– من أيام اتنشر إن وزارة المالية هتسدد 600 مليون دولار إجمالي ديون مستحقة على هيئة قناة السويس (ضمن تكاليف مشروع تفريعة قناة السويس الجديدة في 2015). وده حصل رغم نفي المركز الإعلامي لمجلس الوزراء في أبريل اللي فات للخبر لما اتسرب أول مرة وقالوا دي شائعات، لكن المرادي ولا أي جهة رسمية علقت.

– في البوست هنشوف الحجم الحقيقي لديون قناة السويس.. وإيه مستقبل الديون اللي عليها؟ وهل الجدوى الاقتصادية اللي تحققت من المشروع بعد 4 سنين أد الوعود والكلام اللي أثير وقتها؟

****

ديون هيئة قناة السويس أد إيه؟

– الهيئة اقترضت في 2015، 1.4 مليار دولار من 8 بنوك حكومية وأجنبية عاملة في السوق المصري (الأهلي – مصر – التجاري الدولي – والعربي الأفريقي – القاهرة – الإمارات دبي الوطني – المشرق – العربي)، لدفع التزامات الشركات الأجنبية العاملة في مشروع تفريعة القناة الجديدة.

– الـ1.4 مليار دولار خدتهم الهيئة بقرضين، الأول بمليار دولار من الـ8 بنوك السابقين، والمفترض كان يتسدد على أقساط نصف سنوية لمدة 5 سنين، بواقع 300 مليون دولار كل سنة. يعني في نهاية الـ5 سنين المليار هيكون 1.5 مليار جنيه، يعني فايدة متراكمة 50% تقريياً للخمس سنين، يعني 10% فايدة عن كل سنة.

– الـ400 مليون التانيين، اقترضتهم الهيئة من 4 بنوك (مصر – العربى الأفريقى – التجارى الدولي – الأهلي).

– الهيئة تعثرت عن سداد 3 أقساط نصف سنوية في القرض في 2017 و2018، وده خلاها ترحل الدين للموزانة عشان يتسدد من ضرايب المصريين.
حسب جريدة الشروق حاليا البنوك تنتظر مراجعة المالية لعقود البروتوكول اللي بموجبه المالية هتسدد 600 مليون دولار، والهيئة هتسدد 300 مليون.

– غير القروض الأجنبية الهيئة عليها قروض محلية كمان، فيه ودائع بنكية بـ64 مليار جنيه مصري، هي شهادات أصدرتها 4 بنوك مصرية (الأهلي – ومصر – والقاهرة – وقناة السويس) تستحق السداد بعد 5 سنوات. (بفايدة 12% علي أول سنتين و15.5% علي آخر 3 سنوات).

– يعني الدولة هتسدد الـ64 مليار جنية، بفايدة متراكمة حوالي 70% من قيمة مبلغ التمويل الأصلي في 5 سنين، يعني بنتكلم في إجمالي 108 مليار جنيه (64 مليار المبلغ الأصلي و44 مليار الفايدة).

– وفق المعلن فالهيئة لسه بتنفذ مشاريع في القناة، ولسه معتمدة على القروض في هذه المرحلة لتنفيذ هذه المشاريع. وكل هذا الكلام جي قبل 4 شهور بس، من معاد سداد شهادات القناة. ولحد دلوقتي مش معروف إيه آلية الحكومة لتسديد كل هذه الديون. هل هتقترض تاني، ولا هتسدد من ضرائب المصريين وتكاليف الخدمات بعد الزيادة؟

– وطبعا كل كلامنا بدون ما نحسب ديون الهيئة المرتبطة بنشاطات غير قناة السويس الجديدة. واللي فيها ديون متراكمة من التسعينات.
*****

هل المشروع كان يستاهل اللي اتصرف عليه؟
– كتبنا قبل كدة في الموقف المصري بوست في تقييم المشروع، بيتضمن كلام خبراء عن حركة التجارة العالمية ومدى تعافيها في الفترة القادمة، وإن توقعات ارتفاع العائد من القناة الجديدة كان مبالغ فيه جدا.

– رئيس هيئة قناة السويس مهاب مميش قال إن في 2023 هتكون إيرادات القناة وصلت 13.2 مليار دولار، وده كلام شككت فيه وكالة “موديز” واحدة من أهم جهات التصنيف الائتماني في العالم.
الوكالة قالت وقتها إن مساعي الحكومة المصرية لزيادة الايرادات من 5.4 مليار دولار لـ13.2 مليار دولار في 2023 (زيادة 240% تقريبا) “تقوم على افتراضات بتعافٍ حاد في نمو التجارة العالمية، وهو أمر غير مرجح الحدوث”، وقالت إن ده بيتطلب نمو التجارة العالمية كل سنة في الفترة من 2016 لـ2023 بنسبة 10%، بينما الوضع الحالي 3% فقط.

– الموضوع من اللحظة الأولي كان مرتبط بعوامل خارج حدود الاقتصاد المصري نفسه، زي:
١- النمو في حركة التجارة العالمية.
٢- طبيعة الحركة نفسها، هل هتاخد رأس الرجاء ولا هتعدي من قناة السويس.
٣- مستقبل طريق الحرير الجديد.
٤- التغيرات التكنولوجية في التجارة العالمية وزيادة الاعتماد على النقل الجوي.
٥- معدلات نمو الاقتصاد العالمي نفسه، ونمو الصادرات في الدول المصدرة زي الصين ودول جنوب شرق آسيا
٦- أسعار البترول، وغيرها عوامل كتير كان لازم تخش في الحسبان أثناء التفكير في المشروع.

– واقعيا، ووفق موقع CEIC DATA المتخصص في تحليل البيانات، إيرادات القناة من أغسطس 2015 ليناير 2019 مش ثابتة، بتقل أو تزيد بنسب كبيرة على حسب حركة التجارة. ووفق بيانات الموقع، فأعلى معدل حققته القناة في الفترة دي كان 5.5 مليار دولار في السنة. وده رقم مبيدعمش أي تصور عن ارتفاع الإيرادات لـ13.2 مليار دولار كمان 4 سنين، إلا لو حصلت أحداث ضخمة في حركة التجارة العالمية.

– بأي مقياس كان، فمعدل نمو الإيرادات مش معبر بأي شكل عن الأرقام الكبيرة اللي اتصرفت في تفريعة قناة السويس الجديدة، واللي تكلفة إنشاءها تخطت الـ3.4 مليار دولار بحسب مميش، وكانت سبب في أزمة الدولار والتعويم.
*****

إزاي نتعلم من أخطاء ما حدث مع قناة السويس؟
١- إحنا قدام مشروع تم تنفيذه رغم أن جدواه الاقتصادية مش كبيرة زي ما الإعلام روج. ونفتكر كويس إزاي الإعلام وقتها كان ممكن يغتال معنويا أي حد بيشكك في جدوى مشروع تفريعة قناة السويس. وإزاي جرى تضخيم المشروع وأصبحت على لسان البعض “قناة سويس جديدة” وليست تفريعة جديدة. عشان كده مهم نأكد إن المشاريع الاقتصادية بالتأكيد ممكن الإعلام يساهم في نجاحها، بالتدقيق والمراقبة واستطلاع ونقل رأي الخبراء، لكن أكيد مش باللي كان بيحصل خلال تنفيذ المشروع.

٢- حاليا، إحنا أمام مشروع استهلك كتير من موارد المصريين، بالاعتماد على القروض اللي فوائدها عبء كبير على الدين العام، اللي تخطي 108% من الناتج المحلي ده غير انه كان من أسباب سرعة اتخاذ قرار التعويم اللي المصريين بيعانو من آثاره حتى الآن. محتاجين الجهات الرسمية بكل خطوة قادمة تعرف قيمة تجنب التسرع وعدم الدراسة المتأنية.

٣- تعثر هيئة قناة السويس في سداد القروض مؤشر خطير على الوضع الاقتصادي، واللي بدل ما تكون فيه قناة السويس مصدر للعملة أصبحت تستهلك العملة في سداد قروض بالدولار. لذلك مهم نركز ونهتم بكل البدائل اللي ممكن توفر العملة الصعبة، من أول زيادة الصادرات الزراعية والصناعية، ولحد تنشيط السياحة والاستثمار في المناطق السياحية.

٤- مفيش مشاريع بتنجح بدون شفافية وتدارك للأخطاء اللي ارتكبت. لذلك لو احنا بدولة تحترم مواطنيها كان مفروض يتاخد اجراء زي انه تتشكل لجنة ذات ثقة وثقل (تتضمن خبراء وأعضاء برلمان وممثلين للبنوك المُقرضة.. وغيرهم)، وتراجع اللجنة كل القرارت اللي تم اتخاذها بشأن القناة وجدواها، والخطوات الممكنة للتطوير، وتعرف الشعب بإيه اللي حصل وأسبابه.

٥- المساءلة والمحاسبة هما جوهر أي فعل بيستهدف التنمية الحقيقة. وكون فيه أخطاء كتير ارتكبت بشأن حفر تفريعة قناة السويس، فمهم نعرف مين كان ورا هذه القرارات، وهل تم محاسبته ولا لأ؟ ومهم نسأل، إزاي اللواء مهاب مميش مستمر في إدارته لهيئة قناة السويس من 2012، لو تأكدت مسئوليته عن الأخطاء والمبالغات اللي حصلت؟ ده غير طبعا المسائلة السياسية اللي مفروض مكانها هو صندوق انتخابات نزيه.

٦- بعد سنتين من المشروع، الرئيس السيسي قال في أحد حواراته إن “المشروع كان هدفه رفع الروح المعنوية للمصريين”، واتكلم بعد كده عن عدم أهمية دراسات الجدوى. وإحنا قصاد الطريقة دي في الإدارة بنكرر كلامنا عن أولوية دراسات الجدوى بأسس علمية وحيادية، وإن بشكل عام مهم التوازن بين الاستثمار في مشاريع البنية التحتية والطرق والكباري والمدن الجديدة وقناة السويس، وبين الاستثمار في صحة وتعليم المصريين، اللي هما أساس أي مستقبل أفضل للبلد.

*****
بوستات سابقة
:

:

:




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *