– “اللي ظروفه صعبة يفضل يشتغل ومينامش” ده كان تعليق للرئيس السيسي في مؤتمر الشباب الأخير من شهر تقريبا. واتكرر وقتها الكلام على إن المصريين لازم يشتغلوا أكتر، وإن محدش له حجة لأن من نتائج الإصلاح الاقتصادي انخفاض أرقام البطالة، يعني الشغل موجود.

– وفعلا وفق الأرقام الرسمية البطالة بتنقص ومع كده الفقر بيزيد!
أرقام البطالة في الربع التاني من 2019 وصلت لـ7.5%، بعد ما كانت في 2015 حوالي 12.9%. لكن إزاي معدل البطالة في البلد قل في الوقت اللي زادت فيه نسبة الفقراء من 27.8% في 2015 لـ 32.5% في 2018.

– هنحاول في البوست نجاوب على السؤال ده، ايه العلاقة بين الفقر والبطالة، بناء على بحث القوى العاملة اللي بيصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وكمان هنعرض الحوار المهم للدكتورة هبة الليثي المشرفة على بحث الدخل والإنفاق مع الصحفية بيسان كساب لموقع مدى مصر. Beesan Kassab
*****

إيه أهم أرقام بحث القوى العاملة عن البطالة؟

– تراجعت معدلات البطالة خلال سنة بنسبة 2.4%. ليصبح عدد العاطلين عن العمل هو 2 مليون مواطن تقريبا (962 ألف ذكور، و1.132 مليون إناث).

– نسبة العاطلين الأكبر هي في الفئة العمرية من 15 لـ29 سنة، وصلت لـ84.6% من إجمالي العاطلين.

– مازال الريف بيوفر أغلب فرص العمل، توزيع العاملين 12 مليون فرد في الحضر تقريبا، مقابل 16 مليون فرد في الريف.

– ارتفاع نسبة العاطلين من حملة الشهادات المتوسطة وفوق المتوسطة والجامعية وما فوقها لتصل لـ88.9 %، بينما كانت 77.9 % في الربع الأول من السنة السابقة، منهم 46.9 % بين حملة المؤهلات الجامعية وما فوقها.

– سجلت الفئة العمرية من 40 لـ49 سنة أعلى معدلات مساهمة في النشاط الاقتصادي، بلغت 59.5%.

– أهم الأنشطة الاقتصادية اللي جذبت أكبر نسبة من الداخلين الجدد في سوق العمل أو المتحولين من أنشطة تانية:
١- الصناعات التحويلية، واجتذب 130.5 ألف مشتغل زيادة عن الربع الأول من 2019 ٢- ثم التعليم اجتذب 67.8 ألف مشتغل
٣- الزراعة و صيد الأسماك اجتذب 43.2 ألف مشتغل زيادة عن الربع الأول.

– وبشكل عام وفق البحث، نشاط الزراعة وصيد الأسماك مستحوذ على أكبر نسبة مشاركة للمشتغلين في الأنشطة الاقتصادية (5.468 مليون مشتغل)، ثم التشييد والبناء (3.595 مليون مشتغل)، ثم تجارة الجملة والتجزئة (3.534 مليون مشتغل)، والصناعات التحويلية (3.312 مليون مشتغل)، والنقل والتخزين (2.092 مليون مشتغل).

******

إيه العلاقة بين الفقر والبطالة في مصر؟

– نظريا، مفروض لما معدل البطالة ينخفض فده معناه إن الاقتصاد قادر يدمج قطاعات أكبر من السكان في منظومة الإنتاج، وده معناه أن الناس دي هتاخد أجور، فهينخفض معدل الفقر.

– لكن اللي حصل وبيحصل في مصر هو العكس تماما، انخفض معدل البطالة وزاد معدل الفقر، من 2015 لحد 2018، فيه حوالي 6 مليون مواطن مصري دخلوا تحت خط الفقر، بينما فيه 3 مليون مصري تقريبا دخلوا سوق العمل.

– والإجابة ببساطة بتكمن في إن اللي دخلوا سوق العمل أو اللي موجودين فيه، مبياخدوش أجور كافية أو دخل يخليهم يقدروا يعدوا خط الفقر القومي (740 جنيه شهريا للفرد).

– في العادة ده بيرتبط بجودة ونوعية العمل نفسه، لأن معدل البطالة بيحسب الكل. بمعنى لو فيه صنايعي أو سواق أو غيره، بيشتغلوا يوم واحد أو يومين في الأسبوع فده بيعتبر من المشتغلين. بالتالي لو قدروا في مقاولة أو نقلة عربية يجيبوا 400 جنيه، في 4 مرات في الشهر، يعني المجموع 1600 جنية في الشهر، لو هو رب أسرة من 3 أفراد بس فده معناه إنه تحت خط الفقر برضه.

– المثال اللي فات بيظهر في الأرقام الرسمية، لما نلاقي أن 43% من المشتغلين في القطاع الخاص في أعمال خارج المنشآت بدون عقود عمل طويلة، و28% من العاملين في القطاع الخاص بعقود عمل طويلة، وحتى 19% من العاملين في الحكومة، كل دول وفق البيانات الرسمية فقراء.

– الأرقام اللي فاتت بتهدم أسطورة أن المصريين مبيشتغلوش، وقاعدين على القهاوي، زي ما بنسمع في الإعلام. فيه ناس بتشتغل أهو لكن أجورها مش بتطلعها من تحت خط الفقر.
******

إيه اللي وصلنا للوضع ده؟

– بشكل واضح السبب المباشر في الوضع الحالي هي إجراءات الإصلاح الاقتصادي، التعويم والتضخم اللي أضعفوا القدرة الشرائية لمعظم المصريين وتسببوا في زيادة معدلات الفقر في مصر.
د.هبة الليثي قالت إن “الفقر المدقع ليس مرتبطًا فقط بالسياسات المتعلقة بالغذاء بصورة مباشرة كدعم المواد التموينية، وإن كان هذا النمط من الدعم منع ارتفاع معدل الفقر إلى مستوى أعلى” لكن السياسات المؤثرة شملت تراجع دعم المواد البترولية اللي أثر بشكل مباشر بسعر الغذاء “بسبب ارتفاع تكلفة النقل وتكلفة الإنتاج”، وارتفاع أسعار وسائل النقل الجماعي، بالاضافة لتأثير رفع سعر الكهرباء على كل المنتجات التجارية ما ساهم في ارتفاع الأسعار.

– أمر آخر، وهو الطريقة اللي على أساسها بتتحسب أرقام بحث البطالة، واللي بتشرحها دكتورة هبة الليثي بإنها “لا تعني زيادة الوظائف المتاحة في الاقتصاد، بما ينعكس إيجابا على حياة المواطنين، وإنما تعود في جانب منها إلى تراجع عدد الباحثين عن الوظائف نتيجة اليأس من الحصول على فرصة”.

– وده بتأكده الأرقام في 2018، لما انخفض عدد المتعطلين عن العمل بنسبة تتخطى 17% (يعني حوالي 600 ألف شخص)، لكن عدد المشتغلين فضل ثابت تقريبا (حوالي 26 مليون). وده تفسيره الوحيد أن الناس دي توقفت عن البحث عن العمل، بالتالي لم يظهروا في إحصاءات البطالة أساسا، كون الأرقام بتقيس عدد الناس اللي بتدور على شغل.
– أحد الأسباب المهمة كمان إن القوانين المنظمة للعمل في مصر، مش قادرة على إلزام القطاع الخاص خصوصا في العمالة الموسمية والمقاولات بأي حد أدنى للأجور أو التأمينات الإجتماعية، وإن أي محاولات بتحصل حتى سهل التحايل عليها.

******

هل كان ممكن تفادي الوضع ده؟

– اه كان ممكن نتفادى الآثار السلبية للإصلاح الاقتصادي لو كانت الإجراءات تمت دراستها بشكل جيد. وكان فيه حاجات كتير ممكن تتعمل لو النظام كان في باله الناس اللي هتتأثر بإجراءات ما يعتبر “إصلاح”، زي:

١- كان ممكن نزود الإطار الزمني لرفع الدعم عن الوقود، واللي خلي الكثير من المصريين يعانوا بسبب التضخم اللي وصل في 2017 لـ60% تقريبا، بشكل تراكمي في الثلاث السنين بعد التعويم.

٢- مكنش لازم أصلا الحكومة ترفع الدعم عن الوقود الموجه للطبقات الفقيرة والمتوسطة، زي السولار وبنزين 80 اللي بيستخدموا بكثافة في نقل البضائع والركاب في بلد فيها مشاكل كبيرة في المواصلات العامة بالأساس.

٣- كان ممكن نقلل من تكلفة شرائح الكهرباء خاصة على الشرائح ذات الاستهلاك الأقل خصوصا مع وجود فائض في إنتاج الكهرباء حاليا.

٤ – حتى لو قلنا إننا لازم نطبق الإجراءات دي كلها، رفع الدعم عن الوقود والكهرباء وتطبيق ضرائب القيمة المضافة، كان ممكن نعوض الطبقة الوسطى والفقيرة عن التضخم بإجراءات تعويضية أكبر.

٥ – كان ممكن على المدى المتوسط نستخدم الموارد اللي جمعناها من ضرائب القيمة المضافة ووفرناها من دعم الطاقة في زيادة الإنفاق الحقيقي على التعليم والصحة والخدمات العامة. كانت الأسر المصرية هتوفر كثير من بند الإنفاق لو المدراس بتغني عن الدروس الخصوصية. ومن بند الصحة لو المستشفيات كويسة ومش هيضطر مواطن الطبقة الدنيا أو الوسطى يروح لمستشفى خاص أو عيادة خاصة، أو لو المواصلات العامة كافية ورخيصة، وهكذا.

– لكن اللي حصل هو العكس تماما، الحكومة لحد دلوقتي مش قادرة تلتزم بالحد الأدني للإنفاق على التعليم والصحة، وبتستخدم اللي وفرناه من دعم الطاقة والكهرباء والقيمة المضافة في استثمارات عامة ومشاريع قومية وتسديد الديون. وده اللي خلى الإصلاح الاقتصادي أثره أعنف على جميع المصريين.

– بشكل عام كل اللي فات كان محتاج السلطة تسمع لأصوات مختلفة، وتدرس كل خطوة بهدوء، وزي ما بنقول دايما لا اقتصاد بدون سياسة، لو عندنا برلمان منتخب بنزاهة يمثل الناس، وعندنا مجالس محلية منتخبة بصلاحيات كافية، ومن قبلها لو الرئيس شايف ان اعادة انتخابه بنزاهة مرتبطة برضا الناس عن سياساته، كنا هنقدر نشوف شراكة شعبية في القرارات الاقتصادية، وساعتها ممكن الموازنة بين تقليل الأضرار على الناس وبين الأعباء الواجب تحملها، وتوزيعها بعدالة على كل الفئات.

*******
بوستات سابقة




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *