لما بتروح تشترى خط موبايل، الفرع بتاع الشركة اللي انت رايح تتعاقد معاها بتطلب منك صورة بطاقة، وبتمضى على عقد فيه بياناتك الشخصية، وموافقتك على سياسية الخصوصية اللي بتعتمدها الشركة.

سياسية الخصوصية دي مختلفة من شركة للتانيه، وبرضه كلهم في الآخر خاضعين للسيطرة الحكومية سواء بشكل رسمي أو غير رسمي.

– مؤسسة حرية الفكر والتعبير نشرت تقرير عن انتهاكات سياسة الخصوصية من شركات المحمول، والتقرير رصد عدم التزام الشركات بالحفاظ على خصوصية بيانات عن المستخدمين، وإطلاع أطراف حكومية أو غير حكومية عليها، وجمع بيانات أكتر من اللي محتاجاها، وبتحتفظ بيها لمدد أكتر من المسموح بيها قانونيا.
*****

الشركات دي تعرف عني إيه؟

– مش بس الشركات دي تعرف عنك المعلومات اللي انت مليتها بإيدك وانت بتستلم الخط زي تفاصيل بطاقتك وعنوانك وشغلك، بل عارفة كمان انت بتتصل بمين وبتبعت لمين رسايل، وتوقيتات ده، وأماكن ده، وبتدخل على أنهي مواقع.

– كمان شركة اتصالات حسب المنشور بقسم “شروط وأحكام” بتدي نفسها الحق في نقل معلوماتك لأي من “مزودي الائتمان والمصارف والمؤسسات المالية ومستشاري الاتصالات الماليين”.

كمان كل شركة ليها أبلكيشن خاص بصلاحيات إضافية:

– شركة فودافون بتجمع بيانات عن طريق تطبيق الموبايل “أنا فودافون”، من ضمنها باستمرار موقعك بدقة عن طريق ال GPS، وقايمة الأسماء والأرقام المسجلة على موبايلك، وسجل مكالماتك ورسايلك، وإيه الأبلكيشنز الموجودة على موبايلك.

– تطبيق ماي أورانج على الموبايل ليه صلاحيات واسعة جدا، غير إنه برضه بيحدد موقعك بدقة ويطلع على أسماء وأرقام المسجلين عندك، وعلى الأبلكيشنز على موبايلك، البرنامج ده كمان بيسمح إنه يحمل على موبايلك ملفات من غير ما تعرف، وكمان بيعرف انتا بتستخدم حسابات إيه على الموبايل.

– لكل الشركات ماتقدرش تعرف بدقة حجم البيانات اللي تعرفها الشركة عنك، ولا حتى تقدر تتحكم فيها، والشركات بتحتفظ بالبيانات لأجل غير محدد. و لو لغيت العقد بتاعك بتحتفظ بيها “لفترة معقولة”.
*****

ايه السياسة اللي بتطبقها الشركات؟

– الوضع الأسوأ عند الشركة المصرية للاتصالات (We) اللي مش بيتنشر أي شيء عن سياستها تجاه الخصوصية من الأساس، ولا حتى على موقعها الإلكتروني!

– الوحيدة اللي عندها سياسة خصوصية واضحة إلى حد ما هي شركة فودافون، لكن حتى سياستها مش متلائمة مع معايير حماية البيانات.

– مثلاً فودافون بتنص بوضوح إنها “لن تشارك معلوماتك مع أطراف أخرى للاتصال بك لتسويق منتجاتها وخدماتها، دون الحصول على موافقتك الصريحة والمحددة.” لكن التقرير شايف ان الشركة لم تلتزم بالبند ده في كل الحالات، والمؤسسة رصدت مشاركة بيانات شخصية للمستخدمين مع وكالة تحصيل ديون، وشملت البيانات دي اسم المستخدم ورقم الهاتف والعنوان وتاريخ الميلاد والرقم القومي، وده يضع احتمالية إن الشركة شاركت نسخة من بطاقة الرقم القومي.

– شركات أورانج واتصالات سياسة الخصوصية اللي على موقعهم مش خاصة بخدمة الاتصالات أصلاً، وإنما باستخدام الموقع الالكتروني فقط.

– الشركات بتغير سياسات الخصوصية من وقت للتاني، ومش بيبلغوا العملا بأي وسيلة غير إنها يدوب بتحدثها على موقعها الإلكتروني اللي عادة ماحدش بيشوفه، ودي مش طريقة فعالة لتعريف الناس بحدوث تغييرات، ماحدش هيفكر يروح كل شوية على الموقع عشان يعرف سياسة الشركة.
*****

بيعملو إيه بالتفاصيل دي؟ وايه يعنى لما يعرفوا معلومات، أنا مهم للدرجة دي؟

أولاً: الجهات الحكومية والأمنية:

– رغم إن الدستور بينص بوضوح على إنه “للحياة الخاصة حُرمة، وهى مصونة لا تُمَسّ، وللمراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حُرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائى مُسبّب، ولمدة محددة..”، لكن خلال الفترة اللي فاتت تم اقرار قوانين بتناقضه، زي ما شرحنا بقانون “جرائم تقنية المعلومات” أو قانون أوبر وكريم اللي ألزمو الشركات تحتفظ ببيانات العملاء لمدة 180 يوم وتتيحها “لجهات الأمن القومي أو لأي جهة حكومية مختصة عند الطلب” … مش لازم يعني إذن قضائي مُسبب!

– الشركات كلها في سياساتها بتقول بشكل غير مباشر نفس الكلام، م الآخر كده أي جهة أمنية عايزة تاخد أي بيانات من الشركات هتاخدها، ده طبعاً غير موضوع التصنت على محتوى المكالمات بأجهزتها الخاصة.

– مثلا فودافون كاتبين انهم بيشاركوا البيانات مع جهات حكومية في حال اتطلب منها ده، لكنها مش بتقول إيه الإجراءات اللي بيتم بيها الإفصاح، مش بالضرورة القضاء هو الحالة الوحيدة يعني، وكمان مش هتقولك أي شيء عن وجود الطلبات دي لو سألتهم.

ثانياً: الجهات غير الحكومية:

– شركات أورانج واتصالات بيقولوا إنهم يحق لهم استخدام البيانات لصالح أي مؤسسة بتشتغل لصالحهم. من ضمن الخدمات اللي بيتم استخدام المعلومات فيها هي التسويق وشركات الائتمان وموردي البضائع.

– المعلومات اللي تعرفها الشركات مش قليلة أبدا ولا تافهة، وفكرة إنها تقع في إيد ناس كتير بالشكل ده ممكن يسبب لك مشاكل كتير، من أول الإعلانات المزعجة بتاع شركات إبادة الصراصير، لحد شركات تحصيل الديون والتسويق اللي هتتصل بيك.

– ولا شركة من الأربعة بتقول لعملائها إزاي بتحمي البيانات اللي عندها، أو بتوفر وسيلة تقول للعميل يعرف ازاي تم استخدام البيانات دى بالظبط، وبالتالي في إحتمال وارد إن بياناتك تتسرب ومتعرفش اتسربت أصلا ولا لا، زي ما محدش بيكون عارف بدقة مثلا اعلانات الشركات اللي جاياله دي عرفو رقمه منين، هل من شركة الاتصالات بتاعته ولا من مصدر تاني؟
*****

– تقرير مؤسسة حرية الفكر والتعبير ذكر عدة توصيات أهمها:

– وضع سياسيات خصوصية واضحة ودقيقة، تطبق على كل الخدمات اللي بيستخدمها العملا، ويقدر المستخدمين يوصلو لها ويعرفوا إيه هيا تحديدا.

– ضروري يتم إصدار قانون لحماية البيانات الشخصية، ويكون متوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، يكون أولويته خصوصية المستخدم.
*****

– الموضوع ده عالمياً أخد اهتمام أكبر بعد فضيحة “كامبريدج انالتيكا” واللي خلاصتها كانت ان الشركة حصلت على بيانات ملايين المستخدمين مش من فيس بوك مباشرة، لكن من مطوري برامج عليه، زي مثلا إنك تلعب لعبة فيها أسئلة هزار أو “أعرف شخصيتك” والشركة اللي عاملة اللعبة دي تدي بياناتها لشركة كامبرديج، فتستخدمها في توجيه دعاية انتخابية، وده حصل مثلا لصالح حملة السيناتور الجمهوري تيد كروز ولصالح حملة ترامب.

ده قلب الدنيا على فيس بوك، وأسهمه انخفضت، وتم مسائلة مارك زوكربيرج في جلسة علنية اتذاعت على الهوا في الكونجرس، وغيرو سياستهم لمنع أي مشاركة طرف تالت، ولسه الملاحقات القانونية مخلصتش حتى الآن … طبعا مش محتاجين نقارن ده بالوضع عندنا.

– ممكن كمان نشوف قانون حماية البيانات الشخصية بالاتحاد الأوروبي GDPR اللي أصبح ساري بكل دول الاتحاد من أبريل اللي فات، اللي بيحدد بوضوح معايير ان الشخص يوافق بشكل واضح على السياسات وأي تعديل، ويكون له الحق يختار البيانات المتاحة، وحقه يعرف الشركة أخدت بيانات ايه بالظبط عنه، واستخدمتها في إيه، وحقه يطلب مسحها.

– حتى لو قلنا ده الشركات متقدرش ترفض طلبات الجهات الأمنية وتتمسك بشرط القضاء، فعلى الأقل فيه أمور تانية كتير ممكن تتحسن للجهات غير الأمنية زي ما شرحنا، ولو كخطوة صغيرة في الطريق الصحيح، وده بدوره محتاج ان المستخدمين يقدروا يوصلوا صوتهم بشكل منظم، وقبلها بالطبع يكون فيه وعي بالقضية نفسها.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *