– على مدار الأسبوع اللي فات بدأنا نسمع عن مبادرات من جهات مختلفة في مصر حكومية وغير حكومية لتصنيع أجهزة تنفس صناعي، أبرزها كان من الشركة القابضة للصناعات المعدنية وجامعة زويل.
– إيه أهمية أجهزة التنفس الصناعي؟ وإيه فرصنا الواقعية في إنتاجها؟ وإيه التحديات اللي بتواجهنا؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست ده.
****
ليه أصبحت الأجهزة أكثر أهمية مع ظهور فيروس كورونا؟
– الفيروس بيؤدي في مراحله المتقدمة إلى “فشل تنفسي حاد”، الرئة متقدرش تتنفس وهيموجلوبين الدم بيتكسر. النسبة الدولية حاليا إن واحد من كل ٦ حالات بيحتاج تدخل طبي، بعض الحالات دي مش بتحتاج تنفس صناعي وبعضها بيواصل التدهور، وبالمجمل حوالي ٥٪ من الحالات بتحتاج عناية مركزة وجهاز تنفس صناعي، ولو ده محصلش بأقصى سرعة نسبة وفاة المريض بترتفع جدا.
– حاليا دول العالم كلها بتتسابق، حكينا ازاي أمريكا وبريطانيا وألمانيا غيرت خطوط انتاج في شركات سيارات عشان تنتج الأجهزة دي، وطبعا الأولوية لأسواقهم المحلية.
*****
مصر عندها كام جهاز تنفس صناعي؟
– مفيش إعلان رسمي بالعدد، لكن قبل أيام المستشار نادر سعد المتحدث باسم مجلس الوزراء قال أول معلومة رسمية في مداخلة له، إن مصر بالقطاع الحكومي والجامعي والخاص عندها اجمالي ١١ ألف سرير عناية مركزة، و ٣-٤ آلاف جهاز تنفس صناعي فقط!
– هوا مقالش مستشفيات الجيش والشرطة عندها كام لكن مش من المتوقع زيادة كبيرة، وكمان مذكرش الشاغر كام، لكن مؤكد ان العدد مش كافي اطلاقا لو بعد الشر حصل عندنا تزايد كبير بالاصابات، وشفنا قصص مخيفة حصلت في إيطاليا وأسبانيا إن الأجهزة متكفيش كل المرضى ويضطروا يختاروا الأصغر سنا هوا اللي يتحط على الجهاز.
– شركة مديترونيك الأمريكية العملاقة، أتاحت بعض التصميمات لأجهزة التنفس الصناعي وأسقطت حقوق الملكية الفكرية، وده من الحاجات اللي شجعت مبادرات التصنيع في مصر وغيرها من الدول بظروف شبيهة.
****
ايه المبادرات اللي اتطرحت ؟
1- مدينة زويل أعلنت عن ابتكار نوع من أجهزة التنفس يمكن للفرق الطبية استخدامه في المراحل الأولى من إصابة المريض (مراحل ما قبل العناية المركزة) بدل اللجوء لتنفس صناعي بطريقة يدوية (البالون).
– أجهزة التنفس الصناعي ليها درجات، جهاز التنفس الصناعي الكامل بيدخل جوا القصبة الهوائية وينظم التنفس في حال الفشل التنفسي ده الأكثر تعقيدا وتقدما، لكن فيه أجهزة تانية بتستخدم في المراحل المبكرة، وتوفيرها مهم جدا خاصة في حال وجود قوائم انتظار طويلة لدخول العناية المركزة، بينقذ المريض، ويوفر الوقت للطواقم الطبية لعمل إسعافات أخرى بدل الجهاز اليدوي.
– المدينة قالت إن فيه 3 نماذج أولية لأجهزة تنفس ابتكرهم الباحثين، ويمكن انتاجهم بتكلفة مخفضة، ومكوناتهم متوفرة بالسوق المحلية.
2- كلية الهندسة بجامعة عين شمس أعلنت عن مسابقة لتصميم أجهزة التنفس الصناعي القابلة للتصنيع محليًا، بحيث يتم الإعلان عن أفضل 3 تصميمات آخر الشهر الحالي، والفريق الفائز هيحصل على جايزة 100 ألف جنيه، وبعدين هيتم تقديمها لأماكن التصنيع، والأجهزة المصنعة هتتقدم للمستشفيات.
3- جامعة طنطا أعلنت عن نجاح فريق بحثى فى تصنيع جهاز للتنفس الصناعي من مكونات محلية.
4- الدكتور مدحت نافع، رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية، قال إن مصانع الشركة مفتوحة لكل المتخصصين في هندسة الأجهزة الطبية، عشان يشتغلوا على تصنيع أجهزة، وهتستفيد من تصميمات شركة ميدترونيك، وقال انه بالفعل بدأ يتلقى طلبات تعاون من أكتر من فريق عمل متخصص شغالين على أكتر من مشروع.
– قال كمان في حوار مع موقع مدى مصر، إنه بينسق مع الفرق البحثية في جامعة زويل وجامعات تانية، وهيوفر لهم مساحة للعمل في مصانع الشركة.
5- مبادرة “تنفس” لتصنيع 5 الاف جهاز تنفس صناعي: ودي مبادرة من المجتمع المدني قايمة على جمع مهندسين وأطباء متخصصين، وجمع تبرعات لإنتاج الأجهزة بعد الوصول لتصميم مبدئي. ( أبرز الأسماء اللي شغالة على المبادرة دي: هشام عوف منسقها العام، مستشار تطبيقي م هاني ضاحي نقيب المهندسين، مستشار علمي / الجامعة البريطانية في مصر، وكتير من الأسامي التانية).
6- عندنا حملة جمع تبرعات من “مؤسسة علماء مصر” وهي منظمة مجتمع مدني في أمريكا، وأسسها عدد من الباحثين المصريين حول العالم سنة 2012 بغرض دعم البحث العلمي والصناعي وريادة الأعمال في مصر. والحملة بتهدف لجمع 100 ألف دولار، هتُستخدم لشراء أجهزة تنفس صناعي من أي هيئة مصرية تقدر تعمل نموذج قابل للتصنيع ومستوفي شروط الاعتماد المحلية، وإهدائها لوزارة الصحة.
*****
هل نقدر نصنع أجهزة بجودة عالية؟
– لكن السؤال المهم دلوقتي هو هل عندنا إمكانيات نصنع الأجهرة ونوفر قطع الغيار والصيانة بتاعتها؟ والأهم، هنتأكد ازاي من جودة الأجهزة بعد انتاجها، خصوصا إن أجهزة بتعالج أمراض بالحساسية دي، أمر مينفعش فيه أخطاء نهائي؟
– موقع مدى مصر سأل متخصصين في مجال التصنيع، والإجابات كانت كالتالي:
– جامعة زويل، ومصانع الشركة القابضة بيسعو لبداية الإنتاج خلال شهر، لو قدرت الفرق البحثية توصل لنموذج أولي في أسبوع، وتحصل على اعتماد من الجهات الرقابية في أسبوع تاني. رئيس الشركة القابضة مدحت نافع بيقول إن فيه تواصل مع وزارة الصحة لتحديد قواعد ومعايير الموافقة على النماذج الأولية قبل بداية التصنيع.
– بالنسبة لإنتاج الأجهزة المعقدة اللي غرف العناية المركزة محتاجاها، فأحد النماذج اللي بتجهزها جامعة زويل هتكون قادرة على العمل مع الحالات المتدهورة، ونتمنى إن يكتب لها النجاح.
– أما أجهزة شركة ميدترونيك، فللأسف ماحصلش في مصر إنتاج النوع ده من الأجهزة وبيواجه مشاكل بسبب المكونات المتقدمة تكنولوجيا، وفيه اقتراحات إن يقتصر الأمر على تجميع الأجهزة مش تصنيعها من الصفر.
– كمان المصانع القادرة على تصينعها مش موجودة لأنها صناعة حديثة على مصر، لكن مصانع السيارات هي الأقرب وعندها خطوط انتاج مشابهة تمتلك الأساسيات اللازمة لده، وإن كان ناقصها بعض التفاصيل والقطع الصغيرة.
– اشتراطات السلامة واختبارات التحقق من جودة الأجهزة دي كتير جدا، خصوصا إن بيتم التأكد من سلامة كل قطعة من الجهاز لوحدها. كمان الحصول على شهادة الاعتماد لجهاز من الأجهزة دي ممكن يستغرق من 8 شهور لسنة.
– لكن خالد غنيم، وكيل شعبة صناعة الأجهزة الطبية بيقول إن المدة ممكن تقل لأن الشهادات اللي هيكون ضروري الحصول عليها أقل، وهتقتصر على موافقات الحكومة المصرية بس بما إنها مش هتتصدر، وإن إختبارات سلامة الأجهزة ومكوناتها هتكون أقل، لإننا مش هنصنع الأجهزة من الصفر وإنما هنجمعها، والمفروض إنها خاضعة للاختبارات في بلاد المنشأ.
– لكن العقبة إن فيه طلب عالمي مرتفع جدا على المكونات دي، والدول اللي بتصنعها إما متأثرة بكورونا زي دول أوروبا، أو بتصنع جزء من المكونات، زي الصين وكوريا الجنوبية وتايوان وبتعتمد على أمريكيا وأوروبا في توفير باقي المكونات.
*******
– كل الشكر لكل المصريين المبادرين والإيجابيين، ونتمنى نشوف دعم على أعلى مستوى بالدولة للجهود دي، زي ما بنشوف رؤساء العالم بيتكلموا عنها لشعوبهم، وترامب الرئيس الأمريكي استخدم قانون خاص بالحرب عشان يأمر جنرال موتورز للسيارات تصنع الأجهزة دي، وغيرها من الأمثلة لكون دي قضية أمن قومي حقيقية.
– حتى لو استغرقنا وقت طويل لأشهر أو سنة عشان نشوف تحول الحلم لواقع بأول جهاز تنفس صناعي مصري، ده هيكون انجاز مهم للمستقبل لسد حاجة مستشفياتنا اللي بتعاني من النقص أصلا بتجهيزات الرعاية المركزة من قبل الكورونا.
– أزمة الكورونا زي ما قلنا قبل كده بتحط المجتمعات والحكومات قدام أسئلة وحقايق مهمة، زي أهمية الإنفاق على الصحة والبحث العلمي وتطوير الصناعات، وأهمية الإنفاق على الصحة والتعليم، إحنا متأخرين جداً وهنفضل معرضين لأزمات كبيرة طالما مش قادرين نتطور بالشكل الكافي في الصناعة والتعليم والبحث العلمي، اللي هما لازم يكونوا أولوية قصوى للدولة والمجتمعه في أوقات الحياة العادية قبل أوقات الطواريء.
******



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *