الصورة اللي شايفنها دي نشرتها رسمياً صفحة مدينة العلمين الجديدة، لماكيت القصر الجمهوري الجديد اللي بيتبني هناك حالياً، ده غير قصر جمهوري تاني بيتبني برضه في العامة الإدارية الجديدة.
– طبعا تم اعلان الأخبار دي بشكل مختصر جداً، بدون الإعلان عن تكاليف للإنشاء، أو إيه الضرورة، وده اللي هنناقشه في البوست ده.

****

الموضوع بدأ ازاي؟
– من وقت ما تم الاعلان عن إنشاء العاصمة الادارية الجديدة واتقال بشكل واضح انه في حي حكومي هيشمل كل المباني الحكومية، الوزارات ومبنى البرلمان ومباني للسفارات الأجنبية، وكمان هيتبني قصر جمهوري جديد، وواضح ان ده كله في اطار هدف سياسي لنقل مركز الحكم الجديد كاملاً للعاصمة الجديدة والابتعاد عن كتلة المواطنين في القاهرة، واتكتبت عشرات المقالات بالداخل والخارج عن التغيير ده ومعانيه.
– لكن لما يتعلن عن مدينة جديدة في العلمين الساحلية، اللي بتبعد عن اسكندرية 120 كيلو باعتبارها مدينة سكنية جديدة عشان تعيد توزيع الناس في الساحل الشمالي، فيبقى مدهش جداً الاعلان عن بناء قصر رئاسي ضخم تاني في مدينة العلمين بتنفذه شركة حسن علام للمقاولات، على طراز يشبه البيت الأبيض الأمريكي!

***
القصور دي بتتكلف كام؟
مفيش أي معلومة على الإطلاق، لكن نقدر نشوف مؤشرات على حجم الإنفاق من أرقام تانية.
– رسمياً تم الاعلان ان كلفة المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية الجديدة 200 مليار جنيه، الحي الحكومي اللي ضمنه القصر الجمهوري هيكلف 35 مليار، بعدها اللواء خالد الحسيني المتحدث باسم المشروع قال انه تكلفة الحي بلغت 40 مليار.
– هيئة المجتمعات العمرانية خصصت من ميزانيتها السنادي 7 مليار جنيه للعلمين الجديدة، اللي مفروض انه اتقال ان البنية التحتية فيها فقط هتكلف 2 مليار جنيه، وتستهدف استثمارات 40 مليار.
– السرية التامة عن تكاليف ضخمة زي دي، مؤشر تاني على ضعف آليات الرقابة الحكومية والبرلمانية لمكافحة جادة للفساد.

*****

العالم بيتعامل ازاي مع القصور؟
– فكرة إنشاء قصور رئاسية ضخمة جديدة دي بقت نادرة جدا، معظم الدول بتكتفي باللي عندها من زمن طويل، وبعض الدول حكامها مش بيقيموا في قصور أصلا.
– في بريطانيا مثلاً الملكة إليزابيث تقيم في قصر باكنجهام اللي اتبني سنة 1703م، بينما رئيس الوزراء والحاكم الفعلي بيسكن في منزل مخصص لرئاسة الوزراء عنوانه مشهور هوا (10 داوننج ستريت)، وشفنا في يونيو 2016 لما اتغير رئيس الوزراء كاميرون ببساطة ظهرت صوره وهوا واخد أسرته وشنطه وبيسيبو البيت للي هييجي بعده.
– نفس الوضع في ألمانيا، مقر عمل واقامة ميركل هوا مبنى المستشارية في برلين.
– فرنسا مقر الحكم فيها هو قصر الإليزيه، اللي هو كمان قصر أثري اتبنى سنة1720، وحكم من خلاله كل رؤساء فرنسا، ونفس الكلام ينطبق على البيت الأبيض الأمريكي، المكان التاريخي الوحيد لكل رؤساء أمريكا.
– يعني البلاد دي كلها الأغنى مننا بكتير محدش فكر يبني فيها قصر جديد للرئيس .. مش بس كده، مثلاً في فرنسا من أسبوعين بس الرئاسة الفرنسية فتحت موقع لبيع التذكارات اللي عليها صور الرئيس ماكرون وشعاراته، للمساهمة في تمويل كلفة ترميم قصر الإيليزيه!
– شفنا كمان رئيس اوروجواي خوسيه موسيكا سنة 2014 لما فتح القصر الرئاسي لاقامة المشردين.
– شفنا كمان قصور كتير حول العالم بتتفتح كمزارات سياحية للاستفادة منها، ومنها كمان قصور لسه مقر اقامة لحد النهاردة زي قصر باكنجهام اللي بيتفتح لشهور معينة في السنة .. ليه حتى ده مبيحصلش عندنا؟ قصر تاريخي زي قصر عابدين كان شاهد على حقبة أسرة محمد علي، مقفول من أكتر من 45 سنة ليه ميتفتحش للسياحة الداخلية والخارجية؟
***
– في المقابل الدول اللي بتبني قصور ببذخ نادرة جداً، لأن الدول اللي عندها ديمقراطية راسخة بيكون فيها محاسبة شعبية على كل مليم، وكمان مفيهاش رئيس يتعامل انه البطل القومي الوحيد اللي مكمل في الحكم.
– مثلاً الرئيس السوداني عمر البشير افتتح قصر جديد ضخم سنة 2015، بعد 4 سنوات استغرقها البناء، وده تسبب بانتقادات داخلية بسبب معاناه الناس اقتصاديا، ومحدش يعرف كلفته إطلاقا، وبعدين قالوا أصلها منحة صينية، ومتقالش برضه أي أرقام.
– نفس المشهد تكرر في الجدل الداخلي في تركيا بعد بناء قصر جديد سنة 2014 فيه حوالي 1000 غرفة، وتكلفته حوالي 615 مليون دولار، ودى ضعف التكلفة اللي كانت مقدرة قبل ما يبدأ التنفيذ.
والغريب هنا ان الصحافة المصرية هاجمته زي مثلا اليوم السابع كتبت “أردوغان يبدد ثروات الأتراك” بينما محدش فكر يطبق نفس الكلام بالظبط عندنا! ده احنا حتى منعرفش الكلفة عندنا كام أصلاً!
– في الإمارات كمان بنوا قصر رئاسي جديد في أبو ظبي، في منطقة وسط بين القصر السابق، وفندق قصر الإمارات، وتم إسناد التنفيذ لشركة يونانية بـ 460 مليون دولار.

*****

مصر فيها كام قصر؟ هل محتاجين قصور جديدة؟
– مصر فيها 30 قصر واستراحة رئاسية، زي قصر عابدين وقصر القبة والاتحادية وراس التين وغيرهم، بمختلف انحاء الجمهورية.
– وزارة الآثار مسجلة 8 قصور ضمن الآثار، بالإضافة للاستراحات الرئاسية اللي كانت في الأصل استراحات ملكية، زي استراحة المنتزه مثلاً.
– من بعد ثورة يوليو متمش بناء قصور جديدة، (باستثناء واحد بدأه السادات في مطروح وماكملش) وتم الاكتفاء بالقصور الملكية، بالإضافة إلى بعض القصور المملوكة لأشخاص اللي تم تأميمها بعد الثورة، زي قصر الاتحادية كان “جراند أوتيل”.
– الرؤساء السابقين كانوا بيفضلوا التواجد في الاستراحات في أوقات الأعياد والصيف، عبدالناصر والسادات كانوا بيحبوا المعمورة، وأحيانا السادات كان بيقضي أوقات أطول في أسوان وكانت ملجأ ليه وقت انتفاضة 1977، ومبارك كان بيفضل برج العرب قبل ما يغير وجهته لاستراحة شرم الشيخ بسنواته الأخيرة.
– الرئيس السيسي كمان قضي العيد في المعمورة سنة 2016 واتصور هناك وهو راكب عجلة.

****

– لما نحط مشهد الملايين اللي منعرفش حجمها اللي بتتصرف على قصور الرئاسة الجديدة، جنب قصة استيراد طائرات رئاسية فخمة جديدة ب 400 مليون يورو اللي غطيناها هنا سابقا، جنب غيرها من مشاهد الانفاق الحكومي غير الرشيد، هيكون غريب جدا ان الناس تحس بمصداقية لما يتطلب منها انها تخفض مصاريفها وتتقشف، وبيفرضوا على المواطنين ضرايب وخفض دعم ويتقالهم اصبروا واستحملوا عشان خطة “الاصلاح الاقتصادي” ولأننا “فقرا أوي” زي ما قال الرئيس.
– مفاهيم “العدالة في توزيع الأعباء” والشراكة والمصداقية لازم تكون حاضرة دايماً لو فعلاً حد جاد في انه يطلب من الناس المشاركة بقناعة، مش انه مقرر يجبرهم عليها!
***




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *