– يوم الأربعاء اللي فات 7 أكتوبر كان يوم العمل اللائق العالمي، وبالمناسبة دي أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بيان عن وضع “العمل اللائق” في مصر.
– البيان فيه أرقام كثير عن سوق العمل في مصر وتطبيقها على معايير العمل اللائق، وبتكشف كمان تفاوت شديد في سوق العمل المصري.
– مهم انه زي ما بيتم الاحتفاء بالأرقام الرسمية عن انخفاض البطالة بالسنوات الأخيرة، وده إيجابي جدا طبعا، اننا نشوف نفس الأرقام بتقول ايه عن جودة الوظائف اللي توفرت واستمراريتها.
ومع الوضع بالاعتبار إن الأزمة مزمنة ونتاج تراكمات عشرات السنين.
– النهاردة حنعرف معاكم ايه هو العمل اللائق؟ وهل متحقق في مصر ولا لأ؟ وايه الطريق أننا نحقق عمل لائق لأغلب المصريين؟
*****
ايه هو العمل اللائق؟
– العمل اللائق بحسب مفهوم منظمة العمل الدولية بيتضمن توفير 4 أشياء:
1- فرص عمل مناسبة: بمعنى توفير فرص عمل لكل شخص حسب مؤهلاته الوظيفية وإتاحة فرص للترقي والتطور في العمل ده.
2- أجور عادلة: يعني أجور متناسبة مع عدد ساعات العمل اللي بيعمل بها الفرد وتكفي لتوفير الاحتياجات الأساسية له ولأسرته.
3- ضمان اجتماعي: يعني تأمينات اجتماعية وتأمين صحي إلخ.
4- حرية التنظيم: يعني حرية تكوين النقابات والدفاع عن مصالح العاملين مقابل أصحاب الأعمال بمختلف الوسائل السلمية بدون التعرض للقمع.
*****
هل العمل اللائق متحقق في مصر؟
– مصر فيها تفاوت كبير بين عمل الرجال وعمل النساء، معدل مساهمة الذكور في النشاط الاقتصادي يساوي حوالي 67 % في 2019 بينما معدل مشاركة النساء 15.6 %، وده انخفاض كبير من حوالي 22 % في 2013.
– ده يقول أنه فرص العمل اللي توفرت من 2013 لحد النهادرة كانت في أغلبها موجهة للرجال، دا طبيعي لأنه واحد من أكبر القطاعات اللي شهدت طفرة توظيفية هي التشييد والبناء.
الموضوع ده أهميته تزيد كمان لأن 30% من الأسر المصرية تنفق عليها نساء معيلات.
– فيما يتعلق بالعمل الدائم والاستقرار الوظيفي، حوالي 34 % من العاملين بأجر في مصر بيعملوا في عمل مؤقت وموسمي وغير دائم.
النسبة دي بترتفع بشكل كبير جدا في القطاع الخاص خارج المنشآت (يعني المنشآت اللي بتوظف أقل من 5 عمال) وتوصل لحوالي 76 %، وهنلاقي مهن كتيرة في الخانة دي زي عمال البناء والمزارعين بالأجر والسواقين وغيرهم.
– كل دول معرضين في أي لحظة لأنهم يفقدوا أعمالهم زي ما حصل في جائحة كورونا واللي خرجت كثير من المصريين من سوق العمل.
– 45 % فقط من العاملين في مصر مشتركين في التأمينات الاجتماعية.
طبعا النسبة دي بتزيد ل 97 % في القطاع الحكومة، و91 % في قطاع الأعمال العام، لكن في القطاع الخاص 34.5 % فقط، وفي القطاع الخاص خارج المنشأت حوالي 10 % فقط.
– ده بيوضح أنه العاملين في الحكومة لسه أكثر أمانا في الوظيفة في حالة التقاعد أو إصابات العمل أو انهاء العمل بشكل مفاجئ، وبتقول أننا ما زلنا في حاجة لتشريعات كثير لحل الأزمة المزمنة دي.
– 39 % فقط من العاملين بأجر مشتركين في التأمين الصحي.
أغلب الناس دي بتشتغل في القطاع الخاص داخل المنشأت ( يعني اللي فيه اكثر من 5 عمال ) واللي نسبتهم بتصل ل 75 % من العاملين في القطاع الخاص، و98 % من العاملين في القطاع الخاص خارج المنشأت.
– 41 % فقط من المصريين بيشتغلوا بعقد قانوني.
طبعا المشكلة دي أكبر في القطاع الخاص اللي فيه حوالي 70 % بيعملوا بدون عقود في القطاع الخاص داخل المنشأت، وحوالي 99 % بدون عقود في القطاع الخاص خارج المنشآت.
– المصريين بيتشغلوا عدد ساعات كبير مقارنة ببقية دول العالم حوالي 46.3 ساعة في الأسبوع.
في الدول المتقدمة عدد الساعات ده بيبقي من 32 – 40 ساعة في الأسبوع، وفي الصين اللي هي دولة فيها ثقافة عمل كبيرة كان المتوسط ده 46 ساعة في الأسبوع.
– طبعا المتوسط ده مرتفع بسبب ان كتير من المصريين بيشتغلوا وظيفتين أو أكتر، وكمان الاقتصاد غير الرسمي المصريين بيشتغلوا فيه ساعات كثيرة جدا، زي في قطاع المطاعم متوسط ساعات العمل أسبوعيا حوالي 51 ساعة، يعني أكثر من 10 ساعات يوميا، دا المتوسط لأنه في مصريين كتير بيشتغلوا 12 ساعة في اليوم لمدة 5 أو 6 أيام في الأسبوع في القطاع الخاص.
*****
ليه العمل اللائق غير متحقق في مصر؟ وازاي يتحقق؟
– السبب الأساسي في كل ده هو سياسات الحكومة اللي ملهاش أي رقابة على القطاع الخاص الكبير والصغير في حاجات زي عدد ساعات العمل، وسعر ساعة العمل، والتأمينات الصحية والاجتماعية.
– طبعا ده بقا موجود بسبب علاقات العمل غير الرسمية، معظم الناس في القطاع الخاص بتشتغل بدون عقود، والدولة مبتسألش المنشأت دي على العقود ولابتراقبها، طبعا ده بسبب علاقات الفساد اللي موجودة في الاقتصاد المصري وكون إنه ده أمر الحكومة بتتساهل فيه.
– كمان عندنا الحكومة والأجهزة الأمنية أنهت دور النقابات، فبقى العمال ملهمش ممثلين حقيقيين يتفاوضو مع أصحاب العمل والحكومة عشان ياخدوا تأمينات أو يحسنوا بيئة عملهم أو مرتباتهم وغيرها، انتخابات النقابات للأسف الأجهزة الأمنية بتديرها وبتشطب أي مرشحين عاوزين يمثلوا العمال فعلاً، وبتقبض على أي فاعلين عماليين، وبتضرب أي احتجاج أو اضراب عمالي بالقبض والحبس، غير طبعاً عقوبات الفصل التعسفي.
والبرلمان كمان ساهم في ده بتعديلات قانون العمل الأخيرة اللي أنهت وجود ممثل للعمال في مجالس إدارات الشركات.
– بالتالي عشان نحقق العمل اللائق في مصر للمصريين فإحنا محتاجين إصلاحات كتيرة، لازم يشهد إصلاحات تشريعية في قانون العمل، وإصلاحات هيكلية في الاقتصاد، تشتغل على تطوير قدرات العاملين في القطاع الخاص عشان نزود الإنتاجية، وبالتالي يكون مقدمة لرفع الأجور وإصلاح بيئة العمل، وإصلاحات سياسية تتيح حريات نقابية في مصر.
– الإصلاحات دي أيضا لازم تشمل الأتي:
1- تفعيل الرقابة الحكومية على عقود العمل في مصر عن طريق الرقابة على أصحاب الأعمال.
2- إقرار قانون لحد أدنى للأجور شامل في مصر للقطاع العام والخاص وربط الحد الأدني ده بعدد ساعات العمل يعني يكون في قانون بيقول أنه في حد أدني للأجور لكل ساعة في القطاعات المختلفة.
3- إلزام أصحاب الأعمال بالتأمين على العمال اللي عندهم خاصة في القطاع الخاص.
4- إلزام أصحاب الأعمال بالتأمين الصحي.
5- توفير آليات تأمينية مرنة ومدعومة حكوميا مخصصة للمنشآت متناهية الصغر.
5- محاولة تقليل الفجوة بين الرجال والنساء في سوق العمل عبر قوانين لصالح النساء (زي توفير حضانات بأماكن العمل وغيرها) وإلغاء التمييز الرسمي في التعيين في بعض مؤسسات الدولة زي القضاء للنساء وغيرها بالاضافة لمكافحة التمييز غير الرسمي ووضع آلية تسمح بتلقي الشكاوى ضد التمييز بشكل عام على أساس الجنس أو الدين أو غيرها.
ونعيد التذكير بمفوضية مكافحة التمييز المنصوص عليها بدستور ٢٠١٤ ولم تنفذ حتى الآن.
– كل الحاجات دي محتاجة تتحقق جوا سياق ديمقراطي بيسمح للعاملين بالتعبير عن مطالبهم بدون ما توصف تلك المطالب بأنها مطالب فئوية ويتم القبض على الناس وترهيبهم.
– المفروض إنه في الدول الديموقراطية بتكون الدولة مراقب لسوق العمل، عشان تمنع أصحاب الأعمال من استغلال العمال، وتحسن بيئة العمل وتطور قدرات العمال والموظفين والخريجين لأن دي كلها عوامل جذب للاستثمار.
– نتمني الأرقام الرسمية دي واللي جاية من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تخلي المسئولين مدركين لمدى سوء وضع العاملين بأجر في مصر، وإنه في أهمية وضرورة إصلاح جذري لقوانين وأوضاع العمل، ده الطريق الوحيد لزيادة الإنتاجية وللنمو الاقتصادي، إنتاجية العمال بتتحسن لما ظروفهم المادية والمعيشية بتتحسن ويحسوا بالأمان الوظيفي.
– باختصار مفيش استثمار قوي بدون بيئة عمل محترمة ولائقة، واحنا لسه بعاد عنها جداً.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *