الشهر اللي فات اتقبض على عضو الكونجرس الأمريكي كريس كولينز، وهو نائب جمهوري من أبرز داعمي ترامب، بتهم فساد متعلقة بتلاعبه في أسهم البورصة.
ورغم ان ترامب انتقد اللي حصل لكن حتى الرئيس ميقدرش يأثر على العدالة في الدول اللي عندها (مؤسسات) بجد.

******
إيه اللي حصل؟
– النائب كريس عضو في مجلس إدارة شركة أدوية استرالية اسمها “اينات اميونوثيرابيوتيكس”، وبيملك أسهم في الشركة هو وأسرته.
– القصة بدأت السنة اللي فاتت لما النائب وصله بحكم موقعه بمجلس الإدارة معلومة من مدير الشركة في أستراليا إن التجربة السريرية اللي كانت بتعملها الشركة على دواء لعلاج التصلب المتعدد خلاص أثبتت فشلها.
– الدوا ده كان المنتج الوحيد للشركة، وفشله معناه ان سهم الشركة في البورصة هيخسر بشكل كبير، وده اللي حصل بعد كدا لما السهم سعره انخفض بنسبة 90 %.
– حسب التحقيقات اللي وردت في الادعاء، النائب حاول بسرعة أول ما جاله الخبر يتصل بابنه اللي عنده أسهم في الشركة، كلمه 6 مرات ماكنش بيرد، لحد ما وصله أخيرًا واتكلموا لمدة 6 دقايق، وابنه بعدها كلم والد خطيبته وقاله نفس المعلومات.
– بعدها فورًا الابن ووالد خطيبته باعوا الأسهم اللي بيملكوها، وقدروا بكده قدروا يتجنوا خسارة بحوالي 768 ألف دولار.
– لائحة الاتهام بتستشهد بسجلات المكالمات الهاتفية دي، والرسائل النصية وحسابات البنوك.
– تم اتهام النائب بالكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي، والإبن متهم هو وأبو خطيبته بالاحتيال. أطلق سراح التلاتة بكفالة سندات قيمتها 500 ألف دولار لكل واحد.
– حالياً النائب بيواجه 13 تهمة، ولو ثبتت كلها عليه هيواجه عقوبة السجن 150 سنة.

*****
إزاي اتعامل الوسط السياسي الأمريكي مع القصة؟
– رغم إن القصة قد تبدو لينا بسيطة وتأثيرها محدود، بمعنى إن الشركة الموجودة في أستراليا أصلًا، والمتضررين هما شريحة المساهمين في الشركة دي مش المال العام الأمريكي مثلا، وكمان النائب ده مباعش حصته ده اللي باع هما ابنه وأبوخطيبته، لكن القصة اخدت صدى جامد جداً في أمريكا.
– ترامب غضب جداً وانتقد على تويتر وزير العدل جيف سيشنز بسبب توجيه الاتهام لكريس، ولنائب جمهوري تاني يدعمه اسمه دانكان هنتر، بسبب ان هوا وزوجته استخدموا أموال الحملة تبرعات الحملة الانتخابية لمصاريف شخصية.
– السيناتور بين ساسي، العضو الجمهوري بمجلس الشيوخ يعني من حزب ترامب نفسه، كان رده: “الولايات المتحدة ليست جمهورية موز بنظام عدالة مزدوج، أحدهما لحزب الأغلبية، والآخر لحزب الأقلية. هذان الرجلان اتهما بجرائم لوجود أدلة، وليس بسبب من كان يتولى الرئاسة عندما بدأ التحقيق”
– رئيس مجلس النواب بول ريان قال ان كولينز هيتشال اسمه من لجنة التجارة والطاقة لحد ما يتم حسم القضية، وان الأمر يتطلب تحقيق من لجنة أخلاقيات مجلس النواب، رغم ان برائته أو ادانته شيء قضائي يخص المحكمة، لكن “التداول الداخلي” يعتبر انتهاك للثقة العامة.

كمان قال رئيس مجلس النواب ان كولينز لما عمل كدا ماكانش بيتصرف بصفته عضو في الكونجرس، لكن وضعه البرلماني عزز نفاق أفعاله. وقال ان “الشخص اللي بيساعد في كتابة قوانين الأمة اتصرف كأن القانون لا ينطبق عليه”.

– كمان إدارة البورصة بتدرس تمنع النائب من تولى منصبه بمجلس الإدارة، وتمنعه من أي تداول للأسهم.

– قبل كشف القصة كان مجلس النواب هيحقق مع النائب بسبب انه بيستخدم الأماكن الرسمية للترويج للشركة بحكم منصبه.

– فيه مسؤول آخر قريب من ترامب اسمه توم برايس، الراجل ده خد أسهم في الشركة بسعر قليل بحكم علاقاته مع كولينز، الراجل ده كسب ربع مليون دولار من أسهمه اللي باعتها قبل ما تخسر برضه حسبما تقول الصحف اللي كشفت القصة وبتتسائل عن مصيره، رغم ان الادعاء حتى الآن مجابش سيرته.
– ترامب في مرة تانية هاجم وزير العدل على قناة فوكس وقال ” عينت وزيرا للعدل لم يحكم أبدا زمام الأمور في الوزارة”، فرد عليه الوزير في بيان قال فيه إن نظام العدالة في الولايات المتحدة الذي يترأسه “لن يخضع أبداً للضغوط السياسية”.

*****

إزاي ده ممكن يأثر على الوضع السياسي هناك؟

– النائب المتهم من أكبر الداعمين لترامب، لدرجة انه أول نائب بالكونجرس أعلن دعمه ليه قبل ترشحه رسمياً .. فاللي حصل بيزيد من ضعف موقف ترامب اللي بيواجه التحقيقات في قضية التدخل الروسي وغيرها زي ما شرحنا سابقا.

– كولينز مرشح حاليًا في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، وحجم التبرعات لحملته كان كبير، لكن من وقت إعلان القبض عليه زادت التبرعات فورًا لمنافسه نيت ماكموري بعشرات آلاف الدولارات ( كانت أقل من 83 ألف دولار، مقابل 1.3 مليون دولار لكولينز).

– كان فيه محاولة من إدارة الحزب الجمهوري إنه يرشح حد بدل كولينز عشان يتفادى الخسارة المحتملة، لكن يبدو إن القانون مش هيخلى ده يحصل بسهولة.
– في الانتخابات الجاية حزب ترامب محتاج كل مقعد، لانه خسارته للأغلبية معناه احتمالية أعلى للتصويت على عزل ترامب.

– البعض بيقول لا كولينز مش هيخسر لانه المكان اللي هو فيه معقل للجمهوريين، زي ما كسب النائب مايكل جريم، لكن واقعياً حتى ده اضطر يستقيل بعد كده ويعترف بالذنب وبالتلاعب الضريبي.

– برضه النائب التاني دنكان هنتر، المتهم كان بيصرف من فلوس الحملة الانتخابية على نفسه وبيتفسح ويدفع منها أقساط بيته، بيواجه احتمال كبير انه يخسر بالانتخابات، والمرادي المرشح قدامه هو الأمريكي من أصل فلسطيني عمار كامبا نجار.

*****

وإحنا إيه الوضع عندنا؟
– من الناحية السياسية أكيد مفهوم ليه احنا منقدرش نتخيل في يوم وزير العدل والنواب والصحافة كلهم يقدروا يواجهوا الرئيس دون التعرض لضرر.
– من الناحية الجنائية للحوادث المشابهة ممكن نفتكر في 2010 كان فيه واقعة مشهورة حصل في شركة رمكو للقرى السياحية، كان عليها مديونية لعدة بنوك، فصاحبها رجل الأعمال أيوب عدلي أيوب، عمل عمليات بيع وهمية وزود سعر السهم من 9 جنيه ل 50 جنيه، وباع مليون ونص سهم، ورجع الفلوس للبنوك 18 مليون جنيه كانت مستحقة عليه، وكسب فوقيها فلوس كمان.

– المحكمة الاقتصادية حكمت على أيوب عدلي، وشخص تاني ممثل شركة وساطة مالية بالسجن سنة وغرامة 10 آلاف جنيه.

– مافيش أخبار كفاية بعدها بتقول إذا كان الحكم اتنفذ ولا حصل تسوية، لكن كان مساهمي الشركة بيطالبوا الرقابة المالية بالزامه بشراء أسهمهم، البورصة وقفت التعامل على أسهم شركته أكتر من مرة.
لكن الملاحظ ان ماكنش فيه إجراء حاسم ضده، وحالياً الراجل موجود عادي على رأس نفس الشركة، وكان أعلن ان شركته تبرعت في 2016 ب 60 مليون جنيه لصندوق تحيا مصر.

– علاء وجمال مبارك ما زالوا متهمين في قضية كبيرة اسمها التلاعب بالبورصة ملخصها حسب الادعاء انهم اشتروا أسهم البنك الوطن من الباطن وكانوا عايزين يبيعوها ويكسبوا فيها مئات الملايين، لولا إن الثورة قامت والموضوع انكشف.

القضية دي لسه شغالة ومفيش حكم صدر فيها، بل تم إعادة بعض الإجراءات في المحاكمة من الأول خالص، زي إعادة تشكيل لجنة الخبراء من جديد السنة اللي فاتت.
– لكن دخول الجوانب السياسية فيها بقى بيثير الشك في مصداقية الإدانة أو التبرئة، زي ما شفنا اطلاق سراحهم بلا مبررات، والقبض عليهم فجأة بلا مبررات، وشفنا الاستاذ ياسر رزق بيقول لما استأل ليه اتحبسوا ان السبب هو “الظهور الزائد” وقال كلام سياسي كتير مش جنائي عن القضية خالص .. وطبعاً محدش هيفكر يحقق معاه بتهمة اهانة القضاء!

*****

القانون عندنا بيقول إيه؟
العقوبات كانت مخففة جدا زي ما شفنا حكم الحبس سنة على علي أيوب، لحد في فبراير اللي فات وافق البرلمان على تعديلات بقانون سوق المال، وفيها المادة 64 الخاصة بالتلاعب بالبورصة وبقت السجن لمدة لا تقل عن سنتين، أو غرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه أو تزيد عن 20 مليون ، أو مبالغ مثل قيمة الأرباح اللي كسبها المتلاعب، أو أد اللي تجنب خسارتها أيهما أكبر، على “كل من أفشى سراً اتصل به بحكم عمله تطبيقاً لأحكام هذا القانون، أو حقق نفعاً منه هو أو زوجه أو أولاده أو أثبت فى تقاريره وقائع غير صحيحة”

ده وضع غريب في بلد بتحط عقوبات ضخمة جدا على أبسط الأمور زي شباب رفعوا يافطة، ونلقى الاعلام والنواب مركزين جدا مع الحاجات دي، بينما يتجاهلوا خطورة اللي بيتلاعب بأموال المساهمين وباقتصاد البلد.
نتمنى نشوف يوم نكون عايشين في بلدنا بقوانين ونظام عدالة “لا يخضع أبداً للضغوط السياسية”.

*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة