– خلال الأسبوع اللي فات ومع انتشار قصة “فتاة الإسكندرية” و “فتاة المنوفية” اللي هربوا من بيوت أهلهم بسبب ضرب الأب أو الأخ، بدأ نقاش في مواقع التواصل الاجتماعي، بين ناس شايفة إنه عادي ما كلنا انضربنا من أهلنا، وناس بترفض تماما.
– النهاردة هنتكلم معاكم في الجوانب المختلفة للعنف الأسري؟ ليه مش سليم الاحتجاج بإننا اتعودنا على كده؟ وإيه دور الدولة؟
*****
ايه حجم العنف ضد الأطفال والمراهقين في مصر؟
– عندنا أرقام ليها دلالات مهمة زي دراسة لليونيسيف في 2016 قالت أنه على الأقل 50 % من الأطفال في مصر بيتعرضوا للعنف الجسدي من قبل الأسرة.
– جزء من العنف ده مركز ضد البنات بشكل خاص، حسب تقرير البارومتر العربي 2017، كان من اجمالي المتعرضين للعنف 72 % من الحالات ضد فتيات، يعني البنات أكثر عرضة للتعرض للعنف داخل الأسرة من الأولاد بثلاث أضعاف تقريبا.
– من الواضح إن بيحصل زيادة سريعة جدا في رفض اللي بيحصل، في 2017 خط نجدة الطفل التابع للمجلس القومي للطفولة والأمومة تلقي حوالي 1959 بلاغ عنف، وفي 2019 تلقي أكثر من 11 ألف بلاغ، يعني البلاغات تضاعفت 10 مرات في سنتين!
– كلنا تابعنا قضايا اشتهرت في السنوات الأخيرة، زي قضية الطفلة جنة اللي توفت من حوالي سنة بعد تعذيب جدتها ليها وهي معدتش ال 5 سنين، أو الأستاذ الجامعي في طل الأزهر اللي قتل ابنه من الضرب، وغيرها من القضايا.
*****
هل العنف وسيلة تربوية مفيدة؟
– للأسف دي ثقافة شعبية منتشرة عند ناس كتير في مصر، سواء استخدام الضرب بمختلف الوسائل بالعموم، أو تحديدا ضد نساء الأسرة سواء البنت أو حتى الزوجة، مثلا في مصر في مثل شهير أنه ” اكسر للبنت الضلع يطلع لها أربعة وعشرين ” وغيرها من الأمثال الشعبية والعادات السلبية، بالإضافة طبعا لتأثير ظواهر اجتماعية زي الأمية والبطالة والفقر.
– وللأسف البعض حكى قصص مرعبة عن وسائل منتشرة زي الحرق بمعلقة اتسخنت على البوتاجاز، أو الضرب بخرطوم وغيرها.
– كل خبراء التربية والطب النفسي أجمعوا على تأثيرات العنف الأسري مرعبة علي المدي القصير والطويل:
1- الإصابات الجسدية اللي ممكن توصل للموت في حالات كثيرة شوفناها.
2- اضطرابات معرفية تمنع الأطفال من التحصيل الدراسي بشكل جيد.
3- اضطرابات نفسية زي الشعور بالرفض والخوف والقلق وعدم الشعور بالأمان، وممكن توصل لاكتئاب مزمن ومحاولات انتحار.
4- اضطرابات جسدية نتيجة الحالة النفسية اكثرها انتشارا التبول اللاإرادي.
5- أثار سلوكية عنيفة علي الأطفال مثل الميل للعنف في المدرسة، الهروب من المدرسة، استخدام المخدرات، أو حتى يسيبوا البيت ووممكن يتحولوا أطفال وبنات شوارع لو هما في طبقات أفقر.
6- ده غير آثاره بعد ما الطفل يكبر، ونشوف ناس كبار كتير عندهم تطبيع مع العنف بكل أشكاله، من أول الهزار مع بعض، والاعتداء على الناس في الشارع، ولحد الجرائم بكل أنواعها، أو الصورة الأكثر انتشارا انهم هما كمان يضربوا أولادهم.
– الأضرار دي كلها أكبر بكتير لو الضرب بيتعرض له شاب أو بنت في سن المراهقة أو أول الشباب، السن اللي مفروض الآباء يقربوا من أولادهم ويصاحبوهم، وعلى أسوأ الظروف لو كانوا بيعاقبوهم جسديا وهما أطفال لازم ده يتمنع تماما.
– للأسف البعض استخدم خطاب سلبي جدا زي عبدالله رشدي اللي رغم انه نصح الآباء باختصار بحسن المعاملة، لكنه ادى تركيزه الأكبر لمهاجمة البنت وكتب على تويتر “‏كنا نسمع من الكبار الذين يُحتَذَى بأخلاقِهم أن الأب لو ضرب ابنه بالحذاء، فلن يرد الابن إلا بتقبيل الحذاء ومناولته لأبيه. ‏صرنا اليوم نسمع من النسويات‬ وأشباه الرجال عبارة: “الأب غلطان ولازم يتحاسب!”.
– الكلام ده مش سليم، والأزهر الشريف السنة اللي فاتت أطلق حملة “أولو الأرحام” للتوعية بمخاطر العنف الأسري، والتراث الإسلامي ملئ بالقصص اللي بتضع مسؤولية على الآباء وممكن تغلطهم، زي قصة الرجل اللي اشتكى لعمر بن الخطاب عقوق ابنه، فاكتشف ان الوالد هوا اللي أخطأ من الأول لأنه مأداش واجبات أن “ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب”، فال للشاكي “أجئت إليّ تشكو عقوق ابنك، وقد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك”.
– وبالعقل والقانون مفيش منطق بيقول إن الأب مبيغلطش وميتحاسبش، يعني الأب اللي وصل لدرجة قتل ابنه أو بنته ده ملوش حساب برضه؟!
*****
طيب ايه الحل؟
– محتاجين تغيير علي نطاقين، الأول هو النطاق القانوني اللي هيضع آلية تخلي حماية الأطفال شأن ومسؤولية للمجتمع كله مش الأسرة فقط.
– القانون الحالي ورغم كل مشكلاته بيجرم العنف ضد الأطفال بالعموم، في قانون الطفل المادة الثامنة عقوبة بالحبس من 6 شهور ل 3 سنوات وغرامة من 2000 ل 5000 ألاف جنية، لكن المشكلة أنه القانون نفسه لا يطبق لاعتبارات كثيرة منها أنه منفذي القانون بيعتبروا العنف الأسري ده شأن خاص.
– التعديلات القانونية أو القانون الجديد لازم يحتوي على نصوص تخص العنف الأسري ضد الأبناء، وتغليظ العقوبة، وآليات لجهات انفاذ قانون مختصة ومدربة، واستحداث مؤسسات تقدم الدعم النفسي للأطفال والبنات المعنفين أو تقدم لهم ملجأ وده جزء منه بيتحقق في الجهود الخاصة باحتواء أطفال الشوارع.
– النطاق التاني للحل هو تغيير الوعي الشعبي نحو القضية، بنشوف تغيرات في الوعي ده بفعل الحملات اللي بتقوم بها منظمات المجتمع المدني المختلفة وكمان الحملات اللي قادها الأزهر الشريف.
– ده لازم يكون في جهد أكبر من الدولة وخاصة من الاعلام للتوعية ضد العنف الأسري والعنف ضد النساء في الأسرة، وعدم التطبيع مع الممارسات دي في الأعمال الفنية، والوعي ده طبعاً مرتبط بقضايا تانية زي مثلاً توفير وسائل تنظيم الأسرة بأسعار أرخص وإتاحة أكبر، لأنه التزام الأب والأم بعدد من الأطفال اللي يقدروا يتحملوا القدرة المالية والجسدية والنفسية لتريبتهم، هيخليهم قادرين يوفروا وقت ومجهود أكبر لتربيتهم بالوسائل الإيجابية.
– كمان الوعي ده مرتبط بالتعليم والمدارس وإنه يكون في رفض حقيقي لأي ممارسات عنف أو إهانة من المدرسين للأطفال.
– ويتم بنفس الوقت التوعية بالوسائل التربوية لضبط سلوك الأبناء أو عقابهم بدون الأساليب الجسدية والترويع والإهانة.
– أطفالنا وأبنائنا مش ملكية خاصة، دول أمانة إنسانية ودينية إننا نحسن تربيتهم قدر الإمكان، ونخلي شخصيتهم سوية بترفض أي اعتداء أو إهانة لكرامتهم، الأطفال والأولاد لازم تكون علاقتهم بأهلهم علاقة حب واطمئنان وثقة مش خوف ورعب وضيق، وخلونا نفتكر كم الجرايم والاعتداءات والمشاكل اللي بيتعرضلها ولاد وبنات كتير وبيخافوا من مواجهة أسرهم بيها عشان متوقعين ردود فعل عنيفة وقاسية، وده ميساهمش أبداً في خلق الشخصية السوية اللي نتمنى نشوف ولادنا بيها.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *