– يوم الاثنين تم رسميا سحب قانون دار الإفتاء اللي كان من المفترض يقره البرلمان، وإعادته مرة تانية للجنة الدينية للبرلمان للنظر في ملاحظات مجلس الدولة عليه، وده بعد يوم واحد طلب شيخ الأزهر انه يحضر قبل التصويت على القانون يشرح بنفسه للأعضاء سبب رفض الأزهر للقانون.
– ده فعليا يعني نهاية القانون لأنه دور الانعقاد الخامس والأخير في المجلس قبل انتخابات مجلس النواب اللي من المفترض أنها تكون في نوفمبر.
– كان في خلاف كبير بين الأزهر الشريف وبين مجلس النواب وبالتبعية الأجهزة الأمنية والسلطة التنفيذية اللي بتحركه، حوالين قانون الإفتاء الجديد، وكان القانون جزء من الخلاف اللي بدأ يظهر الفترة الأخيرة بين الأوقاف والأزهر.
– النهاردة حنناقش أهم مواد القاون اللي اعترض عليها الأزهر؟ وليه الأزهر اعترض؟ وليه الحكومة كانت عايزة تمرر القانون دة؟ وايه اللي ممكن نشوفه في الخلاف ده؟
*****
ايه أهم المواد الخلافية في القانون الجديد؟
– القانون كان بينص علي نقل تبعية دار الإفتاء من الازهر الشريف إلي وزارة العدل، وفي مقدمة القانون الحكومة قالت أنه دار الإفتاء كانت تاريخيا هيئة مستقلة عن الأزهر، ودا شيء غير حقيقي فعليا لأنه مقر دار الإفتاء تاريخيا في مصر كان الجامع الأزهر وتعيين المفتي كان بيكون من ضمن علماء الأزهر.
– الأزهر الشريف بالدستور والقانون الحالي هو هيئة مستقلة وتسيطر علي أمور الإفتاء والأمور الدينية في مصر فعليا عن طريق اختيارها لللمفتي بالاقتراع السري بين هيئة كبار العلماء في الأزهر.
– لكن مشروع الحالي كان بينص في المادة 3 علي أنه تعيين المفتي يصبح بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة ترشحهم هيئة كبار العلماء، ويبقى في منصبه حتى بلوغه السن القانونية المقررة للتقاعد، ويجوز التجديد له بعد بلوغ هذه السن بقرار من رئيس الجمهورية
– ده طبعا بيهدد استقلالية الأزهر في تعيين المفتي بالتالي الأزهر كان رافض للمادة دي
– مقترح القانون كان في نص علي إنشاء هيئة ” اسمها مركز اعداد المفتين ” تتبع دار الإفتاء وتكون بتصدر شهادات ماجستير مهني معتمدة من المجلس الأعلى للجامعات، ودا شيء يشوفه الأزهر بيعتدي علي اختصاصاته لأنه الجهة الوحيدة اللي منوطة بإصدار شهادات جامعية وأكاديمية في الفتوي.
– بالتالي فعليا القانون كان بيعمل هيئة دينية موازية للأزهر الشريف وادي لها كل الصلاحيات فيما يتعلق بالفتوى، و إجراء الأبحاث الشرعية المتعلقة بالفتوى.
– بالتالي كان موقف الأزهر واضح في رفض القانون لأنه بيسحب منه كل صلاحياته تقريبا، وبيحطها في ايد دار الإفتاء اللي هي فعليا لو القانون كان مر كانت حتبقي هيئة تابعة للسلطة التنفيذية بشكل مباشر سواء تابعة لوزارة العدل ورئاسة الجمهورية بالطبع اللي الرئيس هيعين المفتي.
*****
ليه الحكومة كانت عايزة القانون ده؟
– القانون بينزع صلاحيات الأزهر المستقلة واللي كان الأزهر اكتسبها بعد الثورة تحديدا، واللي كان أهمها ( هيئة كبار العلماء) الهيئة دى كانت موجودة ١٩٢١ تقريبا وكانت المسئولة عن اختيار شيخ الازهر والمفتى بالانتخاب السرى المباشر يعنى استقلالية مباشرة للازهر بعيد عن اى رئيس وكان تشكيلها بيكون من ممثلى المذاهب الفقهية الاربعة.
– بالتالي الهيئة دي كانت انتصار كبير للأزهر بسبب المناخ السياسي اللي انتجه الثورة، قبل كدة كان الرؤساء المختلفين يسيطروا فعليا علي الأزهر عبد الناصر مثلا عشان يحكم سيطرته على الدين والفتوى لغاها وعمل مجمع البحوث وبقى اختيار المنصبين يخضع لرغبة رئيس الجمهورية.
– بالتالي قانون الإفتاء كان محاولة من الحكومة بشكل مباشر لإنشاء هيئة موزاية للأزهر، بحسب مذكرة مجلس الدولة اللي بعتها للبرلمان في يوليو اللي فات واللي قال فيها أنه ” القانون به عوار دستوري، ويصطدم صراحة مع نص المادة السابعة من الدستور التي تنص على أن “الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ويتولى مسؤولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم…”، كما أن القانون يخالف بعض مواد قانون تنظيم الأزهر والهيئات التابعة، الصادر في العام 1961.
*****
– طيب الحكومة برضه كانت ليه مهتمه بالقانون ده أوي؟ رغم كل الاعتراضات عليه؟
أي حد متابع المشهد الديني في مصر في السنوات اللي فاتت حيدرك أنه في خلاف واضح بين مؤسسة الرئاسة وبين الأزهر، الخلاف ده بدأ من اعتزال الإمام الطيب بعد رابعة ورفضه للدم، بعدها تكرر أكثر من مرة بعد مطالبة الرئيس بحل قضية الطلاق الشفهي واللي رفضها الأزهر، وبعدها في الخلاف حوالين تكفير داعش اللي كان في مطالبات كتيرة من الاعلام المحسوب علي النظام بها ولكن الأزهر رفض عشان لا يتم الاعتماد علي مبدأ تكفير المسلمين لبعضهم البعض، وبعدها اتضح الخلاف أكثر في قضية تجديد الخطاب الديني واللي الدولة دفعت بممثلين ليها وشيوخ زي أسامة الأزهري وغيره ورئيس جامعة القاهرة لحد النقاش الشهير بين شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة.
– لكن مع كل الخلافات دي مكنش في مقدور الرئيس أو الحكومة إزاحة شيخ الأزهر لأنه قانونيا ودستوريا مينفعش، ولأنه الشيخ الطيب هو رمز في كل العالم الإسلامي وله علاقات جيدة خاصة مع الامارات الحليف القوي حاليا للنظام.
– كل الخلافات دي والمؤشرات علي الخلافات بتخلي الدولة تفكر في سحب البساط فعليا من تحت الأزهر وتقليل صلاحيات هيئة كبار العلماء وسيطرة الأزهر المطلقة علي المجال الديني في مصر.
*****
نشوف ايه من كل ده؟
– النظام الحالي مستمر في محاولاته في إنهاء استقلالية أي مؤسسة عن مؤسسة الرئاسة، ده تم قبل كدة من خلال تعديلات قانونية ودستورية أنهت استقلال القضاء، وأصبح فعليا مناصب النايب العام ورؤساء النقض والدستورية ومجلس الدولة كلهم الرئيس بيختارهم.
– لكن انهاء استقلالية الأزهر أو سحب البساط من تحته وانهاء سيطرته الفعلية علي أمور الإفتاء والدين في مصر بشكل عام عن طريق قانون الإفتاء الجديد هو شيء مختلف بالأساس لأنه شيخ الأزهر له شعبية كبيرة في مصر وفي العالم الإسلامي كله بالتالي ده شيء أصعب بكثير.
– ومع دعمنا الكامل لمبدأ استقلال الأزهر، لكن ده لا يمنع أنه النقاش في حاجات زي تجديد الخطاب الديني تكون شأن عام بين كل المؤسسات المختصة مش الأزهر لوحده، كل المؤسسات الدينية الأخرى وكمان خارجها أساتذه الجامعة والأكاديميين والباحثين بالاجتماع والقانون والاقتصاد وغيرها من المجالات المتعلقة، وحتى عامة الناس يشاركوا، لأن ده شيء بيأثر على كل إنسان ومنطقي بقاله رأي فيه، لكن دي كلها تفاعلات مجتمع ومتتمش بأمر سياسي مباشر لأن لو ده حصل يتحول التجديد الديني بأمر السلطة ده إلى شيء فاقد المصداقية ومعدوم التأثير.
– نهنيء الأزهر وكل المصريين بانتصار مؤسسة للحفاظ على استقلالها، ونتمنى نشوف بلدنا فيها فصل تام بين السلطات، ومؤسسات قوية مستقلة بكل المجالات، قضائية وأكاديمية وأهلية وإعلامية وغيرها.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *