– امبارح انفجرت عبوة ناسفة في أتوبيس سياحي بمنطقة الهرم قرب ميدان الرماية، والإنفجار أدى لاصابة 17 شخص، منهم 10 مصريين و7 سياح من جنوب أفريقيا، وتهشم الأجزاء الخارجية من الأتوبيس ومن عربية ملاكي كانت بالقرب من الانفجار.

– طبعاً الحمد لله إن الحادثة كانت محدودة ومحصلش أي حالات وفاة، وبالتأكيد قطاع السياحة اللي بيشتغل فيه ملايين مش هيتحمل أي ضرر جديد من عمليات إرهابية.

– بنؤكد إن أي موقف سياسي مهما اختلفنا فيه ملوش علاقة بالادانة التامة للعمليات الإرهابية بكل صورها، ورفض أي تبرير ليها أو تقليل من أولويتها، ودعم جهود محاربتها، وأخطرها هوا النوع ده من العمليات الخسيسة ضد ضيوفنا من السياح اللي أخباره بتنتشر في العالم كله بسرعة وتؤدي لضرر ملايين المصريين ومصر كلها، واحنا استغرقنا سنوات بعد حادث الطائرة الروسية عشان القطاع يبدأ يتعافى ويعود لوضع كويس.

– من المهم التساؤل عن الاجراءات الأمنية وفاعليتها في ضوء إنه حصل هجوم على اتوبيس سياحي بمنطقة قريبة في ديسمبر الماضي، ومفروض من وقتها كل الاحتياطات اتاخدت لعدم تكرار اللي حصل. ده الدور الأمني الأصلي إفشال العمليات الإرهابية قبل حدوثها خاصة بالأماكن والأهداف المتوقعة.
*****

– لكن الساعة 3 الفجر، وبعد ساعات فقط من الحادثة، اتفاجئنا ببيان من وزارة الداخلية بيعلن عن تصفية 12 إرهابي في أكتوبر والشروق بعد تبادل لإطلاق النار، وبدون أي ذكر ان دول ليهم علاقة بالحادث ولا إن دول مين.
– أغرب حاجة إن أصلا لحد دلوقتي الداخلية مقالتش أي معلومة عن الحدث نفسه، والصحف المصرية نقلت عن مصادر أمنية ان الاتوبيس تعرض “لانفجار جسم غريب” حتى تعريف العملية بانها ارهابية عمدية مظهرش بشكل رسمي، لكن برضه احنا قتلنا 12!
– ونرجع هنا لنفس المشكلة اللي بتتكرر إنه مع كل هجوم إرهابي تقريبا بنلاقي بعدها بساعات أو بيوم إعلان عن “تصفية” مجموعة من الإرهابيين وأحياناً يتم نشر صور للجثث وأحياناً لأ، في ديسمبر اللي فات مثلاً بعد حادثة تفجير الأتوبيس السياحي بالهرم تم الإعلان عن تصفية 40 إرهابي في سيناء والجيزة! وبعد حادثة الهجوم على كنيسة المنيا السنة اللي فاتت أعلنت الداخلية بعد يوم تصفية 19 إرهابي!

– المشترك في النوع ده من البيانات الي بعد العمليات انه انه مفيش إعلان عن أسماء القتلى، ومفيش مرة حد منهم بيفضل عايش مصاب أو بيسلم نفسه أو بيتم القبض عليه، ومفيش مرة بيتم الإعلان عن إصابة ظابط أو مجند في واقعة زي دي، وده اللي بيخلي عندنا أسئلة بتتكرر.

– بالتأكيد بيحصل بحالات تانية اشتباكات فعلا مع ارهابيين، وبيظهر بعدها اسماء وناس يتقبض عليها وقد يسقط شهداء من الجيش في سيناء والجماعات الإرهابية نفسها تعترف بخسائرها، لكن هنا في حالات البيانات الفورية الغامضة بعد العمليات دي إيه اللي يخلينا نصدق أصلا ان فيه ارهابيين اتقتلوا ومفيش أي مصدر غير بيان الداخلية؟ يعني مفيش صحافة تقدر تغطي أو تعمل تحقيق مستقل عن أي واقعة من دول لأن الصحافة في مصر اتحاصرت وانتهت، والداخلية مبتعلنش عن أسامي الإرهابيين وصورهم وبيانات عنهم وعن التنظيم بتاعهم، ومعندناش أي جهة تانية تقدر تراجع البيانات ده زي المجلس القومي لحقوق الإنسان وبالتأكيد ولا منظمة حقوق إنسان مستقلة.

– ده كمان في الوقائع اللي من النوع ده مبيطلعش أي بيانات من النيابة العامة “جهة التحقيق الرسمية ” واللي دورها تحقق في البيان وتكشف الحقيقة للمجتمع ومين المتورطين في أي جريمة!

– ولو افترضنا صحة البيانات دي، وإنه فعلاً الأجهزة الأمنية في مصر بتكشف منفذي الجرائم الإرهابية خلال ساعات يعني بمعدلات أفضل بكتير من أغلب دول العالم، وقتلتهم كلهم في اشتباك مسلح فعلا، ليه قوات الأمن مبتسيبش ولو واحد بس منهم عايش يتقبض عليه عشان يبقى مصدر لمعلومات أكتر؟! إزاي نعرف باقي أعضاء التنظيم؟ خططهم الجاية؟ مصادر سلاحهم وتدريبهم وتمويلهم؟ وكتير من الأسئلة المهمة أمنياً اللي متخليش موضوع التصفية ده اختيار عاقل أو منطقي أو بتاع مؤسسات قوية.

– مصطلحات زي “التصفية” و”الثار” وممارسات زي الاختفاء القسري مينفعش أبداً تبقى أسلوب عمل مؤسسة نظامية زي الداخلية، الإرهابي والحرامي وتاجر المخدرات كل دي جرايم ليها عقوبات قانونية، وفي محاكم مختصة بتعمل الدور ده بعد ما المتهم يتاح ليه فرص الدفاع وسماع الشهود وغيرها، عشان كده قوات الأمن مفروض اسمها “قوات إنفاذ القانون”.
– وهنا هنلاقي سؤال جديد عن شباب كتير مقبوض عليهم بتهم “الانضمام لجماعة إرهابية” بينما هما مارسوا عمل سياسي سلمي ومنهم أعضاء أحزاب قانونية رسمية، ومع كده ياخدوا الاتهامات دي ويروحو نيابة أمن الدولة العليا طواريء، في أسوأ استغلال لحرب الإرهاب اللي الشباب دول نفسهم أكبر حائل ضده.
*****

– مفيش أي أمان أو استقرار في أي بلد إلا بالالتزام بالقانون وبتطبيق العدالة بشكل حقيقي، وبالمحاسبة لأي مقصر في تأدية دوره وبرفع كفاءة الأجهزة والمؤسسات كلها، مفيش شيء يدعو للفرح في إعلان تصفية بشر مفيش تحقيق اتعمل عشان نعرف حقيقة إنهم مجرمين أو لأ، أو لو في ناس اتقتلت فعلاً ولا ده مجرد بيان الداخلية بتقول فيه إنها بتشتغل !!
– رقابة المجتمع اللي المفروض يقوم بيها البرلمان ومنظمات المجتمع المدني والإعلام هم اللي في أي بلد هي اللي بتحميه من ارتكاب جرايم باسم تنفيذ القانون أو بإفلات المقصر من السؤال والعقاب أو بقتل إنسان بريء، وجود مناخ مفيهوش حرية للصحافة ولا المجتمع المدني ولا البرلمان إنه يراقب على الأجهزة الأمنية وتصرفاتها وتقصيرها ده مبيخليش الدولة قوية ده بيخليها معرضة بسهولة للفساد والفشل اللي بينهو حياة بني آدمين.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *