– بعد نتائج الانتخابات الامريكية مازال موجود حالة ترقب كبيرة للتغيرات اللي تعملها الإدارة الجديدة بملفات مصر والشرق الأوسط.
– من أكتر الحاجات الملحوظة ان بايدن متصلش برئيس الوزراء الإسرائيلي نتيناهو، ولا ولي العهد السعودي بن سلمان، ولا الرئيس المصري السيسي، والحاكم العربي اللي تواصل معاه من اللي هنوه هوا الملك عبدالله ملك الأردن.
– في ناس بتعول على إن قدوم بايدن هيعيد الاهتمام بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، وفي ناس بتعتبر إنه المصالح الاستراتيجية للأمريكان هي الأولوية.
– النهاردة هنناقش معاكم التغيرات الأخيرة في الإدارة الأمريكية؟ تأثيرها على مصر والشرق الأوسط؟ وإيه اللي ممكن ننتظره من التغيرات دي؟
*****
إيه مؤشرات علاقة بايدن بالقاهرة؟
– من قبل فوز بايدن بالرئاسة وفي حالة من الترقب أو اللي ممكن نسميها التوجس من الرجل، الحالة دي صدرها الإعلام المؤيد للسلطة اللي احتفى بترامب طول الوقت وصدر حالة من تمني فوزه.
– في أثناء تحقيقات لجنة مولر اللي كانت بتحقق في علاقات حملة ترامب الخارجية كان في شكوك حوالين مبلغ 10 مليون دولار اتحول من بنك مصري كتبرع لحملة ترامب.
– وحتي لو الشكوك دي لم يتم إعلان مين الجهة اللي وراها وهل فيها مخالفة قانونية، فهي مؤشر من ضمن مؤشرات كثيرة على دخول السلطات المصرية على خط التنافس الحزبي الأمريكي وانحيازها للجمهوريين وبالتالي ده ممكن يأثر على العلاقة بالديمقراطيين.
– العلاقات المصرية -الأمريكية في فترة ترامب كانت زي السمنة على العسل بالبلدي يعني، لدرجة وصف ترامب للرئيس السيسي بأنه ديكتاتوري المفضل.
– في يوليو اللي فات غرد بايدن أثناء حملته الانتخابية بأنه “لن تكون هناك شيكات على بياض بعد الآن لديكتاتور ترامب المفضل”. ويقصد بده الرئيس السيسي.
– بالتالي وبعد فوز بايدن شفنا إعلاميا حزن، وتشكيك في نتائج الانتخابات، وفرح لم يخفيه الاعلام المحلي في اقتحام أنصار ترامب للكونجرس بل ووصل لوصف بايدن بأنه جه على رأس دبابة في إشارة لانتشار قوات الحرس الوطني في واشنطن!
– كمان مصر وقعت عقد بقيمة 65 ألف دولار شهريا مع شركة ضغط “لوبيينج” أمريكية جديدة بهدف تعزيز التواصل وتطوير العلاقات مع الفريق الانتقالي لإدارة بايدن، واحد الموظفين الهامين بالشركة كان بيشتغل سابقا مع نانسي بيلوسي رئيس مجلس النواب الديمقراطية.
*****
إيه أهم ملامح إدارة بايدن الجديدة نحو السلطات المصرية؟
– خلينا نأكد في البداية ان الاهتمام الأمريكي بتدهور حقوق الانسان في مصر بقى مثار اهتمام الحزبين مش الديمقراطيين بس، في ديسمبر اللي فات يعني في وجود ترامب بالسلطة، صدر قرار بتعليق حوالي 300 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر لحين اتخاذ خطوات لتحسين الوضع الحقوقي واطلاق سراح سجناء سياسيين.
– نفس الخطوات حصلت من الكونجرس في عهد ترامب، لكن كانت الخارجية بتتدخل وتستخدم صلاحية عندها تتيح دفع المساعدات، لكن حاليا الوضع ده مش متوقع خالص يحصل في عهد بايدن.
– إشارة تانية حصلت هيا قرار إدارة بايدن تعليق طلب حصانة كانت السفارة المصرية في واشنطن تقدمت به عشان القضية اللي رفعها محمد سلطان الناشط المصري واللي بيتهم فيها رئيس الوزراء الأسبق حازم الببلاوي ومسئولين في وزارة الداخلية المصرية بالمسؤولية عن سجنه وتعذيبه.
– محدش عارف هل تعليق طلب حصانة الببلاوي مقدمة لسماح الولايات المتحدة للقضية دي إنها تكمل أمام المحاكم أم مجرد ورقة ضغط، والقضية هتتقفل خاصة ان الببلاوي غادر الولايات المتحدة خلاص وهوا لا يحمل الجنسية الأمريكية.
– قبل صعود بايدن للرئاسة وقع نواب ديمقراطيين على خطاب موجه للرئيس المصري أكدوا فيه أن انتهاكات حقوق الإنسان لن يُتسامح معها إذا فاز مرشح حزبهم بالرئاسة، وأدانوا حملة اعتقالات في مصر بحق نشطاء وصحفيين ومعارضين.
– وشفنا كمان موقف معلن حاد من القبض على العاملين الثلاثة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومن اللي كتبو عن القصة وليم بلبنكن وزير الخارجية الجديد.
– ده ياخدنا لنظرة على التعيينات الجديدة في إدارة بايدن واللي تبدو في أغلبها استكمال لسياسات أوباما في المنطقة.
وليم بلينكن وزير الخارجية الجديد كان من إدارة أوباما، مستشار الأمن القومي الجديد أيضا جيك سوليفان كان من إدارة أوباما السابقة.
– أيضا وليم بيرنز مرشح بايدن لرئاسة السي أي أيه كان سفير في الأردن وروسيا وعمل كمساعد وزير خارجية في إدارة أوباما. والأهم أنه رئيس مؤسسة كارينجي للسلام الدولي، أحد أهم المؤسسات البحثية في العالم واللي ليها شغل كثير عن مصر.
– بايدن عين روبرت مالي مندوباً له للشؤون الإيرانية، وهو ابن الصحفي المصري اليهودي سيمون مالي اللي عينه عبدالناصر في الستينات مراسل لجريدة الجمهورية في الأمم المتحدة، روبرت مالي كان مدير مجموعة الأزمات الدولية قبل ما يتم تعيينه وبرضه اشتغل في إدارة أوباما وكان له دور كبير في الاتفاق النووي الإيراني في 2015.
– كملن أندرو ميلر مدير مشروع ديمقراطية في الشرق الأوسط مرشح انه يكون موجود بفريق مستشاري الأمن القومي.
– وزيرالخارجية الحالي بلينكن نفسه كان أعلن في يوليو الماضي أنه ” الدفاع عن الديمقراطية في الشرق الأوسط أولوية بالنسبة لإدارة بايدن “.
– كمان الرئيس الأمريكي المنتخب عيّن سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة (المعروفة بتوجهاتها الداعمة للديمقراطية) سامانثا باور كرئيسة للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية المسؤولة عن الجانب المدني من المعونات الأمريكية لمصر وغيرها.
– بالتالي من أول ما بايدن جه حصلت مجموعة من القرارات اللي تم اتخاذها فيما يخص الشرق الأوسط وحلفاء مصر، زي تعليق صفقات تسليح للسعودية والإمارات كجزء من تنفيذ وعد بايدن بوضع نهاية لحرب اليمن.
– مصر محتاجة الدعم الأمريكي لملفات تانية مهمة جدا، أبرزها سد النهضة، وبالمناسبة ترامب رغم علاقته الوثيقة بمصر متخذش موقف حاسم لما أثيوبيا انسحبت فجأة من مفاوضات واشنطن.
– ده غير طبعا أهمية الدور الأمريكي في ملفات شرق المتوسط، وليبيا، وهنا برضه بايدن سبق له انتقاد الوضع الحقوقي في تركيا، وإدارة بايدن ليها توجهات ليست على وفاق مع اردوغان بملف دعم التنظيمات الكردية المسلحة اللي كان أوباما أطلق برامج دعمها في سوريا وجه ترامب عرقلها ولم يتدخل لما تركيا أطلقت عملية عسكرية في مناطق كان الأكراد يسيطرون عليها.
ومن الوارد ان التطورات للحل السياسي في ليبيا حاليا جزء من تداعيات رحيل ترامب.
*****
ننتظر إيه من كل ده؟
– طبعا محدش يقدر يجزم أنه وجود بايدن هيحسن من وضع حقوق الإنسان بشكل مباشر، لأنها طبعا وزنها أقل قدام العلاقات الاقتصادية والسياسية، بين الدول وبالتأكيد أقل من التحالفات العسكرية.
– كمان بايدن نفسه هوا وهيلاري كلينتون مكانوش متحمسين لاقصاء مبارك بثورة يناير وكانو خايفين مصالح أمريكا تتأثر بغياب حليف قوي زيه.
– وكمان أوباما نفسه كان موجود وقت عزل مرسي ومأخدش أي اجراءات كبيرة أكتر من تعليق مؤقت لجزء من المساعدات، وادارة أوباما رفضت تماما دعوات بعض السياسيين زي جون ماكين باعتبار اللي حصل في مصر “انقلاب”رسميا، وهوا بنفسه أوباما اللي سمح بعودة المساعدات ورجع للتواصل مع الرئيس السيسي بعد انتخابه وده قبل ما ييجي ترامب خالص.
– لكن على الأقل بعد ما ترامب مشي وتوجهاته وسياسته المعروفة للكل هيكون في هامش أكثر للحركة والضغط على النظام المصري خاصة في ملفات السجناء السياسيين، وبعض التحسين في حرية الإعلام والبرلمان.
– لكن الحقيقة مش المفروض الحكومة في مصر تنتظر ضغط خارجي عشان تغير سياستها في ملفات زي دي، الانتهاكات دي لازم تقف بقرار استراتيجي داخلي لصالح الشعب المصري، ومتبقاش مجرد ملف إشكالي مع واشنطن أو أوروبا، وعشان علاقاتنا الخارجية تتحرر أكتر من لعبة الضغط بسبب سجل حقوق الإنسان.
– طبعا الضغوط الخارجية دي شيء ممكن يدي نتايج إيجابية، لكن التعويل عليها لوحدها شيء خاطيء جدا .. الإجابة في مصر داخلية لأنه الإصلاح أو الديمقراطية وغيرها من الملفات مرتبطة أكثر بالضغوط الداخلية على النظام، ومدى شعبية النظام في الشارع، وقدرة الناس على الحشد وبناء البديل السياسي على المدى الطويل، وهو دا لازم يكون التعويل الأساسي لأي فاعل سياسي، مع الأخذ في الاعتبار للعوامل المساعدة سواء الإقليمية أو الدولية.
– لازم نعرف إننا عايشين في عالم كبير وصورتنا الداخلية منعكسة قدامه، ومحاولات تجاهل المشكلات أو محاولة إخفائها مبقاش ينفع، وإن زي ما فيه ملفات سياسية واقتصادية، الملفات الحقوقية دي بقت جزء من وعود انتخابية لإدارات تانية في العالم الكبير دا، لذلك مش هتختفي المطالبات بتحسين الأوضاع طول ما المشكلة موجودة، والأزمات الداخلية الأفضل تحل بين أبناء الوطن الواحد عشان المشكلة ميكونش لها أصداء عالمية، يعني قتل السياسة والحوار وطرق الإصلاح مش حل، عشان بنرجع نقول بيتدخلوا في شؤوننا الداخلية.
– حقوق الإنسان وبتعبير الرئيس السيسي “المفهوم الشامل ليها” باعتباره الرد الرسمي اللي بنسمعه على انتقادات الملف الحقوقي مش هيكون كافي أبدا، ومحدش هيقبل خطاب أصلنا بنديهم حقوق التعليم والسكن (رغم ان مصر في الملفات دي بالمعايير العالمية مش متقدمة برضه) فمحدش يكلمنا عن أي حاجة تاني.
– وبالمناسبة أمريكا بتهتم بالملفات دي برضه عشان مصلحتها مش مصلحتنا، بيشوفو ان الانفتاح السياسي ده ضمان استقرار النظام وحماية مصالحها من مخاطر الفوضى.
– مطلوب من الحكومة في مصر إنها تعد نفسها لإدارة بايدن الجديدة مش عشان ترد على انتقادات حقوق الإنسان بس، لكن عشان مصالح المصريين الحقيقية، عندنا ملفات كتيرة متقاطعة مع علاقتنا بأمريكا لازم نكون جاهزين بمطالبنا ونكوّن سياسة واضحة للتعامل معاها، زي ملف سد النهضة اللي اتكلمنا عنه، خاصة وإن الجانب الإثيوبي بيشتغل كذلك لاكتساب مساحة داخل واشنطن للتأثير على الملف، ودا ظهر في الدوائر الديمقراطية اللي بقى فيها عدد من الشخصيات لها مواقف سلبية تجاه الموقف المصري من سد النهضة.
– كنا بنتمنى بالتأكيد إن سياستنا الخارجية تخضع لمساءلة حقيقية في مجلس نواب الشعب بدل الاستعراض البروتكولي اللي حصل من أيام لوزير الخارجية قدام البرلمان بدون مناقشات جادة، بل أداء بعض النواب كان هزلي للأسف.
– نتمنى إن سياستنا الخارجية مع دول العالم كلها تكون معبرة عن دولة مصرية قوية وحديثة بتضع مصلحة شعبها فوق أي اعتبار، ومنتمناش أبدا إنه نشوف بلدنا عليها ضغوط خارجية، لكن الطريق الأمثل وجهة نظرنا إن الإدارة المصرية تدرك إن التغيرات اللي في العالم دي يجب أن تدفعها لخطوات باتجاه الإصلاح وفتح المجال العام، لصالح المصريين مش لصالح أي حد تاني.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *