– في وقت وباء كورونا الحالي مهم نفكر في معدلات تلوث الهواء لإنها لما تزيد الإنسان بيكون معرض أكتر للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي اللي بتخلي أصحابها أكثر عرضة للخطر والوفاة لو اتصابوا بالفيروس.
– النهاردة هنعرض لكم ملخص مختصر لورقة بحثية عملها الباحثين بملف “العدالة البيئية” في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن تلوث الهواء في مصر وأسبابه ومشاكله، كجزء من مشروع ممتد ليهم عن العدالة البيئية.
هتلاقوا النص الكامل للورقة في أول كومنت بعنوان “تلوث الهواء عبء صحي متزايد على المصريين”.
*****
ايه وضع تلوث الهواء في مصر؟
– الدراسة بيستخدم فيها الباحثين مؤشر واحد من مؤشرات التلوث وهي الجسيمات الدقيقة PM2.5 يعني الجسيمات اللي بيقل قطرها عن 2.5 ميكرون، نظرا لأنه الجسيمات دي من أخطر الملوثات لأنها قادرة على إختراق الجهاز التنفسي بسهولة وبتفضل عالقة في الهواء لفترات طويلة، وبالتالي الجسيمات دي ممكن تتحول كحامل للفيروسات في الهواء.
– الجسيمات دي بتنتج بالأساس من إحتراق الوقود سواء السيارات أو في المصانع والحرق المكشوف للنفايات، وعادة بتكون خليط من حاجات كتيرة زي كبريتات الامونيوم، أكاسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت وجزئيات دقيقة تانية.
– الحدود المسموح بيها للجزئيات ده في الهواء بحسب منظمة الصحة العالمية 10 ميكروجرام / متر مكعب، وبالمعيار المصري الأعلى 50 ميكروجرام لكل متر مكعب.
– في آخر بيانات متاحة من وزارة البيئة عن الموضوع واللي بترجع ل2016 واتعملت على 13 محافظة بس في مصر، ظهر إن منهم محافظتين بس تحت الحد المسموح المصري وهما بورسعيد والإسكندرية، وال11 الباقيين فوق الحد المسموح مصريا بنسب كبيرة.
القاهرة مثلا هنلاقي التركيز 163 ميكرو جرام لكل متر مكعب، يعني أكثر من 3 أضعاف الحد المسموح، وهنلاقي أسوان 313 ميكرو جرام يعني أكثر من 6 أضعاف. طبعا حسب معايير السماح المصرية، لو قارننا بالمعايير العالمية فكل المحافظات دي فيها تلوث بالجسيمات الدقيقة.
– وفقا لبحث مشترك بين عدد من مراكز أبحاث عالمية زي معهد القياسات والتقييم الصحي في واشنطن مصر كانت في المركز الثالث عالميا في متوسط تركيز الجسيمات الدقيقة، واللي كان 104 ميكرو جرام لكل متر مكعب في 2015.
– فيما يتعلق بالجزيئات الكلية العالقة واللي هي جسيمات أكبر من الجسيمات الدقيقة فتقريبا برضه كل محافظات مصر فيها نسبة عالية من التلوث بيها، القاهرة 8 أضعاف، وبني سويف 12 ضعف المعدل المسموح به من منظمة الصحة العالمية.
– غير بقية الملوثات الأخرى زي أكاسيد الكبريت وأكاسيد الكربون وغيرها من الملوثات الكثيرة المنتشرة في جو القاهرة واللي بتشكل عبء كبير على الصحة العامة للمصريين.
*****
ليه معدلات التلوث دي خطيرة؟
– زي ما قولنا مؤشر الجسيمات الدقيقة ده مهم لأنه بيعبر عن العبء الصحي اللي بينتجه التلوث الهوائي ده.
– التعرض الكثيف لفترة قصيرة (عدة ساعات لعدة أيام) للجسيمات دي ممكن يسبب تفاقم الأمراض التنفسية زي الربو والحساسية والتهاب الشعب الهوائية، وبالنسبة للمصابين بأمراض القلب الجسيمات دي ممكن تنتج اضطراب في ضربات القلب وممكن تؤدي للموت في بعض الحالات.
– التعرض للجسميات دي لفترة طويلة سبب في أمراض زي السكر، والسكتة الدماغية والانسداد الرئوي المزمن والسرطان.
– بالتالي تكلفة التلوث الصحية دي عالية جدا، بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية فالتلوث العالي في مصر بيؤدي لخسارة عامين في المتوسط من متوسط أعمار الناس في مصر، وهو معدل عالي جدا.
– تقديرات منظمة الصحة العالمية في 2016 بتقول أنه في 67.4 ألف مصري سنويا بيموتوا نتيجة أمراض مرتبطة بمعدلات التلوث العالية.
– الموضوع ملوش بس تكلفة صحية كبيرة، ولكن تكلفة اقتصادية كبيرة، في دراسة عملها البنك الدولي سنة 2013 كان التلوث العالي سبب في فقدان مصر 3.58 % من الناتج المحلي، لو جينا نحسب الرقم ده دلوقتي حنلاقي يساوي تقريبا 10 مليار دولار، يعني 150 مليار جنيه سنويا.
*****
ايه اللي ممكن يتعمل؟
١- مشكلة كبيرة بتواجه مكافحة التلوث في مصر هو غياب البيانات المحدثة من وزارة البيئة، وعدم إتاحتها للجميع، وبالتالي الوعي المجتمعي بمشكلة زي دي بيكون أقل.
– في مشاكل تقنية تانية زي أنه عدد محطات رصد الجسيمات الدقيقة في مصر حوالي 9 محطات بس في مصر كلها، بالتالي مفيش دراسات ولا قاعدة بيانات رسمية كاملة تقيم العبء الصحي لتلوث الهواء في مصر.
– لازم تزيد عدد المحطات دي، وتتوزع بشكل يتناسب مع حجم كل محافظة وحجم الصناعات الملوثة للبيئة بها، بعدها لازم وزارة البيئة تنشر تقرير شهري عن وضع تلوث الهواء في المحافظات المختلفة زي بقية دول العالم.
– ساعتها ممكن نعرف ايه حجم التلوث في الأماكن المختلفة، وبالتالي لو زاد عن حد معين نقدر نعرف أسبابه هل مرتبطة مثلا بالأسباب الطبيعية للتلوث زي رياح رملية من صحراء قريبة مثلا ولا عوامل صناعية تخص مصنع قريب، وساعتها ممكن الحكومة تعلن حالة طوارئ صحية في المنطقة وتلزم الناس بارتداء كمامات أو تبعد المصانع عن الأحياء السكنية، أو تعمل عمليات تشجير واسعة، أو أي إجراءات وقائية تانية.
٢- لازم يحصل تعديلات قانونية في المعايير المسموح بيها في التلوث، مينفعش يكون معيارنا 5 أضعاف المعيار العالمي للتلوث، لأننا بنخسر أرواح بسببه وبنعرض الناس أكتر للأمراض التنفسية.
٣- تغيير هيكل مراقبة الالتزامات البيئة في المصانع، وتشديد الرقابة عليها، ونقل المصانع كثيفة الطاقة بعيدا عن التجمعات السكانية، وتقديم حوافز للمصانع للاعتماد على الطاقة الأكثر أماناً للبيئة.
٤- تعديل قواعد استيراد السيارات الحالية بحيث يتم وضع قيود على استيراد أنواع السيارات اللي بتستهلك كميات كبيرة من البنزين وبالتالي تعمل تلوث أكبر، ومن ضمن ده برضه مراعاة مواصفات استيراد السيارات وفلاتر الدخان فيها.
٥- فرض غرامات ورقابة حقيقية على الصناعات الملوثة للهواء، والمركبات اللي بتستهلك ديزل ملوث، مش وقت تجديد الرخصة بس يحصل الكشف، وتكون غرامة موجهة بشكل مباشر لدعم البيئة.
٦- زيادة المساحات الخضراء داخل المدن والتجمعات الحضرية شيء مهم وضروري جدا لأنه المساحات دي بتمتص كتير من الملوثات الموجودة في الجو وبتسمح بتجديد الهواء، والأولى كمان إنه الحكومة تحرص على الحفاظ على المساحات الخضراء الموجودة مش زي اللي حصل في حي مصر الجديدة مثلا، ممكن يتحط اشتراطات جديدة للمباني السكنية عشان تاخد ترخيص بالبناء إنهم يسيبو مسافة صغيرة للتشجير قدام كل بيت أو مبنى سكني أو مول تجاري.
٧- كمان منظومة جمع القمامة والتخلص منها لازم تكون بتراعي الاشتراطات البيئية، لازم يكون في جمع مستمر للقمامة ونقلها لأماكن بعيدة عن المناطق السكنية، ولازم كمان يتمنع حرق النفايات بما فيها النفايات الزراعية ويتم التخلص منها بالطرق السليمة، وإعادة تدوير المخلفات الصلبة.
٨- على المدى البعيد لازم ناخد خطوات أكثر جدية زي زيادة الاعتماد على إنتاج الكهرباء من الطاقة “النظيفة” زي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وبالفعل فيه خطوات إيجابية حصلت زي محطة بنبان للطاقة الشمسية بأسوان وغيرها، أو الغاء مشاريع لانتاج الكهرباء بالفحم، ونتمنى تزيد أكتر.
*****
أزمة فيروس كورونا فيها جزء مرتبط بموضوع التلوث، نسب التلوث في العالم كله قلت في الشهور اللي فاتت، نتيجة وقف كتير من المصانع وحركة الطيران، وبقينا بنشوف صور نقية ومبهجة جداً للبحار والمحيطات والسماء بغيوم وتلوث أقل، طبعاً مش الطبيعي إن الحياة هتكمل كده ولازم كل الأنشطة الاقتصادية وحركة الطيران ترجع تاني، لكن المهم إنه عوامل التلوث تقل بأكبر قدر ممكن عشان صحتنا الجسدية والنفسية، وكمان عشان اقتصادنا ومستقبلنا.
*****
بوستات سابقة:
وقف مشروع لإنتاج الكهرباء بالفحم .. خطوة على الطريق الصحيح



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *