– الأسبوع اللي فات لجنة الاقتراحات والشكاوى وافقت على خطة لوزارة الصحة لمشاركة القطاع الخاص في توفير لقاحات كورونا، وإتاحة عدد من اللقاحات للبيع في المستشفيات الخاصة للقادرين ماديا، في نفس الوقت اللي بتوفر فيه لقاحات بالمجان عبر المراكز التابعة لوزارة الصحة.
وفقا للخطة، هيتم توفير عدد من اللقاحات المتعمدة في مصر بسعر موحد، وهيتم ربط المستشفيات الخاصة بسيستم وزارة الصحة الخاص بتوزيع اللقاحات، والحاصلين على اللقاحات بهذه الطريقة هياخدوا شهادة معتمدة.
في البوست ده هنناقش ملامح الخطة، وإزاي ممكن بالشكل دا تعزز عدم العدالة في الحصول على اللقاح.
***
إيه ملامح الخطة؟
– وكيل لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب، محمد حمدي دسوقي اللي ترأس الاجتماع قال لموقع مدى مصر إنه تم التوافق على عدم توفير اللقاحات في الصيدليات، لضمان الحصول عليها تحت إشراف طبي، ومتابعة الحالة الصحية لكل مواطن، قبل وبعد حصوله على التطعيم.
– اللقاحات هيتم استيرادها أو تصنيعها عن طريق شركات خاصة، هتتعاقد مع المستشفيات الخاصة وهتحدد سعر بيع كل لقاح، والمواطن يحدد اللقاح اللي عايز ياخده.
– عدد من النواب طالبوا إن وزارة الصحة هي اللي تحدد أسعار الجرعات، بحيث تكون موحدة في كل المستشفيات لتجنب وجود أسعار مختلفة لنفس اللقاح في كل مستشفى.
– المسؤولين اللي حضروا الاجتماع أبدوا موافقة على الفكرة دي، لكنهم أكدوا على الأخذ في الاعتبار أن اللقاحات دي هتكون للقادرين ماديًا واللي مش عايزين يستنوا الدور.
– الخطة تتضمن اعتماد وزارة الصحة لعدد من المستشفيات الخاصة، ومنح شهادة معتمدة من الوزارة، بنفس الأسلوب اللي اعتمدت بيه مجموعة معامل خاصة لإجراء تحاليل PCR.
****
إيه سبب الخطوة دي؟
– وزارة الصحة شايفة إن الخطة مهمة لتسريع وتيرة التلقيح، في الوقت اللي عدد من حصلوا على الجرعة الأولى من اللقاح حوالي 3 مليون مواطن فقط، يعني حوالي 3% من السكان.
– الفكرة تقدم بها النائب أيمن أبو العلا، وبعد الموافقة عليها بالتوافق مع عدد من مسؤولي وزارة الصحة اللي كانوا حاضرين الجلسة، أحالوا المقترح للحكومة لتنفيذه.
– خلال اجتماع اللجنة، مساعد وزيرة الصحة ورئيس قطاع الطب الوقائي، علاء عيد وصف القرار بأنه “صائب” وأكد أن الوزارة تنفذ إجراءات للتعاقد مع شركتين لتحقيق الغرض ده. وأكد على أن المجال مفتوح لأى شركة تتقدم وتشارك في الخطة، وفقا لمعايير وزارة الصحة.
الفكرة دي طرحت من حوالي 4 شهور لكن لم تنفذ. وقتها كان فيه شركة خاصة أعلنت عن اتفاقها من الحكومة الروسية على توريد 10 ملايين جرعة من لقاح سبوتنيك الروسي، لكن الحكومة نفت وقتها السماح للشركات الخاصة بتوفير اللقاح للمواطنين وقالت إنها الجهة الوحيدة “المنوط بها توفير وتطعيم المواطنين باللقاحات”.
وزارة الصحة تراجعت عن المسار ده من حوالي شهرين، والوزيرة هالة زايد أعلنت السماح للشركات الخاصة بتوفير وتصنيع اللقاحات (سبوتنيك الروسي وسينوفاك الصيني) لكن وقتها ماكنش مسموح برضه بتوزيعها على المواطنين.
*****
إيه الاعتراضات على الخطة؟
– الحقيقة في اعتراضات على الخطة من أكتر من زاوية. البعض شايف إن توفير لقاحات بمقابل مادي عبر القطاع الخاص هو أمر حتمي، في الوقت اللي فيه وتيرة التطعيم الحكومي ماشية ببطء، لكن المشكلة بالنسبة لهم إن قيام القطاع الخاص وحده بالمهمة دي، بدون الاعتماد على شركات حكومية، هيخلق حالة من الاحتكار والمغالاة في الأسعار، في الوقت اللي إحنا فيه ما أنجزناش نسبة معقولة من التلقيح بالنسبة لعدد السكان.
– حتى دخول الشركات الحكومية في المنظومة دي ممكن ماتبقاش ضمان كافي لعدم المغالاة في الأسعار. عندنا أمثلة واضحة على ده من تجربة فحوص PCR اللي بتعملها المعامل الخاصة بعد الترخيص ليها من وزارة الصحة، بسعر يتجاوز ضعف أو ضعفين سعر معامل الوزارة، رغم وجود منافسة من عدة أطراف رسمية زي مستشفيات الجامعات ومستشفيات القوات المسلحة.
– حتى لو تم فرض تسعيرة للقاح، فقدرة الحكومة على إلزام المستشفيات الخاصة بيها هيكون موضع اختبار، خصوصا بعد ما شوفنا الأسعار الفلكية اللي بتحطها المستشفيات دي لعلاج مصابي كورونا، واللي بتتجاوز ضعف التسعيرة الحكومية وبتوصل 20 و30 آلف جنيه لليلة الواحدة في العناية المركزة في بعض الأماكن.
– لكن فيه آخرين شايفين إن فكرة بيع اللقاحات مرفوضة تماما، لإن احنا في وباء عالمي، وفي الظروف دي الدول بتسخر كل طاقاتها عشان تأمن مواطنيها، وبيتوزع اللقاحات مجانا وفق خطة محكمة وأولويات واضحة وعادلة.
– كان هيبقى مفهوم لو الحكومة استعانت بالقطاع الخاص لتوصيل اللقاح لأكبر عدد من المستحقين بشكل مجاني، زي ما حصل في السعودية والإمارات مثلا، الحكومة تعاونت مع المستشفيات والمستوصفات الخاصة للتوزيع.
– ممكن حد يقول دي بلاد غنية وماينفعش نقارن بيها، لكن الأردن كمان خدت نفس الخطوة، ودي بلد وضعها الاقتصادي شبهنا لحد كبير.
– أيضا دولتانية زي أسبانيا وبريطانيا وقت ذروة الوباء عندهم استعانو بالقطاع الخاص لكن اللي حصل هوا ان الحكومة أجرت سراير في المستشفيات الخاصة، ووفرتها مجانا للمواطنين تحت إشراف وزارات الصحة.
– اللي بيحصل في مصر إن الحكومة بدل ما تدور على شركاء من المستشفيات الخاصة والمجتمع المدني عشان تسرع عملية التلقيح وتتغلب على نقص العامل البشري، بتاخد خطوات تعزز التفرقة على أساس مين يقدر يدفع.
– في الإطار ده لا بد من التأكيد على نقطة مهمة، إن حصول مصر على اللقاح تأخر عدة شهور عن الدول الأوروبية وأمريكا، وبعض الدول الغنية اللي كانت قادرة تدفع أكتر عشان تستلم بسرعة.
– فهل من الحكمة إن لما نحصل على كميات قليلة من اللقاح، نوزعه بدون مراعاة الأولويات؟ الجدير بالذكر إن ماحدش فاهم لحد دلوقت بناء عليه إيه بيتم التوزيع، خصوصا ان فئات ليست ذات أولوية اتطعمت، زي بعض نواب البرلمان والعاملين في قطاعات معينة، في الوقت اللي لسه كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والأطباء بعضهم لم يتم تطعيمه.
– لحد الآن الكميات اللي عندنا مش كميات ضخمة، واذا كان القطاع الخاص هيتنج ويستورد كميات أخرى، فالمنطقي إن لو تم توريدها لوزارة الصحة زي ما أعلن قبل كدا، هيقلل قوائم الانتظار، فإيه الحاجة وقتها للتمييز بين الناس في توزيع اللقاحات.
– ده يرجعنا كمان لنقطة كنا اتكلمنا عنها قبل كدا وهي إيه نوع اللقاح اللي هياخده كل فئة، ويخلنا نسأل هل بعد شوية هنلاقي معظم الناس اللي بتاخد اللقاح المجاني بيتخصص لهم اللقاحات الرخيصة (واللي محتمل إن نسبة فعاليتها أقل) والأغنيا هياخدوا اللقاحات الأغلى والأكثر فعالية بفلوسهم؟
******
– من بداية أزمة كورونا واحنا ملاحظين وجود توجه تجاري عند وزارة الصحة، وتباطؤ في الإنفاق على بعض البنود، رغم إن كان فيه مخصصات كبيرة لأزمة كورونا اتصرفت بعيداً عن القطاع الصحي.
– قبل البدء في حملة التطعيم، وزارة الصحة كانت عايزة تخلي اللقاح بمقابل مادي لمعظم الناس، ومجاني لعدد محدود من الناس، لكنها تراجعت عن الفكرة بعد اعتراضات شعبية ومؤسسات مجتمع مدني.
– في مشكلة حقيقية عند وزارة الصحة خصوصا وعند الحكومة في فهم طبيعة دورها في تقديم الخدمة العامة وترتيب الأوليات.
– يعني مثلا الحزمة اللي أقرت السنة اللي فاتت بقيمة 100 مليار جنيه لمواجهة كورونا خلال آخر 15 شهر، اللي اتخصص منها لقطاع الصحة كإنفاق إضافي، كان حوالي 16.4 مليار فقط يعني حوالي مليار دولار، في الوقت اللي انفقت فيه ببذخ آكبر على دعم المصدرين وشركات المقاولات الخاصة وغيرها من الأنشطة الاقتصادية.
– في المقابل، الدول اللي حوالينا أنفقت نفقات إضافية على قطاع الصحة، أضعاف ما أنفقت مصر، الجزائر مثلا اللي عدد سكانها أقل من نصف سكان مصر، أنفقت حوالي 3 مليار دولار، 3 أضعاف إنفاق مصر. الأردن كمان صرفت حوالي 300 مليون دولار زيادة، مع العلم إن عدد سكانها 10 مليون فقط يعني لو حسبناها كنسبة، هنلاقيهم زادوا إنفاقهم بمقدار الضعف.
– كنا نشرنا بوست مهم قبل كده عن إزاي الحكومة صرفت حزمة 100 مليار بتوع كورونا دي تقدروا تقرأوه من هنا:
– بشكل عام، إنفاق مصر على الصحة محتاج مراجعة، ولو الحكومة فعلا بتدور على حل لا بد من الوفاء بالنسبة اللي حددها الدستور لهذا القطاع (3% من الناتج القومي الإجمالي) واللي الحكومة بتصرف نصفه فقط. لو الإنفاق ده تم وفقا للدستور، مشاكل كتير مش هنسمع عنها.
– يا ريت الحكومة ومن قبلها البرلمان يعيدوا النظر في مسألة السماح ببيع اللقاحات في وقت زي دا، أو على الأقل الانتظار لحد ما الحكومة تقدر تنجز النسبة الأكبر من الناس اللي هما غير القادرين، ودول الأغلبية في مصر، مع وضع معايير واضحة للتلقيح عشان نضمن وصول اللقاحات المتوافرة لمستحقيها.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *