النصفي” عشان بتتم في منتصف فترة الرئيس، وفي أغلب التاريخ الأمريكي بيحصل فيها الحزب المنافس للرئيس على الأغلبية لموازنة تأثيره.
– جانب تاني هوا تأثير سياسات ترامب وخطابه اللي خلت كتير من الشباب اللي مهتموش بانتخابات الرئاسة يشاركوا المرادي ضده، وأحد حملات المشاركة المهمة عملها طلاب مدرسة حصلت فيها حادثة اطلاق نار عشوائي.
– جانب كمان هوا خطاب الديمقراطيين الانتخابي، اللي ركز على قضايا تهم المواطن الأمريكي زي قانون “أوباما كير” للرعاية الصحية، اللي ترامب كان وعد يلغيه، وأصدر بالفعل أمر تنفيذي يالغاؤه، لكن فشل في ده بسبب انضمام 3 سيناتورز جمهوريين للديمقراطيين الرافضين بمجلس الشيوخ كان على رأسهم جون ماكين.
– الديمقراطيين ركزوا كمان على زيادة دعم الخدمات العامة، ووقف التخفيضات الضريبية اللي عملها ترامب والحزب الجمهوري للشركات.
– كمان الانتخابات اللي حصلت ده بشكل كبير هتحدد المرشحين المحتملين للرئاسة من داخل الحزب الديمقراطي، وهيتم اختبار ده في الشهور الجاية.
– طبعاً مش شيء جديد وصول سيدات لعضوية الكونجرس، لكن الجديد المرادي ان الرقم تخطى أكتر من 100 نائبة، منهم 2 مسلمات (إلهان عمر) و(رشيدة طليب)، الأولى من أصل صومالي والتانية من أصل فلسطيني، ما أنكروش أًولهم ولا ديانتهم، ويسمح لهم القانون الأمريكي بأداء القسم على المصحف .. في الديمقراطية مش مهم أي اعتبار إلا كونك مواطن تؤدي واجباتك ولك حقوقك.
*****

إزاي ده يأثر على السياسة الأمريكية الخارجية؟

– الديمقراطيين ميقدروش يعزلوا ترامب بسبب أغلبية الشيوخ الجمهورية، لكن حقهم يستخدموا ضده أدوات كتير زي استدعاء الشهود في قضاياه لجلسات علنية وغيرها من الأدوات اللي ممكن تؤثر ضده بالانتخابات التالية.
– سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب هتبقى أداة ضغط على سياسة ترامب الخارجية واللي تميزت بمشاكل كتيرة بسبب لهجته الحادة، خاصة مع الصين وكندا بسبب الحرب التجارية، والمكسيك ودول أمريكا الوسطى بسبب الهجرة.
– الديمقراطيين هيسعوا لتغيير سياسة ترامب في موضوعات زي التغيير المناخي اللي اتكلمنا عنه قبل كدا، سواء عن طريق تشريعات محلية أو عن طريق محاولة الغاء قراره بالانسحاب من اتفاق باريس للتغير المناخي .
– فيما يتعلق بالشرق الأوسط، مش مؤكد امكانية حدوث تغيير في انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي مع إيران – رغم رفض الحزب الديمقراطي لده – لكن من الواضح جداً تصاعد موجة الغضب بين النواب الديمقراطيين والجمهوريين كمان ضد حرب اليمن، وضد محمد بن سلمان تحديدا بسبب جريمة مقتل خاشقجي، وده واضح في تصريحات وزراء الدفاع والخارجية الأمريكيين انهم عاوزين وقف اطلاق نار في اليمن خلال شهر من تاريخ 7 نوفمبر، وبعض النواب بدأوا يجهزوا قوانين عقوبات بالفعل.
*****

اية اللي ممكن يتغير في العلاقات المصرية الأمريكية بناء على نتائج الانتخابات دي ؟

– بعد فوز الديمقراطيين، وبعض نوابهم ليهم تاريخ في العمل بمجال حقوق الإنسان، من المتوقع يحصل تغييرات في تشكيل لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس ولجنة الدفاع واللي بيكون ليهم تأثير كبير على علاقات مصر بالولايات المتحدة.
– لجنة العلاقات الخارجية ولجنة الدفاع من صلاحياتهم خفض المساعدات العسكرية والاقتصادية لمصر بسبب عدم التزام الحكومة المصرية بمعايير حقوق الإنسان – وده حصل أكتر من مرة سابقا -، وبالتالي وارد يحصل ضغوط أكتر في الملف ده، وإن كنا طبعاً بنتمنى السلطة في مصر تحسن الملف ده من نفسها ومتحتاجش ضغوط دولية عشان تراجع ملفات المسجونين السياسيين وغيرها!
لكن حتى لو حصل هيظل ده دوره محدود، ومفيش رهان على تغيير أو اصلاح في مصر إلا من الداخل بإيد المصريين.
*****

– النظام السياسي الأمريكي بيورينا نموذج عملي لما يُطلق عليه “الضوابط والتوازنات” Checks and balances، الرئيس يطلع قرار وميقدرش ينفذه لأن أحد المجلسين مش معاه، ومجلس منهم يقدر ياخد خطوة والتاني يوقفها، أو القرار يطلع وقاضي فيدرالي يقدر يوقفه .. وكل رجال السلطة دول ميقدروش يعدلوا حرف في مواد الدستور املتعلقة بحرية الإعلام فالرئيس آخره يزعق في صحفي لكن ميقدرش يلمس شعره منه أو من جريدته.
ده غير ان الولايات كل واحدة ليها انتخابات محلية لحاكمها، وفيها قوانين مستقلة، وضرايب خاصة بيها، وده كله بيقلل قدرة أي رئيس على التأثير.
– ورغم كده النظام ده مفيهوش ملايكة، وبتحصل فيه اخطاء مضرة جداً، لكنه قادر دايما يحاسب ويغير، وطالما في آليات للتعديل والمشاركة فالبلاد ده هتفضل مستقرة ومتقدمة، لكن لما المسارات ده بتتقفل فالنظام والبلد كلها بتدخل في أزمات.

– الأهم من ده كله اننا شايفين نموذج بيورينا انه مش بس الديمقراطية مبتنزلش من السماء لوحدها والأأمريكان وصلوا لها بعد مراحل طويلة وتضحيات كبيرة، لكن الحفاظ عليها كمان بيتطلب ان الناس تشارك وتشتغل، وبيتطلب ان السياسيين يشتغلوا على مصالح الناس المباشرة (زي مشروع أوباما كير).
– رغم ان حالتنا سيئة ومحبطة، وكل محاولات التنظيم زي الأحزاب والنقابات متقفل عليها، هنفضل متمسكين بحلمنا بمصر ديمقراطية حقيقية .. ومفيش حاجة هتتغير للأبد لو مدعمناش محاولات التغيير السلمي أو عملنا اللي بايدنا لحد ما نوصل لوقت بالمستقبل فيه فرصة مناسبة، وكل واحد حسب اللي في ايده، ولو باصغر امكانية انتخابية في وحدة مركز شباب، ولو بابسط حاجة ان الناس تنشر الوعي والأفكار بين اهاليها واصدقائها، زي مابنقول دايماً دردش مع العيلة.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *