حاليا في البرلمان بيتم إعداد مجموعة قوانين غرضها مصادرة اللي فاضل من العمل الإعلامي، ومش بس الموضوع يشمل الاعلام الحكومي والخاص، ده كمان وصل لمواقع التواصل الاجتماعي.

– قانون تنظيم الصحافة والإعلام واحد من القوانين دي، وبيواجه مقاومة من كتير من الصحفيين، منهم أغلب مجلس النقابة الحالي وأكتر من 700 عضو وقعوا بيان رفض القانون حتى الآن.
*****

ليه رافضين القانون؟ ايه أهم نتايجه لو اتوافق عليه زي ما هوا؟
أولاً على مستوى الصحافة والإعلام:
– القانون ده هيرجع حبس الصحفيين احتياطيا في قضايا النشر، المادة 29 من القانون بتتيح الحبس الاحتياطي في “الجرائم المتعلقة بالأمن القومي والتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن في أعراض الأفراد” .. وللأسف الشديد مفهوم “الأمن القومي” تعبير مطاط وملوش تعريف، وشفنا بالفعل مواطنين اتسجنوا بسببه.
– المادة 3 نفس الكلام ” يجوز للمحافظة على الأمن القومي أن تُمنع مطبوعات، أو صحف، أو مواد إعلامية، صدرت أو جرى بثها من الخارج، من الدخول إلي مصر أو التداول أو العرض بقرار من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام”.
– المادة 10 برضه بتقول انه لا يجوز فرض قيود تحجب المعلومات أو تخل بتكافؤ الفرص بين الصحف “دون الاخلال بالأمن القومي والدفاع عن الوطن”
– القانون بيدي الحق للمجلس الأعلى للإعلام (اللي بيتعين من رئيس الجمهورية) انه يعاقب الصحفي والجريدة، بعد ما كان الحق ده في إيد نقابة الصحفيين (المنتخبة). وده تقنين للوضع اللي موجود فعلا من السنة اللي فاتت، شوفنا اللي حصل مع المصري اليوم ومصر العربية.
– من أهم الأمور الجديدة في القانون المادة 19، اللي بتقول إن أي حساب الكتروني فيه أكثر من 5 الاف متابع هيتحاسب زي الجريدة بالظبط على أي حاجة ينشرها وممكن يتحبس بسببها، وممكن يطلع قرار من الهيئة الوطنية للاعلام بقفل الصفحة ده! وده متماشي مع سياق قانون الجريمة الالكترونية اللي اتكلمنا عنه سابقاً.
– مادة 107 برضه جديدة وخطيرة، بتنص على عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة 100 إلى 500 ألف جنيه أو بأحد العقوبتين، على “حيازة أو تركيب أو تشغيل أية أجهزة بث دون ترخيص.” .. مفيش تعريف للمقصود، كده أي جهاز كمبيوتر بيطلع من عليه مثلا موقع أو اذاعة انترنت ممكن صاحبه يتسجن.

ثانياً: على المؤسسات الصحفية الحكومية:
– مجالس الادارات في الصحف القومية هيتغير شكلها وهيبقي فيها 2 صحفيين بس من 13 شخص، وكمان الجمعيات العمومية هيبقي فيها 17 شخص، منهم 2 بس صحفيين. الوضع الحالي في الأهرام مثلا ان أعضاء الجمعية العمومية 35 واحد، منهم 20 صحفي.

– الهيئة الوطنية للصحافة هتدير المؤسسات بشكل مباشر وتسيطر على مجالس الإدارات والجمعيات العمومية، ومفيش مؤسسة تقدر تاخد قرار مهم بدون موافقة الهيئة، ورئيس الهيئة هو رئيس الجمعية العمومية في كل المؤسسات الصحفية القومية. وده بيناقض نص المادة 72 من الدستور اللي بتقول: “تلتزم الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها، وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية”.

– مش بس كده ده كمان الهيئة الوطنية للصحافة هتاخد لنفسها 1% من ايرادات المؤسسات، مش من الأرباح، مالوش علاقة بقى كسبت خسرت الفلوس دي هتتدفع! وده مع المواد اللي فاتت، مع الشكوى المستمرة من أعباء المؤسسات الصحفية، فده بيثير مخاوف للصحفيين انها مقدمة لخصخصة وبيع المؤسسات الصحفية وتسريح العاملين فيها.
– المفروض انه الدستور والمواثيق بتتكلم عن حق انشاء الصحف بمجرد الاخطار، انما القانون الجديد بيحط شروط صعبة جداً، فلو حد هيعمل جريدة يومية مطلوب منه 6 مليون جنيه، ولو أسبوعية المبلغ 2 مليون جنيه، ومليون لو جريدة شهرية، أما المواقع الالكترونية فتدفع 100 ألف جنيه!
المبرر اللي بيتقال ان ده مبلغ لضمان الجدية، لكن واضح انه شرط بيصعب إنشاء الصحف والمواقع خصوصا الصغيرة اللي مش وراها رجال اعمال أو حد تبع السلطة.
*****

من المادة 71 من الدستور:
“يحظر بأى وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بطريق النشر أو العلانية..”
*****

إيه قصة القانون ده؟

– كان في تصور سنة 2015 انه يتعمل قانون موحد ينظم كل المسائل المتعلقة بالإعلام، بناء على نصوص الدستور الجديدة، ساعتها مكانش فيه برلمان وكانت الحكومة بتعمل التشريعات عن طريق لجنة اختارتها من قانونيين اسمها لجنة “الاصلاح التشريعي”.
– في نفس الوقت نقابة الصحفيين اعترضت وشكلت لجنة خاصة بداخلها لاعداد مشروع قانون يمثل الصحفيين فعلاً وبيعبر عن احتياجات مهنة وصناعة الصحافة والاعلام، ووعدهم رئيس الوزراء وقتها ابراهيم محلب بان مشروع قانونهم هيتم اصداره لكنه اتحط في الدرج وتم اعتماد القانون اللي عملته لجنة مجلس الوزراء تحت اسم “قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام”.
– بسرعة البرلمان أقر القانون خلال 10 ايام، وبناء على القانون ده رئيس الجمهورية أصدر قرار بتشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة مكرم محمد أحمد، والهيئة الوطنية للصحافة برئاسة كرم جبر، والهيئة الوطنية للإعلام برئاسة حسين زين.
– وقتها قالوا ده قانون الهيئات وهننجز القانون التاني اللي بينظم عمل الصحافة والاعلام خلال شهر لكن الشهر ده لسه مخلصش!

ايه الغرض من التأخير ده كله؟
في تصورنا انه السلطة كانت حاطة أولوية لوجود مجلس أو هيئة تقوم بدور الرقيب على الصحافة والاعلام وتمنع حالة “الفوضى” من وجهة نظرهم وبالتالي كان تعيين ال 3 شخصيات اللي قلنا عنهم في المجالس الاعلامية للغرض ده، وهما نفسهم اللي كانوا عملو ما أسموه بجبهة “تصحيح المسار” في نقابة الصحفيين ضد زمايلهم المحجين على اقتحام النقابة وقت أزمة تيران وصنافير، وبالتالي ده يساعدنا على فهم دورهم وعلى فهم تصور السلطة للإعلام كوسيلة لحشد المواطنين أو تخويفهم من المؤامرات، مش مهمته كشف فساد أو أوجه تقصير أو فتح نقاش حوالين مصالح المواطنين والفئات المختلفة.
– شفنا المجلس الأعلى ده بيفرض عقوبات بدون سند قانوني على الصحف، ويقدم بلاغات فيها للنيابة، ووصل انه مع نفسه أصدر قرار حظر نشر في موضوع مستشفى سرطان الأطفال رغم انها لا حاجة “سيادية” ولا فيه قضية في النيابة أصلا.
*****

ايه موقف الصحفيين من القانون؟
– النقابة مستاءة كمان ان محدش أخد رأيها، رغم أن القوانين دي اصلا المفروض انها تطوير لشغل النقابة من 3 سنين زي ما قولنا.
– حملة التوقيعات جمعت أكتر من 700 توقيع موثقين برقم العضوية.
– أغلب المجلس الحالي (7 أعضاء من 12 عضو) واخدين موقف ضد القانون أو على الأقل بيطالبوا بعقد جمعية عمومية لاصدار موقف رسمي جماعي حسب طلب قدمه 183 صحفي، وعضو المجلس أبوالسعود محمد أعلن استقالته احتجاجاً.
– بينما نقيب الصحفيين الحالي عبدالمحسن سلامة اللي الدولة حشدتله بقوة عشان يكسب الانتخابات، مبيعلقش إلا بكلام مايع، ولا بيدعي لاجتماع جمعية عمومية ولا بينعقد اجتماع لمجلس النقابة ولا حتى بيستشعر الخطر على المهنة ولا حتى بيستشعر الحرج عن عدم قيامه بدوره في الدفاع عن مهنته وحماية أعضاء نقابته وتطوير بيئة عملهم.
– الفرق بين القانون ده وبين الدستور والمواثيق الدولية هو تماماً الفارق بين كلام يحي قلاش نقيب الصحفيين السابق انه قانون بيدى سلطات شبه إلهية للمجلس الأعلى للإعلام، وبين كلام صلاح حسب الله المتحدث باسم البرلمان وباسم ائتلاف دعم مصر بانه ترجمة حقيقية للإرادة السياسية متمثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي لتعظيم حرية الرأي وتداول المعلومات!
*****

– قلنا قبل كده إن الصحافة مفيدة لكل المجتمع مش قضية فئوية للصحفيين، من أول أصغر مواطن بيبعت مشكلته لبريد القراء ونفسه مسؤول يشوفها ويحلها، ولحد أكبر القضايا الاقتصادية والسياسية .. وللأسف مصر في مراكز متدنية جداً في مؤشرات حرية الصحافة والاعلام، وتالت اعلى بلد لحبس الصحفيين في العالم، ومفيش تشويه لسمعة مصر أكتر من وجودنا في قاع التصنيفات ده وانه المستثمرين اللي طول الوقت عاوزينهم ييجوا بيركزوا في جوانب الاستقرار والامان وسيادة القانون.
– الكلام اللي فوق ده مش جديد لكن قلناه وهنفضل نقوله في كل بوست وكل مناسبة يحصل فيها كلام عن حرية الصحافة في بلد هي من ضمن الأسوأ والأخطر في العالم على الصحافة، لعل فيه شيء يتغير.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *