في اجتماع مجلس الوزراء امبارح تم الإعلان ان الدكتور مصطفى مدبولي كلف الوزراء المعنيين “بوضع ضوابط للمستشفيات الخاصة التي بدأت تشارك في علاج المواطنين من فيروس كورونا، بحيث يكون هناك سقف محدد لتكلفة العلاج”.
– لحد دلوقتي لسه متمش الإعلان عن أرقام محددة للأسعار، لكن مهم نؤكد إن دي مجرد خطوة واحدة إيجابية ضمن خطوات كتير لسه غائبة وعملتها دول قبلنا ل “توحيد المنظومة الصحية”، يعني الدولة بتدير كل المنشآت الطبية والإمكانات والطواقم الصحية كوحدة واحدة لصالح كل الناس مش فئة منهم، وده مع التقدير للدور المهم للقطاع الخاص اللي بيستمر وبيتم دعمه كمان لكن تحت الإطار ده.
في البوست ده هنشرح مفهوم توحيد المنظومة الصحية، وهنعرض بعض تجارب الدول الأخرى.
*****
ليه الأسعار مرتفعة في القطاع الخاص؟
– من بداية إبريل اللي فات والمستشفيات الخاصة مسموح لها نظريا باستقبال حالات الاشتباه بكورونا بعد قرار من وزارة الصحة، في البداية مكانش فيه طلب كبير لإن الحالات كانت محددودة وضمن طاقة مستشفيات العزل، لكن مع التزايد السريع ظهرت الأزمة.
– حاليا بعض المستشفيات بتقدم الليلة ب ١٠ آلاف أو ٢٠ ألف أو ٣٠ ألف جنيه، او اجمالي ١٠٠ – ٢٠٠ ألف جنيه مقابل أسبوع علاج، وحتى شفنا قايمة أسعار متداولة من مستشفى حكومي هوا القصر العيني الفرنساوي بيظهر منها ان السعر ١٠٣ ألف جنيه لكن تم نفيها بعد الانتقادات الكتير ليها.
– المستشفيات الخاصة بتبرر ده بأنها بتدفع للطواقم الطبية رواتب أكبر عشان يتعاملوا مع حالات كورونا وكمان ارتفاع أسعار المستلزمات.
– لكن رغم ان ده جزء من الصورة لكن ميبررش الأرقام الضخمة دي خاصة في ظل تفاوتها الكبير، والواقع ان العلاج تحول لسلعة، وزي أي سلعة زيادة الطلب عن العرض بيؤدي لرفع تمنها، بالذات لما نشوف ان المستشفيات الخاصة نفسها بقت مكدسة والناس اللي معاها فلوس مش لاقية أماكن بسهولة زي قصة النائب عمرو وطني، واللي بحسب أصدقائه فضل يدور على مكان لحد ما مستشفى العاصمة قبلت به وبأسعار مرتفعة جدا.
*****
ليه ده مشكلة؟
– أولاً انه بيخالف الدستور والقانون، المادة ١٨ بتقول إنه “يجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة”، يعني بالدستور مش من حق أي مستشفى تمنع دخول مريض طواريء لإن معوش فلوس!
وبالقانون عندنا أكتر من قرار وزاري، منها الصادر في ٢٠٠١ وكمان في ٢٠١٤ بيلزم أي مستشفى بتقديم العلاج مجانا فورا لمريض الطوارئ أول ٢٤ ساعة أو أول ٤٨ ساعة، وبعدها لو طلع مش معاه فلوس تتكفل وزارة الصحة بدفع نفقاته، وده للأسف قرار متمش تفعيله.
– ثانياً إن بالوضع الحالي مفيش أي آليات موحدة لتصنيف الحالات حسب خطورتها واحتياجها إلا مين معاه فلوس ووصل الأول، وبالتالي وارد شخص غني وهوا الأكثر حاجة للمكان ده بسبب حالته المتأخرة، وبرضه ميلاقيش مكان ويموت للأسف.
*****
اتعاملوا ازاي مع الملف ده بالخارج؟
– في كل الدول تقريبا اللي اتعرضت لضغط وباء كورونا حصل نوع من تدخل الحكومة لإدارة القطاع الخاص وتوحيد كل الطاقات الصحية تحت منظومة واحدة، رغم اننا بنتكلم عن دول عندها أصلا قطاع صحي حكومي أكبر من مصر بكتير.
– في أسبانيا أصدر سلفادور إيلا وزير الصحة قرار بالتأميم المؤقت لكل المنشآت الصحية في البلاد أيا كان مالكها، وكمان حصول الحكومة على كامل مخزون وإنتاج شركات التجهيزات الطبية تشمل الأقنعة والكمامات والاختبارات وغيرها.
وبالتالي الدولة بشكل مباشر تولت توزيع الحالات وإدارة القطاع الخاص، مع حفظ حقوقه في ملكية استثماراته طبعا.
– في بريطانيا عملوا نموذج مختلف، وهوا تأجير القطاع الخاص، وهيئة الخدمات الصحية البريطانية “إن إتش إس” حددت سعر 300 استرليني في اليوم لكل سرير في المستشفيات الخاصة لعلاج كورونا، الاتفاق ده الحكومة أجرت بيه حوالي 8000 سرير لعلاج مصابي كورونا، وكانت بتدفع يوميا 2.4 مليون جنيه إسترليني يوميا للقطاع الخاص.
– الاتفاق ده كان مفيد كمان لشركات القطاع الخاص الصحية هناك لأنهم كانوا بيعانوا من خسائر بسبب الغلق الكامل للإقتصاد وكورونا وكانت كثير من السراير دي المخصصة لأمراض أخرى متوقفة. لكن طبعا هيئة الخدمات الصحية كان عندها أطباء تشغلها بعد ما تعاقدوا بسرعة مع أعداد إضافية من الأطباء.
– مش بس كدة لكن الحكومة طلعت قرارات غرضها تقليل مرتبات المديرين التنفيذيين للشركات دي في مقابل حصولهم على أجزاء من خطة الإنقاذ الحكومية للاقتصاد، لأنه طبيعي أنه ميكونش في مجال للتربح من المرض في ظل جائحة عالمية زي دي.
– اتفاقات مشابهة تمت في دول تانية زي أستراليا.
– حصلت قرارات شبيهة تخص دخول القطاع الخاص في منظومة الإنتاج الصحي، الرئيس الأمريكي ترامب أعلن عن تفعيل قانون الإنتاج، وده قانون يسمح بإجبار قطاعات الصناعة الأمريكية على إنتاج وتوفير الإمدادات اللازمة بوقت الطوارئ زي ما حصل في الحرب العالمية التانية، لكن المرادي استخدمه في إصدار أمر لشركة جنرال موتورز للسيارات انها تنتج أجهزة تنفس صناعي.
*****
فين الإدارة الموحدة للأزمة عندنا؟
– في بداية مايو الحالي الحكومة قررت إنشاء مجلس أعلى للصحة، من المفترض أن ده كمبدأ اجراء كويس لأنه مطلوب يحط خطط واستراتيجيات لإدارة القطاع الصحي كله، مع التأكيد انه ميكونش بديل لنقابة الأطباء كجهة تنظيم لتراخيص المهنة أو ياخد الصلاحية دي مقابل ان النقابة يكون لها تمثيل أساسي بالمجلس زي ما طالبت في بيانها.
– كمان توحيد إدارة الأزمة ليه دور تاني أساسي هوا توحيد بيانات الإصابة والوفاة، وبروتوكولات التحليل والعلاج.
– الكلام ده لا ينطبق بس على القطاع الخاص، لكن من باب أولى بنطبق على كل المنشآت الصحية الحكومية، زي المستشفيات الجامعية اللي تحت ولاية وزارة التعليم العالي مش وزارة الصحة، ومستشفيات الجيش والشرطة، ومستشفيات الوزارات، وحتى مستشفيات متنوعة تحت ولاية وزارة الصحة زي مستشفيات “الأمانة العامة”.
– الوضع اللي نتمناه هوا وجود منظومة واحدة عندها بشكل الكتروني بيانات كل سرير فاضي في مصر وهل معاه جهاز تنفس صناعي ولا لا وغيرها من التفاصيل، وبتتلقى بيانات المصابين، وتقدر توزع الأكثر احتياجا على السرير الأقرب والأنسب له، وده بغض النظر عن الحالة المادية للشخص.
– ونفس المنظومة الموحدة هتقدر توزع الكوادر الطبية والتجهيزات لو تم انشاء مستشفيات ميدانية.
– نفس المنظومة تسمح بتوسع عمل القطاع الخاص في الاطار ده، لأن الضغط أكبر بكتير من طاقة الحكومة لوحدها . مثلا في بداية الأزمة الحكومة قالت أنه ممنوع علي المعامل الخاصة إجراء مسحات كورونا، وأنه التحاليل لازم تتعمل في المعامل المركزية فقط، والحكومة فقط اللي حقها تستورد الكواشف.
الوضع الحالي ان بالفعل أماكن تانية بره المستشفيات الحكومة بتقدم خدمات التشخيص لكنه غير معترف بيه لإنه الحالات المسجلة هيا اللي بتعمل مسحات المعامل المركزية فقط!
طيب ايه المانع نفتح أبواب الاستيراد للقطاع الخاص، بحدود سعرية، ويتوحد ان الحالة الإيجابية في القطاع الخاص تتسجل على قاعدة بيانات موحدة زي ما حصل في أغلب الدول الأخرى؟ مشكلة كبيرة ان كل طرف يشتغل في جزيرة لوحده ومبيقاش عند الحكومة أو المجتمع صورة وافية لحقيقة الوضع.
– كل ده لا يغني عن بذل أقصى جهد وميزانية ممكنة من الحكومة لرفع طاقة المنظومة الصحية كلها، سواء باستيراد أجهزة تحليل وأجهزة تنفس صناعي ومعدات وقاية وغيرها، أو باستكمال بناء أو افتتاح أي منشآت صحية معطلة، أو باجتذاب أطباء مصريين خارج المنظومة أو تدريب أطباء من تخصصات مختلفة.
– طبعا كل الخطوات المذكورة كنا محتاجين نبدأ فيها بدري حتى من قبل الكورونا خالص، من سنين طويلة، وشفنا ازاي دول قدراتها الصحية والاقتصادية أفضل مننا بكتير وتعرضت برضه لأزمات كبيرة، لكن المهم دلوقتي في وقت الخطر الحكومة تتجاوب بأسرع وقت مع الإجراءات المطلوبة وتشارك المجتمع والجهات المعنية، ومطلوب مننا كمواطنين كل واحد يلتزم بأقصى درجات حماية نفسه بكل الوسائل المتاحة، وربنا يعيدها على خير بجهودنا كلنا سوا.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *