– خلال اليومين اللي فاتوا مصر شهدت موجة من التقلبات الجوية، منخفض جوي وأمطار وعواصف البعض سماها “عاصفة التنين”، أدت لوفاة ٢٠ ضحية على الأقل، وتوقف شبه كامل لحركة الطرق، وانقطاعات مياة وكهرباء.
– في البوست ده هنلخص لكم ايه اللي حصل؟ والاهم تقييم تعامل الحكومة؟ ايه الإيجابي وايه السلبي اللي من المفترض نتجنبه في المستقبل؟
*****
ايه اللي حصل؟
– علي مدار اليومين اللي فاتوا تسببت العواصف في وفاة 20 شخص حسب الرقم اللي أعلنه مجلس الوزراء امبارح، بعضهم بالغرق أو الصعق أو انهيارات، بنقدم كل العزاء لأسرهم.
– ده غير خسائر مادية وأعداد كبيرة من حالات انهيار الطرق والمباني وأبراج الكهرباء وكوارث كثيرة.
– تصادم قطارين على خط الصعيد بين محطة إمبابة ورمسيس وده أدي لإصابة 17 شخص بدون وقوع وفيات، النيابة لسه بتحقق، لكن في مصادر بتشير أنه السبب هو تعطل أبراج الإشارة الكهربية بسبب المطر.
– منطقة الزرايب أو “عزبة الزهور”، في 15 مايو كانت واحدة من أكثر المناطق تضررا بسبب السيول الناتجة عن الأمطار، واللي أدت لغرق العزبة بالكامل تقريبا و8 وفيات بحسب وزيرة التضامن، بالإضافة لمفقودين.
– يوم الخميس حركة المترو اتعطلت نتيجة الأمطار وللأسف كتير من المواطنين اللي اضطروا ينزلوا اليوم ده خرجوا للشوارع بحثاً عن مواصلات.
– مناطق تانية في دمياط واسكندرية والبحيرة والدقهلية وحتى الوادي الجديد تضررت بسبب السيول بشكل كبير جدا وحدث انهيارات للعقارات.
– في القاهرة وكالعادة الأمطار أثرت بشكل كبير جدا على طرق كثيرة منها الطريق الدائري، ومناطق التجمع والقاهرة الجديدة واللي بتتأثر بشدة بالأمطار خاصة مناطق زي شارع التسعين اللي صور كثير انتشرت منهم لغرق المنازل والعربيات وده أصبح مشهد متكرر.
– القاهرة بشكل عام تأثرت بشدة، كثير من برك المياه فضلت بدون ما يتم كسحها رغم الدفع بعربيات الكسح إلا أنه في معظم الحالات العربيات مكانتش كافية لكسح كميات المياه الكبيرة.
– انقطعت المياه بشكل كامل تقريبا عن معظم مناطق القاهرة والجيزة، لتخفيف الضغط على شبكات الصرف الصحي واستخدامها في تصريف الأمطار، كمان الكهرباء انقطعت عن معظم مناطق القاهرة، والانترنت بنسب 3- 5 % بحسب وزارة الاتصالات.
*****
ايه التصرفات اللي عملتها الحكومة لمواجهة موجة الأمطار؟
– الحكومة يبدو انها تعلمت أشياء من موجات الطقس السيء السابقة، وأهم قرار إيجابي هو أن المواطنين ياخدوا أجازة من العمل وتعليق المدارس والجامعات، ومناشدة المواطنين من يوم الثلاثاء بالبقاء في المنزل فترة العاصفة والاستجابة لتحذيرات الأرصاد الجوية وتعميم ده بكل وسائل الإعلام، وده بالتأكيد أنقذ أرواح كتير.
– شيء إيجابي جدا أننا شفنا اجراءات احترازية باخلاء المواطنين من العديد من الأماكن المنخفضة، زي اجلاء ٨٠٠ مواطن في وادي النطرون.
– كتير من المسؤولين التنفيذيين كانوا متواجدين إما في غرف عمليات زي غرفة عمليات مجلس الوزراء، أو بيتابعوا أعمال شفط المياه في الشوارع زي بعض المحافظين ونوابهم والمسؤولين المحليين اللي كانوا قرب الناس على الأرض.
وكمان شفنا وزيرة التضامن فورا راحت الكنيسة اللي استضافي متضررين بمنطقة الزرايب، ووعدت بتقديم كل المساعدات المطلوبة عبر كذا خيار للأهالي اللي فقدوا بيوتهم.
– كمان شيء إيجابي وغير معهود في الخطاب السياسي المصري هو اعتذار رئيس الوزراء للمواطنين عن قطع المياه عن معظم مناطق القاهرة، وإن كان سلبي عدم الإعلان قبلها بفترة عشان الناس تلحق تخزن مياه كافية خاصة في ظل صعوبة الظروف الجوية اللي هتخلي الحصول على مياه الشرب أصعب.
– كمان الدفع بعربيات الشفط كان شيء مهم، رغم إنها كانت غير كافية وتراكم المياه في الطرق والمدن الجديدة ضخم جداً أكبر من طاقتها بسبب ان دي مهمة البنية التحتية بشكل رئيسي.
*****
– الإيجابيات الأكبر الحقيقة واللي تستحق تحية مضاعفة هي المبادرات المدنية الفردية. كتير من المطاعم قررت تفتح لإيواء المشردين والعالقين في الطرق وتقديم الأكل ليهم، نفس الأمر عمله كتير من المصريين بفتح بيوتهم لاستقبال الناس وعرض المساعدة عليهم لحد ما موجة المطر تنتهي، كنائس المعصرة وحلوان فتحت أبوابها للمشردين والمتضررين من الأمطار.
– كمان مبادرات بعض الشباب اللي بيمتلكو عربيات جيب “دفع رباعي” خاصة في مناطق التجمع والشيخ زايد بإنقاذ المواطنين وعربياتهم المتعطلة بسبب المطر، وده الحقيقة أنقذ كتير من العربيات والمواطنين من العطلة والغرق، وبيعملوا ده بمجهود فردي ذاتي، وشفنا تفاعل كبير مع قصة ان موتور عربية أحدهم باظ ومحتاج إصلاح بأكتر من 100 ألف، ومشكورين بعدها التوكيل ووزارة الدفاع عرضوا عليه التكفل بمصاريف إصلاح العربية.
*****
ايه السلبيات؟
– معظم السلبيات اللي بتوضح كل مرة يسقط فيها شويه مطر علي مصر متعلقة بالوضع السيء للبنية التحتية، خاصة المتعلقة بتصريف الأمطار واللي في أغلب مناطق القاهرة غايبة تماما.
– كمان منظومة الصرف الصحي المتدهورة في البلد كلها والغير قادرة على استيعاب مياه الأمطار دي، واللي في أحيان كثير حتى مبيتمش تجهيزها قبل المطر، كتير من الناس اضطرت أنها تفتح بلاعات الصرف الصحي بنفسها عشان تسحب المياه المتراكمة في الشوارع.
– النقطة الأهم وغير المفهومة إنه في حالة حدوث أجواء بيئية غير عادية – بافتراض إن المطر عندنا كارثة – فالمفروض إنه في لجنة كبيرة بتتشكل لإدارة الأزمات، وبتنتشر فرق إنقاذ في كل حتة، وللأسف ده مبيحصلش واللي بيتصدر المشهد عمال النظافة وعساكر شرطة وموظفين محليات، بيشيلو المياه باللوادر أو بمقشات النضافة أو بينزلو بهدومهم الداخلية عشان يفتحوا البلاعات المسدودة!
ليه مفيش فرق متخصصة أبداً في الانقاذ وفي التعامل مع الطوارئ؟ مفيش قوات خاصة من الجيش تقدر تتعامل مع الأزمات دي بأفراد ومعدات؟
– طيب مفيش عربيات دفع رباعي عند الشرطة والجيش هيا اللي تكون منتشرة خاصة بالأماكن الأكثر خطورة مش يبقى ده دور عدد محدود من المواطنين اللي عندهم العربيات دي؟!
– للأسف كتير من الشوارع عواميد وعلب الكهرباء فيها مكشوفة، وده سبب كبير للكوارث والوفيات بسبب الصعق الكهربائي، وضعف تثبيت العواميد دي ممكن يخلي الهوا يوقعها وتبقى الكارثة أكبر، وللأسف مع كل سقوط للأمطار بيموت ناس من الصعق الكهربائي بسبب العواميد والأسلاك المكشوفة دي.
– الطرق وكارثة حدوث انهيارات أرضية في طرق من المفترض أنه مفتش علي تسلمها كثير، طرق أشرفت عليها الهيئة الهندسية ودا يخلي في أسئلة كتير محتاجة لاجابة، ليه الطرق بتنهار مع أي شوية مطر؟هل جزء من طبيعة التربة، ولو دا فعلا صحيح هل مكنش في بديل؟ هل الطرق دي اتبنت بعد دراسات مسحية وجيولوجية لطبيعة الأرض اللي المفروض بناء عليها يتم اختيار سمك الأسفلت وحاجات تانية كثير؟ مين اللي استلم الطرق بالوضع السيء دا وهل هيتم محاسبته؟
– عندنا تقرير من الرقابة الإدارية من 2018 لما غرق التجمع الخامس وحصل انهيار للطرق، ساعتها التقرير قال انه ماكنش فيه مطابق صرف كفاية في الطرق الرئيسية والفرعية في المدينة، ولا إجراءات تضمن عدم سد المطابق الموجودة، وان اصلا ماكنش فيه خطوط صرف أو بلاعات في طريق الكورنيش والاوتوستراد! لكن مفيش أي شيء اتغير في دا من 2018 لحد دلوقتي.
– فيديو شوفناه لإنهيار مطلع كوبري الدائري الأوسط القريب من الشروق، واللي انهار بعد تسرب المياه من جوانب مطلع الكوبري، ودا كوبري أشرفت عليه الهيئة الهندسية ولم يمر على افتتاحه سنة واحدة حتى!. تصدعات كتيرة حصلت في طرق رئيسية زي المحور، وانهيارات أرضية في طرق تانية.
*****
نشوف ايه في كل ده؟
– الانفاق علي البنية التحتية في مصر، خاصة في المناطق اللي فيها كثافة سكانية عالية مش رفاهية بالنسبة للحكومة، ومن المفترض انه توجيه الموارد يكون قائم على الاحتياجات الحقيقية للناس، مينفعش يكون عندنا مناطق كاملة بتغرق من اقل كمية مطر ويخرج مسؤولين يقولوا إن بناء شبكة تصريف أمطار هيكلف 300 مليار وده مش أولوياتنا!
– لو فعلا تكلفة البنية التحتية في المناطق دي كبيرة، هل تم حساب الخسائر الاقتصادية المتكررة من عدم وجود البنية التحتية دي في الأرواح وممتلكات المواطنين الخاصة وإصلاح الطرق اللي بتتضرر؟ وهل لسه الحل إن الناس تشتري شقق في العاصمة الإدارية الجديدة وخلاص؟ واللي للأسف بعض الصفحات استغلت أزمة المطر عشان يعملوا إعلانات جديدة للعاصمة على الفيسبوك وينشرو صور انها مبتغرقش في مشهد سخيف جداً، والبوستات دي اتحذف اغلبها بعدها بسبب الغضب الشديد للناس.
– الحقيقة ان كل الإجراءات دي مش بتتعمل لان دي أجزاء من صورة كبيرة وهي إن الرئيس السيسي شخصيا، وكافة المسؤولين حاليا، قرروا تكون أولويات الانفاق مختلفة وهيا إن مليارات تروح قناة السويس الجديدة، والعاصمة الجديدة، والقصور الرئاسية الجديدة، وأي اختيار اقتصادي بيكون على حساب السحب من اختيار تاني، هوا هنا عامة المواطنين وحياتهم المباشرة في “المدن القديمة”.
– مينفعش نقول فساد المحليات ورئيس الحي والمحافظ بدون ما نشوف المنظومة السياسية كلها، وده فعلا جانب منه قديم من عشرات السنين، من أول تخطيط المدن وإهمال الصيانة وإهمال عمل شبكة تصريف أمطار من سنين وبناء المدن الجديدة زي التجمع، بدون الاهتمام الكافي بمخاطر المدن دي وتعرضها للسيول وصعوبة سحب المياه من الشوارع، ودي طبعاً يتحملها تركة مبارك اللي الدولة كرمته، ويتحملها كمان السلطة الحالية لأنه بعد ٧ سنين حكم منطقي نسأل عن ملف تطوير البنية التحتية اللي مش بيتم التعامل معاها بجدية غيرر في العاصمة الجديدة، بينما شفنا للأسف كمان بعض كباري وطرق الهيئة الهندسية بتحصلها مشاكل كتير غالبا بسبب أولوية سرعة التنفيذ.
– للأسف مفيش آلية “حساب سياسي” عبر انتخابات نزيهة رئاسية وبرلمانية ومحليات، ولا فيه ممثلين للشعب بيراقبوا، ده مصر مفيهاش اي مجالس محلية منتخبة من 2008 يعني من 12 سنة!
– وعشان كده الناس معندهاش حد تكلمه لما بتحصل أزمة في شوارعهم وأحياؤهم، وقرروا يتحركوا هما لإنقاذ العمارة أو الشارع أو الحي بعربياتهم، ولحد دلوقتي مفيش أي كلام جد أو رسمي عن انتخابات محليات.
– نتمنى في يوم في بلدنا نشوف انتخابات حقيقية، ومحليات منتخبة قوية، واجراءات دفاع مدني وادارة أزمات على أعلى مستوى، ومواطنين عارفين حقوقهم وقادرين يعملوا عمل سلمي منظم إيجابي عشانها.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *