امبارح حكمت محكمة الجنح على المستشار هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، بالحبس سنة مع الشغل، وغرامة ٢٠ ألف جنيه بتهمة “نشر أخبار كاذبة”!
إحنا في بوست سابق شرحنا تفاصيل القصة دي، ومدى خطورة القرار غير المسبوق إن رئيس الجمهورية بنفسه يعزل رئيس أهم جهاز رقابي مفروض انه مستقل بحكم الدستور والقانون.
لكن حتى لما نبعد عن كل الأبعاد السياسية، من الناحية القانونية والقضائية البحتة، الحكم، وهو يمثل العقوبة القصوى لتهمة نشر أخبار كاذبة، عبارة عن مهزلة بكل المقاييس، ده حتى مفيش محاولة للتمثيل على الناس!

– لم يتم الاستماع لمرافعة دفاع المستشار هشام جنينة مطلقاً .. والحقيقة إنه أصلاً لم يتم توجيه اتهام حقيقي من النيابة عشان الدفاع يدافع! يعني الاتهام انه نشر أخبار كاذبة، هنا مفروض كان ممثل الادعاء قدام القاضي يقول فين بالظبط الكذب؟ هل رقم حجم الفساد ٦٠٠ مليار في 4 سنوات ده كذب؟ يبقى يبقى لازم النيابة تثبت إن الصحيح هوا رقم كذا؟
– سبب القصة كلها الدراسة اللي أعدها الجهاز المركزي بعنوان (دراسة عن تحليل تكاليف الفساد بالتطبيق على بعض القطاعات في مصر)، وهي من ٣٥٠ صفحة، المنطقي انه النيابة تناقشها وتوضح فين الأخطاء اللي فيها وهل هي تعمد كذب وتشويه ولا أخطاء فنية، لكن اللي حصل إن الدراسة لم يتم نقاشها إطلاقاً.. يبقى الحكم عن إيه أصلا؟!
– في جلسة ٢١ يونيو دفاع هشام جنينة طلب العديد من الطلبات في موضوع القضية، زي عرض نتيجة ما تم في ٦ بلاغات تقدم بها هشام جنينة لرئيس الجمهورية والجهات الرقابية حول وقائع فساد، وعرض نتيجة التحقيقات في ١٠٧ بلاغ تقدم بهم للنائب العام .. المحكمة تجاهلت كل طلبات الدفاع تماماً، وحجزت القضية للحكم!

*****
شرحنا بأدق التفاصيل قبل كده إن الاجراءات الفعالة لمكافحة الفساد، سواء كان ٦٠٠ مليار ولا أكتر ولا أقل، معروفة ومش سر، مش بس العالم عارفها ونفذها، ده أصلا الحكومات المختلفة عندنا في مصر ناقشتها كتير، وموجودة في مكاتب الوزراء، وبعضها اتقال مثلاً في دراسة صدرت سنة 2014 من هيئة النيابة الإدارية، لكن كله متعطل لحد دلوقتي، وده معناه بوضوح إن اللي بيحكم مش عايز ينفذ أو مش قادر ينفذ.
واللي حصل مع المستشار جنينة نموذج إضافي لأسلوب الحكم الحالي، اللي للأسف معادش حتى عايز يسمح بمجرد الكلام حتى لو مفيش فعل .. عيب جداً إننا نفتكر دلوقتي انه أيام مبارك نفسه كان المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات وقتها بيقف يزعق في مجلس الشعب ويقول أرقام، وبيقدم بلاغات، وتتدفن عادي طبعاً، بس محدش كان بيقربله، كان فيه حفاظ على الأقل على الشكل المعمول بيه بين أجهزة الدول وبعضها، دلوقتي حتى التعاملات الشكلية مبتحصلش..

*****
اللي حصل وبيحصل مع المستشار هشام جنينة، عقاب من الرئيس وأجهزة في الدولة لموظف عمل شغله كويس، وسواء اختلفنا مع نقاط فنية في التقرير أو الأدوات اللي استخدمها لمعالجة قضايا الفساد والهدر في الدولة، الراجل في النهاية عمل شغله، ومحدش واجهه بمناقشة فنية حقيقة تفيد الجميع.
في المقابل، فيه مؤسسات في الدولة قدمت للناس وعود اتضح لاحقا انها سراب وتلاعبت بأحلام الغلابه والمرضى، ومتحاسبوش حتى الآن، بل بيتم تكريمهم والاحتفاء بيهم .. فاكرين طبعا الجهاز اللي الجيش وعد الناس في بيانات عسكرية رسمية بأنه هيعالج أمراض الإيدز وفيروس سي، وفاكرين التلاعب بأحلام ملايين المرضى.
حد من المسؤولين عن الجهاز ده اتحاسب؟ طيب سمعنا اعتذار عن الجهاز للمصريين وللمرضى منهم على وجه الخصوص؟ الإجابة لأ..
التلاعب بالناس سواء في حجب حقيقة الفساد في الدولة عنهم أو تقديم إسهامات طبية مزيفة تلعب على وتر احتياجهم، نهايته هتحصل في يوم..
المسؤولين في الدولة أكيد متابعين وعارفين الغضب اللي موجود في كل بيت في مصر.. من اقتصاد متأزم، وشفافية منعدمة، ومشاريع قومية فاشلة..
هنكمل كلامنا وإسهامنا في تغيير مصر للأفضل.. وان شاء الله ده يحصل قريب..




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *