– خلال الفترة اللي فاتت الحكومة بدأت المشروع القومي لتبطين الترع، بكلفة ضخمة تصل إلى 98 مليار جنيه.
– المشروع في حد ذاته مطلوب وإيجابي، وكمان لما طلعت اشاعات ان الفلاحين هيدفعوا الكلفة وزارة الري أكدت أنه ممول من الموازنة العامة ومفيش أي تكاليف يدفعها الفلاحين.
– المشروع مطروح من زمان، ويكتسب أهمية أكبر مع المخاوف حول مياة النيل المرتبطة بسد النهضة.
– النهاردة هنشوف إيه هو مشروع تبطين الترع؟ وليه مهم في الوقت الحالي أننا ننتهي منه؟ ومين اللي بينفذه؟ وإيه مصدر تمويل المشروع؟
*****
إيه هو المشروع القومي لتبطين الترع؟
– هو مشروع قديم جداً بنسمع عنه من أيام مبارك، وزي ما شرحنا سابقا مصر دخلت الفقر المائي قبل سنوات وده سواء سد النهضة أثر علينا أو لم يؤثر.
– هدف المشروع تبطين وتأهيل الترع في مصر عشان الحفاظ على المياه المتسربة من الهيكل القديم للترع وأيضاً ضمان وصول المياه للأراضي اللي في أخر الترع.
– المشروع بيستهدف بالأساس توفير أكثر من 5 مليارات متر مكعب من المياه، اللي بيتم هدرها وفقدها فى الشبكة المائية على طول مجرى الني، وكمان تحسين حالة الرى فى مساحة مليون فدان.
– هنا لازم نذكر إنه طول شبكة الترع العمومية في مصر حوالي 33 ألف كيلو متر طولى، بعد ما تم حصر جميع الترع المتعبة واللي فيها مشكلات فى وصول المياه إلى النهايات وفيها انهيارات في الجسور، وتقريبا الطول الإجمالى للترع دي حوالى 7000 كيلو متر طولى، وبالتالي تحتاج إلى أعمال التأهيل “التبطين”.
– المشروع من المفترض بحسب تصريحات رئيس مصلحة الري أنه بيتم على مرحلتين، المرحلة الأولى بتكلفة 18 مليار جنيه والهدف منها رفع كفاءة وتبطين 7000 كيلو متر من الترع بحلول 30 يونيو 2021، بعد ما جرى تنفيذ 5 آلاف كم منها لحد دلوقتي، ويتبقى 2000 فقط، بحسب تصريحات المهندس شحتة ابراهيم، رئيس مصلحة الرى خلال مداخلة هاتفية ببرنامج “90 دقيقة” المذاع عبر فضائية المحور.
– لكن في نفس الوقت بنلاقي أرقام أخرى من وزير الري نفسه بتقول أنه طول الترع في المرحلة الأولي حوالي 6185 ومن المتوقع الإنتهاء منها في 2022.
– المتحدث باسم وزارة الري محمد غانم كان عنده أرقام تانية للمشروع، بيقول أنه المشروع مرحلته الأولى هتنتهي في 2022، وأنه تم الانتهاء حاليا من 1000 كليو متر بس وهيتم الانتهاء من الـ5000 آلاف في نص 2022 وتبدأ بعدها المرحلة التانية.
– وكان المهندس محمود السعدى المشرف على مشروع تبطين الترع قال في فبراير اللي فات إنه تم الانتهاء من تأهيل ترع بأطوال 1075 كم فى 20 محافظة، فيما يبلغ إجمالي الأطوال المتعاقد عليها للتأهيل بلغت 6700 كيلو متر فى مختلف محافظات الجمهورية، وجار العمل في 4100 كم .
– الإطار الزمني ومعدل الإنجاز لحد دلوقتي مش واضح وتصريحات المسئولين متضاربة شوية، ودي علامة استفهام كبيرة على المشروع خاصة أنه بقى جزء من مبادرة حياة كريمة اللي مش واضح تفاصيلها برضة بشكل كامل.
*****
هل دي تكلفة مناسبة للمشروع؟
– الواضح من كل التصريحات دي أنه في إتفاق على التكلفة اللي هي 98 مليار جنيه لتبطين 20 ألف كيلو من إجمالي 33 ألف كيلو هي طول شبكة الترع في مصر، بدون تفاصيل.
– ده يعني أنه تكلفة تبطين الكيلو الواحد حوالي 5 مليون جنيه تقريبا، لكن المهندس فتحي رضوان رئيس قطاع التوسع الأفقي والمشروعات بالوزارة بيقول أنه تكلفة الكيلو تصل لـ 3 مليون جنيه بس.
– ده يعني أنه المشروع الحالي في تقريبا 40 % زيادة في التكلفة، إحنا مش بنقول أنه ده بالضرورة معناه وجود إهدار او فساد لأنه ممكن يكون الزيادة دي هي زيادة في تأهيل الترع قبل التبطين يعني حفر وتنقية قبل وضع الخرسانة والأحجار أو غيرها من الأعمال، لكن كل دي أسئلة مفتوحة بسبب أنه مفيش دراسات جدوى ولا أي تفاصيل فنية منشورة من الوزارة ولا أي مناقشة فنية علنية حصلت مع خبراء او في البرلمان، يعني الموضوع محتاج توضيح وشفافية.
– المثير للتساؤل كمان في المشروع أنه الشركة المنفذة هي الشركة الوطنية للمقاولات العامة والتوريدات، التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية (شركة للجيش يعني ) واللي من المفترض بحسب كلام المسئولين أنه دخولها في المشروع كان لتقليل التكلفة لأنها هتستخدم طريقة جديدة في التبطين اسمها خلايا الجيوسيل وهي خلايا من البوليمرات (مادة شبيهة بالبلاستيك) من المفترض أنه بتوفر وقت وجهد وفلوس كتيرة.
– لكن اللي حصل إنه التكلفة ظلت عالية كما هي، وده شيء غريب يحتاج لتوضيح من وزارة الري اللي أدت المشروع لشركة الجيش بالمخالفة لقانون التعاقدات الحكومية الجديد.
– في قانون التعاقدات الحكومية الجديد اللي هو قانون عليه مشاكل كبيرة أساسا لأنه لا يحقق أي معايير من الشفافية، المادة 63 بتنص على أنه لا يجوز التعاقد في أعمال المقاولات العامة بالأمر المباشر سوى في الحالات التي لا يزيد فيها قيمة المشروع عن 20 مليون جنيه.
– بالتالي إحنا بنتكلم دلوقتي عن مشروع بـ 98 مليار جنيه حسب المنشور، تم التعاقد عليه بين الوزارة وشركة تابعة للجيش ،ومحدش يعرف أي تفاصيل عن التعاقد ده، هل التعاقد مع شركة الجيش للإشراف فقط؟ وده في الغالب لأنه مشروع بالحجم ده محتاج مقاولين كثير من الباطن، ولا التعاقد مع شركة الجيش للتنفيذ؟ بالتالي هل كان ممكن نطرح مناقصة ونشوف أقل الأسعار والمحددات الفنية للمشروع وغيرها من الإجراءات اللازمة.
– الـ98 مليار دول 60% منهم هتوفرها الوزارة من مخصصاتها يعني الميزانية اللي بتتمول من ضرائب المصريين زي ضرائب الدخل والقيمة المضافة اللي كلنا بندفعها بما فيها الفلاحين، أو ديون تقترضها الحكومة وتسددها من الضرائب اللي كل المصريين بيدفعوها بالتالي لأنه دي فلوس الشعب فمن حقنا الرقابة على الفلوس دي، لأن 25% من مخصصات المشروع هتبقى قروض خارجية، و15% فى شكل منح من مؤسسات التمويل الدولية، اللي بتدعم برامج أنظمة الرى الحديث، وترشيد المياه فى الدول النامية.
*****
نشوف إيه من كل ده؟
– بالمجمل المشروع مهم وشيء كويس انه بيتعمل بعد سنوات طويلة من التأخير،لكن هنفضل نأكد إن المشاريع الكبيرة اللي زي دي لازم تكون فيها قدر عالي من الشفافية ولازم تخضع لمعايير عالية من التخطيط ودراسات الجدوى العلنية عشان يكون ليها تأثير حقيقي.
– شوفنا أيام مبارك وقبله مشاريع كثيرة لتطوير الري في مصر منها مشاريع برضه لتغطية الترع وتبطين ترع جديدة وغيرها، ده غير مشاريع ضخمة زي توشكى، أنفق عليها مليارات بدون أي عوائد حقيقية تناسب الي اتصرف.
– المشروع الحالي محتاج يكون جزء من خطة اوسع تتضمن مشاريع معالجة مياه الصرف الزراعي والصحي، ومشاريع لتحلية مياه البحر، بعضها أعلن عنه الرئيس السيسي بالفعل، ده غير حاجتنا لمشروع لتغيير نظام الري بالغمر إلى الري الحديث وده شيء صعب جدا ومليء بالتعقيدات لكنه مطلوب لمواجهة الطلب المتزايد على المياة والغذاء في مصر بفعل الزيادة السكانية.
– محتاجين كمان نستعين بخبرات من بره خاصة من الدول اللي ليها تاريخ في إدارة مياه الري زي هولندا وغيرها.
– مصر كان عندها مشروع قبل كدة مع الهولنديين في إدارة مياه الري، كان قائم على فكرة تكوين جمعيات لمستخدمي المياه من الفلاحين بالانتخاب، لكن للأسف المشروع بعد ما اتمول من البنك الدولي في التسعينات فشل فشل ذريع بسبب البيروقراطية الحكومية والفساد.
– تطوير نظم الري في مصر مش بس قضية اقتصادية ولا قضية فنية مرتبطة بتبطين أو تأهيل الترع، ولكنها قضية ليها جوانب كثيرة سياسية مرتبطة بالعدالة في الوصول للمياه بين المناطق المختلفة في مصر، وتطوير عملية إدارة المياة واللي بتدخل فيها تعقيدات سياسية وواسطة ومحسوبية بيتخلي القرية (س) تحصل على دورها في المياه بسبب أنه عضو مجلس الشعب الفلاني عارف مسؤول الري، وقرى تانية معندهاش التمثيل السياسي ده فبتواجه مشاكل في الري وتبدأ تستخدم المياه الجوفية وتعمل سحب جائر وتحصل خسائر كثيرة.
– مصر للأسف مفيش أي تمثيل حقيقي للفلاحين فيها في عملية صناعة القرار السياسي وخاصة القرارات المرتبطة بيهم زي تحديث نظم الري وتبطين الترع وغيرها، بالتالي دائما فيه الفجوة بين المستهدف واللي بيتحقق على أرض الواقع.
– مع الإشادة الكاملة بالمشروع، لكننا محتاجين وفلاحين مصر محتاجين يشوفوا تفاصيل عنه أكثر ويتم عمل حملات توعية وتمويل لتحويل جزء كبير من مزارع مصر للري الحديث وغيرها من المتطلبات المهمة لتحديث الري والزراعة في مصر.
– كل ده لازم يشمل إشراك الفلاحين والمجتمع المدني مع وزارة الري والاستماع لأراء الخبراء في المجال ده عشان نصمم مشروع متكامل للنهوض بالزراعة يكون في القلب منه رفع الإنتاجية الزراعية والدخل للفلاحين.
– وكل ده مش هيحصل بدون دور فاعل لنقابة الفلاحين اللي تم تأميمها وتهميش دورها في مصر من سنوات، ودور فاعل للنقابات المستقلة للفلاحين وأفق سياسي يتسع لسماع آراء الناس والنقاش المستمر والدائم حوالين الطرق الأمثل لتنفيذ المشروعات الشبيهة بتبطين الترع.



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *