– من حوالي اسبوعين نشرت وكالة أنباء روسية خبر شراء مصر 24 مقاتلة من طراز سوخوي 35 الروسية بقيمة 2 مليار دولار.
– مسألة مشتريات السلاح دي بتثير طول الوقت خلافات وخناقات بين طرفين منهم المؤيد والمعارض على طول الخط، بينما نتصور ان الموضوع يحتاج نقاش هاديء بالعقل لنتفق على قواعد عامة لصالح كل المصريين، وكلنا مصلحتنا وجود جيش قوي يحمي بلدنا، ووجود ثقة وشفافية بالقرارات اللي بتأثر علينا كلنا.
*****

ايه تفاصيل الصفقة؟

– حسب وكالة الأنباء الروسية “انترفاكس” تم توقيع عقود التوريد مع مصر بقيمة 2 مليار دولار، وهتبدأ مصر في التسلم في سنة 2020.
– طائرات السوخوي 35، طائرات روسية متطورة بتملكها دول قليلة خارج روسيا زي الصين (20 مقاتلة) وأندونيسيا (11 مقاتلة)، ميزتها العسكرية الرئيسية هي إنها تقدر تمارس مهام “السيادة الجوية” بمعنى حماية الطيران المدني والحفاظ على المجال الجوي المصري، بالإضافة لقدرتها العسكرية على الاشتباك الجوي وإمكانيتها إصابة أهداف جوية وأرضية من مسافات بعيدة، بالإضافة للقدرة على التشويش الإلكتروني ومقاومته.
*****

ازاي مصر بتدير ملف التسليح؟

– بحسب تقرير معهد ستوكهولم للسلام فمصر حاليا هي تالت أكبر مستورد للسلاح في العالم (بالفترة من 2014 – 2018)، وده كان نفس الترتيب في التصنيف اللي قبله (يغطي من 2013 – 2017).
الدولتين اللي قبلنا هما الهند، اللي شهدت حروب سابقة مع باكستان، وحصل توتر مؤخرا واسقاط طائرة، مع استمرار نزاعهما على منطقة كشمير .. والسعودية المشتركة بحرب اليمن.

– في العهود السابقة كان الاعتماد على السلاح الأمريكي بشكل رئيسي، المساعدات الأمريكية العسكرية كانت بقيمة 1.3 مليار دولار سنويا غير اللي مصر بتشتريه، لكن من بداية حكم الرئيس السيسي تم عمل صفقات كبيرة من مصادر مختلفة أشهرها مثلاً من فرنسا صفقة طائرات الرافال بقيمة 5.7 مليار دولار، وصفقة حاملات الطائرات “الميسترال” بقيمة مليار دولار، بالإضافة إلى طائرات الميج 35 الروسية اللي تم شرائها بقيمة 2 مليار دولار.

– بالتأكيد بشكل عام إيجابي وجود جيش قوي متطور قادر يعمل حالة ردع وتوازن مع الدول القريبة اللي عندها برضه جيوش قوية.
– في 2010 ذكرت تسريبات لويكيليكس إن مسؤولين عسكريين أمريكيين اشتكوا من المشير طنطاوي انه رافض ادخال مهام مختلفة للجيش المصري تشمل حرب الارهاب ومكافحة القرصنة، وانه متمسك بالشكل التقليدي لجيش يتجهز لحرب جيش رسمي كبير بالمدرعات والقوات البرية، والحقيقة لازم هنا نسجل إن استمرار التأهب ده بالعقيدة العسكرية المصرية لحد الآن شيء إيجابي بشكل عام.
وكمان تنوع مصادر التسليح بيدي مساحة أكبر لاستقلال القرار العسكري .. لكن بالمقابل فيه جوانب تانية محتاجين نناقشها لأنه مش معنى كده أن أي شراء لأي أسلحة حاجة كويسة وخلاص.
*****

“لكن دي أسرار عسكرية محدش بيناقشها في العالم”
– صحيح فيه اسرار عسكرية نحترمها جدا ونحافظ عليها، لكن ايه هيا بالظبط الاسرار؟
مواقع الأسلحة مثلا فين في البلد دي أسرار، وضعها الحالي وجاهزيتها الحالية، وتفاصيل الادارة اليومية ليها، أو المهام اللي بيتم تكليفها بيها..الخ .. وفعلا النوع ده من المعلومات التفصيلية لما بيتناقش بالخارج ساعات بيكون جوا جلسات مغلقة لعدد محدود من أعضاء لجان الدفاع.
– لكن امكانيات السلاح مثلا مش سر أصلا، لأن اللي باعهولنا بيعلن ده ومنشور بكل الصحافة العسكرية بالعالم عادي، وبالتالي منطقي “الهدف الاستراتيجي” لمشتريات السلاح بتكون محل نقاش عام.
– يعني بعض المتخصصين ممكن يناقشوا مع الرأي العام ليه ده “أولوية” الآن بالذات؟ رغم اننا مفروض الكلام الرسمي ان الهدف الرئيسي حرب الارهاب بسيناء، وده بيحتاج أنواع مختلفة من الأسلحة. ولا فيه أولويات مختلفة تخص ظروف المنطقة؟
وليه محتاجين السوخوي بعد ما دفعنا بالفعل مليارات عشان الميج والرافال اللي هيا كمان عندها انظمة صواريخ جو جو متطورة؟؟ إيه الاضافة العاجلة الملحة عن اللي عندنا بالفعل؟ خاصة ان المعرفة عسكرية بتقول ان وجود انظمة مختلفة بعيدة عن بعض وكل منها ليه متخصصيه وصيانته واسلوبه بيكون تحدي لأي جيش.
– في الواقع الكلام ده محدش اهتم يقول اي فكرة عنه للمصريين، ولو حتى الرؤية الرسمية فقط مش أي حاجة معارضة، لأن مفيش أي جهة رسمية أعلنت أي حاجة لحد دلوقتي.
*****

فين البرلمان؟؟

– الحقيقة ان دي اهم نقطة اشكالية في آلية الموضوع كله.
– في دول تانية بيتم انتخاب نزيه لأعضاء البرلمان، اللي دورهم يعملو رقابة على أي فلوس بتطلع من المال العام، أو أي اتفاقات تنعقد.
– وجوا البرلمانات بتكون موجود لجنة خاصة بالدفاع – اسمها الدفاع والأمن القومي عندنا – لو فيه أسرار حساسة بيتم نقاشها جوا جلسات مغلقة ويتعرض تقرير على الجلسة العامة، و المواطنين ممكن يثقوا في ده لان دول نواب منتخبين.
– عندنا ده دور غائب إما مبيحصلش اصلا أو بيحصل بطريقة شكلية. مثلاً نشرنا قبل كده عن معاهدة سيزموا اللي اتوقعت بين مصر وأمريكا، واللي كان فيها بنود زي التفتيش على الأنظمة والأجهزة العسكرية اللي بتتسلم من أمريكا لمصر، ومن لحظة نشر الجانب الأمريكي رسميا عنها مفيش برضه أي تعليق رسمي مصري لا تأكيد ولا نفي، ونفى نواب البرلمان إن الاتفاقية دي تكون اتعرضت عليهم، رغم إن الدستور بينص بشكل واضح ان اي اتفاقية يوقع عليها رئيس الجمهورية لازم يصدق عليها البرلمان.

– محدش يعرف أصلا بدقة الصفقات دي بيتم تمويلها منين؟ هل من الموازنة العامة ولا زي ما اتقال سابقا دي من أموال الجيش “خارج الموازنة”؟ طيب ما الجيش جهة عامة برضه بالتأكيد ده مش مال قطاع خاص؟
وفي الإطار ده نفتكر خبر في 2016 عن موافقة البرلمان بشكل سريع جدا على اقتراض وزارة الدفاع مبلغ من مجموعة بنوك فرنسية ب 3 مليار و375 مليون يورو لصالح صفقات السلاح الفرنسي.
– مش المطلوب هنا التشكيك في أي شخص أو أي جهة، ومش منطقي برضه يتقال احنا بنثق في ضمير فلان أو علان .. بنتكلم عن القواعد العامة لأي دولة، فيه تصرفات بأموال عامة بالمليارات يبقى منطقي جدا تحصل رقابة من النواب المنتخبين كممثلين عن الشعب، ومن الأجهزة الرقابية، لأن الفساد أو الإهدار واردة على أي إنسان بأي مكان وأي عصر.
*****

– بنأكد مرة تانية على أهمية دعم التسليح لتأمين البلد من الإرهاب ومن أي خطر إقليمي محتمل، لكن ده مينفعش يتم بدون مؤسسية ومراجعة لطريقة الإنفاق المالي والاستعداد العسكري، خصوصاً وإننا بلد بتعاني فعلياً اقتصادياً.
– المصريين جدعان، وياما استحملوا أصعب بكتير من دلوقتي بوقت حروبنا مع إسرائيل، استحملوا الغارات ونقص السلع والكهرباء، وكانوا درع وسند جيشهم وشركاء في القضية .. فلما النهاردة في عز الازمة الصعبة المليارات دي بتتسحب من جيوب وخدمات المصريين يبقى منطقي جداً تطلب وجود شراكة حقيقية مش أسلوب الاخفاء الكامل ده.
– الرقابة والديمقراطية والبرلمان النزيه والإعلام الحر هي الضمانة للاستقرار الحقيقي ولمنع الفساد أو الإهدار أو سوء التقدير، ولتحمل المسؤولية بشكل مشترك يرضي كل المصريين، وده اللي نتمنى نشوفه في بلدنا.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *