– من يومين اتكلم الرئيس السيسي في “الندوة التثقيفية ال31 للقوات المسلحة”، عن مواضيع كتير أهمها طبعاً رؤيته لسد النهضة، وثورة يناير وغيره، وفي البوست ده هنحلل ونناقش خطابه بالمعلومات والمنطق.

****

كلام مكرر عن سد النهضة

“لو ماكانش 2011 كان هايبقى في اتفاق قوي وسهل من أجل إقامة هذا السد. هانتفق عليه. لكن لما البلد كشفت ضهرها. البلد كشفت ضهرها. وأنا آسف. وعرت كتفها، فأي حاجة تتعمل بقى، ولو ماخدتوش بالكو هايتعمل فيكوا أكتر من كدة ”
– ده كلام الرئيس ردا على سؤال الصحفي ياسر رزق عن سد النهضة، طبعا ده تكرار لكلام قاله سابقا، لكن الحقائق المثبتة عكس الكلام ده تماما، لأن المشروع مطروح في أثيوبيا من الستينات وتكرر طرحه بعهد مبارك، وصدر القرار الأثيوبي ببدء العمل فيه قبل سنوات، سنة 2008 تم انشاء مصنع دربا الضخم لانتاج الأسمنت لصالح السد، وسنة 2009 كانت كل الرسومات الفنية جاهزة.
– البناء الفعلي بمنطقة السد تم في أبريل 2011، لكن هل منطقي نتصور انهم عملوا الدراسات والتصميمات، والدراسة المسحية للموقع، وجمعوا تمويل المرحلة الأولى، ووقعوا عقود الشركات، كل ده في شهرين بس عشان انتهزوا فرصة ثورة يناير؟! ده بناء “مول” تجاري بياخد وقت أكتر من كده!
– الخطوات كانت متسارعة بآخر عصر مبارك، وحسب موقع ويكليكس مبارك في مايو 2010 طلب من البشير إنشاء قاعدة عسكرية مصرية في منطقة جنوب الخرطوم كورقة ضغط ضد اثيوبيا بملف سد النهضة.
– خلينا كمان نفكر حضرتك إنه في 2011 تم سفر وفد “الدبلوماسية الشعبية ” المصري وكان فيه سياسيين وشخصيات عامة، وده تم طبعاً بالتنسيق مع السلطات في مصر وأولهم وزارة الخارجية، والكلام اللي اتقال في اثيوبيا وقتها للود كان إيجابي حول انه يتم تجميد خطواتهم ف الملف ده لحين إنتهاء الإنتخابات في مصر وإتفقو على مشاركة خبراء مصريين وسودانيين في تقييم السد وآثاره.
– بعيد عن المحتوى، التشبيه نفسه لمصر كواحدة ست بتعري نفسها للاغراء شيء مهين جداً لمصر والمصريين وتخيلوا لو أي حد تاني غير الرئيس السيسي قاله كان هيبقى رد فعل الإعلام الرسمي إيه!

****

” احنا ابتدينا نتحرك في الملف دا بعد أنا ما توليت المسئولية “.

– ده برضه كلام خاطئ كليا لأنه مفاوضات السد واللجنة الثلاثية من أثيوبيا والسودان ومصر موجودة من 2012، وأول تقرير صدر للجنة في مايو 2012 بعهد المجلس العسكري، وبعدها استمر مسار المفاوضات لحد دلوقتي بشكل مستمر.
– واضح إن الرئيس السيسي بيحاول يبريء نفسه من المسؤولية بترديد معلومات كاذبة ورمي الأخطاء على ثورة يناير، لكن برضه ده مش هيغير من إن سيادتك كنت قبل الثورة كمان مسؤول كرئيس للمخابرات الحربية، وبعدها مسؤول كعضو في المجلس العسكري اللي حكم البلد من فبراير 2011!
يعني من قبل الثورة لحد النهاردة مفيش أي لحظة كان فيها شخصك غايب عن أعلى مواقع المسؤولية عن الملف ده!

– الحقيقة الرئيس مستمر في إلقاء اللوم بشكل غريب علي الشعب المصري في أزمة من المفترض أنه ممثلي الشعب من الجهات التنفيذية هما المفوضين والمسئولين عن ده، إحنا بندفع من فلوس ضرايبنا لوزارة الخارجية والري والمخابرات العامة وغيرها من الأجهزة وبالطبع لرئيس الجمهورية، عشان يديرو مصالحنا مش عشان يلومونا كل شوية مع أي تعثر أو فشل أو تقصير يكونو السبب فيه!
– إتكلمنا في بوست سابق عن أزمة “سد النهضة” بالتفصيل وبكل ملابساتها السياسية والدبلوماسية والفنية، وجزء كبير من المشكلة في الإتفاق مع أثيوبيا وإمكانية الوصول معاها لحل هو توقيع الرئيس السيسي على إتفاق المبادئ سنة 2015 رغم وجود تحذيرات وتحفظات من داخل مصر على التوقيع ده بإعتباره بيهدي حقوق لأثيوبيا ومفيهوش ضمانة لعدم الإضرار بمصر، هل برضه ثورة يناير اللي وقعت الاتفاق ده ولا كان قرارك الشخصي؟!

– بوست سابق ** أزمة سد النهضة.. إزاي وصلنا “لطريق مسدود”؟ وإيه الحلول؟**
https://www.facebook.com/almawk…/posts/2073513816081838…

********
الإرهاب والمظاهرات
– ” وأنا في نيويورك متعملش عمل إرهابي لمدة أسبوعين خالص. ادوا الفرصة للهدوء في سيناء عشان يحركوا الناس في مصر. أول ما المسألة فشلت في مصر العملية كانت في نفس اليوم ( الجمعة ) خلي بالكم هما واحد “.

– بعيدا عن خطورة كلام زي دا واللي بيقول صراحة انه المتظاهرين السلميين في مصر يوم 20 سبتمبر وما بعدها هما إرهابيين أو الإرهابيين بيحركوهم، ورغم أنه الداخلية اللي قبضت عشوائيا علي أكثر من 3300 حسب آخر حصر موثق بالأسماء من المفوضية المصرية تم الافراج عن مئات منهم بعد كده، فالكلام نفسه غير صحيح تماماَ.
– لكن أصلا كلام الرئيس أنه الفترة من 14 – 28 سبتمبر مكانش فيها عمليات إرهابية (تاريخ الهجوم على كمين تفاحة 27 سبتمبر يوم عودته من نيويورك) ده كلام خاطيء تماما، لإن حسب البيانات الرسمية العمليات الإرهابية مستمرة طول الأسبوعين دول وطول سبتمبر اللي بدأ فيه الغضب من فيديوهات محمد علي.
في بداية الشهر تم خطف مواطنين من بئر العبد، في 15 سبتمبر الداخلية أعلنت في بيان رسمي تصفية مسلحين كانوا بيحاولوا الهجوم على قوات الداخلية واتصاب ضابط و3 جنود في العملية دي، الداخلية في بياناتها الرسمية قالت انها عملت 6 عمليات لإحباط عمليات إرهابية في سبتمبر، منهم تصفية 6 عناصر من الإخوان المسلمين كانوا بيخططوا لعمليات إرهابية يوم 24 سبتمبر بحسب بيانات الداخلية.
– خروج المواطنين المصريين السلميين وتظاهرهم للإعتراض على الرئيس وسياساته شيء ملوش علاقة بالإرهاب، الإرهاب مستمر في سيناء ومحتاجين نقضى عليه بمجهودات عسكرية وأمنية وسياسية، إنما لما الرئيس والسلطة يتهمو أي معارض بإنه إرهابي وأي مظاهرات بتحصل حتى لو “محدودة” بحسب وصف الرئيس وإعلامه وتصنيفها بإنها تابعة للإرهاب فده مؤشر خطير جداً، وشيطنة لأي إعتراض فئوي أو فردي وإتهام واسع للناس بتهمة الإرهاب.

****
الجيش والتبرعات
” اتكلموا عن الاستنزاف. طب ما إحنا بقالنا 6 سنين في سيناء في حرب مع الإرهاب. هو ده مش استنزاف لقدراتنا؟ مش اللي بيستشهد ده، وبيصاب ده، ابن مصر؟ لما كل ده حد يحاول إن هو يشوهه، أو يسيء له، أمر لازم ننتبه له كويس .. لا الجيش طلب تبرعات من المصريين لبناء قدراته، ولا الجيش قال لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ده الجيش والدولة، اتحركوا لبناء الدولة أثناء الاستنزاف اللي بيتم علينا “.

– الحقيقة أنه فعلا الإرهاب هو استنزاف لقدرات البلد، لكن المقارنة بين حرب الاستنزاف اللي كانت مع إسرائيل لمدة 3 سنوات، مقارنة غير سليمة نهائياً. من حيث قوة التسليح اللي كانت عند إسرائيل ووجود جيش كامل في سيناء لحد ضفة القناة، ومن ناحية إنهيار القوات المسلحة الكامل في يونيو 1976 للدرجة اللي كان فيها عدد دبابات محدود جداً بين السويس والقاهرة، مع صعوبات عسكرية كبيرة جداً على مستوى التسليح والتدريب وصعوبات أكتر إقتصادية وسياسية، مينفعش أبداً تتقارن بالحرب على ميليشيات مسلحة عددها بضعة آلاف في سيناء أبداً.

– الأغرب في كلام الرئيس هو أنه بيلمح أنه الجيش مبيطلبش تبرعات للحرب في سيناء، وكأن العادي أنه الجيش يطلب تبرعات!
– أومال الأسلحة المتطورة اللي تم شراءها دي كانت بفلوس مين؟ مهي بفلوس وضرايب المصريين اللي موجودة في الموازنة العامة، والقروض اللي بتتمضي عشان السلاح ده ييجي مهو إحنا اللي بندفعه في ديون وفوائد! والقوات المسلحة غير إن ليها مخصصات من فلوس المصريين فهي ليها نفوذ إقتصادي وتجاري كبير في مجالات كتيرة جداً منعرفش حاجة عن أرباحها ولا ضرايبها ولا مرتبات العاملين فيها ودي واحدة من مشاكل الإقتصاد المصري دلوقتي، فبأي معنى حضرتك عاوز تقول إحمدوا ربنا إني مش بطلب تبرعات؟!

– الحقيقة كمان أنه الدولة بتقول ضمنيا ” أنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ” وكل المطالبات الاقتصادية والسياسية للمصريين بيتم الرد عليها بأننا بنحارب الإرهاب، وفي قانون إرهاب دلوقتي كثير من المصريين بيتحاكموا ظلما بناء عليه، والمصريين بيعانو من حالة الطوارئ اللي موجودة وبيعانو من تفتيش تليفوناتهم، وبيعانو من حبس آلاف الشباب البريء ظلماً تحت قوانين محاربة الإرهاب!

– الجيش مش كيان منفصل عن الشعب، الشعب ده هم الشباب والمواطنين اللي بيتجندو وبيحاربو، وهما الناس اللي بتدفع ضرايبها للجيش عشان إحتياجاته، ولو تم إستدعاء قوات الإحتياط فملايين من الشباب المصري هيكونو موجودين في كتايبهم والمناطق العسكرية، فمنعرفش ليه الرئيس دايماً بيتكلم عن الجيش بإعتباره شيء لوحده مستقل.

****
سوريا وتحذير من تدمير الشعوب للدول

“ما تسألوا كمان وتقولوا، طب الناس تدخلت في شمال سوريا ليه؟ .. مين اللي عمل كدة في سوريا؟ مين؟ مين؟ (يرد الحضور: “ِشعبها”) مين اللي عمل كدة في سوريا؟ (الرئيس بيشاور بايده عشان يعيد الحضور الإجابة: شعبها”) من فضلك اقعد، اللي عمل كدة في سوريا أهلها”.
– لأ الحقيقة اللي عمل كده في سوريا هو نظامها السياسي المستبد اللي قرر من أول يوم الناس إتظاهرت فيه يضرب شعبه بأقصى قوة عسكرية، والشيء المشترك في سوريا واليمن وليبيا هي إنه المظاهرات إتواجهت بعنف شديد خلى الناس تدافع عن نفسها ضد العنف ده، وحقق إنشقاقات جوة الجيش السوري والليبي واليمني نتيجة رفض كتير من الظباط والجنود ضرب شعوبهم بالآليات العسكرية وبالطيران، وده كمان عززه انقسامات طائفية وقبائلية! واللي خلى سوريا بالحالة دي مش بس التدخل الدولي واللي بعضها دول حلفاء للنظام المصري زي روسيا والسعودية أو السوري زي إيران، لكن إستدعاء بشار الأسد لجيوش أجنبية تدافع عنه، وإستدعاء علي عبدالله صالح لجيوش ومرتزقة يدافعو عنه، وإستدعاء القذافي لمرتزقة أفارقة لقتل شعبه بعد ما ضرب شعبه بالطيران!

– اللي بيدمر الدول مش مطالبة الناس بحريتها وحقها في تغيير نظم الحكم، اللي يدمر أي دولة هو إتهام أي حد بيعترض على سياساتها أو بيطالب بإنتخابات ديمقراطية بإنه إرهابي، الجزائر والسودان حصلت فيهم مظاهرات وثورة وكانو في منتهى السلمية، ورغم عنف الجيش في السودان لكن في النهاية إستجاب لسلمية المواطنين واضطر يتنازل ويدي حق الشعب في حكم نفسه بنفسه.
– ياريت يا سيادة الرئيس تبطل نشر التخويف والرعب في نفوس الناس من مطالبتهم بحقوقهم، وياريت تفتح ليهم مساحات آمنة للتعبير عن رأيهم في الإعلام والصحافة والبرلمان والنقابات والأحزاب، لأن قهر الناس وحكمهم بالقوة وحبسهم عشوائي وتعذيبهم هو اللي بيأدي لكوارث، وحبس الناس المسالمين مع الإرهابيين هو اللي بيخلق إرهابيين جدد.

*******

– الرئيس السيسي وسلطته ومؤسسات الدولة لازم تعيد التفكير في طريقة الحكم بالصوت الواحد والقوة والأجهزة الأمنية، ولازم تتيح للناس المشاركة في حل مشاكل بلدها، مصر مليانة خبراء ومثقفين ومفكرين وسياسيين، ولازم نستفيد منهم في حلول مشاكل وأزمات خاصة لو خطيرة زي الحفاظ على مياه النيل، بدل الهروب والتحجج بثورة يناير وإتهامها بكل المشاكل والفشل.
– الرئيس وسلطته وإعلامه لازم يبطلو إتهام المعارضين بالإرهاب لأن ده خطر على البلد فعلاً، في مشاكل حقيقية بسبب الإعتقالات والتضييق على الناس في إبداء رأيها، وبسبب السياسة الإقتصادية اللي الرئيس وحكومته بيعملوها واللي زاد بسببها عدد الفقراء من لحظة تولي الرئيس السيسي للحكم.
– حقيقي نتمنى إن مصر تنتصر بشكل حقيقي على الإرهاب، لكن مفيش مجتمع هتبقى حياته أفضل من غير حرية ومن غير كرامة ومن غير إحترام للمواطنين وإحترام لحقهم في إختيار اللي بيمثلهم، نتمنى إن اليوم ده ييجي قريب.

******




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *