– من يومين أعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان وقف نشاطها الحقوقي في مصر بشكل رسمي، بعد ما وصفته بالتضييقات الأمنية خلال السنوات اللي فاتت.

– الشبكة العربية هي واحدة من أقدم وأعرق المؤسسات الحقوقية اللي شغاله في مصر من 18 سنة، وواحدة من أكثر المؤسسات اللي بتنال احترام كبير داخل مصر وخارج مصر.

– الخبر حزين جدا للمجتمع الحقوقي في مصر، لكن اللي ممكن يقلل شوية من فجاعة الخبر بالنسبة لأهالي المعتقلين السياسيين هو أنه مدير الشبكة المحامي جمال عيد أعلن أنه هيستمر هو والمحامين اللي معاه في تأدية دورهم ولكن بشكل فردي في القضايا اللي بتتابعها الشبكة.

– ايه اللي حصل؟ ليه الشبكة قفلت؟ وايه اللي ممكن نشوفه في الوضع الحقوقي العام في مصر في الوقت الحالي؟

*****

ايه اللي حصل؟

– ممكن نقول أنه الخبر مكنش مفاجئ تقريبا المؤسسات الحقوقية الكبيرة كلها بتتعرض لتضييق مباشر من الدولة والأمن الوطني، ناس زي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تعرضوا لأن في ناس يتقبض عليها من عندهم، مركز النديم اتشمع، والشبكة العربية ممنوع مديرها التنفيذي من السفر بالإضافة لمنع كثير من الحقوقيين من السفر.
– المحامي جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة قال لموقع مدى مصر عن سبب وقف النشاط أنه تلقى رسالة غير رسمية من الأمن عبر موظفين بوزارة التضامن الاجتماعي تشترط تسجيل الشبكة كجمعية أهلية في الوزارة وتغيير اسمها وتوقفها عن رصد أوضاع السجون والدفاع عن حرية الرأي والتعبير.
– في بيان رسمي عن وقف الشبكة قال جمال عيد المدير التنفيذي “نوقف عملنا ونشاطنا المؤسسي اليوم، لكننا نبقى محامين أصحاب ضمير كمدافعين حقوقيين أفراد مستقلين، نعمل جنبا لجنب مع القلة الباقية من المؤسسات الحقوقية المستقلة والمدافعين المستقلين عن حقوق الإنسان وكل حركة المطالبة بالديمقراطية”.
– قال كمان “رغم قناعتنا بعدم عدالة قانون الجمعيات الجديد، فقد بدأنا مشاورات التسجيل، لنفاجئ بصعوبة تصل لحد الاستحالة، حيث مازلنا متهمين في قضية المجتمع المدني رقم 173 منذ أحد عشر عاما مما يمنعنا من التسجيل أو التعامل مع الجهات الرسمية، فضلا عن الرسالة التي وصلتنا بضرورة تغيير اسم الشبكة العربية، وحظر العمل على حرية التعبير وأوضاع السجون! رغم أنهما النشاط الأساسي للشبكة العربية منذ نشأتها، وبعد هذا التاريخ المشرف الذي نفخر به ، نرفض أن نتحول لمؤسسة تعمل على الموضوعات غير ذات أهمية ، فلن نتحول إلى مؤسسة متواطئة أو جنجوز”.
– اللي حصل من التضييقات المختلفة على المؤسسة والعاملين فيها في السنين اللي فاتت كان السبب ورا توقف المؤسسة حاليا، الاعتداءات على الأستاذ جمال عيد مرة بالدهان ومرة بمحاولة ضربه في الشارع، وطبعا المنع من السفر كل دي عوامل ساهمت في وصولنا للوضع الحالي.
*****

ليه الشبكة وقفت نشاطها؟

– خلال الـ18 سنة اللي اشتغلت فيهم الشبكة في مصر دافعت عن مئات الصحفيين اللي كان بيتقبض عليهم أيام مبارك وبعد مبارك، الدفاع عن الصحفيين مهم جدا لأي مجتمع طبيعي لأنه الصحافة أداة مهمة جدا للرقابة الشعبية ومحاربة الفساد.
– خلال الـ18 سنة دافعت الشبكة عن حرية التعبير ودعمت مدونين وكتاب، وأصدرت أكثر من مشروع صحفي وحقوقي منها أرشيف القضايا السياسية وموقع كاتب اللي اتحجب بعد 9 ساعات بس من إطلاقه قبل توقف المشروع لاحقا.
– الشبكة أيضا كانت جزء من مبادرة مهمة لإصلاح الشرطة المصرية، وبعد 2011 جمال عيد بنفسه كان بيدي محاضرات وجلسات لضباط الشرطة عن ثقافة حقوق الإنسان واحترام الحريات السياسية وغيرها.
– كل الحاجات اللي حصلت دي كانت بتحصل في ظل هامش حريات ضيق جدا، لكنه مقبول، في النهاية الناس عارفة النظام السياسي في مصر وطبيعي يكون في قمع واستهداف، لكن استمرار القمع للفترات الطويلة دي بدون أي أمال في انفراجة سياسية وتحويل القمع والتضييق من المؤسسة لاستهداف الأشخاص نفسهم بالاعتداءات وتجميد أموالهم ومنعهم من السفر ووضعهم على قوائم إرهاب زي ما حصل مع كثير من النشطاء فدي مستويات من القمع لا يمكن التعايش معاها طبعا على المدى الطويل.
*****

نشوف ايه من كل ده؟

– توقف الشبكة العربية لحقوق الإنسان خسارة كبيرة للمساحات المهتمة بدعم ثقافة حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير في مصر، لأنها بصورة أو بأخرى وبأقل الإمكانيات كانت بتراقب أوضاع حقوق الإنسان وبتكشف الانتهاكات اللي بيتعرض لها الناس في ملفات مختلفة، وتوقفها معناه قصور في المساحة دي.
– الوضع الحقوقي في مصر بينتقل من سيء لأسوأ في السنوات الأخيرة بدون أي آمال فعلا في انفراجة، حتى الحاجات اللي بتحصل زي الإفراج عن بعض النشطاء أو إطلاق إستراتيجية لحقوق الانسان، أو الكلام المستمر من ناس مقربة من النظام عن انفراجة بتبدو حاجات قليلة جدا واستثنائية في ظل استمرار القمع كسياسة.
– إحنا بنقول كده وبنشيد بأي إفراجات بتحصل وأي تقدم طفيف، لكن الأمانة تقتضي إننا نقول مفيش “انفراجة”، ومفيش “سياسة جديدة” حتى الآن بكل الشواهد اللي حوالينا، وأحب ما إلى نفسنا إننا نشوف فعلا تغير ملموس.
– مراعاة حقوق الإنسان هو شيء في صالح المصريين أولا وأخيرا، وهينعكس على حياتنا إحنا قبل أي حد تاني، لأنه مش رفاهية أبداً ولا شيء مكمل زي ما البعض بيتخيل وبيحاول يروج.
– المفروض يتم الإفراج عن المحبوسين لأنهم مظلومين، مش بس عشان أطراف خارجية طالبت بالإفراج عنهم، والحقيقة شيء مؤسف جداً إن الملف ده مبيتحركش إلا بضغوط دولية، والمعتقلين في مصر اللي مسجونين بشكل غير قانوني ولا إنساني عددهم بالآلاف.
– يهمنا فعلا يتم التعامل بصرامة مع جريمة التعذيب في مصر، مش معقول تبقى إيطاليا بتحارب وبتضغط عشان حق مواطن عندها مات من التعذيب لمدة سنوات، وإحنا عندنا الناس بتموت في السجون والأقسام أو بتتعرض للتعذيب بدون أي رادع للجريمة دي.
– وارد إن بعض الدول تستخدم الملف السيء لحقوق الإنسان في مصر في ابتزازها في قضايا معينة، لكن خلينا نفتكر إن تحسين الأوضاع هو اللي هيمنع الابتزاز ده، لكن مش السبب فيه الناس اللي محبوسة بلا ذنب.
– مش معقول يكون مثلاً تمن 5 ظباط ارتكبوا جريمة تعذيب لحد القتل إنه الدولة تدافع عنهم وتدفع مليارات الدولارات في صفقات سلاح بلا داعي عشان تحميهم من المحاسبة على جريمتهم.
– ولازم نقول إن التضييق على المنظمات الحقوقية اللي كل جريمتها إنها بتعمل شغلها، مش هيحسن أبدا من سمعة البلد، بالعكس اللي بيعمل كده بيوصل رسالة شديدة السلبية، في وقت حرج.
– خلينا شايفين مع بعض كلنا إنه قد إيه حاجة بسيطة زي استقلال القضاء وسيادة القانون وعدم حبس أي مواطن بدون جريمة، الدولة في مصر عندها مشكلة معاها للدرجة اللي تخليها معندهاش مشكلة تدخل في كل الصدامات مع العالم، بس الناس دي متطلعش من السجن أو تتحاكم محاكمات عادلة وقانونية.
– الديمقراطية وحقوق الإنسان تكلفتهم المادية بسيطة ولا تذكر، لكن ثمن الديكتاتورية والتسلط كتير وكبير جداًَ وبندفع ثمنه مرات ومرات من اقتصادنا وحياتنا وأعمارنا وحرياتنا.
– الحقوقيين والمحامين والصحفيين واللي لسه بيحاولوا يدافعوا عن جزء من حقوق الشعب، مش أعداء للوطن ولا يجب محاربتهم والتضييق عليهم، بل على العكس يجب دعم دورهم الرقابي لتحسين ملف حقوق الإنسان.
– مرة تانية بنبدي حزننا على إغلاق الشبكة العربية لحقوق الإنسان، وخالص الدعم للمحامي جمال عيد وفريقه من المحامين، وتحية لدورهم خلال الفترة الماضية، وبنتمنى يرجعوا يمارسوا نشاطهم الحقوقي بسلام في أقرب وقت.



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *