– من عدة أيام كان مجلس النواب بيناقش مشروع لتعديل قانون النقابات الفنية ( تمثيلية، موسيقية، سينمائية)، والقانون ده كان فيه مادة بتتكلم عن ضبطية قضائية للنقابات دي لمواجهة الفن الهابط، لكن تم رفض المقترح بالكامل.

– إيه تفاصيل الموضوع ده ؟ وليه القانون ده اترفض ؟ والنتيجة منه إيه ؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست الحالي.

*****

إيه تفاصيل الموضوع ؟

– الحكومة قدمت مشروع قانون لمجلس النواب بيعدل بعض مواد قانون النقابات الفنية ( التمثيلية والموسيقية والسينمائية )، المشروع فيه مواد بتزود رسوم وموارد لكل نقابة منهم سواءًا برفع رسوم تراخيص المكاتب الفنية، أو بخصم نسبة من أجر الفنان في أي عمل من 3% بدل 2% وتحويله لصالح النقابة، وغيرها من البنود.
– البنود دي يمكن ليها مبرر منطقي، وهو ضعف موارد وإمكانيات كل نقابة منهم، وبالتالي بقينا نشوف حالات كتيرة لممثلين وفنانين غير معروفين ومعندهمش أموال بالملايين زي غيرهم، حالتهم المادية بتسوء في اخر أيامهم وكتير منهم بيحتاج للعلاج بدون مصدر دخل ليهم، وطبعًا محاولة تحسين وضع هؤلاء شيء مهم وجميل.
– خاصة إنه مش كل أعضاء النقابات دي من الممثلين الأغنياء جدًا، لأ كتير منهم ممثلين بسطاء من الصف التالت أو ” كومبارس”، أو ناس بتشتغل في المهن دي وراء الكاميرات ودول كتير جدًا.
– لكن القانون ده كان فيه رغبة واضحة في الوقوف ضد بعض الأنماط الفنية وتحديدًا موسيقى المهرجانات، بسبب مادة في القانون بتتكلم عن منح ضبطية قضائية لبعض مسؤولي النقابات، لمواجهة الإسفاف والفن الهابط، خاصة وإنه الحكومة قالت إنها قدمت القانون ده بعد جلسات استماع مع مسؤولي النقابات دي.
– والنقطة دي تحديدًا كانت هي منبع الخناقة والاعتراض من معظم نواب البرلمان، فبرغم تبرير البعض زي مصطفى بكري لأهمية الضبطية القضائية للحفاظ على قيم المجتمع وبتسيء ليه زي فيلم ريش اللي بيسيء لمبادرة حياة كريمة – حسب رأيه – أو كلام نائب تاني عن إنه ده مهم بسبب أمثال حسن شاكوش اللي بيسيئوا لمصر !
– لكن كتير من النواب رفضوا المادة دي، واعتبروها مصادرة واضحة على حرية الناس في تقديم أشكال مختلفة من الفن بتعجب البعض ومبتعجبش البعض الاخر وده أمر متعلق بالذوق أكتر من أي شيء تاني، وبالتالي استخدام الحق ده في القبض على حد بيغني أو بيمثل لأنه في رأي النقابة بيقدم فن سيء ده هيكون وضع سيء جدًا.
– بعض النواب كمان اعترضوا بمنطق إنه منح سلطة الحبس للنقابات هيدي فرصة للشللية، وده برضه كلام منطقي لأنه في أي تجمع بشري بيحصل النوع ده من التعسف، وشفنا مثلًا الأستاذ هاني شاكر وهو بيحارب جميع أغاني المهرجانات باستثناء ” ويجز” لأنه شايفه بيقدم فن هادف، وبعدها تراجع عن رأيه في عمر كمال وبقا شخص ممكن يتسمع ومبيمثلش خطر !
– المهم إنه بعد مداولات كتير تم رفض القانون بشكل كامل بسبب مادة الضبطية القضائية ورفض منحها للنقابات الفنية تجاه الآخرين.
*****
– الحقيقة رفض القانون ده نقدر نعتبره شيء إيجابي، لأنه ببساطة مش طبيعي إنك تحبس صاحب الأغنية أو الفن اللي مش عاجبك، لأن ببساطة تقدر تسمع غيره وتتفرج على غيره، ودي ميزة التنوع البديهي والمنطقي.
– صحيح إنه كتير من الناس بقت منزعجة من مستوى الأغاني والأفلام والمسلسلات اللي بقت بتتقدم، لكن حقيقي محدش يقدر يمنعها في العصر الحالي، لأنه أي حد ممكن يأجر ستوديو ومعدات ويعمل أغنية وينشرها عاليوتيوب، ومهما كان فيها من كلمات أو عبارات سيئة هتتنشر عادي وتجيب لصاحبها أرباح.
– وكمان بقا في منصات زي نتفليكس وغيرها عليها آلاف الأفلام من ثقافات مختلفة في العالم، وفيها طبعًا محتوى نختلف معاه لأسباب كتيرة راجعة لكل واحد فينا، لكن مفيش حد يقدر يقول إنه هيمنع المنصات دي أو يمنع الناس تدخل عليها عشان يحافظ على أخلاقهم أو قيمهم.
– في الحالات اللي زي دي مفيش حاجة بتكافح البضاعة الرديئة غير الجمهور نفسه اللي بيشوف البضاعة الجيدة، وده صراع موجود من بداية الفنون بأنواعها لحد انهردة، دايمًا في كل العصور بنشوف أفلام رديئة وأغاني رديئة، وللأسف بيكون في إقبال عليها كتير لكن عمرها دايمًا قصير، وبنشوف في المقابل أعمال هادفة ورائعة فعلًا هي اللي بتدفع الناس إنها تتفاعل معاها وبتفضل تفتكرها سنين طويلة قوي.
– ممثلين كتار بنفضل نفتكر أعمالهم وجمالها ورقيها ورسالتها زي نور الشريف وأحمد زكي ويحي الفخراني وعمر الشريف ومحمود عبدالعزيز، وممثلين كتير بنشمئز من أفلامهم ومحتواها التافه اللي بيجري ورا الغرائز فقط بدون ما نذكر أسمائهم.
– ونفس الكلام في الأغاني والطرب، الأذواق مختلفة لكن البضاعة الجيدة هي اللي بتعيش أكتر وعمرها بيكون أطول بكتير، وفي النهاية حرية الإبداع هي اللي بتخليك تشوف النوعيات المختلفة من المحتوى الفني سواءًا أغنية أو مسلسل أو فيلم أو رواية، وطالما في مساحات حرية في البلد بشكل عام فالمحتوى الفني بيتحسن أكتر لأنه يقدر يتكلم عن قضايا أكتر.
– وفي النهاية فكرة المنع والحبس لازم تنتهي من طريقة تفكير كل واحد عنده شوية سلطة في البلد، سواءًا كان الأستاذ هاني شاكر أو رئيس الرقابة المالية أو المسؤولين عن الإعلام أو غيرهم، لأنه مفيش منطق يقول إنه شخص واحد أو مجموعة أشخاص هما اللي بيفرضو رأيهم في الفن والسياسة والثقافة والاقتصاد والدين والرياضة والباقي لازم يتحبس ويتمنع عشان الناس متشوفش حد غيرهم، ده منطق فاشي جدًا وانتهى في كل دول العالم الحرة والمتقدمة.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *