– قبل أيام النائب العام أحال طبيب وأب لمحاكمة جنائية عاجلة بتهمة إجراء عملية ختـان لثلاث بنات اخوات أعمارهن ٨، ٩، ١١ سنة في مكان تابع لمركز جهينة بمحافظة سوهاج.
– اللي حصل إن الأب خدع بناته وقالهم أنا جايبلكو دكتور يديكو تطعيم ضد الكورونا! البنات أخدوا حقن مخدرة، ولما صحيوا فوجئوا باللي حصللهم، وبلغوا والدتهم المنفصلة عن والدهم، ووالدتهم اتصلت فوراً بخط نجدة الطفل على رقم ١٦٠٠٠ وقدمت بلاغ بالواقعة.
– طبعا قرار سريع زي ده من النيابة العامة وصدور بيان خاص يستحق إشادة كبيرة، خاصه أنه رغم وجود قانون لتجريم الخـتان من ٢٠٠٨ وتشديد عقوباته في ٢٠١٦، إلا أنه واقعيا الحالات اللي اتحاكمت نادرة جدا والسبب الرئيسي عدم الإبلاغ.
– بيان النائب العام اتكلم عن الموضوع من الناحية الشرعية وعرض رأي المؤسسات الدينية المؤيد لتجريمه، وإن لولي الأمر “تقييد المباح” بعد ثبوت ضرره أو لسد الذرائع، وبعدها ووجه نداء لكل الأهالي: “صححوا المفاهيم والمعتقدات وحافظوا على سلامة الفتيات والبنات”
– نتمنى أن اللي حصل يكون بداية لتطبيق أكثر حزما للقانون، ويكون بداية لإصلاح مهم في القانون نفسه وسد الثغرات اللي موجودة فيه.
– كل التحية للبنات اللي مسكتوش، وللأم اللي أبلغت، وبندعو الكل لو يعرف واقعة لسه هتحصل يحاول يمنعها أو يتصل للإبلاغ على الرقم ده ١٦٠٠٠.
– كتبنا قبل كدة عن خـتان الإناث في فبراير اللي فات بعد وفاة الطفلة ندى من محافظة أسيوط بسبب مضاعفات عملية الخـتان وشرحنا الحقائق العلمية المرتبطة بالجريمة دي، وانها ملهاش علاقة بعفة المرأة زي مابيتروج ليها، وردينا على التبريرات اللي بتتقال، وهنعيد هنا نشر أجزاء من البوست السابق.
*****
من الناحية الطبية، إيه أضرار ختـان الإناث؟
١- مضاعفات العملية الخطيرة، زي النزيف الحاد لأن المنطقة غنية بالأعية الدموية ما قد يؤدي للوفاة، وأيضا لإن المنطقة غنية بالأعصاب قد يسبب صدمة عصبية تؤدي للوفاة برضه.
٢- التئام الجرح بيعمل “ندوب” (يعني مكان الأنسجة الطبيعية بتتكون ألياف أكتر صلابة) فد تسبب تضيق فتحة البول واحتباسه المستمر، أو تضيق فتحة المهبل وآلام شديدة بالدورة الشهرية.
٣- مشاكل جسدية مباشرة في العلاقة الجنسية بعد الزواج، والأطباء هنا بيقولو ان بظر المرأة يقابل تشريحيا العضو الذكري للرجل، يعني ده عضو في الجسم زي أي عضو مش مجرد “حتة جلد” زي ما بيتقال بجهل، وأزواج كتير بيشتكوا من أزمات مختلفة ده سببها.
٤- مشاكل نفسية في العلاقة الزوجية، بعض البنات بتجيلهم صدمة نفسية تتعقد من أي اقتراب من المكان ده في جسمها، أو بالعكس قد يصيبها هوس بالمكان ده في جسمها.
٥- أبحاث حديثة وجدت علاقة وثيقة بين الختـان والعقم.
– في ٢٠٠٥ باحثين من معهد كارولولينسا في السويد اشتغلوا على دراسة في السودان وجدت إن نسبة العقم بتزيد ٥ إلى ٦ مرات عند المختونات عن غير المختونات، بسبب تعرضهن للعدوى البكتيرية اللي بتوصل للجهاز التناسلي، أو الالتهابات والندوب.
– نفس النتايج بيأكدها أطباء مصريين، مثلا الدكتور حسين فايد، أستاذ امراض تأخر الانجاب بطب الأزهر، قال في مؤتمر علمي بمصر ٢٠١٤ ان ختـان الإناث من الأسباب الرئيسية لحالات العقم في مصر.
٦- مضاعفات أثناء الولادة، لإن المكان اللي تعرض للجراحة والندوب قد يؤدي لتضيق المهبل وعسر الولادة وخطورة على الطفل، أو يؤدي لنزيف الأم وخطورة عليها تصل للوفاة.
وممكن كمان تقروا على هاشتاج #حكايات_الختـان تجارب مؤلمة لبنات اتعرضوله وبيحكو عن المآسي اللي عانوا منها.
*****
لكن ازاي بعض الأطباء بيعملوا بنفسهم الجريمة دي رغم كل ده؟
– طبعا دي مشكلة رئيسية لإن ده بيدي شعور لبعض الأهالي انه عمل مفيد، وحسب مسح عملته منظمة اليونسيف في 2014 لقوا إن 82 % من عمليات الختـان بتتعمل على ايد أحد أفراد الفريق الطبي، سواء من الأطباء أو المعاونين أو التمريض.
– للأسف كل المهن فيها فاسدين أو جهلاء، زي ما وارد بعض المهندسين يغشوا في بناء عمارات وتقع مثلا، ده ميخليش اللي عملوه صح.
– أي دكتور محترم هيبقى عارف إنه محدش بيخترع طب لوحده، والطب اللي في المراجع العلمية بما فيها أبحاث الأطباء العرب والمسلمين مفيهاش أبدا حاجة اسمها “ختـان الإناث”، لكن اسمها جريمة “تشويه الاعضاء التناسلية للإناث” بمعنى انه تدخل جراحي بلا داعي طبي.
– يعني مفيش أساسا مرجع علمي لطريقة إجراء العملية، عشان كده بنشوف اختلافات في الجزء اللي بيتم بتره بين محافظات مختلفة في مصر، وبين الدول الافريقية المختلفة، وبالتأكيد ده أبعد ما يكون عن الممارسة العلمية.
*****
“لازم يتكشف على كل بنت من دكتور أمين عشان فيه بنات عندها عيب خلقي لازم يتصلح وبنات سليمة”؟
أو مش وارد فعلا تتعمل “عملية تجميل”؟
– أي طفل ذكر أو أنثى وارد يكون عنده عيب خلقي نادر، بس ده لازم يسبب مشكلة، مثلا فعلا بيحصل نادرا ان بنات بتتولد بانغلاق تام بالمهبل فبتشكي وقت البلوغ من انتفاخ البطن وألم شديد جدا لاحتباس الدورة فتحتاج عملية بالمكان ده، لكن ده موضوع تاني خالص، دي عملية مذكور بمراجع الطب دواعيها وطريقتها ملهاش أي علاقة بالختـان.
– ده حتى لو موجود فعلا عيب خلقي محدش بيحط طفل تحت خطورة الجراحة، إلا لو فيه شكوى خطيرة واضحة، ده احنا بنشوف ناس مولودين مثلا ب ٦ صوابع مكان خمسة في القدم أو اليد، والأهل بيسيبو الطفل لما يكبر ويشوف هيشيلها ولا لا مادامت مش مأثرة على حياته، وفيه ناس بتسيبها فعلا!
– نفس الكلام من باب اولى عن “عمليات التجميل” اللي ممنوعة تماما تجرى للأطفال خاصة انهم بيكونو عرضة للنمو وتغير شكل الجسم.
– للأسف عندنا ثقافة منتشرة ان جسد الطفل ملك الأهل بالكامل، بتوصل ساعات لحالات الأهالي اللي بيضربوا اولادهم لدرجة التعذيب حتى الموت، زي قصة أستاذ الأزهر اللي ضرب ابنه بسير غسالة حتى الموت، وقصة الطفلة جنة وغيرها من المآسي.
*****
هل الجانب الديني هوا السبب؟
– للأسف عندنا ناس كتير بتخلط العادات بالدين، والختـان في مصر عادة فرعونية مذكورة في البرديات من آلاف السنين، وبعض الباحثين يرجح إنها اتنقلت للفراعنة من رحلاتهم التجارية إلى “بلاد بونت” اللي هيا الصومال حاليا، يعني دي موجودة من قبل الاسلام والمسيحية خالص!
– احنا هنا مش صفحة دينية، وهنكتفي بنقل فتاوى التحريم من دار الافتاء والأزهر هتلاقوها في المصادر، وفيها كلام تفصيلي سواء مناقشة الأحاديث الضعيفة، أو مرجعية “مقاصد الشريعة”، ده غير سؤال بسيط طرحه المفتي شوقي علام إننا إزاي وردنا في السيرة ختـان الرسول للحسن والحسن ولم يردنا أي واقعة ختـان لبناته لو كان أمر بيه فعلا؟
– لكن اللي نحب نضيفه هنا ونفكر فيه: هوا ازاي حاجة دينية كده مش موجودة في السعودية نفسها ولا في الغالبية الساحقة من البلاد الإسلامية؟!
لو شفتو التعليقات على خبر وفاة ندى في أي وسيلة إعلام عربية هتلاقو تعليقات كتير من عرب بكل الجنسيات ميعرفوش أي حاجة عن الموضوع ده، إزاي متبقاش موجودة إلا في البلاد المرتبطة بأفريقيا زي مصر والسودان والصومال، زينا زي دول افريقية تانية زي إثيوبيا ومالي وكينيا؟
– وطبعا عندنا مسيحيين في مصر من ممارسي نفس العادة والكنيسة بتبذل جهود من جانبها.
*****
ايه المفروض يحصل عشان يتفعل القانون؟
– المشكلة الرئيسية هنا إن تقريبا مفيش أي بلاغات بتوصل للقضاء إلا لو البنت ماتت، وحتى زي ساعات يخبوها زي ما شرحنا، لأن أصحاب المصلحة متواطئين سواء كانو الأهل أو المجرم مرتكب العملية.
– المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والاجتماعية عملت ورقة موقف بتتكلم عن تفعيل مادة تجريم الختـان، اقترحت سياسة مختلفة وهيا ان خلق مصلحة مباشرة لدائرة أكبر من الأشخاص اللي لهم علاقة بالطفلة ممكن يؤدي لزيادة البلاغات.
١- لو اتحددت عقوبة لـ “مدير المؤسسة الطبية” اللي حصل فيها ختـان وكان عارف بحدوثه، هيبقي من مصلحته انه يبادر بالابلاغ ويقول مكنتش أعرف عشان ميتعاقبش.
٢- تاني حاجة التمييز بين الأهالي والدكاترة في العقوبة، عشان بالوضع الحالي الأهل والطبيب عليهم نفس العقوبة، فبحالات كتير الأهالي بيخافو يبلغو لو ماتت الطفلة عشان ميتسجنوش، وكمان بعض الحالات اترصدت ان البنت بتتساب تنزف عدة أيام لحد ما تموت أو توشك على الموت عشان الأهل خايفين يروحو بيها مستشفى يتبلغ عنهم.
٣- ورقة المبادرة بتقترح السماح قانونا بالاعفاء من العقوبة أو تخفيفها للأهل لما يبادروا بالإبلاغ مع بقاء إدانتهم بارتكاب الجريمة، وتقترح اعتبار الفاعل الأصلي هوا مجري العملية خاصة انه الطبيب عارف كويس مدى عدم قانونية الفعل، وهيكون الردع أوقع لو كل مجرم منهم عرف ان الاهالي مش هيكونو بالضرورة في نفس صفه ووارد هما اللي يبلغو عنه لو حصل ضرر
٤- لو تغير التكييف القانوني لوفاة بنت أثناء الختـان، وبقي “جرح أدى إلى وفاة” هيكون فيه عقوبة أكبر ممكن توصل ل15 سنة سجن مشدد وده هيكون رادع أكبر.
*****
– غير التفاصيل القانونية فللأسف التعامل الرسمي العملي في قضية الختـان مش بيظهر غير لما فتاة تموت أثناء الجراحة، وفي قصة ندى مثلا ظهر ان الطبيب ده كان معروف باجراء الجريمة دي في المنطقة من سنوات طويلة، ليه مفيش أي جهة تدخلت إلا لما ضحية ماتت؟!ليه عمرنا ما شفنا حملات تستهدف المعروفين بالممارسة دي وده مش بيكون سر خاصة في القرى والأرياف؟
– بشكل عام الأضرار الجسدية والنفسية البالغة واللي ممكن توصل للوفاة تستحق من الدولة والمجتمع، اهتمام أكبر، ولازم يتم تكثيف حملات التوعية بطرق فيها مصداقية مش تسديد خانات موظفين، في المدن والقرى، في المدارس والإعلام والمساجد والكنايس وكل المساحات العامة، سواء بمجهودات الحكومة أو المجتمع المدني. حياة وصحة أطفالنا يستحقوا مجهود أكبر في التصدي للجريمة دي.
– فريق الموقف المصري بيحيي مرة أخرى تحرك النيابة الإيجابي والسريع في القضية دي، ونتمنى التحرك دا يكون بداية تفعيل القانون في الملف ده وانتهاء الجريمة نهائيا من كل مصر.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *