– من يومين بالتزامن مع افتتاح المرحلة الرابعة من مترو الأنفاق أعلنت وزارة النقل عن زيادة كبيرة في أسعار تذاكر المترو.
– دي هيا الزيادة الثالثة من 2018، بمعدل زيادة علي سعر التذاكر المختلفة بين 500 % إلى 1000 %، وده كله خلال سنتين محصلش فيهم زيادة بالأجور بأي نسبة مقاربة.
– الجانب الأخطر في الزيادة الأخيرة إن لما يبقى الحد الأدنى 5 جنيهات يبقى في بعض المسافات الصغيرة هيكون الأوفر استخدام المكروباص! وبالتالي ده ضد فكرة المترو نفسه انه يكون الخيار الأفضل عن أي وسيلة نقل تانية لو الرحلة بين مكانين بينهم محطتين مترو.
– النهاردة هنناقش معاكم الزيادة الأخيرة؟ هل مبررة؟ هل المترو المفروض يخسر ولا يكسب؟ وليه هي مشكلة كبيرة؟ وايه البديل عن ده؟
*****
إيه هي الزيادة الأخيرة؟
– الزيادة الأخيرة تمثلت في رفع قيمة التذاكر من 3 جنيهات إلى 5 جنيهات للمنطقة الواحدة اللي هيا من محطة إلى 9 محطات.
– ومن 5 جنيهات إلى 7 جنيهات للمنطقة الثانية ( 10 – 16 محطة)
– ومن 7 جنيهات إلى 10 جنيهات لركاب أكثر من 16 محطة.
– لحد دلوقتي سعر تذكرة المترو زاد 3 مرات بمعدل زيادة 500 – 1000 %، من جنية ل 10 جنية، ومن جنية ل 5 جنية في أقل زيادة.
*****
هل الزيادة دي مبررة؟
– طبعا الجزء الأهم من تبرير الحكومة، خاصة وزير النقل اللواء كامل الوزير هو أنه المترو بيخسر وأنه الزيادات دي عشان نقلل الخسائر ونقدر نتوسع في المترو أكثر ونقدم خدمة أفضل.
– قبل كدة في مارس 2017 كانت أول زيادة لما تم مضاعفة السعر من جنيه لاتنين جنيه، وقتها كان نفس المبرر إن المترو بيخسر، ووزير النقل الوزير هشام عرفات وقتها قال إن الكلفة الحقيقة للتذكرة 5 جنيهات، دلوقتي سعر التذكرة بقى من 5- 10 جنية وبرضه لسه الحكومة بتقول أنه ده مش السعر العادل!
والوزير نفسه كان له تصريح تاني بعدها ان السعر العادل هوا 16.5 جنيه، غير تصريحات مختلفة بأرقام مختلفة.
– لكن ورغم الزيادات الكبيرة اللي حصلت في السنين اللي فاتت إلا أنه التطوير محصلش بشكل كبير فارق فعلا في الخدمة في الخط الأول والثاني اللي هما شبرا – المنيب، وخط المرج – حلون، كل التطوير اللي حصل هو في الخط الثالث اللي اتضخ فيه استثمارات كبيرة جدا في الفترة الأخيرة.
– لكن بحسب كامل الوزير فتكاليف المحطات الجديدة دي هي استثمارات ممولة من الموازنة العامة وممولة من قروض، يعني ملهاش علاقة بالتذاكر اللي دورها تغطية تكلفة التشغيل والصيانة.
– لكن الحقيقة أنه ده مش كلام دقيق، لأنه تكلفة تشغيل المترو والصيانة مش هي سبب الخسائر اللي بيتكلم عنها الوزير.
– ده لأنه في أخر موازنة متاحة لهيئة مترو الأنفاق وهي موازنة 17- 18 تقسيمها كالتالي، إجمالي الاستخدامات هو إجمالي المصروفات (أجور ودعم وفوائد وشراء سلع وخدمات + تكلفة الاستثمار (إنشاء المحطات الجديدة وشراء القطارات) + إلى تكلفة سداد القروض المحلية والأجنبية ودول كلهم كانوا بيساووا 9.1 مليار جنية، وإجمالي الموارد وهي جملة الإيرادات (منح وإيرادات رأسمالية وتشمل عائد سعر التذاكر والإعلانات وتأجير الأرصفة) +الاقتراض لتمويل الاستثمارات ودول كانوا يساووا 3.6 مليار جنية، ده فعلا يخلي المترو عنده عجز يساوي 5.4 مليار جنية.
– لكن لو دققنا في أرقام المصروفات اللي هي 9.1 مليار جنية هنلاقي أنه الاستثمارات الجديدة هي الأغلبية الساحقة من المصروفات 8.6 مليار جنية يعني حوالي 94 % من المصروفات كلها. يعني تكلفة التشغيل والصيانة في 2017 كانت حوالي 6 %، لو افترضنا زيادة أسعار الكهرباء والتضخم وغيرها من العوامل من 2017 لحد دلوقتي فدا يعني أنه مثلا تكلفة التشغيل بأي حال لا يمكن أن تتخطي 15 % من اجمالي الاستخدامات.
– طبعا ده مع حساب زيادات 2018 – 2019 فالموارد المفروض تكون قفزت تقريبا للضعف علي الأقل لأنه أسعار التذاكر زادت ب نسب 500 % و1000 %.
– بالتالي من المستحيل أنه يكون عائد التذاكر والاعلانات مش بيكفي التشغيل، بالتالي الحكومة بتحمل المواطن العادي تكلفة تمويل الاستثمارات الجديدة التوسعية في المترو.
– ده غير طريقة إدارة المترو نفسها واللي فيه مشكلات كبيرة في إدارتها زي تعاقدها مع الداخلية علي تأمين المرفق واللي هو شيء غير مبرر إزاي وزارة مواردها من الموازنة العامة تاخد مقابل لتأمين مرفق عام!
– أو زي التعاقدات الأخرى زي التعاقد مع شركات نظافة خاصة رغم إن أصلا موجود عمال نظافة معينين في المترو، ومش واضح آلية اختيار شركات النظافة الخاصة دي.
******
هل المترو لازم ميبقاش بيخسر؟
– مين قال أصلا إن “الخدمة العامة” بيتم ادارتها بمنطق الربح المباشر؟ هل لازم المدارس والمستشفيات والطرق كلها تكسب؟ أمال الضرايب ومصادر الدخل العام (البترول، قناة السويس، السياحة) كلها مفروض تتصرف فين؟
– المترو هو مرفق مهم جدا للاقتصاد المصري لأنه المفروض موجود عشان تقليل تكلفة نقل العمالة في المدن المزدحمة وده في كل العالم تقريبا المترو بيكون سعرة مقارنه بالدخل منخفض، لأنه هو ده الدور المفروض منه عشان تنقل عمالة كبيرة بشكل رخيص من البيت للعمل والعكس بالتالي ده يقلل الضغط علي البنية التحتية الأخرى زي الطرق ويقلل تكاليف تانية غير مباشرة زي تكاليف التلوث والازدحام المروري واللي هي بالمليارات.
– مش محتاجين نأكد كمان على مقارنة اسعار المترو في مصر ببلاد أوربية، لان المواطن الأروبي مش هيفرق معاه انه يدفع 1.5 يورو او دولار لو كان متوسط دخله 3 آلاف دولار مثلا.
*****
ايه الحل؟
– أول خطوة هيا أصلا الغاء منطق انه لازم يكسب. النظر للمترو كاستثمار عام بتموله بشكل رئيسي الضرائب. وفي العالم المتقدم بشكل عام النظام الضريبي هو نظام تصاعدي مبني علي الدخل، بمعني أنه الأقل دخلا بيدفع أقل والأكثر دخلا بيدفع دخل أكبر.
– أو ممكن ده يكون عبر ضريبة موجهة للمترو من خارج مستخدمي المترو، يعني ممكن نستخدم جزء من ضريبة راديو العربيات الخاصة وغيرها من رسوم تجديد الرخص أو رسوم الطرق.
– تاني خطوة الشفافية، يتم اتاحة موازنة المترو وتعاقداته كهيئة عامة، وده متاح للبرلمان وللخبراء وللرأي العام، فيكون فعلا واضح هل اتعمل كل الجهود الممكنة بالوجه الأفضل لرفع الدخل ولا لا.
– تالت خدمة هيا انه لو حتي سلمنا بطريقة تفكير الحكومة ووزير النقل أنه المترو بيخسر خلينا نفكر ازاي نخلي المترو مؤسسة مكتفية بذاتها في التشغيل والصيانة، وده يعني أننا نحاول نقلل المصروفات زي :
– أنه الداخلية تقوم بدورها بالتأمين من غير مقابل ده لأنها بتاخد مخصصاتها من الموازنة!
– يتم مراجعة أوضاع العمالة اللي مش عارفين دورها ايه، ولو فيه عمال نضافة وأمن تلغى التعاقدات مع الشركات اللي برا.
– الرواتب والبدلات لازم تتراجع، وماحدش يزيد عن الحد الأقصى للأجور، 42 ألف جنيه.
– يكون فيه متخصصين لإدارة ملف الإعلانات والإيجارات، ويحصل توسع في تقديم الخدمات والمحلات والأكشاك وبمزايدات شفافة.
– كل ما سبق محتاج ضغوط سياسية للوصول ليه، الضرايب بالتعريف ملف سياسي، ومحتاج الناس تقدر تنظم نفسها سواء كنقابات أو كأحزاب وتختار ممثلين عبر انتخابات نزيهة، نواب يمثلوا مصالحهم، حكومة تمثل مصالحهم والقرارات مصدرها هما مش من غيرهم.
الطريق طويل وصعب لكن لا بديل عنه لتغيير أوضاعنا من أكبر الأمور لحد تفاصيل سعر تذكرة المترو.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *