الأسبوع اللي فات وزير الدولة لشئون الإعلام أسامة هيكل قدم استقالته لرئيس الوزراء مدبولي، اللي قبلها على الفور.
الاستقالة كانت متوقعة بعد خلافات حصلت بينه وبين الجهات الأمنية اللي بتدير ملف الإعلام، ثم خلاف مع البرلمان اللي رفض بيانه أمام المجلس، وكان بيحاول يستجوب الوزير تمهيدا لسحب الثقة منه.
ايه سبب استقالة الوزير؟ وإيه الخلافات اللي الوزير طرف فيها مع الجهات المختلفة؟ وايه اللي بتقوله طريقة خروج الرجل من منصبه؟ ده اللي هنجاوب عنه في السطور الجاية.
*****
لماذا استقال أسامة هيكل؟
– البرلمان استدعى الحكومة في النصف الثاني من شهر يناير لعرض موقف كل وزارة من تنفيذ برنامج الحكومة، وكان من المنتظر إن يتعامل بشكل أكثر جدية مع ملفات مهمة وذات أولوية زي ملف الصحة، خصوصا مع الفشل المتكرر في إدارة أزمة كورونا.
– لكن للأسف كان التركيز على الملفات دي أقل، وانشغل النواب بشكل أكبر بالهجوم على وزير الإعلام لعدة أسباب، أبرزها إنه بيجمع بين أكتر من منصب، الوزارة، ورئاسة مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي، وإن الوزارة لم تحقق أهدافها،
– بعدها بأقل من شهر، لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، أعلنوا اعتراضهم على أداء الوزير، وأوصت بإلغاء الوزارة ومساءلة هيكل ماليا وإداريا، وحددت موعدين لهيكل، للرد على اتهامات النواب، لكنه اعتذر عن الحضور، فقرر المجلس في نهاية شهر مارس، الموافقة على استجواب الوزير تمهيدا لسحب الثقة منه.
– استقالة الوزير لـ”ظروف خاصة” زي ما قال مجلس الوزراء، يبدو إنها كانت استباق لإقالته أو سحب الثقة منه.
*****
وإيه الخلافات اللي الوزير طرف فيها في الفترة الماضية؟
– الخناقة مع أسامة هيكل ظهرت للعلن أكتر من مرة، الأولى كانت لما هيكل حاول يسحب بعض صلاحيات المجلس الأعلى للإعلام اللي كان بيرأسه مكرم محمد أحمد، لكن الأخير خرج واشتكى علي الهواء من تدخلات هيكل في صلاحياته.
– المرة التانية، كانت المعركة أعنف، لما بدأ مجموعة إعلاميين من المعروفين بقربهم من النظام، هجوم على هيكل على خلفية تصريح للوزير اتكلم فيه عن عدم استطاعة وسائل الإعلام بشكلها الحالي الوصول لأجيال أصغر، هيكل رد واتهم مهاجميه بأنهم جزء من حملات متكررة ضده، وإنهم مجرد أدوات.
– المعركة اشتدت واستخدمت فيها أساليب ابتزاز وأفعال غير قانونية وعلى التليفزيون الرسمي للدولة أبرزها إن وائل الابراشي نشر لأول مرة في تاريخ التلفزيون المصري الحكومي، مكالمة مسربة للوزير مع السيد البدوي رئيس حزب الوفد السابق، والمكالمة على الأرجح حصلت لما كان أسامة هيكل رئيس تحرير جورنال الوفد وكان المجلس العسكري هو الحاكم، لكن محدش قالنا مين اللي سجل المكالمة بشكل غير قانوني ومين سربها لوائل الإبراشي وسمح ببثها على التلفزيون الرسمي، زيها زي مكالمات مسربة كتير لسياسيين ونشطاء، بالمخالفة للدستور والقانون.
– في الحقيقة، الصراع الأخير بين الوزير وأجنحة مختلفة من الإعلاميين بيشير إلى صراع بين الأجهزة السيادية اللي بتدير ملف الإعلام مع أجنحة أخرى. وحسب مصدر صرح لمدي مصر “التراشق الأخير يأتي ضمن صراع بين هيكل وجهة أمنية تدير ملف الإعلام منذ خمس سنوات، بسبب عدم رغبة تلك الجهة في مشاركة ذلك الملف مع آخرين”.
*****
– بلا شك الملفات اللي طرحها نواب في البرلمان على وزير الإعلام تستحق النقاش والتحقيق فيها، خصوصا إنه فيه مخالفة واضحة للكل، وهي الجمع بين منصبه كوزير دولة للإعلام، رئاسته لمجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي، وتلقيه مقررات مالية كبيرة، بالمخالفة للمادة 166 من الدستور، التي تحظر على الوزراء العمل بجهات أخرى.
– ده كان يستحق التحقيق من وقت تولى هيكل الوزارة، لكن للأسف محدش اتكلم عليها في بداية تعيينه، وتم التركيز عليها لما بقى فيه خلاف مع الوزير.
– حسب اللائحة الداخلية للبرلمان فالاستجواب يسقط بزوال صفة من وجه إليه، أو بانتهاء الدور الذى قُدم خلاله. لكن ده يجب أن لا يلغي التحقيق مع الوزير أمام الجهات الرقابية المختلفة أو أمام النيابة، خصوصا اننا بنتكلم عن مخالفات مالية تتضمن زيادة هيكل لمرتبات وبدلات لنفسه ولقيادات مدينة الانتاج الإعلامي.
– النقطة الأهم إن فيه تناقض واضح بين كلام النواب عن إن البرلمان ده مختلف ومش هيتنازل عن دوره في الرقابة على الحكومة، وبين أدائهم في السكوت عن كوارث بتحصل في الوزارات التانية، والاكتفاء بالهجوم على هيكل دون باقي الوزراء، لدرجة إنهم رفضوا يستجوبوا وزير النقل كامل الوزير رغم كوارث القطارات مؤخرا، لحد ما الوزير هو اللي طلب يروح البرلمان.
-المشهد من برة يبدو كإنه ديمقراطي جدا وإن مجلس النواب بيقوم بمهماته الحقيقية في الرقابة على الحكومة، لكن للأسف، يوم ما المجلس خد موقف ضد وزير، كان في إطار صراع واضح فيه طرف أجهزة أمنية متدخلة في المشهد الإعلامي، وفي نفس الوقت تدخلت وهندست القوائم الانتخابية اللي تكون منها البرلمان.
– الأولى إن البرلمان يناقش فعلاً جميع الوزراء بنفس القوة والحماس والرغبة في حماية مصالح الشعب والمال العام، مش التصفيق والتهليل لوزراء عاملين كوارث في سوء الإدارة، لكن يبدو إن الموضوع مرتبط بالتوصيات والتعليمات الأمنية وتنفيذها، وده طبعا مرتبط بكيفية تشكيل البرلمان ده، ودا شيء بيفقد الخطوات دي معناها للأسف.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *