– بنعيد نشر البوست السابق اللي كتبناه وقت حريق الموسكي من حوالي شهر ونص فقط، لأنه حصل حريق مماثل في سوق العتبة، بمنطقة قريبة جدا من منطقة حريق الموسكي، وتسبب الحريق في تدمير ٧٠ محل.
– كتبنا ساعتها وكتب غيرنا تحذير من الوضع، واقترحنا حلول لمشكلة الحرائق المتكررة في الأسواق الشعبية المزدحمة، لكن محصلش أي تغيير من وقتها.
– المرة دي الحريق دمر سوق العتبة التاريخي، وهو أول سوق حضاري في القاهرة، اتبني في عهد الخديوي توفيق، سنة 1886، وصممه مهندسين أوروبيين، جران بك مدير عموم المدن والمباني الأميرية، وفرانس باشا نائب مصلحة الأوقاف.
– سوق العتبة كان واحد من سوقين فقط موجودين في مصر علي الطراز الأوروبي القديم، السوق التاني في منطقة باب اللوق.

***

لية الحرايق بتحصل في نفس الحي كل سنة؟
– زي ما قولنا دي مش المرة الأولى اللي يحصل فيها حريق في الموسكي، ده بيحصل كل صيف تقريباً، بسبب مشاكل كتير في طرق تخزين البضاعة، اللي تقريباً كلها قابلة للاشتعال (ملابس – أدوات تجميل – بلاستيك)، ومشاكل في البنية التحتية للمكان زي الكهرباء، وعدم وجود حنفيات حريق، وصعوبة وصول المطافي.

– في الـ5 سنين اللي فاتوا مثلاً، حصل أكتر من 12 حريق لأسباب مختلفة، منها الماس الكهربائي ومنها أخطاء بشرية. ورغم أن مطافي العتبة قريبة جداً، لكن في معظم الحرايق اللي حصلت كانت مبتقدرش تسيطر على الحريق قبل ما يحصل تلفيات كبيرة.

– وأكيد غياب دور “الحي” أمر مؤثر، سواء الغياب ده سببه عدم وجود كفاءات لحسن إدارة وتخطيط المنطقة، أو بسبب الفساد اللي منتشر. ومهم نعرف ان رئيس حي الموسكي السابق اتحكم عليه في فبراير الماضي بالسجن 10 سنينً بسبب رشوة خدها من صاحب محل ملابس.

*****

إية الحل في الحرايق والخسائر السنوية اللي بتحصل؟
– على المدى القريب مهم يتم إلزام أصحاب المحلات في المنطقة بإن يكون عندهم إجراءات أمان ضد الحريق. لازم المولات اللي في المناطق شديدة الزحام زي الموسكي والعتبة يكون فيها مخارج طوارئ، ولازم شركة الكهرباء تعمل جهد أكبر في صيانة الأسلاك في مناطق مزدحمة سكانياً زي دي.

– كان فيه أكثر من خطة حكومية لنقل قلب القاهرة التجاري (اللي فيها أسواق العتبة والموسكي وغيرهم) لسوق تجاري ضخم على طريق الدائري الإقليمي، اللي هو أقرب للعاصمة الإدارية الجديدة. لكن ده محصلش، ومش هيحصل غالباً، بسبب رفض التجار أنهم يروحوا مناطق بعيدة عن قلب القاهرة.

– رغم أنه تكلفة نقل الأسواق دي وتجميعها هتكون أقل بالتأكيد من تكلفة نقل الوزارات والمؤسسات الحكومية للعاصمة الإدارية الجديدة، وهيكون ليها أثر أكبر في تقليل الزحام، كون المناطق اللي زي العتبة والموسكي من أكثر مناطق القاهرة ازدحاماً، إلا إن محدش يعرف هل مخطط الحكومة ده قابل للتنفيذ، وهل هتقدر تقنع بيه التجار وأصحاب المحلات؟

– والأهم، لو فعلاً قدرت الحكومة تنقل مناطق كاملة زي العتبة والموسكي (مناطق بتمثل العاصمة التجارية لمصر) لمول على أو منطقة تجارية على طريق سريع، خارج قلب المحافظة، زي ما بيحصل في دول تانية، هل الشعب عندنا هيتقبل وهيتكيف مع ده، وهيقدر يوصل للأسواق بسهولة لما تكون بعيدة عن البيوت؟ مع الأخذ في الاعتبار فرق العدد الممتلك لسيارات بين عندنا وفي هذه الدول.

******

إزاي دول كان عندها مشاكل في تنظيم الأسواق زي عندنا اتعاملت مع المشكلة؟
– الصين كان ليها تجربة مماثلة في حل أزمات الحرايق المتكررة في الأسواق الشعبية، في 2010 وبعد حرايق كبيرة في أسواق شعبية بشنغهاي، الحكومة عملت قانون للأمان من الحرايق، ألزمت فيه أصحاب المنشئات التجارية إنهم يطبقوا إجراءات الوقاية من الحرايق.

– الصين كان عندها زينا كمان مشكلة فساد، أن البائعين والتجار عشان يوفروا كانوا بيستغلوا الفساد المنتشر في بعض الأحياء، فالقانون الجديد بجانب قوانين أخري لمحارية الفساد، غلظ العقوبة، وبالتالي زادت إجراءات الأمن والوقاية من الحريق.

– كتير من العاملين في الأسواق الشعبية اللي زي الموسكى والعتبة هم بائعين جائلين، بلا رخصة تجارية.. والهند زي ما اتكلمنا في بوست سابق، من أفضل الدول اللي اتعاملت مع مشكلة الباعة الجائلين، بإنها شكلت لجنة “البيع في الشوارع” ضمت ممثلين للبلدية والشرطة والمرور والجمعيات اللي بتمثل الباعة الجائلين، وخرجت اللجنة بقواعد عامة، زي أن تتحدد أوقات معينة للبيع، تحديد أماكن للتخلص من النفايات، تسجيل الباعة من البلدية وإعطاءهم تراخيص.

*****

إزاي الحكومة ممكن تساعد التجار وأصحاب المحلات هناك؟
– أول وأهم حاجة هو وجود آلية لتمثيل أصحاب المصلحة، يعني أصحاب المحلات والسكان هناك، وده ممكن عبر نقابة تجمع العاملين، وعبر انتخابات محليات نزيهة وطبعا للأسف احنا معندناش انتخابات محليات من 2008، والنقابات كلها بتتعرض للتدخل الأمني زي ما اتكلمنا عن مهازل انتخابات اتحاد العمال سابقا.
– آلية التمثيل الجماعي دي هي اللي هتسمح بالحوار مع أصحاب المحلات والبضائع اللي اتحرقت، الحوار اللي ممكن ينتج عنه إقناعهم بأهمية التأمين على محلاتهم وبضاعتهم، وتوفير حلول مناسبة لاحتياجاتهم، الأمر اللي ممكن يجنبهم حسرتهم على بضاعتهم بالشكل الحاصل دلوقتي.

– الحوار كمان، وفهم تخوفات أغلب التجار في هذه المناطق هو السبيل الوحيد لإقناع أغلبهم بالدخول في مظلة الاقتصاد الرسمي، فيستفيد بالخدمات تقدمهاله الدولة، وقصاد ده الدولة تقدر تراقب بشكل فعال جودة البضائع اللي هتتباع للمواطنين، وحجم التهرب الضريبي اللي ممكن يتم الاستفادة منه في مشروعات تنموية.
– وبالتفاوض ودخول دراسات علمية هيكون ممكن حسم فكرة هل الأفضل للكل نقل المنطقة التجارية بالكامل للخارج وده مش هيأثر على حجم الزباين حتى لو بشرائح مختلفة؟ ولا الأفضل اعادة تخطيط المنطقة الموجودة الحالية بحيث تكون أكثر أمانا ضد الحرائق والحوادث.

– الحقيقية منطقة الموسكي والعتبة، من أهم مناطق العاصمة التاريخية، زي ما هي مهمة تجارياً واقتصادياً، وعشان كده وضع قواعد صارمة لتنظيم حركة البيع والشراء وتنظيم الأسواق الشعبية هناك، مش بس هيساعد على انتظام الأسواق وحمايتها من أخطار زي الحريق، لكن كمان هيساعد على تنظيم المرور وسهولة تحرك السياح لمناطق لصيقة لهذه الأسواق، زي شارع المعز وغيره، وده هيرجع بالفائدة على أهل هذه المناطق بكل تأكيد.

– وأخيراً الموضوع محتاج من الدولة، وعلى رأسها الرئيس السيسي اللي هوا نفسه من منطقة الجمالية إحدى مناطق مصر القديمة، إنها تفكر في الإصلاح اللي بيستهدف القطاعات والأعمال المرتبطة بالطبقة الوسطى، وبتطوير البنى التحتية لمناطق القاهرة القديمة، والتوقف عن سياسة إن كل الاهتمام والاستثمارات بتروح للمدن والمناطق الجديدة رغم كثافتها السكانية الأقل.

*******




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *