موقع جريدة الوطن حذف مقال معارض لاتفاقية تيران وصنافير بعد أقل من يوم من نشره، واللي يزود المهزلة المرادي لما نعرف جزء من السيرة الذاتية لكاتبه الأستاذ جمال طه:

– باحث بهيئة المعلومات والتقديرات برئاسة الجمهورية (ديسمبر ١٩٧١ – يناير ١٩٨٢)
– قنصل مصر بالعراق (يناير ١٩٨٥ – إبريل ١٩٨٨)
– قنصل مصر بالجزائر (مارس ١٩٩١- يناير ١٩٩٤)
– مستشار إعلام ومعلومات لوزير السياحة (يناير ١٩٩٥ – ديسمبر ٢٠٠٥)
– مستشار ومدير مشروع بالمجلس القومى لحقوق الإنسان ( يناير ٢٠٠٦ – ديسمبر ٢٠٠٩)

في أحيان كتير بنسمع الكلام الغريب بتاع متتكلمش إلا لو متخصص، كإن المواطن قبل ما يشكي من الأسعار لازم يعمل ماجستير اقتصاد مثلا، لكن هنا الأستاذ جمال طه مثال واضح، ده خبير في تخصصه بالعلوم السياسية والأمن القومي، واشتغل في رئاسة الجمهورية والخارجية، ومع كده اتمنع لما قال رأيه بأدلته القانونية والتاريخية .. أمال لو مواطن عادي هتعملوا فيه إيه؟!

هنكمل طريقنا، وهنعلي صوتنا ضد رغبة الرئيس اللي قال “محدش يتكلم عن الموضوع ده تاني”، وأكيد معندناش تخيلات إن دي معركة عادلة ومتكافئة، شفنا حجبهم للمواقع وقبضهم على الشباب وغيره، لكن برضه هنبذل كل ما بوسعنا وما يرضي ضميرنا، وعلى الأقل هنقول لولادنا عملنا كل المتاح ومقصرناش.
تفاصيل حملة الضغط على النواب، وروابط المشاركة بالتوقيع:

http://bit.ly/2sjC40S
*****

نص المقال المحذوف:
«تيران وصنافير».. من يتخذ القرار الإستراتيجى؟!

رئيس الحكومة وقع الإتفاق ٨ ابريل ٢٠١٦، لم يحوله للبرلمان، رغم أن عدم توقيع الرئيس يسقط حصانته كعمل من أعمال السيادة، وفق «المادة ١٥١» من الدستور، ما كان يفرض المسارعة بإحالته وتقنينه، محكمة القضاء الإداري قضت ببطلان الإتفاق «يونيو»، الحكومة استصدرت حكم الأمور المستعجلة بوقف تنفيذ حكم الإدارية «أكتوبر»، وأقامت «منازعتى تنفيذ» أمام الدستورية العليا لوقف تنفيذ حكم البطلان «نوفمبر»، بمجرد صدور حكم القضاء المستعجل برفض الطعن على وقف تنفيذ حكم القضاء الإدارى، تم إحالة الإتفاق للبرلمان «ديسمبر»، خلافاً لـ«المادة ١٩٠» من الدستور التى تقضى بأن «مجلس الدولة يختص دون غيره بالمنازعات الإدارية ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه».

الإدارية العليا رفضت طعن الحكومة على حكم الإدارية، وأيدت البطلان «يناير ٢٠١٧»، حكم بات نهائى «عنوان للحقيقة»، لكنهم أحالوا الإتفاق إلى اللجنة التشريعية «١٠ ابريل»!!
أزمة أوقعت السلطتين التشريعية والقضائية فى مواجهة غير مسبوقة، وأدت لتراشق بين المؤسسات القضائية، الأمور المستعجلة تجاوزت صلاحيات مجلس الدولة، وانتقدت المحكمة الإدارية، والإدارية العليا انتقدت الأمور المستعجلة لتدخلها السافر، واعتدائها على صلاحيات المحاكم الإدارية المحددة بالدستور.

كم تناولنا الأزمة، وكم طرحنا حلولاً، ولكن صدق عمرو بن معد يكرب «لقد أسمعت لو ناديت حيا، ولا حياة لمن تنادي»، كل المؤشرات تعكس نية تمرير الإتفاق، بغض النظر عن الإعتبارات والمواءمات، قانونية أو سياسية، لم يعد هناك مانضيفه سوى «التحذير» من ان يصير العناد والمكايدة المحركان لأزمة وطنية تتجه بثبات نحو إنفجار يصعب حساب نتائجه وتداعياته، و«التنبيه» الى أننا قد نتسبب بسوء التقدير والحساب، فى خسارة إستراتيجية، غير قابلة للتعويض.

الصراعات الراهنة فى العالم تعكس تنافساً ضارياً على امتلاك المواقع الحاكمة والممرات الإستراتيجية، التنافس الإقتصادى والتجارى هو صيغة المواجهات بين القوى العظمى، وعلى النطاق الإقليمى خلال السنوات المقبلة، السيطرة على الممرات البحرية التي تؤمن المسارات التجارية هو الهدف، مايفسر نزاع الصين مع فيتنام على جزر باراسيل، ومع اليابان على جزر سينكاكو، ومع فيتنام والفيليبين وماليزيا على جزر سبرالتي، وقيامها بإنشاء جزر صناعية ببحر الصين الجنوبى تشرف على الممرات التجارية، بريطانيا لاتزال متمسكة بجز فوكلاند المقابلة للأرجنتين بأمريكا الجنوبية، وبجزر جبل طارق أمام الساحل الأسبانى، وبعض الجزر بالمحيط الهندي.

البحر الأحمر بدوره يشهد تنافساً محموماً بين القوى الدولية والإقليمية لفرض تواجدها العسكرى، فى المواقع الإستراتيجية، وعلى رأسها الجزر والموانىء المطلة على الممرات البحرية.. رغم إمتلاك أمريكا لقاعدة فى جيبوتى تضم ٤٠٠٠ جندى، بدأت فى نصب أجهزة رادار ومعدات مراقبة وتنصت على جزيرة «حنيش» أكبر الجزر اليمنية في البحر الأحمر، المطلة على باب المندب، والتى احتلتها السعودية ديسمبر ٢٠١٥، كما تتفاوض على إنشاء قاعدة بجزر «سقطرى»، الأرخبيل المائى اليمنى بالمحيط الهندى، على مفترق طرق أكبر الممرات المائية الإستراتيجية.

السعودية تنشىء قواعد عسكرية فى جيبوتى وعصب بأريتريا، وعلى جزر «ميون» المشرفة على باب المندب، وأقامت مركز قيادة ورصد بجزيرة «زقر» إحدى جزر أرخبيل حنيش في البحر الأحمر، أقرب المواقع لباب المندب، تشرف على ثلاثة من خطوط الملاحة البحرية، وتعرضت للاحتلال الإسرائيلي قبل حرب ١٩٧٣.. والإمارات لها قاعدة فى جيبوتى، وأنشأت تواجد عسكرى بجزر «سقطرى» في البحر العربي لخدمة وحداتها البحرية العاملة بباب المندب والساحل اليمنى.. اسرائيل استأجرت ثلاث من جزر أرخبيل دهلك من أريتريا «ديسي، دهول، وشومي»، وايران استأجرت جزيرتين «فاطمة ونهلقه» على خليج ميناء عصب.

جزيرة «تيران» تسيطر على الممر الوحيد لخليج العقبة، حيث يقع فى نهايته ميناء ايلات الإسرائيلى، والعقبة الأردنى، منفذى التجارة الوحيدين لإسرائيل والأردن للوصول لآسيا وأفريقيا، مشروع قناة السويس الجديدة إجهض محاولات اسرائيل تحويل التجارة العالمية لممرات بديلة، عبر أراضيها والأراضى الأردنية، مايفرض الحذر من رد الفعل.
سيطرة مصر على تيران وصنافير يشكل عنصر قوة يوضع فى الحسبان دائماً، ويردع اى تفكير فى محاولة خنق مصر بتهديد الملاحة عبر باب المندب، بالنسبة لإسرائيل الجزيرتان هما المتحكمتان في شريان التجارة الجنوبى الوحيد، إذا انقطع عُزِلت إسرائيل عن آسيا وأفريقيا، توقفت صادراتها، وانقطعت وارداتها، وأصيب اقتصادها في مقتل.. بن جوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل أكد «حياة إسرائيل متوقفة على السيطرة على البحر الأحمر».

قرار عبدالناصر بإغلاق المضيق ٢٣ مايو ١٩٦٧ أشعل الحرب بعد أقل من أسبوعين، إسرائيل حاولت السيطرة على الجزيرتين والمضيق، لكنها فشلت، اتفاقيات السلام وقواعد القانون الدولى فرضت حرية المرور بالمضيق، لكن هذا المبدأ يتم تعطيله فى ظروف الحرب، مايجعل الحل الأمثل لإسرائيل هو نزع ملكية مصر للجزر، لحرمانها من هذا الحق، إلحاح السعودية فى السيطرة على الجزيرتين يرتبط بترتيبات إقليمية، تسعى من خلالها المملكة لعب دور رئيسى بالمنطقة، والسيطرة على البحر الأحمر، والتحكم فى خطوط الملاحة الرئيسية التى تمر عبره، مايكسبها تأثير إقليمى ودولى على نحو يحقق مصالحها.

كل الإدعاءات عن عدم إرتياح اسرائيل لتسليم الجزيرتين للسعودية لاموضع لها من الحقيقة، فالمملكة قدمت كل مبررات الطمأنينة لتل أبيب.. تمويل التنظيمات المسلحة التى إستهدفت الدولة السورية، تمرير تصنيف حزب الله اللبنانى كمنظمة إرهابية داخل الجامعة العربية، إخراج القضية الفلسطينية من الأجندة السياسية للعمل العربى المشترك، سحب تمويل عملية إعادة بناء وتسليح الجيش اللبنانى، وتعهدها بالإلتزام بكل ماتفرضه إتفاقيات السلام بشأن الجزيرتين يَجُب أى أدعاءات تتعلق بترتيبات دفاعية تتحايل على قيود كامب ديفيد.

لا أعوِّل على البرلمان منذ تضامن رئيسه فى الطعن على حكم «الإدارية»، وبعد تأكيد رئيس لجنة الأمن القومي عدم إنطباق الفقرة الثانية من «المادة ١٥١» من الدستور المتعلقة بالإستفتاء الشعبى بسبب اتفاق حكومتا البلدين!!، لكننى سأظل أراهن على موقف مراكز البحوث والدراسات السياسية والإستراتيجية التابعة للقوات المسلحة.

وللجهات السيادية.. لو لم تكن الجزيرتين تابعتين لمصر، لكان ذلك هو الوقت الأمثل لبحث كيفية ضمهما، مجرد خضوعهما لمصر، يُثَبِّت معظم النوايا العدوانية، ومحاولات الإلتفاف، لأن من يضمرها على ثقة من أن رد الفعل، بقطع الشريان الحيوى، أقوى من العدوان ذاته.

لم يعد هناك وقت للمزيد من إرجاء القرار الإستراتيجى بوقف هذا العبث، ينبغى التصرف قبل ان يُغرقنا البرلمان فى حسبة برمة.. إتفاق يفتح الأبواب للتشكيك، يقترن تنفيذه بإشكاليات وطنية، وأحكام باتّة للإدارية العليا، وطعون لدى الدستورية.. ومصالح شعب، ومستقبل وطن، يهددهم سوء التقدير.




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة