المبني الاسود اللي على شكل جوهرة كبيرة، كان محور كلام الناس في الأيام الأخيرة .. الصورة كانت لمطعم على شكل مجسم ماسة كجزء من فندق الماسة في العاصمة الإدارية الجديدة.
من يوم ما بدأ التخطيط للعاصمة الإدارية وفيه اسئلة عن جدواها من الأساس، لكن الصورة أعادت فتح النقاش عن مشروع الفندق تحديداً، وده اللي أي مصري ممكن يطرح عنه أسئلة بسيطة تحتاج اجابة بالعقل مش بالشعارات.

*****
1- بكام؟
– مفيش أي جهة رسمية أعلنت رقم محدد، لكن جريدة البورصة كانت نشرت في أكتوبر 2016 نقلاً عن “مصادر حكومية” إن كلفة الفندق بين 700-900 مليون جنيه، مع العلم أن المبلغ ده تقديري قبل اكتماله وقبل قرار تعويم الجنيه فمُتوقع يكون الرقم تجاوز إلى مليار جنيه على الأقل.
– الفندق على مساحة أكتر من 10 أفدنة، وتم انشائه في 31 شهر.
طيب مين دفع الفلوس دي؟
– فندق الماسة الأصلي تابع للقوات المسلحة، موجود في حي مدينة نصر قرب مطار القاهرة على مساحة 35 ألف متر مربع وتم انشاءة في 2006، الموقع الرسمي بيقول انه “استكمالا للنجاح الباهر للفندق” هيتم تنفيذ المرحلة التانية على مساحة 40 ألف متر مربع.

– الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تعاقدت مع شركة اوراسكوم كونستراكشن لتنفيذ اعمال الخرسانة في الفندق.
– محدش وضح بدقة هل المليار جنيه دي جاية من ميزانية القوات المسلحة، ولا من ميزانية العاصمة الإدارية، لكن المؤكد كده إنها أموال حكومية.

*****
2- ليه؟
– ليه يتم انشاء فندق بالحجم الرهيب ده والتكلفة الهائلة دي في الصحراء؟
– هل متوقع ان فيه آلاف السياح هييجو المكان ده مثلاً؟ هل فيه آثار جنبه أو شواطيء أو أي عامل جذب؟
ده أصلا عندنا أزمة كبيرة في السياحة، وعدد السياح كان 5.4 مليون سائح خلال آخر سنة، بدل ما كان قرب ال 15 مليون بييجو مصر في 2010 مثلا.
– هل الأولي اننا نهتم بالمنشئات السياحية القائمة بالفعل زي في الغردقة وشرم الشيخ وأسوان، واللي برضه تعاني من انها مش لاقية سياح، ولا نبني منشأة ضخمة جديدة مش واضح هنعوض كلفتها ازاي؟
– طيب لو ده مبني باعتبار المستقبل، ان العاصمة الادارية هتكون مركز تجاري وصناعي وتجذب مستثمرين، هل منطقي يكون أول حاجة تتبني في الخطة ضمن “منشآت الأسبقية الأولى” هيا الفندق؟! مش نصرف على مناخ الاستثمار والصناعة الأول فلما يبدأ ينجح فعلا نبقى نبني الفندق للقادمين، وحتى تكون اتضحت علامات لعددهم ونوعيتهم، واكيد ما كناش هنغلب نعمله ساعتها، طالما قدرنا نخلصه بسرعة كده.

*****
3- إيه البديل؟
– دي اسمها “كلفة الفرصة البديلة”، أي تخطيط اقتصادي في الدنيا عنده هذا الاعتبار، الفلوس لو مراحتش هنا كان ممكن تكون أفيد فين؟
– حسب برنامج حكومة شريف اسماعيل اللي تم نشره رسمياً، فمصر محتاجة 67 ألف فصل تعليمي جديد عشان تتغلب على مشكلة تكدس الطلاب في الفصول، ومحتاجة كمان 50 ألف فصل غيرهم عشان المدارس تشتغل بشكل طبيعي فترة واحدة بدل فترتين، صباحي ومسائي.
– حسب البرنامج برضو، حوالي 16 % من المدن محتاج يتوصل له شبكة صرف صحي، وبالنسبة للقرى ف 86% منها محتاج صرف صحي، لان 14 % بس اللي واصلها صرف.
– كام منطقة عشوائية محتاج تطور؟ كام شخص محتاج تأمين صحي؟ كام مستشفى محتاجة تتبني او تترمم او محتاجة أدوات أساسية يقدر شتغل بيها الأطباء؟
*****
3- ليه الدولة (اختارت) فندق الماسة؟

– كل فترة الناس بتتفاجئ بقرار جديد، اما زيادة ضريبة او رسوم حاجة معينة، أو رفع دعم، او زيادة فواتير وأسعار خدمات، وكل ده بيتم تبريره بانه “يصب في مصلحة المواطن”، وده يخلينا نسأل بجدية: ليه القرارات الصعبة بيتحمل تكلفتها كل المواطنين، بينما الدولة بتصرف ميزانيات ضخمة في بنود زي الفندق ده أقل ما يقال عنها انها تفيد نسبة صغيرة من السكان؟
– دايما بنقول التوجهات الاقتصاية واختيار أوجه الإنفاق مش بس أمور تقنية، ولكنها قرارات سياسية، وده بيحصل في العالم كله، وعلى أساس التوجهات دي بتتم الانتخابات وبتتقدم البرامج الانتخابية في أي مكان.
– اختيار هتصرف على مواصلات عامة وطرق تتسع لاتوبيس وترام، ولا هتصرف على طرق سريعة تصل أصحاب السيارات الخاصة لأحياء أو أماكن تخص طبقتهم ده اختيار سياسي .. اختيار هتصرف على مشروع قصير المدى ولا متوسط ولا طويل المدى ده سياسي .. اختيار هتصرف على تعليم وصحة ولا على فندق هيقعد فيه فئات داعمة ليك ده خيار سياسي.
وهنفضل نحلم ببلد فيها الخيارات السياسية للاقتصاد بتروح فعلاً لكل المصريين، وأولويتها الفئات الأفقر والأضعف، خيارات بتتم بمشاركة مجتمعية حقيقية قبل ما تحصل، وبرقابة أثناء تنفيذها، وبمراجعة ومحاسبة بعدها.

 




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *