– يوم الاثنين وزارة الري المصرية أعلنت في بيان رسمي تفاصيل فنية مهمة عن عملية الملء الثاني لسد النهضة.
– البيان مهم جدا لأنه في تفاصيل فنية مهمة بتشاور بشكل صريح على المغالطات الإثيوبية اللي بتقول أنه الملء لن يؤثر على تدفق المياه لمصر والسودان.
– أيضا في نفس السياق، إثيوبيا رفضت دعوة رئيس الوزراء السوداني حمدوك الأخيرة لاجتماع قمة على مستوى رئاسة الوزراء بين الدول الثلاثة، ودي الدعوة اللي وجهها حمدوك بعد فشل مفاوضات كينشاسا الأخيرة، وكمان وزير الخارجية المصري كان في جولة إفريقية لشرح موقف مصر.
– النهاردة هنشوف معاكم التطورات الأخيرة؟ بيان وزارة الري و تأثير الملء التاني المتوقع على مصر؟ وإيه واقع التعنت الإثيوبي الحالي في الملف ده قبل الملء التاني في يوليو القادم؟
*****
إيه أهم ما جاء في بيان وزارة الري؟
– من أيام إثيوبيا أعلنت إنها فتحت المخارج المنخفضة بسد النهضة وده كتمهيد لتجفيف الجزء الأوسط من جسم السد لإكمال أعمال البناء والتعلية عشان تبدأ الملء التاني في يوليو القادم.
– وزارة الري المصرية طلعت بيان مهم جدا بيفند بشكل فني ممتاز حقيقة ادعاء إثيوبيا أنه المخارج هي اللي هتمرر مياه كافية من النيل الأزرق واللي هتكون مناسبة لحصة مصر والسودان.
– السد فيه مخرجين سفليين على الجانبين لحد دلوقتي الحد الأقصى لتمريره للمياه في اليوم حوالي 50 مليون متر مكعب بس، وده يعني أنه 1.5 مليار متر مكعب في الشهر بشكل تقريبي.
– وحتى في حالة حدوث فيضان متوسط فبحسب بيان وزارة الري المخارج دي الحد الأقصى ليها 3 مليار متر مكعب في الشهر يعني 36 مليار متر مكعب في السنة، وهي كمية أقل بكثير من اللي كانت بتمر قبل كدة لمصر والسودان بحسب الحصص التاريخية لمصر (55 مليار ) والسودان (18 مليار ) يعني الاتنين حوالي 73 مليار.
– بالتالي بالوضع الحالي إثيوبيا وأثناء عملية الملء التاني في شهور الفيضان القادمة (يوليو– وأغسطس – وسبتمبر) هتحرم مصر والسودان تقريبا من 50 % من التدفقات السنوية في النهر.
– بحسب بيان وزارة الري نصا” تنفيذ عملية الملء الثانى هذا العام واحتجاز كميات كبيرة من المياه طبقاً لما أعلنه الجانب الإثيوبى، سيؤثر بدرجة كبيرة على نظام النهر، لأن المتحكم الوحيد أثناء عملية الملء فى كميات المياه المنصرفة من السد سيكون هذه المخارج المنخفضة”.
– مصر سبق أنها عرضت على إثيوبيا في 2012 وفي 2015 تمويل بناء مخارج إضافية تتحمل دول المصب تكلفتها للمحافظة على الحصة المصرية والسودانية في مياه النيل، لكن بالطبع إثيوبيا رفضت وده بحسب بيان وزارة الري.
– بيان وزارة أشار أيضا لنقطة فنية مهمة وفي غاية الخطورة وهو أنه الملء الأول للسد اللي تم السنة اللي فاتت بـ5 مليار متر مكعب تقريبا تم بدون أي استفادة من المياة دي في توليد الكهرباء.
– وده بيشير أنه الملء ده تم لأسباب سياسية وشعبوية موجهة للداخل الإثيوبي المتأزم ولفرض أمر واقع على مصر والسودان بدون أي استفادة حقيقية من المياه دي.
– شيء تاني مهم جدا هو إشارة بيان وزارة الري أنه مخارج التوربينات الـ13 غير جاهزة للتشغيل حالياً، بالتالي مفيش أي قدرة إثيوبية حالية على توليد الكهرباء من السد، يعني بالبلدي لو إثيوبيا بتقول أنها بتخزن مياه حاليا عشان الكهرباء أو أنها حتعمل الملء الثاني عشان تولد كهرباء فدا غير متاح في المدى المنظور، بسبب عدم جاهزية التوربينات.
– وردت وزارة الري باختصار على ما وصفته بالادعاء الإثيوبي بأن السد يطابق المواصفات العالمية، وقالت إنه “ادعاء غير صحيح لأن إثيوبيا تقوم ببناء السد بطريقة غير سليمة”.
*****
نشوف إيه في بيان وزارة الري؟
– البيان ممتاز جدا وفيه تفاصيل فنية بتبين قد إيه الوزارة ملمة بحالة السد ووضعه الفني وتطور مراحل البناء، ودا شيء مهم في موقف مصر التفاوضي، وكمان في الرد على الراوية الإثيوبية المتعنتة.
– بيان وزارة الري بيوضح خطورة الملء التاني، وده شيء مفهوم ومعروف لكن في مشكلة في الجانب المصري أنه وزير الخارجية سامح شكري قال نصا في اجتماع للجنة الشؤون الإفريقية في البرلمان من أيام قليلة وتحديدا في 15 إبريل أنه “التقييم الفني يؤكد أنه لن يقع ضرر بسبب الملء الثاني، ولكن التقييم الدقيق يكون على أرض الواقع “.
– وده تصريح غريب ويعكس أنه وزير الخارجية معندوش دراية بالأمور الفنية دي، أو أنه الموقف المصري فيه تقديرين تقدير وزارة الري ووزارة الخارجية ودي مشكلة أكبر.
– قد نلتمس العذر للوزير أنه بيتكلم بمنطق أنه النقص اللي هيحصل في الملء التاني من حصة مصر يمكن تعويضه بسهولة من بحيرة السد العالي، لكن برضه حتى بهذا المنطق مينفعش ده يتقال، ولو بمنطق طمأنة الداخل المحلي على حصة النيل لأنه مينفعش تطمن الناس من كارثة قادمة عاجلا أم أجلا لو متوصلناش لاتفاق قانوني ملزم مع إثيوبيا بتمرير حصة مصر السنوية من السد.
*****
هل مسار المفاوضات توقف خلاص؟
– بعد فشل مفاوضات كينشاسا الأخيرة في تحقيق أي تقدم، ورفض إثيوبيا لوساطة الرباعية الدولية أكثر من مرة، وجه رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك دعوة لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد والمصري مصطفى مدبولي لاجتماع قمة في غضون 10 أيام من توقف المفاوضات.
– الدعوة تم توجيهها يوم 14 إبريل اللي فات، ورد عليها أبي أحمد يوم 21 إبريل برفض ضمني مش صريح وقال “إذا تفاوضت الأطراف بحسن نية، فإن النتائج في متناول أيدينا” قبل ما يشير لأنه إعلان المبادئ اللي وقعته مصر مع إثيوبيا والسودان نتيجة إيجابية من نتائج التفاوض.
– أيضا أكد أبي أحمد أنه إثيوبيا هتستمر في مسار المفاوضات اللي موجود برعاية الاتحاد الإفريقي وفقط! وده طبعا استكمال للتسويف الإثيوبي لحد ما تبدأ عملية الملء التاني للسد.
– إثيوبيا كانت عرضت موقفها الأسبوع اللي فات أمام مجلس الأمن،و قالت أنه مصر والسودان هما اللي بيختاروا تدويل الأزمة في محاولة للضغط على إثيوبيا وأنهم بيتفاوضوا بدون حسن نية ! وكلام كله من قبيل أنه مصر والسودان هما اللي بيفشلوا المفاوضات لأنهم مش عايزين يقدموا تنازلات! وده رغم أنه الواقع والإجراءات الأحادية من الجانب الإثيوبي بتقول العكس تقريبا.
– مصر والسودان موقفهم متماسك لحد دلوقتي أمام مجلس الأمن، مصر قدمت خطاب رسمي يشرح أبعاد الأزمة للمجلس وطلبت تعميمه على الدول الأعضاء، والسودان كذلك طالبت المجلس بالتدخل لحل الأزمة.
– بالتالي لو مصر والسودان استمروا في مسار مجلس الأمن ده فممكن مجلس الأمن يحيل الأمر لمحكمة العدل الدولية وتبقي قضية تحكيم دولي، أيضا المجلس ممكن يصدر قرارات ملزمة ويوقع عقوبات وفقًا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
– كمان وزير الخارجية المصري سامح شكري انتهى من جولة إفريقية بدأها كم العاصمة الكينية نيروبي، وكان بيحمل رسائل من الرئيس السيسي حول تطورات ملف سد النهضة، والجولة شملت كل من جزر القمر وجنوب إفريقيا والكونغو الديمقراطية والسنغال وتونس.
– حرص مصر على إطلاع دول القارة الإفريقية على حقيقة وضع المفاوضات حول ملف السد مهم جداً، لأن إثيوبيا بتعتبر نفسها في وضع أقوى بالتفاوض في إطار الاتحاد الإفريقي، ومش منطقي أبدا إننا نستسلم للأمر دا، وشوفنا خطوات مؤخرا في الاتجاه دا لازم تكمل.
*****
– بنأكد إن توحيد الجهود الرسمية وغير الرسمية في ملف السد شيء في منتهى الأهمية، الاستفادة من المجتمع المدني في مصر والمصريين في الخارج لتوضيح خطورة السد على مصر.
– الخطوات المصرية باتجاه دول القارة الإفريقية مهمة وإن كانت متأخرة بعض الشيء، لكن بنثني عليها، وبنطالب بسرعة تطوير خطاب وإستراتيجية ضد الدعاية الإثيوبية داخل الاتحاد الإفريقي.
– كذلك على المستوى الدولي التحركات في اتجاه مجلس الأمن لازم يتزامن معاها تواصل جيد من القوى الدولية لشرح التطورات وموقف مصر وعدم ترك الأمر فريسة للدعاية الإثيوبية اللي بتستخدم مغالطات كتيرة وصورة زائفة عن نفسها.
– بالتالي ملف حقوق الإنسان والديمقراطية في مصر هو ملف شديد الأهمية بنشوف الدعاية الإثيوبية في الغرب بالذات في المرحلة الأولى من حكم أبي أحمد انه نظام ديمقراطي ونظام سلام وتنمية بيعمل ايه وبيخلي المجتمع الدولي يقرب أكثر من الموقف الإثيوبي، وحصل على نوبل للسلام، وده ساعد موقف بلده دوليا، كان طبعا بعدها ظهر على حقيقته وحصلت إدانات دولية كبيرة للانتهاكات والجرائم في إقليم تيغراي.
– وزي ما بنقول دايما انفراجة سياسية واطلاق سراح السجناء السياسيين وغيرها من الاجراءات دي مطلوبة لصالح المصريين داخليا مش عشان أي ضغوط خارجية.
– كتبنا أكثر من مرة عن موضوع السد من بداية المشكلة لحد دلوقتي ممكن تشوفوا اللي كتبناه خلال مراحل مختلفة من الأزمة وتقييم للي بيحصل، وعن مشكلة المياة اللي هيا سابقة على السد، وحلول مقترحة قصيرة وطويلة المدى من هنا: بتاريخ 9 مارس 2020 أو من هنا:  بتاريخ 11 أكتوبر 2019، وحتى مع فشل جولة المفاوضات الأخيرة كتبنا تحليل عن المفاوضات وعلاقة مصر بالسودان في الملف ده ممكن تشوفوه من هنا : ، وكتبنا عن إدارة بايدن وملف سد النهضة 
– بنكرر كلامنا السابق إن مسألة مياه النيل أكبر حتى من كونها أمن قومي لكل مصري، دي حياة أو موت لمصر حرفيا، مفيهاش مؤيدين ومعارضين، ومطلوب السلطة تمد يدها بخطوات إيجابية لتوحيد جهد كل المصريين بالداخل والخارج بشراكة حقيقية، ونتمنى نشوف تعامل على قدر التهديد الكبير ده لأمننا المائي والغذائي، من كل الأطراف الرسمية والشعبية في مصر، وبالتأكيد إحنا مع كل الاختيارات اللي تضمن حقنا كمواطنين مصريين في مياه النيل.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *