امبارح قضاة مجلس الدولة عملوا خطوة تاريخية، بإرسالهم للرئيس السيسي اسم واحد للتعيين كرئيس للمجلس هو المستشار يحيي الدكروري.
القانون الجديد زي ما شرحنا سابقاً بينص إن كل هيئة قضائية ترشح 3 أسماء للرئيس وهو يختار بينهم، لكن دلوقتي بشكل عملي مجلس الدولة قرر إسقاط القانون والعودة للأصل الدستوري.
*****
ليه الخطوة دي شجاعة وغير مسبوقة؟
– لأن ده إعلان للتمسك الكامل بحق المستشار يحيي الدكروري تحديداً في المنصب، رغم ان الكل عارف ان القانون اتعمل مخصوص لاستبعاده شخصياً، لأنه صاحب حكم مصرية تيران وصنافير.
– لأن ده بيحصل رغم إن السلطة التنفيذية تملك أوراق ضغط كتير على القضاه، منها مستحقاتهم المالية، ومنها انتدابات وإعارات وكتير منها لقضاة مجلس الدولة، ومنها حراسة الداخلية لهم، وغيرها كتير.
– لأول مرة القضاة يرفضوا تطبيق قانون لأنهم يروه غير دستوري بأنفسهم، بدلا من الالتزام بالوضع القائم وانتظار فصل الدستورية.
– لأول مرة يكون التصعيد في وجه شخص الرئيس.. الرئيس شخصياً هوا اللي بدأ لما أهان القضاه وتجاهل مجرد الرد على طلب ناديهم مقابلته، وأيضاً لما وافق على القانون خلال ٢٤ ساعة، ودلوقتي بيتلقى الرد العملي.
****
إيه السيناريوهات المحتملة؟
١- الرئيس يقبل تعيين المستشار يحيي وتنتهي الأزمة بانتصار قضاة مجلس الدولة.
٢- الرئيس يرفض، ويلجأ للثغرة القانونية اللي اتضافت في آخر لحظة وتعطيه حق اختيار أي واحد من أقدم سبعة نواب.
لكن هنا برضه القضاة عندهم خيارات، ممكن أي حد يتم اختياره مكان صاحب الحق يرفض يستلم عمله فيحرج الرئيس أكتر، وممكن الجمعية العمومية لمجلس الدولة تعزل اللي هيقبل.
٣- الرئيس والقضاة يستجيبوا لصدور حكم عاجل من المحكمة الدستورية العليا بالفصل في القانون.
*****
إزاي بتتضامنوا مع القضاة وانتو نفسكوا انتقدتوا أحكام وهاجمتوا عيوب في المنظومة كلها؟
زي ما قلنا قبل كده لازم اللي كل اللي كتبوا تعليقات شماتة أو بيقولو ملناش دعوة يفكروا كويس في إنه:
– القضاة أصحاب المصالح أو الموالين سياسياً بشكل كامل دول مبسوطين بالقانون جداً، دول أول المستفيدين منه، مش هيضرهم عشان تشمتوا فيهم!
– اللي هيتضرر هنا هما القضاة اللي عندهم ولو أدنى حد من الاستقلال والاحترام، زي ما قلنا المستشار يحيي الدكروري والمستشار أنس عمارة.
– والمتضرر الأكبر هوا إحنا جمهور المواطنين مش القضاة خالص، هما هيفضلوا بنفس مرتباتهم ومميزاتهم.
– مجلس الدولة هو الجهة الوحيدة اللي تقدر تتظلم فيها من قرار حكومي من أول قرار رئيس حي لحد قرار رئيس الجمهورية، وهوا اللي أصدر عشرات الأحكام التاريخية زي بطلان عقود خصخصة شركات حكومية، إلغاء قرارات فصل عمال، إلغاء الحرس الجامعي قبل الثورة، إلغاء بيع الغاز لإسرائيل، إلزام نيابة أمن الدولة بدخول المحامين … وطبعا حكم مصرية تيران وصنافير.
ماذا لو تم تعيين قاضي بتوجيه سياسي يحكم لصالح الحكومة في القضايا، دي مين اللي هيتضرر؟ القضاة ولا إحنا المواطنين؟!
– وبالمثل محكمة النقض هيا الملجأ الوحيد لأي مواطن صدرت عليه أحكام ظالمة في الجنايات أو الاستئناف .. النقض اللي ألغت عشرات الأحكام الظالمة المعروفة وقالت في حيثياتها بوضوح ان تحريات الشرطة ليست دليل، وان القضايا دي يشوبها “قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال”، ومنها كل قضايا المستشار ناجي شحاتة مثلا .. لو تم التلاعب فيها مين الخسران؟ القضاة ولا احنا المواطنين؟!
– عشان كده بنؤكد ان معركة استقلال القضاء، ورفض القانون الباطل، ده شأن يخص كل مصري، وكل مصري لازم يفرح بالموقف المحترم الشجاع لقضاة مجلس الدولة، نشكرهم عليه، ونحييهم عليه بكل فخر.
وده لا يتنافى اطلاقا ان كل مصري حقه ينتقد ويهاجم ما يستحق النقد من أفعال القضاء كأشخاص أو كهيئات، زي قصة “الرونق” اللي حصلت مؤخراً مثلا، واللي انتقدناها في صفحة الموقف المصري.
زي ما قلنا قبل كده: ده مش دفاع عن القضاة بل عن نفسنا، مش عن قضية فئوية بل عن أحد آخر الضمانات الباقية للثقة بمنظومة العدالة لكل المصريين.
*****