– من حوالي أسبوع استلمت ماليزيا من إندونسيا يخت فاخر قيمته ربع مليار دولار، كانت صادرته من رجل أعمال صديق لرئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب رزاق والمتهم بقضايا فساد وكسب غير مشروع، وبالصدفة ده كان تقريبا نفس توقيت اسقاط الاتهامات عن أحمد عز بعد التصالح.
– سرعة البدء بإجراءات الاسترداد ومحاكمة الفاسدين هناك في ماليزيا خلتنا نفكر هيحصل إيه يعني لو كان عندنا تجربة شبيهة بماليزيا في الموضوع دا؟ ليه الحكومة المصرية معملتش كدا مع رموز فساد عصر مبارك؟ ليه اتصالحنا معاهم وبناء على ايه؟ وأسئلة تانية كتير، لكن الأول خلينا نحكي ليكوا قصة اليخت دي.
*****

ايه حكاية اليخت ده؟

– في فبراير اللي فات صادرت إندونيسيا يخت بحري بناءَ على طلب رسمي من وزارة العدل الأمريكية اللى كانت بتحقق لمدة 6 شهور في قضايا فساد مرتبطة بالصندوق السيادي الماليزي اللي أنشأه رزاق في 2009 عشان يساهم فى التنمية الاقتصادية في ماليزيا.
– الصندوق السيادي واللي أنشأه رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب رزاق كان بالبلدي “ميغة ” بالنسبة للراجل والمحيطين بيه، كمان الراجل متهم في قضايا فساد لها علاقة بانه اخد (هدية) من السعودية 681 مليون دولار ووزير الخارجية السعودي قال في أبريل 2016 إنها كانت منحة شخصية “دون توقع شيء في المقابل” ! تفاصيل أكتر في البوست السابق.
– مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي الحالي واللي بنى حملته الانتخابية الأخيرة مع أنور إبراهيم – حليفه الحالي وخصمه السابق – على محاربة فساد نجيب رزاق أعرب عبر عن سعادته بالأمر، وفيما يبدو أنه الحكومة الماليزية الجديدة بتاخد خطوات جدية فعلا فى استرداد 4.5 مليار دولار هي حصيلة فساد الصندوق السيادي.

– صاحب اليخت ده هو رجل أعمال ماليزي اسمه جهولو، وهو صديق لرزاق، وملوش أي علاقة بالصندوق السيادي – مكنش موظف رسمي يعني – لكن بعد تحقيقات وزارة العدل الأمريكية أثبتت تورط الراجل دا في سرقة 540 مليون دولار من الصندوق السيادي الماليزي، وبالتالي أصدرت وزارة العدل مذكرة لمصادرة أمواله.

ممكن حد يسأل وإيه علاقة وزارة العدل الامريكية في الموضوع، ليه هي اللي تحقق؟
– الحقيقة أنه الموضوع كله بدأ من هناك من حوالي خمس سنين اكتشفت وزارة العدل هناك مخالفات مالية لشركات ليها علاقة بالصندوق وبدأ الخيط يكر واحد ورا التاني من المسؤولين الماليزيين دول.

– القصة بدأت لما سرب موظف في شركة “بترو سعودي ” وهي شركة سعودية كانت عملت صفقات مع الصندوق السيادي، الوثائق كانت عبارة عن 90 جيجا منها ايميلات ومراسلات لنجيب رزاق ورجال أعمال أصدقاء ليه، ولاحقا اكتشف من التحقيقات إن نجيب رزاق ورجال أعماله ليهم أسهم كتير في الشركة ده.

– بعد انتشار القصة في 2015 بدأت الصحافة العالمية والمحلية تتكلم والنائب العام الماليزي بدأ يتحرك عشان يوجه اتهامات رسمية لرزاق وشلته، قام الراجل شايل النائب العام، لكن بعد ما رزاق نفسه اتشال فى انتخابات حرة بدأت القضية تشتغل من تاني وبدأت لجنة مكافحة الفساد هناك تتعاون مع وزارة العدل الأمريكية وفي أقل من شهور بدأت النتايج تظهر.

– اليخت اللي تمنه ربع مليار دولار هو أحد نتاجات التحقيق المشترك ده، واللي استغل فيها الحكومة الماليزية الجديدة علاقتها الجيدة مع أمريكا ومع جارتها اندونيسيا اللى كانت أول بلد يزروها مهاتير محمد بعد فوزة فى الانتخابات وكانت قضية أموال نجيب رزاق والفساد على محور النقاش بين البلدين .

– معلومة على الهامش، اليخت كان متسجل فى جزر الكايمن وهي أحد أشهر الملاذات الضريبية فى العالم، واللي عندنا في مصر كان في حوالي 18 شركة بحسب وثائق بنما متسجلة فيها منها شركات لحسين سالم وجمال مبارك.
*****

طب ليه معرفناش نعمل زي ماليزيا ؟؟
– في الفترة ما بين 2014 ولحد دلوقتي تصالحت لجنة الكسب غير المشروع مع رجال أعمال كانوا مقربين من نظام مبارك ووزراء سابقين منهم مثلا (حسين سالم، ورشيد محمد رشيد ، وزهير جرانة، واخرهم احمد عز)
– معظم الناس دي خدت أحكام في قضايا الفساد في الفترة بعد الثورة أيام ما كان في ضغط شعبي كبير على النظام ، لكن بعد ما تراجع الضغط الشعبي ده، وتحت مبررات من نوعية ” هنعمل إيه لما نسجنهم ” اتصالحت الحكومة مع رجال الأعمال الفاسدين دول.
– كان منهم حسين سالم واللي دفع 5.5 مليار جنيه في 2017 وجهاز الكسب غير المشروع قال أن دول 75 % من إجمالي ثروته، بينما حسب تحقيق نشره مدى مصر المبلغ ده لا يساوي أكتر من 20% من ثروته داخل وخارج مصر واللي اتكونت بوضوح من علاقاته السياسية.
– حسين سالم كان صدر ضده أحكام فى قضية تصدير الغاز وفي قضية فيلا مبارك اللي في شرم الشيخ، لكن بعد كدة الأحكام دي اتلغت واحد ورا التاني في النقض.
– جهات التحقيق السويسرية كانت فتحت تحقيق كبير ضد رجال أعمال مبارك ومن ضمنهم حسين سالم اللى تم تجميد أمواله في فترة التحقيق، واستمرت التحقيقات دي بس في غياب شبه كامل للتعاون بين السلطات المصرية والسويسرية ، والحكومة المصرية مخدتش أي خطوة جادة فعلا لاسترداد أموال حسين سالم ، ودا كان ممكن بالمناسبة فى الفترة ما بين 2011 لحد 2016 يعني حوالي 5 سنين كان ممكن السلطات المصرية تقدم فيها أوراق تثبت تورط سالم فى قضايا الفساد وبالتالي استرداد الأموال دي .
– الموضوع فضل شغال لحد ما النائب العام السويسري استقبل مذكرة دبلوماسية من الخارجية المصرية في مايو 2016 (مذكرة رقم 85 )، المذكرة دي بتطالب النائب العام السويسري أنه يرفع التجميد عن أموال حسين سالم ومراته لأنهم مش مطلوبين على ذمة أي قضايا في مصر، ودا كان غير حقيقي لأنه كان لسه في قضايا عليهم وخلصت فى اغسطس 2017 .
– تقريبا نفس اللي حصل مع حسين سالم حصل مع بقية رجال أعمال ووزراء مبارك، مثلاً أحمد عز أخيراً تم التصالح معاه مقابل 1.7 مليار جنيه، رغم ان تقديرات ثروته كانت 42 مليار، والحكم الصادر بالدرجة الأولى كان تغريمه 19 مليار جنيه!
الحكومة خدت مبالغ مالية قليلة جدا مقارنة بحجم ثرواتهم المنهوبة، وحتى لو دا صح فين العقاب المهم جدا وسيادة القانون للناس اللى أفسدت الحياة السياسية في البلد ده لعشرات السنين وامتلكت الثروات دي بعلاقاتها السياسية.
*****

– السلطات في ماليزيا استغلت علاقتها الجيدة بإندونيسيا عشان ترجع جزء من الفلوس المنهوبة، واستغلت تحقيق دولي اتفتح فى الموضوع عشان تدين المتهمين، واستخدمت كل السبل المتاحة في القانون الدولي عشان تتعقب الفاسدين دول، علما أنه الحكومة الجديدة دي بقالها شهرين بس.

– الإرادة السياسية هي العامل الحاسم فى استرداد الأموال دي، الحكومة المصرية عملت عكس كل اللي عملته ماليزيا سواء بعد الحكم فى قضايا الفساد لأول مرة وفشل القضاء المصري فى التعامل بشكل احترافي مع السلطات السويسرية واللي خلي السلطات السويسرية تأخر في 2012 اجراءات كتيرة بسبب الشكوك حول استقلال القضاء في مصر، وده كان غياب للإرادة السياسية ولحسن إدارة عملية استرداد الأموال وتقييم الموقف حواليها.
*********
– الصورة لليخت اللي تم استرداده.




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *