– من شهور اتكلمنا في بوست عن التدمير اللي اللي لحق صناعة الدراما المصرية من خلال شركة إعلام المصريين والشركات التابعة لها زي سينرجي، اللي هما مجرد واجهة تملكها المخابرات العامة المصرية، وتوقعنا اللي حاصل السنادي في سوق الدراما، من سوء مستوى الإنتاج وخفض الأجور وعدد المسلسلات.

– لكن مع توقعاتنا اللي تحقق أغلبها، فالوضع والمشهد العام لسوق الدراما فاجئنا بردو، فاجئنا بدرجة تحكم واحتكار غير مسبوقة، وعدم الاحترافية في إطلاق تطبيق جديد لعرض المسلسلات قبل أيام من الموسم الرمضاني، وبعدها حجب وغلق المواقع لإجبار المشاهدين على الاشتراك في المنصة رغم مشاكلها.

– بعد مرور نص رمضان، هنتكلم في البوست ده عن أهم نتائج ومظاهر تصفية صناعة الدراما وإدارتها بواسطة الأجهزة الأمنية.

******

إزاي سوق الدراما وصل للوضع ده؟

– ملكية القنوات الفضائية كانت متنوعة قبل ما تستحوذ عليهم شركة “إعلام المصريين”، المملوكة للمخابرات العامة عن طريق شركة إيجل كابيتال، الشركة اللي بتملك معظم القنوات المصرية حاليا بالضغط على أصحابها، وتملك معاها شركات الانتاج وشركات الاعلانات، في احتكار كامل لكل شيء في السوق، وبالتالي ممكن شركة خاصة تعمل مسلسل ومتلاقيش قناة تشتريه أو إعلانات تيجي عليه.

– التحكم والاحتكار وصل لكل تفاصيل الصناعة، من أول غياب نجوم لأسباب مختلفة زي عادل إمام ويحيى الفخراني ويسرا وعمرو يوسف، ومخرجين زي تامر محسن، ومرورا بإن شركة بحجم “العدل جروب” مشتغلتش السنادي خالص، ولحد أدق تفاصيل الصناعة، زي إن يوم التصوير كان معروف إنه 12 ساعة، ولو زاد عدد الساعات عن كده بيتم اعتباره يوم ونص، السنادي بحسب بعض العاملين في الصناعة الشغل كان بيوصل لـ18 ساعة بدون احتساب أي زيادة في الأجور.. والطبيعي إن المسلسل بياخد في المتوسط 100 يوم تصوير، لكن شفنا مسلسلات تم ضغطها والانتهاء منها في نص المدة دي: 50 يوم بس.

– السنادي في 118 مسلسل عربي، القنوات المصرية بتعرض 26 مسلسل، الإنتاج الجديد منهم 23 مسلسل، فيهم 15 من إنتاج شركة سينرجي، والباقي لشركات خاصة مختلفة، وده عدد أقل من اللي كان بينتج قبل كده. السنة اللي فاتت مثلاً اتعرض 29 مسلسل مصري من 102 مسلسل عربي، وفي 2015 كان عندنا 40 مسلسل مصري.

– ومع كده مسلسلات سينرجي/إعلام المصريين، اتعرضت على قنوات إعلام المصريين، واتباعت واتعرضت في 25 قناة فقط، أما باقي الشركات اللي أنتجوا 10 مسلسلات، باعوا وعرضوا مسلسلاتهم على 41 قناة، وده بيعكس مشكلة جودة المنتج وجودة التسويق والإدارة، وإن وهم إن السيطرة الكاملة وتقليل الأجور وميزانية المسلسلات هيضمن احتكار أغلب أرباح الاعلانات وبيع المسلسلات مكانش حقيقي.

– وعشان المشكلة تتحل ويعوضوا خسائرهم المادية الشركة قررت بشكل مفاجئ قبل رمضان بأيام إنها تعمل تطبيق لعرض المسلسلات والأفلام عليه باشتراك، سواء للأرباح من الاشتراك، أو عشان لما المعلنين ما يلاقوش مسلسلات على اليوتيوب يحطوا عليها إعلاناتهم الموجهة للإنترنت، يرجعوا يعلنوا على القنوات الفضائية بتكلفة أعلى.

*****

العالم كله بتظهر فيه منصات إيه المشكلة لما يبقى عندنا “watch it” تنافس نتفليكس؟

– طبعا دي حاجة يتمناها كل مصري، إن يبقى فيه مُنتج درامي وسينمائي محلي قادر على منافسة ما تنتجه وتشتريه شركة بحجم “نيتفليكس”، أو على الأقل يبقى عندنا تطبيق ينافس عربيا.

– لكن الوضع مختلف تماما، في أمريكا نتفليكس بتواجه منافسين شرسين زي “إتش بي أو” و “أمازون” وقريبا منصة “ديزني”، ده بيخليها لازم تحافظ على مستواها وسعرها.

– لكن الأزمة الرئيسية عندنا ان ده وضع احتكاري غير طبيعي، من شركة يملكها جهاز أمني في النهاية، لو احنا عندنا حرية منافسة ساعتها كل شركة انتاج تقرر مثلا هل الأحسن تعرض على يوتيوب وتكتفي باعلاناته مقابل مشاهدة أكبر؟ ولا تبيع للمنصة دي؟ ولا لمنصة غيرها؟ ولا تعمل منصتها الخاصة؟ المنافسة دي هيا اللي لصالح الجمهور ياخد منتج أفضل وسعر أرخص.

– نتفليكس اشتراك الفرد فيها 8 دولار، وممكن تشترك بباقة 12 دولار تشتغل على 4 اجهزة يعني الفرد يدفع 3 دولار، وده معدل رخيص جدا مقابل دخل الفرد الأمريكي، وكمان تتيح شهر تجربة مجانا، نقارن ده بمنصة “واتش إت” اللي أقل بكتير في الجودة والمحتوى والشهرة، واشتراكها 100 جنيه في الشهر!

– الجانب التقني كمان كان فيه أزمة واضحة، ولأن القرار كان متسرع، فتم بدون دراسة أو كفاءة تقنية، وكانت النتيجة ان الويب سايت والتطبيق اتعطلوا وتم قرصنتهم بعد يوم واحد. وحاليا، بعد مرور نص الشهر، نزل بيان أذاعته قناة ONE بحجب المنصة مؤقتا عدة أيام حتى تأمينها، ورد أموال المشتركين، وجعل التطبيق مجانا لنهاية شهر مايو.

*****

هل يغني “Watch It” عن موقع “إيجي بيست”؟
– موقع إيجي بيست للي ميعرفهوش هو واحد من أشهر مواقع القرصنة العربية، الموقع بدأ في 2009، وهو بيعرض الأفلام والمسلسلات الأجنبية والعربية بدون ترخيص، وقدر يحتل صدارة مواقع القرصنة المشابهة.

– من قبل رمضان بأيام، وبعد الإعلان عن التطبيق أغلب جمهور الإنترنت اللي كانوا بيشوفو المسلسلات على يوتيوب قالوا بسيطة نشوفها على المواقع، لكن اللي حصل فجأة هوا حجب مواقع العرض (منهم مزيكا تو داي، وسينما فور اب، عرب سينما) وعلى رأسهم موقع إيجي بست اللي مش بس اتحجب ده ادارته أعلنت اغلاقه تماما، وسط اخبار انهم اتهددوا بعمل قضايا.
– وإحنا في الموقف المصري، شايفين بكل تأكيد إن مفيش بديل عن احترام حقوق الملكية الفكرية، وإن هي أمر أساسي في حفظ حقوق ومجهود أي إنسان تعب في عمل إبداعي ما، أفاد أو أسعد أو سهل بيه حياة البشر.

– لكن عشان نكون واقعيين لازم نطرح أسئلة كتير سواء عن الحالة دي تحديدا أو عن حقوق الملكية الفكرية ببلادنا بشكل عام:

1- هل ده حصل فعلا حفظا لحقوق الملكية الفكرية، أم لإجبار المشاهدين على الاشتراك في المنصة الجديدة؟ مواقع القرصنة دي موجودة من سنين وشركات الانتاج بتشكي ومحدش مهتم اشمعنى دلوقتي؟
2- لو الهدف فعلا هو الملكية الفكرية، فهل الدولة هتبدأ عهد جديد بالملف ده بالكامل؟ يعني هيتم الاستجابة لشكاوى دور النشر ضد الكتب المزورة؟ وهيتم ملاحقة كل مواقع التحميل غير المرخص زي مواقع برامج، وكتب وغيرها؟
3- أهم سؤال على الإطلاق لدور الدولة: إيه البديل؟؟
إحنا بلد نامية، شعبنا فيه نسبة ضخمة من غير المتعلمين والفقراء .. لولا نسخ الويندوز وأوفيس المقرصنة مكانش أغلب المصريين اتعلموا كمبيوتر أصلا، ولولا مواقع قرصنة الأفلام والمسلسلات مكانش كتير من المصريين اطلعوا على فنون العالم، ونفس الكلام عن الكتب اللي كتير من المصريين علموا نفسهم بنفسهم منها.

– بنؤكد تأييدنا الكامل لمبدأ حقوق الملكية الفكرية، لكن لازم معاها بالتوازي خطة اتاحة واسعة، زي ما مثلا كانت مكتبة الأسرة بتاخد حقوق طبعات شعبية رخيصة من الكتب، أو زي ما شفنا التعامل مع حقوق الملكية الفكرية لدواء فيروس سي مع شركة جلعاد للأدوية، أو انه تتعمل اتفاقات على مستوى الدولة مع شركات برمجيات وغيرها من الحلول.
– وحابين نؤكد احترامنا ودعمنا للحركة العربية والعالمية بالمجال ده زي البرمجيات مفتوحة المصدر، والمبادرات اللي بتنشر باستخدام “رخصة المشاع الإبداعي”.

******

نستحمل الاحتكار وندفع.. لو المحتوى يستاهل؟

– الوسط كله بيعاني من الاعتبارات غير الفنية في صعود أسماء واختفاء غيرهم، وبالتالي المشاهد اللي هيدفع مش هيلقى عدد كافي من المسلسلات ذات المستوى الفني الأعلى، ده غير ان المنصة جديدة ولسه مفيش عليها محتوى متنوع وكبير.
– مسلسلات كتير من المعروضة هذا الموسم واللي قبله، استجابت لضغوط “الكود الأخلاقي” اللي وضعته الرقابة والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، مسلسلات اتسمت بعدم الواقعية في عرض صور وقصص لرجال شرطة، يظهرون في المسلسلات ملايكة وده وارد لو شخصية في مسلسل مش كل شخصيات الظباط بكل المسلسلات مبيغلطوش أبدا، ده غير وتمرير رسايل سياسية لوجهة نظر السلطة في الثورة وغيرها.

******
إزاي نوصل لسوق دراما بمستوى أفضل من الحالي؟

– أول حاجة مهم نأكد إن هذه الصناعة فاتحه آلاف البيوت، وإن صحيح فيه نجم بياخد نسبة كبيرة من فلوس أي عمل، لكن الأكثرية اللي بتستفاد من أي عمل هما المصورين والفنيين والكومبارس وغيرهم، البعض بيقدر إن عدد المرتبطين بالمجال يوصل لـ2 مليون مصري.
– تاني حاجة مهم نذكرها إن الأفلام والمسلسلات تعبير عن “القوى الناعمة” للدول، ومصدر دخل ضخم اقتصاديا لدول زي أمريكا والهند، وشوفنا إزاي المسلسلات التركي تجاوزت حدود بلدها، وإن كل التجارب دي جابت مليارات الدولارات لبلادها من السياحة والاستثمار.

– وبالتأكيد الوضع الاحتكاري الحالي، ومعاه كمان طريقة “لجنة الدراما” اللي بترصد مئات المخالفات الوهمية زي اعتبارها كلام عادي جدا “ألفاظ سوقية”، أو اعتراضها ان شخصية درامية تخالف القانون، الطريقة دي تَحد من أي إبداع وخيال، ومن مصداقية العمل وتلقي الجمهور.

– الإعلام والصحافة والفن والثقافة، كلها مجالات بتعتمد على حرية الإبداع والتفكير، وأي مجتمع حابين يحصل تطوير لثقافته وتنوعه وأفكاره، وعاوزين نقاوم فيه الجهل والعنف والإرهاب، فالحل توفير مناخ يسمح بالحرية والعمل الإبداعي. مصر تاريخياً دولة رائدة في الفن والثقافة بالعالم العربي، حتى مع النظم السياسية اللي مرت علينا، واللي مكانتش ديمقراطية بالضرورة لكن كانت فاهمة إن في مساحات معينة للحرية والإبداع لازم تفضل موجودة.

***********




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *