من أسبوعين اتنشر خبر توقيع وزارة الكهرباء تعاقد مع شركة أول مرة نسمع عنها اسمها “شعاع للخدمات العامة” لاسناد مهمة قراءة عدادات الكهرباء على مستوى الجمهورية ليها لمدة 3 سنوات.
*****

ازاي تم ترسية المهمة على شركة شعاع؟

– في يوليو اللي فات وزير الكهرباء قال إنه الوزارة لجأت إلى “جهة سيادية” لقراءة عدادات الكهرباء، وإن الهدف من ذلك هوا الحفاظ على بيانات المشتركين باعتبارها أمن قومي.

– في أغسطس مصدر في الوزارة قال للبوابة نيوز إنهم بيدرسوا العرض المقدم من شركة فالكون للخدمات الأمنية (الشركة اللي فيها رجال داخلية ومخابرات سابقين، وتتولى تأمين الجامعات، واشترت مؤخراً قناة الحياه) ومن 4 شركات تاني ماقالش أسمائهم.

– لحد بداية نوفمبر كان كل التسريبات عن تولي شركة فالكون، فجأة تم الاعلان عن توقيع العقد بين رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر، المهندس جابر دسوقي، و “رئيس شركة شعاع للخدمات العامة” .. الخبر نزل كده على كل المواقع، بذكراسم رئيس شركة الكهرباء فقط، بينما رئيس شركة شعاع شخص سري محدش يعرف اسمه، والشركة نفسها جديدة تماماً اسمها يظهر للمرة الأولى!
– جريدة المصري اليوم كانت نشرت في سبتمبر الماضي خبرنقلاً عن مصدر مجهول بوزارة الكهرباء ان التفاوض جاري مع “مسؤولي شركة خاصة جاري تأسيسها تتبع احدى الجهات السيادية”، اللي واضح انها هيا شركة شعاع، وطبعا محدش ذكر دي أنهي سيادية بالظبط . أمن وطني؟ مخابرات عامة؟ حربية؟ رئاسة؟
****

إيه بنود التعاقد؟
– حسب المنشور بجريدة الأهرام الحكومية الشركة هتاخد رسوم 155 قرش على كل فاتورة بالاضافة إلى 14% ضريبة القيمة المضافة، والفلوس دي سيتم خصمها من رسوم خدمة العملاء في الفاتورة اللي طبيعي بيدفعها المشتركين.
– العقد لقراءة العدادات فقط مش تحصيل الفواتير.
– في سبتمبر الماضي كان الكلام إنه هيتعمل عقد مبدئي هتكون لقراءة مليون ونصف عداد لمدة 6 أشهر ثم تقييم التجربة، لكن لما تم التوقيع ظهر إن العقد هيكون لمدة 3 سنوات شاملاً كل العدادات على مستوى الجمهورية، والمرحلة الأولى اللي تبدأ بنهاية ديسمبر الحالي 7.5 مليون عداد.
– الوزارة عندها 9 شركات توزيع كهربا، وهيتم تطبيق المرحلة الأولي في قطاع كامل بكل شركة منهم.
*****

ليه التعاقد مع شركة جديدة، والوزارة عندها محصلين وقارئي عدادات؟

– الوزارة بتقول ان عندها عجز في عدد المحصلين وقارئي العدادات، ومحتاجة ناس جديدة تشتغل أد العدد الموجود حاليا اللي هوا 10 آلاف موظف، وفي نفس الوقت عندها مشاكل مع المحصلين القدام اللي شايفة انهم مش بيحصلوا المبالغ المطلوبة.
– لكن في نفس الوقت الوزارة بتستهدف التوسع في خدمة العدادات مسبقة الدفع وفي المستقبل العدادات الذكية، بحيث على المدى الطويل متحتاجش محصلين، وبالتالي مش عايزين يعينوا حد حالياً.
– المحصلين عندهم تخوفات، مدعومة باجراءات ضدهم مؤخرا، زي ما حصل لبعضهم اللي وصلوا لخصم نص رواتبهم السنة الماضية، لما الوزارة خدت قرار انها تخصم من مرتب المحصل نسبة الفواتير اللي ماكملش تحصيلها، يعني لو مثلاً حصل 70% من الفواتير اللي معاه يبقى هيتخصمله 30 % من المرتب، حسب ما قال واحد من المحصلين لجريدة الوطن.
– المحصلين بيشتكوا من اعتداء بعض المواطنين الغاضبين عليهم لدرجة السلاح الأبيض دون حماية، ولو اتسرق منهم قيمة التحصيل الشهري اللي ممكن تصل لمئات الآلاف بيتحملوا وحدهم المسؤولية.

– هل فيه مشكلة تحصيل من المواطنين فعلاً؟
واقعياً مفيش!
حسب البيانات الرسمية اجمالي المتأخرات 22 مليار جنيه، 80% منهم جهات حكومية.
نسبة تحصيل الفواتير خلال 9 أشهر (يوليو 2016 – مارس 2017) كانت 94.4% من المنازل والمحلات التجاري، بينما كانت 24.3% فقط من الجهات الحكومية، منها مثلاً شركات المياه والصرف الصحي دفعت فقط 32.4% من فواتيرها.
يعني رسمياً الحكومة هيا سبب خسائر الشركة الحكومية، ويعني المحصلين وقارئي العدادات والمواطنين في البيوت مش هما الأزمة هنا.
*****

إيه المشاكل في الكلام ده؟

– أولاً هل حد حسب التكاليف؟ رسميا مصر فيها 33 مليون عداد، منها 3مليون و750 ألف بالكارت مسبق الدفع . بحساب تقريبي 30 مليون عداد يعني شركة شعاع هتاخد 45 مليون جنيه في الشهر، يعني نصف مليار سنوياً، مليار ونصف جنيه في 3 سنوات.
هل فعلاً ده أرخص من كلفة تعيين قارئي عدادات جدد؟! هل فعلاً فيه تصور زمني للتحول من العدادات القديمة للذكية، وبالتالي هيكون تعيينهم معدوم الجدوى خلال كام سنة؟
وللا الحكاية أولويتها ان الشركة دي تكسب، والوزارة تكسب رضا “الجهة السيادية”؟
– ثانياً: لو فعلا الموضوع له حاجة برضه ده مال عام في خدمة عامة، ليه تعاقد مباشر مع شركة خاصة ليها وضعية تفضيلية؟
سيد عبدالونيس، نائب رئيس شعبة الأمن والحراسة بالغرفة التجارية بالقاهرة، كان قال للبوابة نيوز ببداية نشر الأخبار ان دي مخالفة قانونية، لأنه طبقا للقانون 89 المنظم للمناقصات والمزادات، مفروض الجهة الحكومية تعلن في الصحف الرسمية عن حاجتها لخدمة كذا بشروط كذا، فتتقدم الشركات للتنافس والوزارة تختار بشفافية الأعلى جودة والأرخص سعراً، لكن اختيار شركة بعينها بدون إعلان غير قانوني.
– ثالثاً: يعني إيه “جهة سيادية” أصلاً؟ ليه مش بيقولو اسمها؟ .. و”الجهة” دي يعني ايه تملك شركة خاصة؟ يعني ورق الشركة مكتوب فيه اسم الجهة ولا مكتوب فيه أشخاص تبعها؟ والأرباح دي كلها هتروح فين بالظبط؟ مهو لو دي شركة حكومية هنقول الفلوس رايح خزانة الدولة برضه، لكن دي وضعها شركة مدنية خاصة، يبقى فلوسها رايحة لأشخاص ولا إلى “الجهة السيادية”؟ مين بيراقب ده؟
– طبعاً كده مفروغ منه نشير لأنه إذا كان الكلام في الاول على قراءة مليون ونص عداد، ووقت التعاقد بقوا 7 مليون ونص كمرحلة أولى، فده معناه ان الطرفين عاملين حسابهم ومستعدين من الأول لأن مفروض التدريب هيبدأ فوراً لينتهي خلال شهرين يعني الشركة وظفت الناس بالفعل من قبل التوقيع.
– لو عدينا كل اللي فوق، ليه متمش التعاقد مع الشركة الجديدة على مهمة التحصيل، خصوصا انها المهمة الأصعب، والمحصلين بيشتكوا من الاعتداء، وانت جايب شركة تابعة “لجهة سيادية” فمفروض انها تقدر توفر تأمين أحسن لموظفيها، ليه اسندت ليها المهمة الأسهل؟
*****
– اللي حصل مع شركة شعاع نموذج صغير لظاهرة بتتوسع في كل المجالات . الجيش أو “الجهات السيادية” تاخد التعاقدات الحكومية بنفسها أو عبر شركات مدنية تملكها أو تديها من الباطن لشركات خاصة عادية، ده حصل مثلا مع وزارة الصحة لتوريد حاجات المستشفيات، وزارة التعليم لبناء المدارس، وزارة التموين لعمل الكروت الذكية، وغيرها أمثلة كتير لحد ما وصلنا دلوقتي لقارئي عدادات الكهرباء!
– لو تجاوزنا أسئلة كتير عن الجدوى الاقتصادية، ازاي المؤيدين للمسار ده شايفينه طبيعي ومنطقي؟ هل ده بيحصل في أي مكان في العالم؟ وواضح جدا الأسباب السياسية قبل الاقتصادية في اختيار الاستغناء عن مؤسسات الدولة القائمة وعن القطاع الخاص القائم لصالح هذا التوسع كأولوية.
ده تاني بيرجعنا للي قلناه سابقاً إنه مفيش اقتصاد بدون سياسية، وان الاقتصاد خيارات سياسية تأثيرها على كل مواطن وممتد لزمن طويل قادم .. دورنا نعرف ونفهم ونشارك بكل ما بيدنا للدفاع عن مستقبلنا كلنا..




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *