– خلال السنوات اللي فاتت مصر نجحت أنها تعمل قفزة كبيرة في ملف تحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحي، مع استثمارات أكتر مخططة للمستقبل، رغم دخولها المجال متأخر.
– القفزة كانت على مستوى الأرقام الخاصة بكميات المياة، وأيضاً على مستوى نوعية بعض المشاريع اللي حققت عوامل كفاءة وحفاظ على البيئة، زي فوز محطة معالجة المحسمة في الإسماعيلية بجوائز دولية، تم اختيارها كأفضل مشروع لمعالجة المياه لعام 2020 من مجلة ’Engineering News-Records‘ الأمريكية، وأيضا كأفضل مشروع عالمي لإعادة تدوير المياه لعام 2020 بمجلة كابيتال فاينانس الدولية CFI.
– مهم جداً نؤكد إن تحقيق تقدم في الملف دا مش معناه أبداً القبول بأي أمر واقع بخصوص سد النهضة، واللي كتبنا قبل كده كتير إنها مسألة حياة أو موت بالنسبة لكل المصريين.
– مصر دخلت مرحلة الفقر المائي قبل سنوات، وحصتنا من النيل (55 مليار متر) دي اتحددت بينما سكان مصر حوالي 22 مليون نسمة، بينما احنا النهاردة تجاوزنا 100 مليون، فأي تقدم في تعظيم موارد مصر المائية هو شيء ضروري سواء مع أزمة السد أو من غيرها.
– إيه اللي حصل في ملف تحلية ومعالجة المياة في مصر؟ وايه اللي ممكن يتعمل أكثر عشان نتطور بشكل أسرع في المجال ده؟
***
إيه اللي بيحصل في ملف تحلية مياه البحر؟
– مصر حاليا فيها 76 محطة لتحلية مياه البحر، معظم المحطات دي أُنشئت في الست سنوات الأخيرة، عشان ترتفع القدرة الإنتاجية للمحطات من 80 ألف متر مكعب يوميا في 2014 لحوالي 800 ألف حاليا.
– الزيادات اللي حصلت في عدد المحطات وفي الطاقة التصميمية ليها اتكلفت مليارات من الموازنة العامة للدولة خاصة أنه الاستثمار في المياه في الفترة الحالية أولوية.
– حاليا أيضا وبحسب وزارة الإسكان بيتم تنفيذ 14 محطة لتحلية مياه البحر، بطاقة إجمالية 476 ألف م3/يوم، بتكلفة 9.71 مليار جنيه عشان ترتفع القدرة الإنتاجية لمحطات تحلية مياه البحر في مصر لحوالي 1.3 مليون متر مكعب يوميا بحلول يوليو 2022.
– طبعا الرقم ده رغم أنه يبان كبير إلا أنه نقطة في بحر من احتياجاتنا المائية السنوية واللي التقديرات بتقول حوالي 75 مليار متر مكعب سنويا، وطبعا لو حسبنا المياه الافتراضية اللي هي احتياجاتنا الكاملة من المياه للزراعة واللي بنعوضها عن طريق عدم زراعة المحاصيل واستيرادها من الخارج ممكن الرقم ده يوصل لـ110 مليار متر مكعب سنويا.
– وده يعني أنه تقريبا المحطات دي كلها هتنتج حوالي 400 -450 مليون متر مكعب سنويا بس، يعني أقل من 1 % من المياة اللي بنحتاجها كل سنة.
– الجدير بالذكر أنه تكلفة تحلية مياه البحر مرتفعة جدا، محطة التحلية بتتكلف أربع أضعاف محطة المياة العادية كاستثمارات في الإنشاءات، تكلفة إنتاج المتر المكعب الواحد حوالي 15 جنيه، وده مبلغ مرتفع جدا ومحتاج استدامة في التطوير والخبرات علشان يقل مع الوقت مع تقدم تكنولوجيا تحلية المياه في العالم.
– لكن الاستثمار في المحطات دي دلوقتي وإن كان فيه مشكلات اقتصادية تتعلق بالتكلفة إلا أنه مهم لأنه بيسمح لمصر أنها تراكم خبرات في المجال في انتظار أنه التكنولوجيا تتطور عشان تبقي عملية التحلية أرخص، ودا شيء البداية فيه من بدري مهمة.
***
إيه اللي بيحصل في ملف معالجة المياه؟
– موضوع معالجة مياه الصرف الصحي والزراعي هو على المدى القريب أرخص من تحلية مياه البحر وأكفأ من الناحية الاقتصادية ولازم يتم تسريع الاستثمارات في المجال ده بشكل أفضل، خاصة إن أغلب استهلاك المياة في مصر هوا للزراعة اللي بتستهلك وحدها 85٪ من المياه.
– مصر أنشئت في السنوات الأخيرة 59 محطة معالجة لمياه الصرف الصحي في الصعيد، وبتخطط لإنشاء 151 محطة تانية في المدن الجديدة بطاقة إجمالية تصل إلى 5.051 ملايين متر مكعّب في اليوم، وتكلفة حوالي 31 مليار جنيه أو 2 مليار دولار.
– مصر بدأت في الفترة الأخيرة أيضا في الاستثمار في معالجة الصرف الزراعي في محطات معالجة كبيرة في الحمام والإسماعيلية وغيرها.
– طبعا جزء كبير من المحطات اللي اتعملت تمت بقروض أجنبية، مثلا في قرض بـ 172 مليون يورو من بنك الاستثمار الأوروبي في 2018 لإنشاء محطات، واتفاق على قرض بـ300 مليون دولار من البنك الدولي في نفس السنة، بالإضافة لقرض بقيمة 25 مليون دينار كويتي من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لإنشاء محطة معالجة لمياه الصرف الصحي بالشرقية.
**
نعمل إيه أكثر في الملف ده؟
– بشكل عام إحنا محتاجين إعادة صياغة للسياسات المائية في مصر عشان تكون أكثر استدامة، لازم نتوسع على المدى المتوسط والقريب في معالجة مياه الصرف الصحي والزراعي وخاصة الصرف الزراعي لأنه الزراعة هي الأكثر استهلاكاً للمياه في مصر تقريبا 75 % من مواردنا المائية بتروح للزراعة.
– طبعا التوسعات في معالجة مياه الصرف الزراعي محتاجة تتم في مناطق الزراعة القديمة في الدلتا والوادي،لأنها حاليا بتتركز بشكل كبير في مناطق الاستصلاح الجديدة، وده لأنه مياه الصرف الزراعي اللي بيعاد استخدامها حاليا في مصر لري المحاصيل مباشرة من المصارف بدون معالجة ليها تكلفة صحية كبيرة وبتأثر على جودة المحاصيل.
– من الواضح أنه معالجة مياه الصرف الصحي أو الزراعي أقل تكلفة من التحلية الكاملة لمياه البحر، وبالتالي السياسات المائية في مصر محتاجة تكون مخططة على المدى القصير والطويل هنعمل إيه بالضبط.
– فيما يتعلق بتحلية مياه البحر بنلاحظ أنه الدول المتقدمة في المجال ده سواء سنغافورة أو إسرائيل بينفقوا كثير على البحث العلمي والتطوير في المجال ده عشان يقللوا مع الوقت تكلفة التحلية دي، وده طبعا شيء غائب بشكل كبير في مصر لأننا في الغالب بنستورد معظم المكونات والتكنولوجيا الخاصة بالمحطات دي كلها من بره.
– محتاجين أيضا في ملف التحلية ده نساعد على تطوير مصانع محلية لصناعة المكونات بتاعة المحطات دي بدل من استيرادها لانه توطين الصناعات اللي زي دي بيقلل التكلفة على المدى المتوسط والبعيد.
– جزء مهم أيضا من الموضوع هو ضمان أنه التكلفة النهائية للمتر متزدش على المستهلك وخاصة في المنازل لأنه تحميل التكلفة للمستهلكين في ظل الظروف دي صعب، ممكن يكون البديل هو أنه المستثمرين الزراعيين الكبار يدفعوا زيادة على سعر متر المياه في مناطق الاستصلاح الجديدة.
– كل الحاجات دي محتاجة تتطور في الوقت اللي بنكرر انه لا يعني أي تفريط في حصتنا من النيل، لأنه إحنا تحت خط الفقر المائي، وكل اللي بنعمله ده عشان بس نوفر الحد الأدني من احتياجاتنا المائية السنوية، ومشكلة المياة لا تتفاقم في المستقبل لو متحركناش بسرعة.
****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *