– يوم الخميس اللي فات أعلنت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي عن بدء إجراءات عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل رسمي، بناء على تصويت بأغلبية 232 عضو مقابل 196.
والتهمة هي استعانة ترامب بدولة أجنبية في الانتخابات الرئاسية القادمة زي ما اتكلمنا في بوست سابق.
– رغم إنه قبلها بأيام بس، يوم الأحد، كان ترامب أعلن مقتل أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي، لكنه رغم كده تعرض لموجة تحركات معارضة قوية جدا، أهمها شهادة ضابط أمام الكونجرس ضده كان لها أثر كبير في التصويت، وهتافات شعبية في مواجهته.
هنتكلم النهاردة عن التطورات دي، وايه اللي بنشوفه كمصريين فيها.

*******

مين العقيد اللي كذب ترامب؟ وايه القصة؟

– ألكساندر فيندمان، هو عقيد سابق في الجيش الأمريكي خدم في العراق وأفغانستان، واتعرض لإصابة خلته يتقاعد وياخد وسام القلب الوردي وهو وسام عسكري مهم.

– بعد تقاعده اشتغل في وكالة الأمن القومي الأمريكي “المخابرات”، وبقا مدير الشؤون الأوروبية في الوكالة، وبحكم منصبة فهو سمع مكالمة ترامب مع الرئيس الأوكراني.
– في أمريكا القانون بيقول ان أي مكالمات رئاسية مع رؤساء الدول الأجنبية ليها قواعد معينة، وهي انها بتتم في البيت الأبيض بحضور أعضاء من مجلس الأمن القومي- عضوين على الأقل- وبيكون في مسؤولين قاعدين في غرفة تانية من البيت الأبيض، يسمعوا المحادثة ويدونوا ملاحظات منها. كمان بيتم تسجيل المحادثة وحفظ نسخة منها، وبيتم مقارنتها الملاحظات المدونة بالنسخة الصوتية، ويتم حفظهم مع بعض، وبعد عدد معين من السنوات بتكون متاحة للشعب كله في الأرشيف.

– لكن المرة دي متمش حفظ المكالمة بالطريقة المعتادة، مسؤولين في البيت الأبيض اللي عينهم ترامب أخدوا محضر المكالمة وحفظوه في مكان سري على غير المعتاد عشان محتوى المكالمة اللي بيدينه.

– مجلس النواب الأمريكي عرف المعلومة بناء على بلاغ من أحد موظفي وكالة الأمن القومي.
– تم استدعاء الضابط ألكساندر فيندمان كشاهد قدام مجلس النواب، وقال أنه فعلا سمع ترامب بيتكلم مع الرئيس الأوكراني في فتح التحقيق في قضايا فساد ابن جو بايدن، المنافس المحتمل لترامب في الانتخابات الجاية، وأنه ربط بين فتح التحقيق والمساعدات العسكرية اللي بتديها أمريكا لأوكرانيا، ودا استغلال واضح للسلطة لصالح منفعته السياسية الشخصية.

– وقال أنه ساعتها أتكلم مع مسئولين في وكالة الأمن القومي أنه دا استغلال واضح للسلطة، وأنه عندة مخاوف من طريق تعامل الرئيس في المسائل الحساسة اللي زي دي.

– ترامب ومؤيديه شنوا حملة تشويه كبيرة على ألكساندر فيندمان بعدها منها أنه غير وطني، وأصوله أوكرانية وترامب وصفة بأنه “لا يتمتع بالولاء للولايات المتحدة “.

– لكن ده زاد في سوء الوضع، وخلي في غضب شعبي على الرئيس بسبب اتهامه لفيندمان، وخلى نواب من الحزب الجمهوري (حزب ترامب) يطلعوا يتبروا من تصريحات الرئيس، ودي مسألة بتهم معارضي ترامب لأن اجراءات العزل طويلة ومعقدة جدا، ومستحيل يكون فيه أمل تنجح بدون وقوف قدر كافي من الجمهوريين معاهم لأن اغلب مجلس الشيوخ جمهوري، ودي أكتر نقطة بتخلي مسألة العزل مش بالضرورة هتنجح للآخر.

******

– الكلام ده حصل بعد أيام قليلة من اعلان ترامب مقتل أبو بكر البغدادي، زعيم داعش في عملية نفذتها القوات الخاصة الأمريكية، وفي نفس اليوم ترامب راح ملعب في واشنطن عشان يحضر ماتش بيسبول.
– الجماهير في الملعب استقبلته بهتافات “احبسوه ” lock him up ، وده أجبر ترامب يسيب الملعب بدون ما يرمي كورة البيسبول اللي بتعتبر ضربة البداية في الماتش، وده تقليد بيعمله الرؤساء الأمريكيين من أكتر من 100 سنة.
جمهور الماتش مكانش مهتم بقصة البغدادي، أد ما كنا مهتم بقضية استغلال النفوذ المتهم فيها ترامب، وكمان ظهرت انتقادات كتير في الاعلام الأمريكي لطريقة اعلان ترامب لخبر مقتل البغدادي لانه حاول ينسب الفضل الرئيسي لنفسه، وقارنوه بأوباما وطريقة خبر إعلان مقتل بن لادن.
– بعد التصويت على بدء إجراءات العزل ترامب قرر نقل مقر اقامته من نيوريورك، اللي فيها مقره الرئيسي (برج ترامب)، إلى فلوريدا، وكتب على تويتر: ” للأسف، على الرغم من أنني أدفع ملايين الدولارات من الضرائب لولاية ومدينة نيويورك فإن السياسيين فيها يعاملونني معاملة سيئة!”
– فورا رد عليه حاكم ولاية نيويورك، أندرو كويمو، وكمان عمدة مدينة نيويورك، بيل دي بلاسيو، والاتنين اتريقوا عليه ورحبوا انه يمشي من عندهم. بيلاسيو كتب على تويتر لترامب “احذر أن تصطدم بالباب وأنت خارج”، وكويمو اتريق على كون ترامب بيدفع ضرايب، وقصده ان ترامب رفض ينشر أوراق ضرايبه اللي اتطلبت منه، وكتب مخاطبا ولاية فلوريدا “هنيئا لكم به”.

*****

ايه اللي ممكن نشوفه في كل ده؟

1- أنه مفيش حاجة اسمها شرعية محاربة الإرهاب وكل صوت تاني يخرس عشان مفيش إلا شخص واحد اللي بيحمينا .. الشعب الأمريكي والمؤسسات الامريكية مقالتش هنعدي لترامب أخطاؤه عشان بيحارب الإرهاب ولسه ناجح في قتل البغدادي، والبغدادي دا عدو أمريكا الأول وزعيم أكبر تنظيم إرهابي في العالم.
2- أنه لما يطلع من داخل الجيش نفسه ينتقد الرئيس أو يقول الرئيس كذب في كذا، ده مبيهددش وحدة الجيش، ولا يؤثر على الأمن القومي، ولا يستدعي أنه يتقبض عليه ويتحاكم بتهم ملفقة.
3- أنه الجيوش ما بتبقي تحت إدارة مدنية بيكون سهل علي العسكريين اللي فيها أنهم ياخدوا مواقف صحيحة لصالح الشعب ومع تطبيق العدالة، محدش مثلا طلع هدد العقيد دا أنه هيتم رفده من وكالة الأمن القومي، أو أنه كدة خالف مقتضيات الأمن القومي الأمريكي فنقبض عليه، ده حصل عندنا في أكثر من حالة أشهرهم سامي عنان، وأحمد قنصوة اللي بمجرد ما أعلنوا أنهم مختلفين سياسيا مع الرئيس السيسي وعايزين بس يترشحوا قدامه والشعب يختار اتقبض عليهم واتحاكموا محاكمات عسكرية.

4- أنه في الدول الديموقراطية مفيش حاجة اسمها سلطة مطلقة للرئيس يعمل اللي هو عايزه، وبيتم مساءلة الرئيس فيها عن كل كبيرة وصغيرة. يهمنا ناخد بالنا من تفاصيل زي إن الرئيس نفسه مايقدرش يعمل مجرد مكالمة تليفون رسمية إلا بحضور أعضاء مجلس الأمن القومي.

5- أنه حتى مكالمات الرئيس واللي فيها فعلا بيناقش الأمن القومي بتتسجل وتتأرشف وبعد سنوات هتكون وثيقة متاحة لكل المواطنين، مش زي عندنا لحد النهاردة مفيش قانون حرية تداول معلومات وطلب أي وثائق تاريخية من دار الوثائق القومية مسألة صعبة جدا، ودا بيخلينا مش عارفين حقيقة تاريخنا حتى بعد مرور سنوات كثيرة على الحدث، وبيخلي تاريخنا عرضة للاجتهاد الشخص دا والشخص دا لأنه مفيش معلومات رسمية من أي جهة عن أي شيء.
– احنا لغاية دلوقتي مش عارفين فين وثائق تيران وصنافير اللي الحكومة بتقول أنها مش بتاعتنا بناء عليها ولا فين تقارير لجان تقصي الحقائق عن قتل شهداء ثورة يناير، ولا نعرف مثلاً حقيقة حريق القاهرة سنة 1952 وأمور كتيرة مجهلة ومصادرها مش متاحة.

6- والمهم جدا في القصة دي أنه لما بيكون عندك مؤسسات حقيقية بتحمي الشعب فعلاً والمؤسسات دي كلها بتخضع للقانون ولقواعد الديمقراطية، فأنت كمواطن بتضمن دايماً إنه حتى لو حصل أي إنحرافات فانت هتعرفها وهيتم محاسبة المتجاوزين دول حتى لو كانوا في قمة السلطة، لكن لما يكون عندك ناس مبيتطبقش عليهم قانون ولا بيلتزموا بيه ولا إرادة الشعب بتقدر فعلاً تحمي القانون ويتطبق على الكل أو تمنع أي حد معاه سلطة إنه يستبد أو يستخدم طرق غير مشروعة للحفاظ عليها، فالمواطن هو المتضرر الأول ومش هيبقى عنده قانون يحميه من أبسط التجاوزات – زي تفتيش التليفون أو رشوة في المرور – لو هو مش في السلطة دي أو ليه مصلحة معاها.

7- أنه الدول بتتبني بسيادة القانون وبالمساواة وبالعدالة وبالفصل بين السلطات، إنما الدول بتتهد بالديكتاتورية وحكم الفرد ووجود أشخاص فوق القانون.

– نتمني يجي اليوم اللي نشوف بلدنا بلا سلطات مطلقة للرئيس، ويجي اليوم اللي نشوف في ديمقراطية وحكم قانون بيمشي على الجميع بغض النظر عن هو رئيس جمهورية ولا شخص عادي.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *