– من أسبوعين شفنا أخبار وتصريحات ان 20 نائب بالبرلمان قدموا طلب لمناقشة ملف الأبنية التعليمية.
– بحسب كلام ماجدة نصر عضو لجنة التعليم: “اللجنة ستفتح ملف الأبنية التعليمية خلال الفترة المقبلة، نظرا لتأخر بناء مدارس وفصول جديدة نتيجة لكثرة الإجراءات الروتينية، بالإضافة إلى تأخير الصيانة والبدء فيها أثناء العام الدراسى ما يعرض حياة التلاميذ للخطر”
– هل البرلمان قدم توصيات للحكومة في الملف دا؟ ولا الخبر اتنشر على أنهم حيناقشوا الموضوع ولم يتم مناقشته؟ مفيش أي كلام في الصحف بعدها عن عقد الجلسة او نتايجها.
– لكن دي فرصة اننا نتكلم عن ملف الأبنية التعليمية أو المدارس من حيث العدد والجودة، هل هي كافية؟ هل تحتاج صيانة؟ ايه المشكلة في بناء المدارس خاصة أنه عندنا حاجة من 2016 اسمها المشروع القومي لبناء المدارس؟
*****
مصر محتاجة كام مدرسة وفصل؟
– في أبريل 2016 احنا نشرنا هنا في الصفحة تعليق على برنامج الحكومة اللي كان مكتوب فيه بالحرف:
“نحن بحاجة إلى ٥٢ ألف فصل لخفض كثافات الفصول، و٣٣ ألف فصل للمناطق المحرومة، بالإضافة الى ١٥ ألف فصل جديد لاستيعاب الزيادة السكانية السنوية، وذلك بتكلفة تتجاوز ٣٠ مليار جنيه، كما أن إلغاء تعدد الفترات بالمدارس يحتاج كذلك الى ٥٠ الف فصل بتكلفة حوالي ١٥ مليار جنيه”
رسميا كده محتاجين ٤٥ مليار جنيه لكل الفصول، الحكومة خصصت كام بقى؟ كان مكتوب ٦ مليار جنيه فقط!!
طيب والفرق هييجي منين؟ مكتوب: “سنقوم بتقديم حوافز وبناء شراكات مع القطاع الخاص لإضافة نحو ٦٠ ألف فصل جديد بنهاية ٢٠١٧ – ٢٠١٨، وهو هدف طموح جداً”
قلنا وقتها كلمة “طموح جدا” دي معناها إنه مش هيحصل، لأنه بكلام الحكومة مفيش ميزانية مرصودة أصلا. وده اللي حصل فعلا.
***
إيه اللي حصل في “المشروع القومي لبناء المدارس”؟
– من المفترض أنه في 2016 تم اطلاق المشروع ده لمشاركة وزارة التعليم مع القطاع الخاص، وكان الهدف في البداية إنشاء 1000 مدرسة لغات جديدة. (مع ان برنامج الحكومة كان بيقول عايزين نضيف 60 ألف فصل لحد 2018!)
– طبعا ايجابي التوسع في إنشاء مدارس اللغات، لكن الأهم هو إنشاء المدارس الحكومية العادية لأن تقريبا 80 % من طلاب التعليم الأساسي في مصر في المدارس دي.
– من 2016 ولحد إبريل 2018 أول فترة لتنظيم العطاءات المتعلقة بالمشروع محصلش حاجة، وبعد المرحلة الأولى للعطاءات تم الاتفاق على تخصيص 54 قطعة أرض في أكثر في 8 محافظات لبناء المدارس دي.
– الحقيقة أنه مصر ليها سابقة في موضوع بناء المدارس بالمشاركة مع القطاع الخاص تحديدا من 2007 لما مشروع شبه ده اتطرح لأول مرة، وفكرته الحكومة تخلي المستثمر يبني المدرسة وياخد حق الانتفاع بأرباحها لمدة 30 سنة والحكومة بتشارك بتخصيص الأرض، لكن الفكرة فشلت لأنه المستثمرين بيفضلوا بناء مدارس خاصة بيهم بدل الانتفاع المؤقت.
– محدش طبعا ضد مشاركة القطاع الخاص في التعليم، لكن ده موضوع معقد ليه أبعاد كثيرة اقتصادية واجتماعية، في النهاية مفيش دولة في العالم متقدمة فيها القطاع الخاص هو اللي بيسطر على التعليم، مجانية التعليم مهمة مش بس من زاوية العدالة الاجتماعية ولكن من زاوية الاقتصاد عشان نقدر نخرج متعلمين مؤخلين للمنافسة بالسوق المحلي والعالمي.
– في شهر مايو اللي فات وزيرة التخطيط هالة السعيد عملت مبادرة مختلفة لصندوق “دعم التعليم”، وهو صندوق استثماري المفروض أرباحه تتوجه لرعاية التجارب التعليمية الواعدة، ودعم المنشآت التعليمية، وتوفير منح دراسية، وهي آلية مالية ذكية، والأغراض بتاعتها كويسة وإيجابية فعلا، لكن هي مش علاج كامل ولا نهائي للأزمة الكبيرة، وهي إنه الإنفاق على التعليم من موازنة الدولة قليل جداً.
– وكمان فكرة الاستثمار في مدارس أو فصول المتفوقين والطلبة المميزين زي ما هيا فكرة مهمة، لكن هدف منظومة التعليم في الدول الديمقراطية وصاحبة جودة التعليم العالية إنها كمان ترتقي بالطلاب العاديين وكمان الأضعف تعليمياً وطبقياً وتقدملهم فرصة للتطور مش إهمالهم ومعاقبتهم في ظروف سيئة.
***
ايه وضع المدارس في مصر دلوقتي؟
– بحسب آخر البيانات الرسمية من جهاز التعبئة العامة والإحصاء، في إبريل 2018 فمصر فيها حوالي 53 ألف مدرسة، منهم حوالي 7000 مدرسة خاصة منها 2000 مدرسة لغات، والتعليم الحكومي حوالي 45 ألف مدرسة.
– ده يشمل كل المدارس بما فيها الثانوي والتعليم الفني، لكن لما نيجي نبص على أرقام مدارس التعليم الأساسي هنلاقي أنها طبقا للأرقام الرسمية حوالي 25 ألف مدرسة فقط.
– طبعا مع عدد الطلاب الضخم اللي بيوصل ل 21 مليون تلميذ، طبيعي أنه الكثافة في الفصول تكون أزمة بأماكن كتير.
– وزير التعليم كان قال السنة اللي فاتت انه بيتم حصر الفصول اللي فيها العدد اكتر من 100 تلميذ، وهيا مش نسبة كبيرة في مصر، ونستهدف الا يزيد طلاب أي فصل عن 70 تلميذ!
– الوزارة بتحاول تلجأ لحيل كتيرة للتعامل مع الأزمة، زي انها تخلي المدرسة فترتين، أو تخلي بعض مدارس الثانوي والتعليم الفني تشتغل كمدارس للمرحلة الأساسية.
– بالإضافة طبعا لمشاكل الصيانة واحيانا تهالك المبنى إلى درجة الخطورة، وده مرتبط بضعف الميزانيات والبيروقراطية.
– مشاكل تانية كتيرة تتعلق بإدارة هيئة الأبنية التعليمية لميزانيتها اللي هي صغيرة جدا أساسا، زي مثلا السنة اللي فاتت حصلت أزمة بسبب إنه الوزير خد 2 مليار جنيه من ميزانية هيئة الأبنية التعليمية لصالح شراء التابلت، ورجعت الهيئة طلبت 2 مليار جنيه زيادة عشان تنفذ خطتها، بعض النواب زي النائب مصطفى كمال قدمو طلبات إحاطة بسبب التصرف ده من الوزير، وفيه أسئلة عن الميزانية المخصصة للتابلت اللي المفروض كان ممول بقرض من البنك الدولي، ومحدش عارف ليه تم تجاوز الرقم، وطلب الإحاطة ده متناقشش ولا اترد عليه!
– أكتر حاجة توضحلنا الوضع هوا ان الرقم الرسمي لمتوسط لكثافات الفصول على مستوى مصر في المرحلة الابتدائية والإعدادية في الفترة من 2006 – 2016 شبه ثابت حوالين 43 طالب لكل فصل على الرغم من كل الإنشاءات الجديدة، وده معناه ان الهيئة بالعافية بتحافظ على ملاحقة التدهور مش أي تحسن حقيقي.
*****
ايه الحل؟
– الخطوة الأولى البديهية هيا الانفاق أكتر على التعليم، والالتزام بالنسبة المنصوصة في الدستور.
– في مايو اللي فات وزير التعليم اتنقلت عنه تصريحات مستاءة جدا لانه طلب 138 مليار جنيه فالمالية خصصتله 99 مليار فقط بدون أي تفاهم!
قال وقتها لو مأخدتش على الأقل 110 مليار، وكده احنا حذفنا زيادات مرتبات المدرسين، يبقى خطة التطوير هتقف مش هنفاصل.
– الخطوة التانية تعديلات قانونية وإدارية، زي تخفيف اشتراطات افتتاح المدارس خاصة بمناطق الكثافة الكبيرة في بعض أحياء القاهرة اللي معادش موجود فيها أراضي فاضية للبناء أصلا أو الأراضي المتاحة صغيرة جدا.
– الحقيقة ان سؤال “نجيب منين” اجابته سياسية بالدرجة الأولى، لأن اختيارات أي دولة في الانفاق وأولوياته هي اختيارات سياسية.
-الوضع ممكن يتحل لو شفنا ان المدارس أولوية عن بعض المشاريع الأخرى، جايز تأجيل كام طريق وكوبري يوفر المليارات المطلوبة.
– المسألة فعلا “أمن قومي”، ومش هيحلها التابلت اللي هوا أداة تعليم ودخلوها إيجابي لكنه بالتأكيد مش هيبقى مفيد في كثافة فصول 60 و 70 طالب، أو مبنى مدرسة متهالك، أومدرسين رواتبهم ضعيفة.
– كل ده مش هيتحل غير بإرادة سياسية حقيقية لإصلاح الملف ده، وبشراكة شعبية تشمل برلمان منتخب بنزاهة ومحليات منتخبة بنزاهة تقدر تحدد حاجة المدارس في كل مدينة وقرية وشروط مختلفة لبنائها وحلول محلية ليها.
وبخبرات مختلفة وبسماع أصحاب الرؤى المختلفة لتطوير جودة التعليم في مصر، وكل ده مبيحصلش مع الطريقة الحالية في إدارة البلد، اللي بتغيب فيها الديمقراطية ومفيهاش إهتمام بالنقاش مع المهتمين وأصحاب الشأن طالما هما بعيد عن المناصب الرسمية. وده اللي هيخلي عملية إصلاح التعليم دايماً بطيئة ونتايجها مش مرضية.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *