– من أيام بنتابع الحرايق الضخمة اللي أصابت غابات الأمازون في البرازيل، والتخوفات من تأثيرها على التغيير المناخي في العالم. وفي المقابل تابعنا من شهر تقريبا إعلان إثيوبيا عن زراعة 350 مليون شجرة في يوم واحد.

– هنشوف في البوست، ليه مهم نتابع اللي بيحصل في البرازيل، وإزاي ده بيأثر علينا؟ وتفاصيل المبادرة الإثيوبية لزراعة الأشجار. وفي المقابل مصر وصلت لإيه في ملف التشجير، ومواجهة التغيرات المناخية.
*****

إيه اللي حصل في البرازيل؟

– من أسبوعين تقريبا بدأت حرايق مهولة في غابات الامازون، اللي بتمد الكوكب بكمية كبيرة من غاز الأكسجين، في فنزويلا وبوليفيا وكولومبيا وبيرو، لكن النسبة الأكبر كان في الجزء الواقع منها في البرازيل.

– الآف الحرائق اترصدت في أماكن متفرقة خلال الأيام اللي فاتت من خلال الأقمار الصناعية، ووصلت لأكتر من 80 ألف حريق من بداية السنة، مقارنة ب 40 ألف حريق في نفس الفترة السنة اللي فاتت، حسب رصد المعهد الوطني لأبحاث الفضاء في البرازيل.

– ألسنة النار ممتدة لمسافة 6 كيلو متر مربع في الغابات والمراعي، وسحب الدخان وصلت لمسافات بعيدة، وتم رصدها عند ساحل المحيط الأطلسي (على الجانب الآخر من قارة أمريكا الجنوبية)، وكان سبب في إن السما تكون مظلمة في مدينة ساباولو الواقعة على مسافة 3200 كيلو متر.

– انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ارتفعت جدا، ووصلت 228 ميجا طن، وده أعلى معدل من 2010، وغاز أول اكسيد الكربون السام وصل للخطوط الساحلية من القارة.

– الحرائق دي بعضها بسبب ظواهر طبيعية زي البرق أو الجفاف، وبعضها بتدخل من الإنسان، وأحيانا بعض المزارعين بيولعوا في بقايا المحاصيل والحطب قبل زراعة محاصيل جديدة أو لتربية الماشية. لكن البعض بيوجه أصابع الاتهام لرئيس البرازيل يائير بولسونارو، باعتباره بيشجع الممارسات دي، ومش مؤمن بتأثير ده على المناخ.

– كان فيه انتقادات للحكومة البرازيلية انها مش بتعمل حاجة لمحاربة الحريق، والرئيس قال إن مفيش أدوات للسيطرة على اللي بيحصل، وبعد ضغوطات عليه، الطيران الحربي طلع يوم الأحد وفرغ مياه على المناطق المشتعلة، كمان وزارة الدفاع أعلنت إنها هتوفر 44 ألف جندي للتصدي للحريق، لكن مافيش تفاصيل واضحة عن اللي هيعملوه بالظبط.

امبارح في قمة الدول الصناعية السبعة، الدول المشاركة أعلنت عن تمويل فوري بقيمة 20 مليون دولار للمساعدة في إطفاء الحريق. لكن البرازيل رفضت المساعدة.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن إن قادة المجموعة درسوا احتمال تقديم دعم مماثل لدول افريقية، عندها حرائق في الغابات المطيرة برضو. وخلال القمة، اتفقت الدول على دعم خطة تشجير على مستوى الأمم المتحدة، المفروض تتناقش في الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر.
******

إيه هي مبادرة تشجير أثويبيا؟

– حملات إعادة التشجير بتشغل العالم كله، الصين خلال الـ10 سنين اللي فاتوا بس زرعت أكتر من 25 مليار شجرة. الهند زرعت في يوم واحد 50 مليون شجرة. باكستان عندها خطة لزراعة مليار شجرة خلال 5 سنوات. والكل بيعترف إن حملات التشجير أداة قوية لمكافحة التغيير المناخي.

– ودي نفس الخطوات اللي مشيت عليها إثيوبيا من شهر تقريبا، لما رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أعلن عن حملة تشجير سماها “الميراث الأخضر”، لزراعة 4 مليار شجرة في أنحاء إثيوبيا، في موسم الأمطار من شهر مايو لأكتوبر.

– وكان من ضمن الخطة إن يتم زرع 200 مليون شجرة في يوم واحد، الإثنين 29 يوليو. لكن اللي تم الإعلان عن زراعته وصل لـ354 مليون شجرة. تم زرعهم في أكثر من 1000 موقع، حسب ما أعلن وزير الدولة للابتكار والتكنولوجيا.

– وإن كان البعض بيتشكك في عدد الأشجار اللي تم زراعتها لصعوبة التحقق، لكن لو صحت الأرقام فهيكون ده أكبر عدد من الأشجار اتزرع عالميا خلال 12 ساعة، وتخطى الأرقام القياسية اللي حققتها الهند سنة 2016، بزراعة 49.3 مليون شجرة في يوم واحد، بمشاركة 800 ألف متطوع، وسنة 2017، لما مليون ونص متطوع شاركوا في زراعة 66 مليون شجرة في نفس المدة الزمنية.

– خلال اليوم ده، تم إغلاق بعض المدارس والمكاتب الحكومية عشان الطلاب والمزارعين والموظفين والمكلفين بالخدمة العامة يشاركوا في الزراعة، وتم تعيين مسؤولين عن عدد الشتلات اللي بيزرعها المتطوعين. رئيس الوزراء شارك في زراعة الأشجار بالمنطقة الجنوبية من أديس أبابا، والحكومة ورجال الأعمال كمان شاركوا بنفسهم في الزراعة.

– كمان كان فيه دعم كبير من منظمة الأمم المتحدة للبيئة وسفارات الدول الأجنبية ومنظمات الإغاثة، وساهموا بالتدريب وزراعة عدد من الأماكن.
*****

ليه إثيوبيا عملت الخطوة دي؟

– نسبة الأراضي المغطاة بالشجر في إثيوبيا بيمثل 4% حسب آخر إحصائيات الأمم المتحدة سنة 2000، النسبة دي كانت 35% من 100 سنة.

– تآكل الغابات بالشكل ده بيضر البيئة بشكل كبير، لأن الاشجار هي اللي بتمتص ثاني اكسيد الكربون وتنتج الاكسجين وتنقي الهواء وتقلل من سخونة الكوكب. فيه دراسة عملية عملتها المجلة العلمية الأمريكية PNAS في عام 2017، بتقول إن استعادة الغابات هو أفضل حاجة تساعد على مقاومة الاحتباس الحراري.

– إثيوبيا بلد غير ساحلي ومعرضة للجفاف، وبتعاني من آثار التغيير المناخي، وتدهور التربة المتكرر اللي عامل مشاكل في الزراعة، ودي بلد بيتعمد 80% من سكانها على الزراعة كمصدر رزق. عشان كده انضمت لتعهد وقعه أكتر من 20 دولة إفريقية سنة 2017، باعادة تشجير 100 مليون هكتار من الأراضي.
*****

مين مسئول عن اللي بيحصل؟ وإيه دورنا في المواجهة؟

– الحقيقة أكتر دول مسئولة عن تلوث الكوكب، هما الصين ثم أمريكا ثم روسيا، ثم باقي الدول الأوربية الصناعية اللي بتستهلك كميات مهولة من الوقود الحفري. ومن المنطلق ده، فإحنا إجمالا زي بلاد كتير، بلد مظلومة ومعتدى على حقوقها من دول تانية مش مهتمة بتأثير اللي بتعمله على باقي العالم.

– وعشان كده مهم يكون دورنا الأهم في القضية دي، دور دبلوماسي للضغط على الدول المؤثرة بشكل أساسي، لضمان الاستجابة لبنود اتفاقيات المناخ والتعهد بالتحول للطاقة النظيفة، والضغط من أجل المساعدة في إطفاء حرائق البرازيل. وده كان دور مهم يقوم بيه الرئيس السيسي كرئيس للإتحاد الأفريقي خلال أيام استضافته في قمة السبعة، لكن مسمعناش إنه ناقش أو اتكلم في أمر زي ده.

– والحقيقة كمان، إن السلطة في البرازيل وإن كانت تلام على التأخر في إطفاء الحريق، وعلى تصدير توجهات، تخلي كتير من المزارعين يستسهلوا قطع الأشجار وحرقها. لكننا بنشوف رئيس أهم دولة في العالم، بحجم ترامب، في قمة مجموعة السبع، بيتغيب عن جلسة بخصوص التغير المناخي، وبيطلع بعد كده في حوار يقول “إن الثروة الأمريكية تستند إلى الطاقة وإنه لن يخاطر بذلك من أجل أحلام وطواحين هواء”.

– نفس الرئيس من يومين أصدر قرار بحذف غابات تونجاس فى ولاية ألاسكا من قائمة المحميات الطبيعية وجعلها متاحة لشركات الزراعة وقطع الأخشاب، وده القرار اللي بيهدد 17 مليون فدان من غابات الكوكب.
*****

نقدر نعمل إيه؟

– ده مش معناه، إننا نرضى بموقع المفعول به، لإن واقعيا تأثير التغيرات المناخية بدأ يشعر بيه كل مواطن مصري. ومن كام سنة بس كان المصريين ممكن يعتمدوا على المراوح خلال الصيف. دلوقتي الجو ونسب الرطوبة أصبحت أصعب من إن يكفيها مروحة، وبقت مسببه معاناة حقيقية لكل المصريين.

– كتبنا قبل كده إن أهم تأثير مباشر علينا هيكون في ارتفاع مستويات البحر وتأثير ده على شمال الدلتا والاسكندرية اللي هيبقوا مهددين بالغرق. وملوحة أراضي الدلتا اللي هتأثر على الزراعة المصرية. وإن البنك الدولي اعتبر مصر من الدول الاكثر تعرضاً لأخطار التغير المناخي خاصة بالنظر لنسب الفقر والزيادة السكانية.

– تأثير التغيرات المناخية مش حاجة منتظرينها في المستقبل، ده واقع بيلاحفنا، وبنشوف ده في القطاع الزراعي اللي بيعيش عليه ملايين من المصريين، واللي وفقا لمحمد فهيم، أستاذ التغيرات المناخية في حوار ليه مع مجلة ساينتفك أمريكان، فالقطاع اتأثر وتضرر بشكل كبير خلال السنين اللي فاتت، وبنشوف ده حاجات كتير، منها:

١- عدم حصول معظم أشجار الفاكهة المتساقطة والزيتون على احتياجاتها من البرودة في شتاء 2018، اللي كان قصير ودافي. وده خلى إنتاج الزيتون في معظم المناطق ينخفض بنسبة أكبر من 70%.

٢- في مارس وأبريل 2018 حصلت زيادة كبيرة في الموجات الحارة والرمال والأتربة، وده الوقت اللي أشجار فاكهة المانجه والنخل بتكون في مرحلة الإزهار، الأمر اللي تسبب في تساقط للعقد وفشل للإكثار. وانخفضت إنتاجية المانجه 35%.

٣- بالنسبة للمحاصيل الحقلية، كانت البطاطس في مرحلة بداية الصب، فحدثت موجة من الرياح الحارة جدا، أثرت على هذه المرحلة، ودهخفض الإنتاجية من 30 إلى 40%،

٤- انخفضت إنتاجية القمح على مستوى الجمهورية 2018 من 40 لـ50%.

٥- موسم شتاء 2019 كان المناخ مناسب لأعلى إنتاجية لمعظم المحاصيل، لكن كان مناسب كمان لانتشار الكثير من الأمراض والآفات الأمر اللي تسبب في استخدام مكثف وبكميات كبيرة للمبيدات.

– كل ده يخلينا نهتم، ونركز أكتر مع أي مبادرات للتشجير والزراعة، اللي ممكن يساعدوا على تخفيض وتقليل الأثار شديدة السوء المتوقع حدوثها نتيجة التغيرات المناخية علينا. ونشجع ونحيي مشاريع إيجابية لإنتاج الطاقة النظيفة، زي مشروع إنتاج الطاقة الشمسية اللي بتعمله الدولة على أكتر من 1000 فدان في أسوان. أو مشروع طاقة الرياح في جبل الزيت.

– مصر كان عندها مشروع غابات مستدامة بدأت زراعته من التسعينات، وكان قائم على الاستفاده من مياه الصرف الصحي لكنه تعرض للإهمال خلال السنوات الأخيرة. مهم نرجع ليه. ونعدى على كل مبادرات ومشاريع زراعة الأشجار، زي زراعة 1.5 مليون شجرة في القليوبية، أو عمل غابة شجرية على مساحة 830 فدان في مدينة الروبيكي، أو زراعة الأسطح، اللي بتطلق كل فترة، لكن مش عارفين أو مش متأكدين مصيرها إيه وممكن يبدأ العمل فيها أمتى.

– نتمنى إن مصر يكون عندها خطة قومية لمكافحة التصحر ومواجهة أثار التغير المناخي علينا، يشارك فيها أكفاء في العلوم البيئية. هيكون شيء إيجابي لو موارد الدولة اتوجهت لمشروعات مفيدة للبيئة وهتنعكس آثارها على حياة الناس، بدل الصرف على إنشاء أحياء حكومية وأبراج في الصحرا.
******




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *