– قبل الاستفتاء بأيام نشرت وكالة رويترز تقرير عن انسحاب مصر من المبادرة المعروفة إعلاميا بـ ” الناتو العربي” كان بيقود تشكيلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

– احنا بنرحب بشكل كبير بالخطوة دي وشايفينها في منتهى الإيجابية، ونتمنى تكون نهائية ولا يتم التراجع عنها، وده اللي هنشرحه في البوست ده.
*****

ايه هو “الناتو العربي” ده؟

– عبارة عن تحالف عسكري جديد تحت اسم “التحالف الاستراتيجي في الشرق الأوسط” اللي وسائل إعلام بقت بتسميه (الناتو العربي) بيضم دول خليجية، هيا السعودية والإمارات وقطر – رغم الأزمة بينهم – والكويت والبحرين وعمان، بالإضافة للأردن وأمريكا.

– التحالف العسكري ده اتكلم عنه الرئيس الأمريكي ترامب في زيارته للسعودية سنة 2017 للحد من نفوذ إيران وكمان روسيا والصين في المنطقة، لكن بحسب وثيقة اتسربت من البيت الأبيض فالسعودية هي كانت صاحبة الاقتراح لترامب.

– مبادرة التحالف العسكري اتعطلت أكتر من مرة، أهم أسباب التأخير ده هي الأزمة الخليجية والحصار اللي بتعمله السعودية والإمارات على قطر واللي بسببها وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن قال إنه الناتو العربي مهدد بالفشل طالما أزمة الخليج لم تحل، وكمان جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي جوة القنصلية السعودية في اسطنبول اللي عطلت كل جهود السعودية الخارجية.

– المبادرة اتطرحت قبل كدا في 2011 و 2015، أثناء رئاسة باراك أوباما للولايات المتحدة، لكن رؤية أوباما وقتها كانت إنه أمريكا دفعت أثمان كتيرة للتدخل العسكري في المنطقة وكان اختيار أوباما هو الانسحاب التدريجي وترك الفاعلين في المنطقة يتصرفوا مع نفسهم، عشان كده مثلاً رفض أوباما أكتر من مرة التدخل الجوي ضد بشار الأسد، لكن ترامب رؤيته إنه وارد يتدخل بأثمان مالية كبيرة، وقال أكتر من مرة لدول الخليج وبشكل “فج” متقالش قبل كده من أي رئيس أمريكي، ادفعوا فلوس عشان أحميكم وشفنا مؤخرا كلامه عن اتصاله بالملك السعودي لما قاله ادفعولنا أكتر!
*****

مصر دورها إيه في الموضوع ده؟

– مصر بوصفها صاحبة أكبر وأهم جيش بالعالم العربي، وكمان بتقدم نفسها بكونها بتحمي دول الخليج، وساهم في ده قبل كده التدخل المصري في الحلف العسكري اللي اتعمل ضد غزو العراق للكويت، غير أدوار تانية للجيش المصري في المنطقة كانت بتتوارثها السياسة الخارجية المصرية من وقت عبدالناصر لحد دلوقتي لكن بطرق مختلفة.

– طبعاً واضح للجميع التحالف السياسي بين الأنظمة في مصر والسعودية والإمارات، والدعم المالي اللي اتقدم لمصر من الدول ده في شكل منح وقروض ومشاريع مشتركة، والتحالف ده كانت واحدة من نتايجه السيئة تسليم جزر تيران وصنافير للنظام السعودي عشان يساهم في شرعية جديدة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

– نتيجة للتحالف ده برضه السلطة في مصر بتشارك بشكل غير مباشر في حرب اليمن، ومصر رسمياً جزء من التحالف العربي في الحرب لكن على الأرض اكتفت بالتأمين البحري، ورفضت التورط الكامل عسكريا أو إرسال قوات برية ودي نقطة إيجابية جداً، ونتمنى تكتمل بالانسحاب من تحالف حرب اليمن.
– في ليبيا أيضاً مصر توافقت مع السعودية والإمارات في إخراج خليفة حفتر للمشهد السياسي ودعمه سياسياً وعسكرياً، لكن لم يتورط الجيش المصري في إرسال قوات إلى هناك، وده موقف إيجابي، وإيجابي كمان ان بيان الخارجية رفض بشكل ضمني محاولة حفتر غزو طرابلس مقر حكومة السراج المعترف بها دولياً، وقال بالنص ان الحل السياسي هو “الحل الوحيد”، وإن مصر جهود الأمم المتحدة، لكن نتمنى ده يكون عملي أيضاً بعدم ترجيح طرف على طرف عسكريا مادام ده الموقف الرسمي المعلن إن الحل السياسي هو “الحل الوحيد”!

– لكن الدور المنتظر من مصر في الناتو العربي بشكل واضح أكبر من كل ده، وهو في النهاية صدام محتمل مع إيران لصالح دول الخليج في لحظة بعينها، وعشان كده انسحابنا خطوة ايجابية، وتتفق مع الاطار العام لعدم التورط المباشر في اليمن أو ليبيا أو سوريا فمابالنا بإيران.
– بشكل رسمي حتى الآن مصر مأعلنتش انسحابها الفعلي من المبادرة، لكن 4 مصادر أمنية ودبلوماسية أكدت لرويترز إن مصر غابت عن حضور اجتماع في الرياض يوم الأحد ( 7 أبريل) وبلغت رسميا الأطراف المعنية بقرار الانسحاب من الحلف قبل الاجتماع.
– بعد الاجتماع بيومين، السيسي زار أمريكا وقابل ترامب، وكان ضمن الجدول، مناقشة قضايا أمنية، لكن لم يتم الاعلان بوضوح هل ناقشوا موضوع الحلف ده أم لا. مصادر رويترز بتقول إن الأطراف هتحاول إقناع مصر بالتراجع عن قرارها.
*****

– مش متوقع إنه المبادرة دي تتوج بالنجاح، خصوصاً مع التناقض بين أطرافها في العلاقات مع إيران، ودول مثلاً زي مصر وقطر والكويت معندهمش نفس الأزمات مع إيران اللي عند النظام السعودي والاماراتي، غير الاختلافات بشأن الموقف من النظام السوري.
– كمان الملف اليمني والتحالف العربي اللي بتقوده السعودية والامارات ضد الحوثيين حلفاء إيران تسبب بكوارث انسانية لملايين اليمنيين من الفقر والمجاعة والمرض والقتل، ومفيش أي ملامح سياسية ولا عسكرية بنهاية الحرب أو تفاوض الأطراف أو حسمها عسكرياً لأي طرف.
– دول مجلس التعاون الخليجي مش عارفين لحد دلوقت يفعلوا الجانب العسكري لدول المجلس، كمان أمريكا ناقشت مع دول خليجية إنشاء درع صاروخية، النقاش ده استمر لسنوات بدون نتايج واضحة.
*****

– بشكل عام موقفنا هو تشجيع أي قرار من شأنه عدم استنزاف موارد البلد في مشاكل مش بتمثل لينا خطر أو تهديد، وجيشنا اللي فيه أولاد كل المصريين ليس للإيجار أو للحرب بالنيابة عن الغير، وكل قرار بيصب في المسار هوا ايجابي وندعمه، وأي قرار عكس كده نرفضه.
– لكن كمان مش أسلوب سليم إن مسائل بالخطورة والأهمية دي يبقى المجتمع يبقى غايب عنها بشكل كامل، رغم انها تهم وتمس كل المصريين، ومفيش أي نقاش بيحصل فيها لا مع النخب الأكاديمية – أساتذة العلوم السياسية في مصر أو مراكز الأبحاث- ولا مع الأحزاب السياسية المؤيدة والمعارضة – ولا حتى مع اللجان المختصة في البرلمان.
– في كل الدول الديمقراطية ملفات السياسة الخارجية والأمن والدفاع بتخضع للموازنة بين أهمية الحفاظ على أوجه السرية فيها (زي مواقع القوات أو تفاصيلها الادارية الداخلية) وبين النقاش المجتمعي والفكري حوالين رسم سياساتها واستراتيجياتها.
– أمريكا زي ما فيها وزارة الدفاع والاستخبارات الأمريكية واللي مشغولين طبعاً بالملفات ده، لكن عندها كمان مؤسسات وزارة الخارجية، ومراكز أبحاث ضخمة مرموقة بتتعامل مع الجهات الحكومية وبتنشر أحيانا أوراق فيها آراء ودراسات مختلفة، ده غير جامعات متخصصة في الأمن القومي والسياسة الخارجية والعلوم العسكرية، ومن قبلها لجان خاصة في مجلسي النواب والشيوخ فيها أعضاء الحزبين الرئيسيين بيتناقشوا ويختلفوا كمان، زي ما شفنا الخلافات الكبيرة حول قرار ترامب الانسحاب من سوريا واعتراض البنتاجون عليه واختلافات كبيرة بين المختصين اتناقشت في الإعلام علنا.
– وعشان كمان لما يحصل تداول للسلطة ما بين الأحزاب هناك ميبقاش في حزب أو رئيس “جاهل” بالملفات الهامة وكواليسها، أو تتساب الملفات ده للعسكريين فقط.

– وبالتالي حتى لو إحنا داعمين للخطوة الإيجابية الأخيرة، وأي خطوات ايجابية في أي ملف لازم نشيد بيها زي ما بنعمل دايما، لكن ده ميمنعش إنه الطريقة الفردية خطر على المؤسسات وعلى المجتمع دلوقتي وفي المستقبل، ونتج عنها مثلاً التفريط في جزر مصرية في البحر الأحمر مهمة جداً استراتيجياً وعسكرياً لمصر، وإنه قرارات زي المشاركة في تحالف عسكري أو دخول حرب من عدمه ده مينفعش تبقى مجرد قرار من شخص أي رئيس أو أي وزير دفاع، بل بلدنا اللي بنحلم بيها فيها شراكة أوسع للمؤسسات وللمواطنين.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *