من حوالي أسبوع فجأة الجريدة الرسمية نشرت قرار رئيس مجلس الوزراء عن “تنظيم إقامة الحفلات والمهرجانات”، وبدون ما يسألوا أي حد في الوسط ولا حتى اللي شغلهم مع الحكومة نفسها في وزارة الثقافة كانوا يعرفوا!

إيه الجديد في القرار ده؟
– القرار بيمنع تنظيم أي إحتفال فني أو مهرجان ثقافي دون الحصول على ترخيص من جهة جديدة اسمها “اللجنة العليا لتنظيم المهرجانات والاحتفالات”.
– اللجنة العليا دي هتبقي برئاسة وزير الثقافة وعضوية ممثلين عن وزارات (الخارجية- الداخلية- المالية- السياحة- الآثار- الطيران المدني- الشباب والرياضة- التنمية المحلية)! دلوقتي بالبلدي مفيش أي حفلة أو مهرجان يتعمل إلا بموافقة الحكومة كلها! يعني مش مجرد موافقة أمنية من الداخلية، لأ ده لازم كل الجهات دي سوا!
– المادة الأولى للقرار بتشترط إن الهدف من المهرجان لازم يكون الحفاظ على “الهوية الثقافية المصرية وروافدها الحضارية” والحقيقة أن دا هدف واسع جدا وفضفاض جدا، وببساطة ممكن اللجنة ترفض تنظيم أي مهرجان مش علي مزاجها لأنه لا يحافظ على الهوية الثقافية المصرية اللى هي مش معروف هي إية بالضبط وايه اللى ممكن يكون بيضر الهوية الثقافية أو اية اللى بيبفيدها ؟
– المادة الرابعة للقانون بتفرض إن اللي هيعمل حفلة أو مهرجان لازم يبلغ اللجنة بكل شيء تفصيلي، بداية من الميزانيات لحد هدف الفاعلية، لكن الأخطر فى نفس المادة أنها لازم تعرف قائمة المدعوين للمهرجان أو الحفلة وتوافق عليها عشان تدي الترخيص بإقامته!
ده يفكرنا بشكل كبير بقصة الموافقة الأمنية لأساتذة الجامعات عشان السفر أو الموافقة الأمنية عشان الجامعات تستضيف أساتذة من برة.

– في المادة الخامسة للقرار كمان نص غريب جداً إنه لو المتقدم للحصول على الترخيص شركة لازم يكون رأس مالها لا يقل عن 500 ألف جنية، ودا هيخلي ناس كتيرة وشركات صغيرة معظم اللى عملوها شباب بعد الثورة لتنظيم الحفلات المهرجانات مش هتقدر تحصل على الترخيص دا.
– لازم طلبات الترخيص دي تتقدم فى يونيو من كل عام للجنة العليا دي، واللي ليها أنها تدخل في كل شيء يتعلق بالمهرجان منها مثلا أنه مينفعش تصرف فلوس من حساب المهرجان بالبنك بدون موافقة وزير الثقافة، او أنها ترفض من الاول تمنحك الترخيص لأنه لا يحقق الاهداف بتاعة الهوية المصرية اللى قولناها فوق.

***
– القرار أثار فى الأيام اللي فاتت جدل كبير خاصة بين جمهور الموسيقي المستقلة فى مصر، ودا اللى خلي وزيرة الثقافة طلعت قالت أنه القرار دا خاص بالمهرجانات الثقافية بس وملوش علاقة بالحفلات الفنية، ودا الصراحة شيء غريب جدا لأنه نص القرار نفسة فى تعريفة للمهرجان أو “الكرنفال” أو “الاحتفال” قال أنها تشمل الثقافية والفنية، فمن الواضح أنه الوزيرة مقرتش القانون.

– بشكل عام فى السنين اللى فاتت كانت المهرجانات الثقافية والفنية بتواجه صعوبة فى إجراءات الحصول علي الموافقة خاصة من هيئة المصنفات الفنية من وزارة الثقافة وياما كتير حفلات اتلغت بسبب عدم الموافقة دي واللى كان بيبقي جزء أساسي فيها هي الموافقة الامنية، بالتالي القرار دا من نظرنا هو تقنين للمنع واضافة صعوبات أكبر للوضع القائم بالفعل.
– فى السنين اللى فاتت الحكومة وقفت كذا مبادرة ثقافية وفنية مستقلة، منها على سبيل المثال لا الحصر، مبادرة الفن ميدان اللي كلنا فاكرين فعاليتها في ميدان عابدين وغيره، غلق مسرح روابط في وسط البلد، ومنعت حفلات كتير زي لفرق كايروكي وللمغني حمزة نمرة بسبب عدم موافقة الأمن، وقفلت مكتبات الكرامة لمجرد ان اللي اتبرع بتكاليفها الأستاذ جمال عيد رئيس الشبكة العربية لحقوق الانسان. ومنعت الجماهير من المدرجات وبتمنع أي نشاط فى تجمع بحجج أمنية واهية.
– السلطة فى مصر عايزة تحتكر تعريف كل حاجة، وتقول إيه هوا الابداع والفن وايه اللي مش ابداع وفن، وايه مواصفاته ومواصفات اللي هنسمحلهم يقدموه. الحكومة عايزة بس ثقافة من داخلها زي قصور الثقافة المهترئة بتاعتها ومهرجانات فنية فاشلة تنظيميا زي اللى بتعملها ومهرجانات أدب محدش بيحضرها غير اللي منظمينها بس.

**
طب وليه دا مهم؟ خلينا في أكل عيشنا
– زي ما قلنا سابقا الثقافة مش رفاهية ولا للأغنيا بس، مفيش دول اتقدمت من غير ما يكون عندها ثقافتها وفنونها اللي بتأثر في المجتمع وتغير أفكاره.

– أي دولة تدعي أنها بتحارب الإرهاب مش كفاية الحل الأمني، لازم تشتغل على جذوره واللي أهمها هوا وعي الناس، محاربة الإرهاب عمرها ما هتكون بالمنع والحجب والموافقات الأمنية لكن عبر مؤسسات ثقافية سواء حكومية أو مستقلة قادرة أنها توصل للناس وتقدم خطاب ديني وثقافي بيحارب الارهاب فعلا.
– وبشكل عام محاربة الارهاب مش حكر على الدولة، لازم المجتمع كله يشارك فى العملية دي المشاركة دي بتيجي عن طريق المبادرات المستقلة والصغيرة اللى معندهاش شركة رأس مالها نص مليون جنية، وبمشاركة المجتمع المدني اللي بتحاربة الدولة فى كل لحظة.
– زي ما قلنا سابقا بالنسبة لحالتنا في مصر تحديداً احنا أكتر ناس نعرف يعني ايه الثقافة والفنون قوة ناعمة، أم كلثوم وعبدالحليم ونجيب محفوظ وغيرهم كتير أسماء شكلت صورة مصر العربية والعالمية .. ونقدر نشوف نماذج في تجارب غيرنا زي تأثير الأفلام الأمريكية أو المسلسلات التركية، وازاي ده بيكون له مردود واقعي كبير لدرجة انه بيجيب “أكل عيش” كمان، مليارات من الدولارات في صورة سياحة واستثمارات راحت تركيا وأمريكا والهند بسبب الانتاج الفني والثقافي، وده مش هييجي بدون ما يكون في كل مكان في البلد بذرة لاكتشاف الموهوبين ولتنمية وعي الجمهور.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *