– في إطار سلسلة بوستات صفحة الموقف المصري عن الموازنة العامة الجديدة واللي تم إقرارها من مجلس النواب، وفي ظل أهمية إنه كل مواطن يعرف فلوسه وضرايبه بتروح فين، البوست ده بنخصصه لميزانية التعليم والصحة في الموازنة العامة.
– أثناء مناقشة الموازنة النائب ياسر عمر شيبة، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب قال إن التعليم والصحة هيكون ليهم “نصيب الأسد” في الموازنة.
– بعد سنة ونصف من انتشار وباء كورونا، العالم كله بيعزز الإنفاق على الصحة، والإنفاق على التعليم أيضا كان محل اهتمام عالمي كبير، خصوصا مع التحول بسبب الوباء للتعليم الإلكتروني، والتعليم عن بعد.
– في البوست ده هنسلط الضوء على مخصصات الصحة والصحة، ونشوف إزاي الإنفاق على البندين دول زاد، وهل هو كافي ولا لأ؟
*****

إيه حجم الإنفاق على البندين دول؟

– حسب التقسيم الوظيفي للمصروفات في الموازنة اللي كانت مقترحة واتوافق عليها بتعديلات بسيطة، الإنفاق على الصحة 108.8 مليار جنيه، وده بيمثل 5.9% من المصروفات المتوقعة في الموازنة، اللي هتكون في حدود 1.8 تريليون جنيه.
– الإنفاق على الصحة زاد بنسبة 16.27% مقارنة بالعام المالي الحالي، وهو أكبر قطاع هيشهد نمو في حجم الإنفاق عليه في موازنة السنة الجاية، والزيادة دي جيدة مقارنة بمعدل التضخم المتوقع، المقدر ب 7 %.
– أيضا الإنفاق على التعليم كان مقترح حوالي 172.6 مليار جنيه، يعني حوالي 9.4% من المصروفات. نسبة زيادة الإنفاق أيضا معقولة مقارنة بالتضخم المتوقع، وهتقدر الزيادة ب 9.56٪ عن العام الحالي.
– الإنفاق على البندين دول مش واخد نصيب الأسد ولا حاجة زي ما بيقول وكيل لجنة الخطة والموازنة، لأن فيه بنود حجمها أكبر، أبرزها قطاع الخدمات العامة اللي مستحوذ على 46.6% من المصروفات، متمثلة في سداد الديون والإنفاق على العديد من الأجهزة التشريعية والتنفيذية وأجهزة الشئون المالية.
– وفي النهاية خلال المناقشات اللي تمت في البرلمان تم زيادة ميزانية الصحة والتعليم بحوالي 4 مليار جنيه إجمالاً، 3 مليار للتعليم ومليار للصحة.
– الزيادة دي بتمثل حوالي 1.4% من مخصصات الصحة والتعليم وبالتالي الزيادة الضئيلة دي مش هتغير الوضع أوي فيما يتعلق بالالتزام بالنسب الدستورية المقررة للصحة والتعليم.
*****

هل الإنفاق على التعليم والصحة كافي؟

رغم النمو الإيجابي للبندين لكنه مش كافي ومازال أقل بكتير من المطلوب، اللي حدده الدستور.
الدستور الحالي بينص في المواد 18-21 على إن الإنفاق على الصحة لازم يعادل كحد أدنى 3 % من الناتج القومي المحلي، مع زيادة سنوية لحد ما يوصل للمعدلات العالمية (6-7%). نفس الكلام مع التعليم الأساسي (ما قبل الجامعي) اللي حدد له الدستور 4 % من الناتج المحلي كحد أدنى.
لكن الإنفاق أقل بشكل واضح جدا عن النسبة دي، الإنفاق الفعلي على الصحة حوالي 1.55% من الناتج المحلي (حوالي نصف النسبة الدستورية) ومخصصات التعليم تقدر 2.47%.
– الغريب إن الحكومة من سنة 2016 بتتهرب كل سنة من تحقيق النسبة الدستورية، والأغرب إنها بتعتبر نفسها وفت بالاستحقاق الدستوري فعلا!
– ودا حصل من وقت ما البرلمان قرر تطبيق مفهوم “الناتج المحلي” في إقرار الموازنة بدل “الناتج القومي” لأن مفيش بيانات كفاية حوالين الناتج القومي.
– ولازم هنا نفرق بين مفهوم الناتج المحلي اللي بيشير إلى إجمالي قيمة الإنتاج داخل البلاد، وبين النتائج القومي اللي بيشمل إنتاج المصريين خارج حدود البلاد، بما فيه الاستثمارات المصرية في الخارج، وكان فيه جدال وقتها.
– وعلى سبيل المثال لتوضيح التهرب الحكومي من الالتزام الدستوري وزير المالية محمد معيط، أثناء عرض المسؤولين في وزارة المالية تفاصيل البيان المالي للموازنة أمام البرلمان، قالوا إن النسب الدستورية تم استيفائها “وزيادة”، وقالوا إن مخصصات الصحة تبلغ 275 مليار جنيه، ومخصصات التعليم 256 مليار جنيه، ودي أرقام آكبر بكتير من اللي أشرنا ليها فوق وفقا للتقسيم الوظيفي.
– جت منين الأرقام دي؟ اللي بيحصل إن وزارة المالية غيرت طريقة حساب بند الصحة والتعليم، وأضافت ليهم بنود كانت طول الوقت منفصلة، عشان يظهر ان الانفاق بقى أكبر.
– وبحسب مصدر رفيع المستوى في وزارة المالية قال قبل كده لموقع مدى مصر إنه وزارة المالية تتبنى مفهوم أعم وأشمل للصحة والتعليم، بحيث يتضمن ليس فقط الجهات اللي جوه موازنة وزارة الصحة والتعليم والتعليم العالي مثلا ،ولكن أيضًا إضافة كل إنفاق على الصحة والتعليم من قِبل الهيئات الاقتصادية وبعض الشركات، والتي تندرج أيضًا ضمن المخصصات الموجهة لكل من قطاعي الصحة والتعليم، من قبيل مستشفيات الشرطة، والدفاع، والأزهر، والتأمين الصحي الشامل، والبرامج الخاصة به، بالإضافة لنصيب الصحة والتعليم من أعباء فوائد الدين.
– مش بس كده، دول قسموا بند الديون اللي طول عمره بند مستقل في الموازنة، وقسموه على قطاعات الموازنة، وحسبوا للتعليم والصحة نسبة من الديون دي.
– بالشكل ده، الإنفاق على الصحة تضاعف على الورق وفي تصريحات المسؤولين، لكن في الواقع، الزيادة كانت محدودة، وفي إطار النمو السنوي المعتاد للموازنة ككل.
– المفزع إن الإنفاق على التعليم والصحة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بتقل، التعليم مثلاً نسبته قلت من 3.8% في موازنة 2014-2015 قبل تطبيق النص الدستوري، إلى 2.5% بدل ما تزيد لأكثر من 4%.
نفس الوضع بالنسبة للصحة، نسبة الإنفاق الفعلي على الصحة اللي المفروض يكون 3%، يبلغ الآن 1.5% من الناتج المحلي، وهي نفس النسبة اللي كانت بتتصرف قبل تطبيق النص الدستوري، بل إنها قلت في عام 2019-2020 لـ1.2%.
*****
– في السنين الأخيرة بنشوف تطور كبير جدا في قطاعي العقارات والانشاء والبناء اللي بقت الدولة بتوجه لهم إنفاق واستثمار كبير بسبب خطط المشروعات القومية الكبيرة. ومفيش مشكلة في الإنفاق على البنية التحتية رغم مشكلاتنا مع كثافة الإنفاق ده، ومدى جدوى المشروعات.
– لكن الأهم دائما ورافعة التقدم الاقتصادي والتنمية المستدامة هو التعليم والصحة واللي الاستثمار فيهم هو استثمار في المستقبل.
– ممكن نشوف اختلالات الإنفاق دي لما نلاقي التعليم والصحة مجتمعين حوالي 280 مليار جزء كبير منهم بيروح للأجور واللي هي بالأساس فيها مشاكل أنها أجور متدنية في حين خطط الاستثمار لقطاع النقل بسبب شبكة القطارات الجديدة هتكون حوالي 120 مليار جنيه، وده رقم السنة دي بس، يعني إحنا بننفق على القطار السريع من الجلالة للعلمين والقطار بتاع العاشر العاصمة والمونوريل السنة دي أكثر ما بننفق على القطاع الصحي كله.
– بجانب ضعف الإنفاق في سوء توزيع في مخصصات الإنفاق نفسها، هنلاقي أنه في ضعف في الإنفاق على بناء مدارس ومستشفيات جديدة وزيادة في تكاليف الأجور القليلة وده مثلا في قطاع التعليم بسبب زيادة نسب الإداريين للمدرسين، تقريبا 40% من العاملين في وزارة التربية والتعليم هما إداريين مع أنه عندنا عجز في المدرسين. والأمر كذلك وإن كان بنسبة أقل طبعا في القطاع الصحي لأنه القطاع الصحي كله بيعاني من عجز مزمن في الأطباء.
– تاني محدش بيطالب إنه تتلغي المشروعات القومية ومشروعات التطوير لكن الأزمة بتكون إن بعضها ملوش جدوى اقتصادية واضحة أو دون ضرورة ملحة أو ممكن يتأخر في سلم أولوياتنا لصالح قطاعين أساسيين زي الصحة والتعليم اللي مش عارفين نصرف عليهم بشكل ملائم، لدرجة إن وزير التعليم ووزيرة الصحة السنة اللي فاتت اشتكوا قبل وباء كورونا بشهور من قلة الموارد المخصصة لوزاراتهم، ورفضوا التصور اللي طرحته وزارة المالية وقتها.
– وحتى لو الحكومة مهتمة بشكل أكبر بالقطاعات اللي ممكن تجيب عوائد مادية، فالإنفاق على التعليم والصحة من شأنهم مواجهة الفقر على المدى البعيد.
– التوازن في الاستثمار، والاهتمام الرئيسي بالصحة والتعليم هو اللي بيعتمد عليه مستقبل أي بلد، وعشان كده لازم نعرف اختلال الأولويات دا هيفضل لحد امتى على حساب الصحة والتعليم.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *